غاريث بورتر - (إنتر بريس سيرفيس) ترجمة: عبد الرحمن الحسيني توفر مقابلتان أجريتا مؤخراً مع وزير الدفاعالإسرائيلي؛ إيهود باراك، دليلاً على أن الموجة الجديدة من التقارير التي وردت في الصحافةالإسرائيلية عن احتمال توجيه ضربة إسرائيلية لإيران، هي وسيلة يأمل رئيس الوزراء بنياميننتنياهو ووزير دفاعه من خلالها بالضغط على الولاياتالمتحدة لحملها على تغيير موقفهامن الخطوط الحمراء التي تضعها أمام إسرائيل في ما يتعلق بالبرنامج النووي لإيران. وتقدممقابلة أعطاها "مسؤول رفيع المستوى في القدس" لشبكة "واي-نت نيوز"مؤخراً، أول ربط صريح بين الخيار الإسرائيلي أحادي الجانب، وهدف تأمين موافقة الرئيسباراك أوباما على الموقف الإسرائيلي القاضي بعدم وجوب السماح لإيران بأن تتوافر على"القدرة" لإنتاج أسلحة نووية. وفي المقابلة مع "واي-نت"، ورد أنالمسؤول الذي لم يُذكر اسمه عرض صفقة صريحة على الإدارة: إذا "شددت إدارة أوبامامن موقفها" في ما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، فإن إسرائيل "قد لا تستبعدشن هجوم أحادي الجانب".وكتب رون بن يشاي؛ مراسل شبكة "واي-نت"، أن علىأوباما "أن يعيد علناً (أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة على سبيل المثال) أنالولاياتالمتحدة لن تسمح لإيران بالحصول على الأسلحة النووية، وأن لإسرائيل الحق فيالدفاع عن نفسها، بشكل مستقل".وكان أوباما قد أدلى بكلا البيانين، من الناحيةالفعلية، في المؤتمر الذي عقدته لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية (آيباك)، لكنه لم يكررهمامنذئذٍ. لكن المسؤول الإسرائيلي أضاف شرطاً أكثر صعوبة بكثير نظير إسقاط خيار شن الهجومالإسرائيلي أحادي الجانب على إيران، وفق بن يشاي: على أوباما أيضاً إيضاح أن"خطه الأحمر" لم يعد دليلاً على نية للسماح بتخصيب يصل إلى مستويات درجةالأسلحة، وإنما على الخط الأحمر الإسرائيلي الذي يعني وجوب عدم السماح لإيران بالتوافرعلى قدرة التخصيب لفعل ذلك، في حال اتخذت هذا القرار. وفي سياق ذلك التحول الراديكاليفي "الخط الأحمر"أمريكي،سوف تنظر حكومة نتنياهو إلى تلك التصريحات العلنية التي طالب بها المسؤول على أنها"التزام فعلي من جانب الولاياتالمتحدة بالتصرف، عسكرياً إذا لزم الأمر"،وفق بن يشاي. وأضاف بن يشاي: "قدر تقييم المسؤول الإسرائيلي الرفيع أنه في حالقبلت واشنطن بالمطالب الإسرائيلية الرئيسية، فإن إسرائيل ستعيد النظر في تدابيرها أحاديةالجانب، وستقوم بتنسيقها مع الولاياتالمتحدة".وتشي المقابلة بأن ما يسعى إليهنتنياهو وباراك هو موقف أمريكي منالبرنامج النووي الإيراني، والذي تستطيع إسرائيل أن تستغله لزيادة الضغط المحلي علىأوباما إلى المدى الأقصى لمهاجمة إيران في حال إعادة انتخابه. وكان الاهتمام الإسرائيليفي الضغط من خلال التهديد بالخيار العسكري أحادي الجانب لتغيير الموقف العام الأمريكي حيال إيران، قد اقترح في مقابلة نشرتهاصحيفة هآرتس الإسرائيلية في العاشر من آب (أغسطس) مع مسؤول وصفه الصحفي الذي أجرى المقابلة،آري شافيت، بأنه "صانع القرار". وقد تم وصف المسؤول الرفيع، الذي لم يُذكراسمه، بطريقة تركت القليل من الشك بأنه في الحقيقة إيهود باراك. وربط المسؤول الذي لم تتم تسميته صراحة جهد نتنياهوللإبقاء على الخيار أحادي الجانب مطروحاً على الطاولة، مع الحاجة إلى التأثير على السياسةالأمريكية. وقال: "إذا فوتت إسرائيلفرصة التصرف، وأصبح من الواضح بأنها لم تعد تتوافر على القوة للتصرف، فإن احتمال التصرفسيقل بدوره".كما ألمح أيضاً إلى نقاش داخل الحكومة الإسرائيلية -من المفترض أنهيجري بين نتنياهو وباراك في حد ذاتهما- حول ما يمكن توقعه من إدارة أوباما حول إيران.وقال المسؤول: "وعليه، فإننا لا نستطيع الانتظار عاماً لمعرفة من هو الذي كانعلى حق... الشخص الذي قال إن احتمال التصرف عالٍ، أم الشخص الذي قال إن احتمال التصرفمنخفض".تلك الإشارة إلى التقييمات المختلفة للتصرف من جانب إدارة أوباما، تشيرإلى أن إيهود باراك ربما كان يحاجج بأن التهديد بهجوم إسرائيلي أحادي الجانب يمكن أنيستخدم كوسيلة ضغط لتحويل السياسة الإعلانية إلى واحدة خالية من تهديد أمريكي مباشر بمهاجمة إيران. وقد شخص باراكعموماً سياسة إدارة أوباما بأنها أكثر شدة إزاء إيران، مقارنة مع تشخيص نتنياهو الذييصفها بعبارات مزدرية. وفي إطار الحديث "فجوة أصيلة وبنيوية"بين "الخطوط الحمراء" الإسرائيلية المختلفة، قال المسؤول الرفيع: "فيالظاهر، يستطيع الأمريكيقول بسهولةجسر هذه الفجوة. وباستطاعتهم القول بوضوح إنه مع حلول الربيع التالي، فإنه سيكون لدىالإيرانيين برنامج نووي، وإنهم سيدمرونه".لكنه أشار إلى أن مثل هذا التهديد البسيطليس واقعياً. وقال المسؤول الإسرائيلي "إن الذين لا يقدمون على إصدار هذا البيانالبسيط، لأن البلدان لا تدلي بهذه الأنواع من البيانات لبعضها بعضا". وأضاف:"ولا يستطيع الرئيس الالتزام راهناً بقرار سوف يتخذه أو أنه لن يتخذه بعد ستةشهور من الآن". ويتضمن ذلك الإشارة إلى أن أحداً آخر كان يلح على التزام من أوبامامن هذا النوع. قد تمثل شروط الصفقة المحددة على هذا النحو في المقابلة مع "واي-نت"،الموقف الأكثر بعداً عن المباشرة، والذي كان باراك يأمل في أن يكون احتمالاً أكثر واقعية.لكنه ليس ثمة مسوغ للاعتقاد بأن أوباما، الذي يرفض الضغوط من إدارته الخاصة لتغييرخطه الأحمر في اتجاه يصب في صالح موقف إسرائيل، سيقبل بهذه الصفقة. ويشي الدليل منهاتين المقابلتين بأن إسرائيل شغوفة، إن لم تكن متلهفة، للتوصل إلى صفقة مع إدارة أوباماحول إيران. إلا أن الموجة الجديدة من التقارير التي وردت في الصحافة الإسرائيلية فيالأسبوعين الأولين من آب (أغسطس) عن الخيار الإسرائيلي أحادي الجانب، لا يمكن أخذهاوفق معناها الظاهري. وقد أوردت صحيفة النيويورك تايمز يوم 12 آب (أغسطس)، أن نوبة مسعورةمن المقالات الصحفية والتقارير التلفزيونية في عطلة نهاية الأسبوع، أشارت إلى أن نتنياهوقاب قوسين أو أدنى من اتخاذ القرار بمهاجمة إيران من جانب واحد في هذا الخريف."لكن نتنياهو وباراك ما يزالان يبديان اليقظة والحذر للتمييز بين دراسة خيار الضربةالعسكرية من جانب واحد، والالتزام بتنفيذها".ربما يكون هناك هدف مركزي يكمن وراءالتقارير الصحفية الأخيرة -وحملة نتنياهو- باراك الأضخم التي كانت قد بدأت في وقت سابقهذا العام- هو جعل فكرة توجيه ضربة إسرائيلية أحادية الجانب للمواقع النووية الإيرانيةتقبل التصديق، رغم كل الأدلة على العكس من ذلك. ويوم 10 آب (أغسطس)، مثلاً، ذكرت القناة الثانيةفي التلفزيون الإسرائيلي، أن نتنياهو وباراك قد قالا في محادثات مؤخراً إن ثمة"فرصة ضئيلة نسبياً" في أن يفضي هجوم على إيران إلى "اندلاع حرب إقليميةواسعة النطاق، في ظل الظروف التي نجمت في الشرق الأوسط في الأسابيع أو الشهور القليلةالماضية". وقال التقرير إن "الافتراض الحالي" هو أنه رغم أن حزب اللهوحماس سيقدمان على الرد، "فإن التقييم هو أن سورية لن تقدم على الرد".إنهاليست سورية ولا حزب الله هما اللذان يقلقان المسؤولين العسكريين الإسرائيليين ومسؤوليالاستخبارات، وإنما إيران أكثر ما يكون. وعندما تحدى صحفي هآرتس "صانع القرار"الإسرائيلي بذكر التداعيات الخطيرة المحتملة لاندلاع حرب مع إيران، على ضوء وجود مئاتالصواريخ الإيرانية القادرة على ضرب المدن الإسرائيلية، حاجج المسؤول بالقول:"إن ما ميز الإيرانيين دائماً، هو حقيقة أنهم يتوخون الحيطة والصبر".ويتضمنالطرح، الذي يهدف إلى جعل الهجوم المهدد به يبدو معقولاً، تناقضاً واضحاً: فمن ناحية،تبدي إيران حذراً شديداً في الرد على الهجوم الإسرائيلي، لكن من غير المعقول من الجهةالأخرى امتناع إيران عن الذهاب نحو التسلح نووياً، رغم المخاطر التي ينطوي عليها ذلك.كما أن باراك طرح أيضاً في المقابلة مع صحيفة "هآرتس" أن باستطاعة إسرائيلتأجيل البرنامج النووي الإيراني ثماني أو عشر سنوات -قائلاً إن ذلك يشكل وقتاً كافياًلأن يحدث تغييرا في النظام في إيران. وما يزال كبار المسؤولين العسكريين الإسرائيليين،شأنهم شأن مسؤولي الاستخبارات الإسرائيليين أيضاً، يعتقدون بأن شن الهجوم على إيرانسيضمن -لا بل سيسارع في انتقال إيران إلى الذهاب نحو حيازة السلاح النووي بدلاً منإعاقته. وفي الحقيقة، كان باراك قد قال يوم 17 أيلول (سبتمبر) من العام 2009:"أنا لست من بين الذين يعتقدون بأن إيران تشكل تهديداً وجودياً على إسرائيل".وفي 17 تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2011، نفى في مقابلة مع "تشارلي روز"حتى أن يكون البرنامج النووي الإيراني يستهدف إسرائيل من الأساس. وتنطوي محاججة باراكحول إيران على نقيض لتأكيدات نتنياهو التي جاء ذكرها مؤخراً في تقرير للقناة الثانية،والذي بث يوم 5 آب (أغسطس)، والتي قال فيها إن الزعيم الروحي الأعلى في إيران هو"قائد غير عقلاني".*مؤرخ استقصائي وصحفي متخصص في سياسة الأمن القوميأمريكي. وكان قد تلقى جائزة غيلهورن البريطانيةللصحافة عن مقالات كتبها حول الحرب في أفغانستان.