ردد الرئيس الأمريكي باراك أوباما في أكثر من مناسبة أنه على قناعة بأن مصلحة أمريكا ترتبط بالحفاظ على وحدة سوريا ووحدة العراق ووحدة اليمن، وتأكيداً على إعمال هذه الاعتبارات صرح قبل يومين أن من الخطأ إرسال الولاياتالمتحدةالأمريكية أو دول الغرب قوات برية إلى سوريا. باراك أوباما هو رئيس اختبر خلال فترتي حكمه طرقا مختلفة في حماية مصالح وأمن أمريكا، لكنه قبل أن يغادر سدة الحكم بعد أشهر من الآن يقدم ما يشبه حقائق جديدة واستخلاصات هي خلاصة خبرته، حيث إن التهديد الذي يستهدف السلم والاستقرار الدوليين هو في المضي قدماً في سيناريوهات تمزيق البلدان والمجتمعات التي نشأت على أرضها واحدة من أهم حضارات العالم واحتضنت أنبل القيم الإنسانية التي علّمت الإنسان ما لم يعلم، لهذا أنراه يودع العالم السياسي بفهم صحيح يميز بين التكتيك السياسي الذي يخدم البداوة وحاضنات الإرهاب وبين حقيقة أن أمريكا عليها أن تعيد النظر في ما اقترفته حتى في مرحلة ولايته من أخطاء جرته إلى استخدام الأدوات العسكرية والعقوبات في حروب عبثية استفاد منها الإرهاب الذي لم تسلم منه أوروبا وأمريكا. سيغادر أوباما السلطة وقد تعلم أن وصفات أمريكا لا تداوي جروح العالم العربي، وتصدير القيم لا تلائم بالضرورة خصائص كل الأمم كمشاريع الفيدرالية والتفتيش في الانقسامات المذهبية كونها لا يفترض أن تقوم في العراق إلَّا لتقسيم هذه البلدان (العراق- اليمن- سوريا) إلى أجزاء متناحرة، فتاريخ الفيدرالية في الولاياتالمتحدةالأمريكية قام لتوحيد المجزأ، الأمر الذي يجعل الواقعين متعارضين. ما قاله أوباما أراح الكثيرين الذين وجدوا في أحاديثه اختياراً سليماً اعتبروه عودة إلى جادة الصواب، ووضعا سليما للنقاط على الحروف، وخروجا لائقا من السلطة بيد وعقل وقلب نظيف. تمكن من أن يفتح في سجل تاريخه الشخصي صفحة جديدة قد تمنحه فرصة الترشح إلى منصب الأمين العام للأمم المتحدة، وبذلك يطوي الأخطاء من جهة، وتفتح من جهة أخرى ملفات تمويل الإرهاب ومنتجي قيم التطرف وفتاوى الفتك بالإنسان والحضارة ليس فقط، أولئك المتورطون في أحداث سبتمبر 2001م والذين باتوا يرتعدون من الهلع والخوف ويترقبون اللحظة التي يُجرُّون سحباً إلى محكمة الجنايات الدولية باعتبارهم من يرعون ويمولون ويستخدمون الإرهاب لزعزعة الاستقرار العالمي، هؤلاء الذين باتت عواصم ك(الرياض، والدوحة، وأنقرة) محطات وحاضنات تفريخ وتمويل ومأوى للإرهاب الذي بات يهدد أمن واستقرار العالم. لقد أحسن اختيار التوقيت، وبرع في تحديد أسلوب الوداع للسلطة، وترك على المكتب البيضاوي وفي عقل الرأي العام الأمريكي والدولي وصايا واضحة، أن وحدة هذه الدول (سوريا، العراق، واليمن) جزء من أمن عالمنا، وحاجة دولية لا يمكن للنزوات الطائشة أن تعمي أبصارنا.