حذرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية إدارة ترامب من مغبة التورط أكثر في اليمن، مشددة على أن "التصعيد العسكري ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لا معنى له في ظل استمرار الحرب من قبل التحالف الذي تقوده السعودية بمشاركة أمريكية". المجلة الأمريكية المتخصصة بدأت تقريرها بحقيقة أثبتها الواقع وهي أن "اليمن ليس مكانا للفوز بل مستنقعا عويصا"، ونصحت إدارة ترامب عدم تجاهل ذلك، وعدم القفز على حقيقة لا تقل عن سابقتها أهمية وهي أن الحرب على الإرهاب تبدأ من السبب وليس النتيجة، حيث أن "تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب اكتسب قوة وأرضا شاسعة عن طريق استغلال الفوضى والحرب المستمرة منذ عامين في اليمن، وبالتالي لا معنى للحرب ضد التنظيم دون التصدي أولاً للتدخل السعودي". "اليمن اليوم" تعيد نشر التقرير: اليمن ليس مكاناً للفوز بل مستنقعا عويصا عدد الغارات الجوية التي شنتها الطائرات الحربية الأميركية مؤخراً في اليمن على مدار أسبوع يفوق عدد الغارات التي شنت طوال أي سنة من سنوات حكم الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. وافق البيت الأبيض على إرسال قوات أميركية إضافية إلى سوريا وعلى عملية "كوماندوز" في اليمن، كما أن قائد القيادة الوسطى بالجيش الأميركي قد تحدث عن الحاجة إلى المزيد من القوات الأميركية في أفغانستان. استعداد الرئيس الأميركي دونالد ترامب للموافقة على العمل العسكري يتناقض بشكل كبير مع الإدارة السابقة، ونهج ترامب هذا يبين كيف أن الإدارة الأميركية الجديدة تفضل العمل العسكري "المستعجل" بدلاً من المشاورات السياسية. كما أن هذا النهج يدل على أن إدارة ترامب تفضل إعطاء دور أكبر للجيش في "صناعة القرارات". حملة القصف الأميركية الأخيرة في اليمن تدل على مدى قلق القادة العسكريين والاستخباراتيين العسكريين الأميركيين من مخاطر قيام تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بشن هجمات على الغرب. لكن العمل العسكري الأكثر جرأة من دون خطة دبلوماسية واضحة يمكن أن يجلب عواقب كارثية. التركيز الضيق على أهداف عسكرية ضد تنظيم القاعدة دون وجود استراتيجية لإنهاء الحرب اليمنية -والتصدي للتدخل السعودي هناك- لن يفعل شيئا لتحقيق الاستقرار في البلاد، أو حل التوترات العرقية والدينية الأساسية التي سمحت لتنظيم القاعدة بالازدهار. اكتسب تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية قوة وأراضي شاسعة عن طريق استغلال الفوضى والحرب المستمرة منذ عامين في البلاد. الفرع اليمني لتنظيم القاعدة "أقوى مما كان عليه في أي وقت مضى"، وفقا لتقرير صدر الشهر الماضي عن مجموعة الأزمات الدولية. وقال مسؤول استخباراتي أميركي رفض الكشف عن اسمه إن تنظيم القاعدة في اليمن يبقى "عدواً قوياً وخطيراً"، وبأن الاضطراب في اليمن لم يشغل التنظيم عن رغبته بمهاجمة الغرب. التحدّي الذي يواجه الإدارة الجديدة هو محاولة التصدي للقاعدة في جزيرة العرب حتى في الوقت الذي تحتدم فيه الحرب المعقدة إلى حد بعيد وسط الأزمة الإنسانية المتفاقمة. تكثيف الضربات الجوية الأميركية قد يتسبب بالمزيد من الضحايا المدنيين، وهو ما قد يؤدي إلى تأجيج غضب بعض الجماعات التي دخلت بتحالفات مع القاعدة. حاولت إدارة أوباما المساعدة في التوصل إلى تسوية سلمية في اليمن ولكنها فشلت، بسبب أن الأطراف في الصراع تراهن على الفوز على ساحة المعركة. وقال مسؤولون سابقون إن الكثير من المناقشات السياسية في البيت الأبيض في عهد أوباما كانت تستهلك حول الإغاثة الإنسانية في اليمن. لكن تلك المناقشات أُحبطت من قبل بعض المخططين العسكريين الذين فكروا بأن مواجهة تنظيم القاعدة في اليمن، لابد أن تكون قبل تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية إلى البلاد. لكن شن حملة قصف جوي ضد القاعدة وبنفس الوقت كما يصفه مسئول في البنتاغون "تجاهل الحرب الوحشية والمأساوية التي تشنها السعودية على اليمن يحمل معه مخاطر كبيرة". وقال مسؤولون أمريكيون إن الإدارة يمكن أن تكون على استعداد لحشد التأييد لجهود الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، وقد وافقت وزارة الخارجية على بيع الذخائر الموجهة بدقة إلى الرياض. المحللون والمسؤولون الأمريكيون حذروا من أن توسيع الدور العسكري الأميركي في اليمن بما في ذلك تعزيز المساعدات للتحالف الذي تقوده السعودية -الذي واجه انتقادات واسعة النطاق لقصفه للأهداف المدنية- من شأنه جرّ واشنطن إلى مستنقع عويص في اليمن. وشدد مسؤول سابق في البنتاغون على "أن أي حرب أميركية في اليمن ستكون صعبة ودموية، فاليمن ليس المكان الذي يكون فيه حرب صغيرة ومجيدة". مجموعة الأزمات الدولية بتقريرها أكدت أن الحرب التي يشنها التحالف بقيادة السعودية على اليمن قد أدت إلى تقوية القاعدة بشكل كبير حيث استولى التنظيم الإرهابي على أسلحة قام بتوفيرها التحالف الذي تقوده السعودية وأيضاً على المال من جراء سرقة المصارف.