الرئيس ترامب، الذي وعد كمرشح بسحق داعش من الوجود، أذن بغارة عسكرية في اليمن بعد أسبوعين فقط من توليه منصبه، وأرسل المزيد من القوات البرية الأمريكية إلى سوريا. كل المؤشرات تدل على أنه يخطط لنهج أكثر تشددا ضد التطرف المسلح. ترامب ليس أول رئيس يستند على النزعة العسكرية لمحاربة الإرهابيين. فقبله جورج دبليو بوش وحرباه الاثنتين مع نظيره باراك أوباما الذي صّعد من استخدام الطائرات بدون طيار وزيادة مشاركته في اليمن لهي أدلة على ذلك. لكن ترامب أخذ هذا النهج بشكل أكثر عدوانية. هذه هي الطريقة الخاطئة لمكافحة الإرهاب. فقد درست مؤسسة بحثية تابعة لوزارة الدفاع، "مؤسسة راند"، هذه المسألة عن كثب في تقرير حول كيفية إنهاء الجماعات الإرهابية. ووجد الباحثون أن النهج العسكري لم يكن الفائز، ولا حتى قريب من الفوز. تجاهل مشورة تقرير مؤسسة "راند" في اليمن، والاعتماد بدلا من ذلك على قوة النيران الأمريكية والسعودية، يسبب فظاعة وجرائم على الأرض وفي جميع أنحاء المنطقة. وما زاد الطين بلة، إعلان وزارة الخارجية أنها وافقت على استئناف مبيعات الأسلحة للسعوديين، البلد الذي يقود حملة وحشية ضد المدنيين اليمنيين. فاليمن يعاني من أزمة إنسانية وبدلا من مساعدة اليمنيين فإننا نؤذيهم. كل غارة جوية أمريكية تكلف ما يزيد على 2 مليون دولار في المتوسط، مع الأخذ في الاعتبار النفقات المباشرة وما يتعلق بها من نفقات (مثل المراقبة والاستطلاع والوقود وناقلاتها). أمريكا ترى اليمنيين يعانون من المجاعة، وبدلا من تخفيف المعاناة الإنسانية، مالت أكثر لتصعيد الصراع العسكري. حتى تحليق الطائرات بدون طيار تسبب للمدنيين اضطرابات ما بعد الصدمة. عندما كنت في اليمن في عام 2014، لتقييم الصراع نيابة عن لجنة "الأصدقاء للتشريع الوطني"، كانت علامات التحذير في كل مكان. كانت المجاعة تختمر منذ سنوات. وغالبية البلد يعاني من سوء التغذية، والفقر والأمية منتشر - وجميع العوامل التي تمهد الطريق للعنف والتطرف كانت موجودة دائما. ومع ذلك، كانت إدارة أوباما تعمل في المقام الأول على الحروب الجوية، مع الاهتمام القليل بالمعونة الإنمائية والإنسانية التي تمس الحاجة إليها. حتى أن الإدارة علقت المساعدات لمدة عام كامل. لم نساعدهم آنذاك ولم نساعدهم اليوم. أضف إلى هذا المزيج القابل للاشتعال، هي في الحقيقة أن اليمن ينفد من المياه، مع تكهنات بأن أزمة المياه ستكون أكثر إشكالية من الحرب. وتزداد أسعار المياه بسرعة، ويدفع السكان أكثر من 30? من دخلهم للمياه. العاصمة صنعاء، التي يبلغ عدد سكانها 2 مليون نسمة، يمكن أن تنفد من المياه هذا العام. وباقي اليمن قد تنفد فيه المياه خلال عقد. ذلك يسبب من احتمال حدوث هجرة جماعية من اللاجئين، وإمكانية حدوث المزيد من الفوضى، مثل الصراعات على الموارد الأساسية المحدودة، وهذا أمر حقيقي جدا. ذلك ما بدأت الأزمة السورية بالضبط، مع ندرة المياه وتلتها الهجرة. وعلى الرغم من الولاياتالمتحدة أُتيح لها فرصة للتدخل وتقديم المعونات، لكنها قررت عكس ذلك، ولجأت إلى التكتيكات العسكرية الأمريكية العقيمة. الآن، بعد سنوات، تصاعد الصراع السوري وأصبح خارج نطاق السيطرة. عشرات الآلاف من الضربات الجوية الأمريكية في سوريا على مدى السنوات القليلة الماضية هي نذير لما سيأتي في اليمن إذا لم نغير مسارنا بسرعة. إن كل بلد تتعرض للقصف من قبل الولاياتالمتحدة، سواء في إطار إدارة أوباما أو إدارة ترامب، تسبب كوارث جمة: ارتفاع معدلات الفقر والأمية والبطالة وعدم الحصول على الموارد الأساسية. والاحتياجات الأساسية في اليمن هي نفسها في الصومال وليبيا والعراق وسوريا وباكستان وأفغانستان. فالغارات الجوية لن تثمر سوى الكوارث. السياسة في اليمن تتعلق بتقاسم السلطة المحلية والحصول على الموارد الطبيعية. وينبغي أن تكون هذه الأمور على رأس أولوياتنا، إلى جانب دعم محادثات بادر بها الأمين العام للأمم المتحدة الجديد على أن تكون بين المسؤولين اليمنيين والسعوديين. إذا كنا نريد حقا حقن دماء اليمنيين ووضع حد للحرب والفوضى، يجب علينا المساعدة في إصلاح أزمة الغذاء والمياه والوقود. وهذا ممكن، بلا شك وأقل تكلفة وأكثر فعالية من الضربات الجوية. ضربات جوية أخرى ستشعل النيران في اليمن الذي مزقته الحرب والمجاعة، دعونا نعيد النظر في تقرير "راند" ونفعل ما يصلح قبل أن يصبح اليمنسوريا. *مايكل شانك: رئيس قسم الاتصالات في شبكة التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة العنوان الأصلي للمادة "الدبلوماسية والمساعدات الخارجية هي أفضل الطرق لإنهاء الجماعات الإرهابية"