أكد ل"اليمن اليوم" مصدر دبلوماسي، أمس، تحول موقف رعاة التسوية السياسية في اليمن بما فيهم الجانب الخليجي، لصالح دعم المفاوضات الجارية في صنعاء بإشراف المبعوث الأممي جمال بنعمر وطي صفحة الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي. وأضاف المصدر أن بنعمر استطاع خلال زيارته الأخيرة للسعودية وقطر إقناع صناع القرار هناك بعدم جدوى نقل المفاوضات إلى الرياض، وأن الرهان على دعم هادي والإبقاء عليه رئيساً لليمن رهان خاسر لن يقود إلاّ لإطالة أمد الأزمة والتسريع في الانهيار الشامل والدخول في حرب أهلية تقضي على ما تحقق في عملية التسوية السياسية والانتقال السلمي للسلطة. ولوحظ تراجع الإعلام الخليجي والسعودي على وجه الخصوص عن الهجوم الإعلامي الذي شنه على بنعمر واتهامه ضمنياً بالتواطؤ مع جماعة الحوثي قبيل زيارته إلى الرياضوالدوحة. وقال ذات المصدر إن هادي كان قد أبلغ المملكة العربية السعودية بضرورة تغيير بنعمر، وإنه اتفق مع زعيم جماعة أنصار الله عبدالملك الحوثي على تشكيل مجلس رئاسي برئاسة (هادي)، وهو ما دفع بنعمر إلى سرعة القيام بزيارة إلى الرياض ومن ثم الدوحة لتوضيح حقيقة ما يدور والرد على اتهامات هادي وبعض القوى السياسية التي سارعت إلى الهجوم عليه بعد بقائه في صنعاء ورعايته الحوار رغم انتقال هادي إلى عدن. ووصف بنعمر خلال لقائه مع قناة (الجزيرة) تلك الاتهامات بالرخيصة، في إشارة إلى هادي، مؤكداً على دور الأممالمتحدة في الحوار اليمني ومحذراً من وجود مؤشرات عدة إلى أن اليمن قد يكون مقبلاً على حرب أهلية. وأكد المصدر الدبلوماسي في سياق حديثه ل"اليمن اليوم" (دون الكشف عن اسمه)، صحة ما تناقلته وسائل إعلامية اليومين الماضيين عن تلقي المملكة العربية السعودية معلومات تتهم بنعمر بمحاولة شرعنة الوضع القائم في صنعاء تحت مظلة الإعلان الدستوري (الصادر عن الحوثيين)، وهو ما دفع المملكة إلى التشكيك بدور بنعمر ومحاولة نقل الحوار -المفاوضات- من رعاية الأممالمتحدة إلى رعايتها قبل أن يزورها بنعمر. وأضاف المصدر أن رعاة التسوية والجانب الخليجي على وجه الخصوص باتوا غير راضين عن إدارة هادي للمرحلة الانتقالية، وبات لديهم تقييم من قبيل أنه شخصية ضعيفة، وغير قادر على إعادة العملية السياسية إلى مجراها الصحيح. وتابع: الكل مقتنع إلى حد كبير أن الحل السلمي الوحيد الذي يمكن أن يوقف القوى الانفصالية والانهيار الاقتصادي يتمثل في تسوية سياسية حقيقية وشاملة بين جميع الأطراف المعنيين، بما في ذلك أنصار الله، وحزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة الرئيس علي عبدالله صالح، وكتلة أحزاب اللقاء المشترك وأكبر عدد ممكن من مكونات الحراك الجنوبي. وكان تقرير مجموعة الأزمات الدولية الأخير، حذر من إعادة هادي إلى الحكم "العودة إلى هادي، بعد كل ما حصل قد يكون الأقل جاذبية، حيث إنه من غير المرجح أن يوقف ذلك ترنّح وسقوط المرحلة الانتقالية". وفي سياق حلحلة الأزمة والمرونة في المواقف لصالح طي صفحة هادي، كشف زعيم جماعة "أنصار الله" عبدالملك الحوثي عن وجود اتصالات غير مباشرة مع السعودية تهدف لتحسين علاقات المملكة مع اليمن على أسس جديدة تقوم على الندية وعدم التدخل في شؤون الآخر، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الحكومية (سبأ) أمس. وقال عبدالملك الحوثي خلال لقائه مع وفد إعلامي من وسائل الإعلام المحلية في صعدة: "اتصالاتنا مع السعودية لم تنقطع وهناك اتصالات غير مباشرة تمت خلال اليومين الماضيين تم التأكيد خلالها على وجود استعداد تام لعودة العلاقات بين البلدين وفق قاعدة الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية وتبادل المنافع المشتركة". وأضاف: "نحن نرحب بأي علاقات مع محيطنا العربي والإسلامي قائمة على أسس احترام الآخر وعدم التدخل في شؤونه أو فرض أي أجندة سياسية على صناعة القرار اليمني".. لافتاً إلى أن "علاقات اليمن مفتوحة مع الجميع ضمن أسس احترام السيادة الوطنية والاستقلال في القرار السياسي". وفيما يخص مساعي مبعوث الأممالمتحدة جمال بنعمر لاستكمال الحوار بين القوى السياسية أكد عبدالملك الحوثي أن المبعوث الأممي في زيارته الأخيرة إلى كل من الرياضوالدوحة توصل إلى نتيجة بأن رغبة تلك الدول في نقل الحوار إلى الخارج غير واضحة، موضحاً أن مصلحة اليمن تكمن في التفاهم والتعاون ومواصلة الحوار بين مختلف القوى والأطراف للخروج باتفاق يمني خالص من منطلق الشراكة والمصلحة العليا للبلد. واستطرد قائلا: "إن مغادرة الرئيس المستقيل عبدربه هادي إلى مدينة عدن جاءت بهدف خلق أزمات جديدة بين القوى السياسية بعد أن كانت قد شارفت على توقيع اتفاق نهائي ينهي الأزمة السياسية في اليمن". وكشف زعيم جماعة أنصار الله عن "تدفق أموال كبيرة إلى الرئيس المستقيل هادي تقدر بنحو 3 مليارات ريال سعودي، من أجل إعاقة مسار الحوار القائم بين القوى السياسية حاليا".. مشيرا إلى أن مثل تلك المساعي مآلها الفشل بعد أن اتفق الجميع على استكمال الحوار في العاصمة صنعاء. إلى ذلك واصلت أمس المكونات السياسية المشاركة في مفاوضات الموفنبيك بأمانة العاصمة مناقشة نسب التمثيل في المجلس الرئاسي. وقال مصدر سياسي ل"اليمن اليوم" إن الخلافات حول نسب التمثيل لا تزال قائمة، مشيراً إلى أنه تم التوافق المبدئي على مجلس رئاسي من 5 أعضاء، وخرجت بعض المكونات بمقترح لتوزيع النسب بواقع (عضو للمؤتمر وحلفائه، عضو للمشترك وشركائه، عضو لأنصار الله، عضو للحراك الجنوبي، ويخضع العضو الخامس للتوافق). وأضاف المصدر أن المشترك يشترط عضوين في المجلس عضو للإصلاح والثاني للاشتراكي. ولفت المصدر إلى أن المفاوضات الأخيرة كشفت عن تقارب كبير بين الحزب الاشتراكي اليمني وجماعة أنصار الله.