كان علي سالم البيض يوصف بأنه الوحدوي، ومع ذلك كان في مقدمة الذين أعلنوا الانفصال عام1994.. لم ترق نتائج انتخابات 1993 لعلي سالم البيض، كما وجد أن دخول شريك ثالث في السلطة وهو حزب الإصلاح، قد قلل من حصة الجنوب وتأثير الحزب الاشتراكي..اعتكف البيض في عدن أواخر ذلك العام بعد عودته من الولاياتالمتحدةالأمريكية، كما رفض الحضور لأداء اليمين الدستورية، بدعوى أن العاصمة صنعاء غير آمنة، وأنها "ترسانة أسلحة"، وكانت الوفود الحزبية والدينية والقبلية تذهب إليه رجاء العودة إلى صنعاء، ولكن دون جدوى، وفي النهاية أعلن "فك الارتباط" أي فصل الجنوب عن الجمهورية اليمنية، وخرج من الجنوب وصمت بعض الوقت في عمان، ثم عاد مجددا إلى"فك الارتباط"، وهو الآن في حالة ضعف ومرض مع تقدم السن، فهل هناك من يسعى للسطو على تركته المتمثلة في تيار أو فصيل حراكي، ويلعب دور البيض نفسه، بداية بالاعتكاف ثم الخروج من الاعتكاف، والانتقال إلى مكان آخر بدعوى أن صنعاء غير آمنة، وما سيلي ذلك من خطوات؟ وجد البيض أن بعض دول الجوار لا تزال غاضبة من موقف صنعاء من احتلال الجيش العراقي لدولة الكويت، وهو غضب مرده إلى التباس حول الموقف، وعمل البيض وآلته الإعلامية على إضفاء مزيد من الغموض حول موقف الشمال في مجلس الأمن، والترويج أن المظاهرات اليمنية ضد ضرب العراق كانت بتحريض من النظام في صنعاء، وأن تلك المظاهرات كانت في الأصل ضد تحرير دولة الكويت، وقد أراد البيض بذلك الحصول على تأييد إقليمي لمحاولته القادمة، وقد أيدت بعض دول مجلس التعاون حركة الانفصال ودعمتها.. فهل يراد اليوم استغلال الغضب السعودي والخليجي على حركة أنصار الله، بوصفها موالية لإيران؟ هل يرغب هادي في اقتفاء أثر البيض، ومن ثم الوصول إلى نفس النتيجة؟ لقد قيل إن هادي وحدوي، وله مقولات مثل" لن يتشظى اليمن في عهدي.. لن يكون انفصال وأنا رئيس.. ولكن أيضا سيقال إنه من السهل تبرير العودة عنها، فالبيض كان يلقب بالوحدوي الأول.. ويقال إن جنوبيين كثر لا يزالون يعتبرون هادي قائدا لحرب 1994، وأنه رئيس دولة الاحتلال، ولا يمكن أن يكون مقبولا في الجنوب خاصة من فصائل الحراك القوية نسبيا، ولذلك لن يقدم على تزعم محاولة انفصال أخرى.. وينسى هؤلاء أن الرجل قد يكتفي بحكم ما سماه إقليم عدن الذي خطط له، وبريطانيا وأمريكا- مثل الخليج- ترغبان في وجود شرطي لباب المندب وخليج عدن.