ابتداء يجب أن نؤكد على أن السعودية وحلفاءها ما كانوا ليبدؤوا عدوانهم إلا بموافقة الولاياتالمتحدة وقد حرصت السعودية على أن تعلن عن بدء العمليات من واشنطن لضمان التزام الإدارة الأمريكية بالدعم من جهة وأيضاً لتشجيع الدول المترددة عن الانضمام للتحالف من جهة أخرى والأهم إسكات معارضة وتحفظ بعض الأمراء في المملكة نفسها الذين يعرفون أن الحرب ستعزز سلطة الانقلاب على إرث وجناح الملك عبدالله وستخلق وضعا استثنائيا يستطيع الأمير محمد بن سلمان ومحمد بن نايف من تعزيز نفوذهما وقمع أي معارضة للانقلاب الذي تم عشية وفاة الملك عبدالله وستمنحهما الحرية في الإنفاق المالي على مشتريات الأسلحة والولاءات لمواجهة حالة الحرب، فلماذا وافقت الإدارة الأمريكية؟ حاولت الولاياتالمتحدة أن تفتح خرما للحوار مع الإخوة أنصار الله إلا أن موقف أنصار الله في العلاقة مع أمريكا بدا وكأنه موقف مبدئي غير قابل للمراجعة وأرسلت الكثير من الرسائل الإيجابية وسعت إلى إقناع السعودية ودول الخليج إلى الانفتاح على أنصار الله لقناعتها بأن العلاقة بين أنصار الله وإيران ليست كما يروج لها الإعلام العربي المتصهين لعلمها أنه لم تكن لأنصار الله أي اتصالات مع إيران حتى ثورة 2011م وأن حركة أنصار الله تتسم بالكثير من الخصوصيات المذهبية والجغرافية التي تجعل قيادات أنصار الله أي قيادة كانت حريصة على التميز والاستقلالية وربما أن الإدارة الأمريكية تمكنت في عهد الملك عبدالله من إقناع المملكة بوجهة نظرها بالإضافة إلى الوقائع على الأرض وربما أن قيادات سعودية نافذة كانت مقتنعة بأن بالإمكان احتواء حركة أنصار الله وفتح روابط وعلاقات تخفف من مخاوف السعودية من تزايد حجم الروابط والعلاقات الإيرانية مع أنصار الله خصوصاً وقد حرصت قيادات أنصار الله طوال الحروب الست وبعدها على إرسال رسائل إيجابية مطمئنة وتصريحات السيد عبدالملك والناطق الرسمي محمد عبدالسلام وصالح هبرة رئيس المجلس السياسي تؤكد ذلك، ونتج عن ذلك لقاء بين السفير علي الحمدان والأستاذ صالح هبرة وحمل السيد جمال بن عمر رسائل طمأنة للملك من السيد عبدالملك وأعتقد أن الكثير من محاولات التوسط لفتح الحوارات بين المملكة وأنصار الله لم تتوقف ولم تقتصر على طرف وقناة واحدة وأثمرت تلك الجهود لقاءات آخرها ما أعلن عنه من أن الناطق الرسمي لأنصار الله كان عشية وفاة الملك عبدالله في الرياض الذي قضى فيها أسبوعين تقريباً، ومن الجدير الإشارة هنا إلى أن الصراع على السلطة داخل المملكة بين الأمراء خصوصاً في العلاقة مع اليمن يعكس نفسه بصورة كبيرة، لأن كل طامح يدرك أن العلاقة مع اليمن ورقة من أهم وأخطر الأوراق في تثبيت ودعم سلطته للتداخل السكاني ولوجود جالية يمنية كبيرة ولأن المجتمع اليمني كمجتمع سواء أحزاب أو قبيلة أو رأسمال يمكن أن يرجح قوة طرف ما، فالإخوان المسلمون لهم امتداد من الصعب على المملكة إغفاله مثلا والقبيلة اليمنية يمكن أن تستدعي ،،،،،،،()الخ في أي صراع محتمل على السلطة و..و..و.. ولهذا يسعى كل طامح إلى عرقلة ومنع استئثار منافسه بالعلاقة مع اليمن ومع أنصار الله بعد تنامي قوتهم ووصولهم إلى أغلب اليمن، ولهذا لم يسمح صراع الأمراء على السلطة بتطبيع العلاقات مع أنصار الله، ووجدت الكثير من العراقيل. اليمن مجتمع في الغبة معسكر مدرب على استخدام جل أنواع الأسلحة الفردية وأكثر، والروابط الاجتماعية لا تزال قائمة ما يجعله مجتمعاً منظماً يمكن استدعاء مئات الآلاف للحرب بسرعة، ويمتلك جيشاً أثبتت الحرب الأخيرة صلابته وقوته وصموده والتزامه بقيادته ومادام الطامحون في السلطة غير قادرين على ضمان تبعيته وولائه فيجب تدميره حتى لا يكون طرفاً حاسما في الصراع المحتمل على السلطة، الولاياتالمتحدة كانت على خلاف مع السعودية في اليمن، لأن المملكة كانت ولا تزال مصرة على أن لا تكون هناك علاقة مباشرة بين اليمنوالولاياتالمتحدة لأنها تعتبر اليمن حديقتها الخلفية وتخشى من أن تستخدم الإدارة الأمريكيةاليمن في يوم ما لإكراه المملكة على ما قد تعجز عن تنفيذه، وكانت نقطة الخلاف بين عبدربه منصور والسعودية ومن قبله علي عبدالله صالح مع الاختلاف بينهما الاستقلالية في العلاقة مع أمريكا وإعطاء السفير الأمريكي ومسؤولي الاستخبارات الدور الأكبر في أولوية العلاقة اليمنية الخارجية، ووصل الأمر بالمملكة أن سحبت سفيرها لأشهر احتجاجا على تقارب لقاءات هادي بالسفير الأمريكي السابق (الذي كان يجاهر بأنه الحاكم الفعلي لليمن) وتباعد لقاءات هادي مع الحمدان، وأهمل هادي وتم تجاهل اتصالاته وخفضت مستوى العلاقة معه بوزير الداخلية. دخول أنصار الله صنعاء والتطورات التي حدثت وبعض التجاوزات التي ارتكبها أفراد من اللجان الشعبية في التعامل مع البعثات الدبلوماسية عموما والأمريكية خصوصاً و..و..و.. أدى إلى إغلاق السفارات إيذاناً بالحرب على أنصار الله، وكانت السعودية قد أعدت العدة لشن العدوان قبيل إسقاط حكومة باسندوة إلا أن الأمريكيين رفضوا ذلك ويقال أيضا أن عبدربه منصور هادي رفض ذلك متأثرا بالموقف الأمريكي والأوروبي الذي كان يراهن على أن بالإمكان استيعاب حركة أنصار الله من خلال إشراكهم في السلطة، لكن السعودية مارست على عبدربه متصور هادي وبحاح الضغوط لمنع إشراك أنصار الله من المشاركة في السلطة تحت طائلة التهديد بالامتناع عن الوفاء بتعهداتها لدعم الحكومة وربما ما هو أكثر، وهكذا حرض عبدربه متصور هادي وبحاح سعودياً على إقصاء أنصار الله واستفزازهم ورفض التعاون معهم وإغرائهم بالتوسع في المحافظات لارتكاب الأخطاء ولتشتيت قوتهم وفي نفس الوقت استمرار محاولاتها تشكيل التحالف المناوئ لهم، حتى وصلت الأمور إلى إحداث فراغ في السلطة باستقالة الرئيسين على أمل أن يقود ذلك إلى اصطدام الوحدات العسكرية التي تبقت من الحرس الجمهوري التي وقفت على الحياد وأنصار الله، ولكن الاصطدام لم يحدث وحمّل علي عبدالله صالح المسؤولية لرفضه تشكيل الاصطفاف الوطني مع الإصلاح وآل الأحمر لمواجهة أنصار الله ولرفضه المشاركة في الحرب عليهم ( وطالما ردد إنهم يطلبون منه مواجهة أنصار الله ولم يعد بيده شيء ) سحب السفارات مثل فشل كامل للسياسة الأمريكية والأوروبية في اليمن ومنحت السعودية الفرصة كاملة للانفراد بوضع الاستراتيجية لمواجهة أنصار الله، مستعينة بمصالح ونفوذ لوبي صناعة الأسلحة في أمريكا الذي له مصلحة من إشعال حرب متناغمة بل ومتطابقة أو تابعة للوبي الصهيوني الذي اعتبر أن خطر سيطرة أنصار الله على اليمن أشد من خطر صناعة إيران للقنبلة النووية، وتزامن هذا مع التقدم الكبير الذي تحقق في مفاوضات البرنامج النووي الإيراني ورعب إسرائيل ومعها السعودية من فك الحصار والحظر على إيران، ووووو انتزعت إسرائيل وأمراء الحرب من أوباما موافقته على المشاركة في العدوان على اليمن، ولا يمكن أن تقتصر دوافع أو أسباب وأهداف الإدارة الأمريكية بهذه المحدودية فلاستنزاف فوائض الأموال السعودية والخليجية لتنشيط الصناعة العسكرية ممكن تحقيقها دون فتح ساحة جديدة مضافة إلى سوريا والعراق وليبيا والأموال في الأخير هي بالنسبة لدول النفط وأمراء النفط مجرد أرقام لأنها مودعة في البنوك الأمريكية وتدعم الاقتصاد الأمريكي، ولهذا لا بد أن يكون هناك أهداف أبعد من ذلك ولن تكون إلا توريط السعودية في حرب تكون النار التي تطبخ بها التغييرات المطلوبة في النظام السعودي، وما تسرب حتى الآن يوحي بأن تفكيك الدولة السعودية إلى مكوناتها الأصلية وفصل منطقة النفط عن الأماكن المقدسة للحد من تأثير الوهابية وسيطرتها على الحجاز والحرمين والدفع بعملية التحول من الملكية الفردية الديكتاتورية إلى نظام ديمقراطي ليبرالي.