* أجزم في الاعتقاد أن مؤتمر الحوار الوطني يشهد أكبر عملية تكاذب في الساحة اليمنية.. أمَّا لمن لم يدرك بعد ما هو التكاذب، فهو أن يكذب الكل على الكل عن وعي، ثم يستمرُّون في العملية لفرق كروية خائبة تستهلك عنصر الزمن بحثاً عن صفَّارة الحَكَم. * ولنأخذ فقط القضية الجنوبية وقضية صعدة، وسنقف على كون ما سبق لا ينطوي على أيَّة مبالغة أو تشاؤم. فالجماعة مصمِّمون على البحث عن الجذور.. جذور القضية الجنوبية، وجذور قضية صعدة.. وفي نفس الوقت مختلفون حول النقطة المكانية والزمانية للجذور. * المؤتمر الشعبي العام حدَّد جذور القضية.. والتجمُّع اليمني للإصلاح قدَّم رؤيته للقضية والجذور، وبقيَّة المكوِّنات الحزبية والجهوية المستقلَّة كلّها ستتفانى في التعرُّف على الجذور.. فأين هي الجذور؟ وكم نحتاج من الوقت والإخفاق بحثاً عن جذور مكانها في الأدمغة وليس باطن الأرض؟ هذا يقول بأن الجذور تمتدّ إلى عام 1967م.. وهذا يقول بأن الجذور طرية ولا تتجاوز حرب صيف 1994م.. فيما يذهب آخرون إلى أن الجذور تمتدّ إلى ما هو أقرب أو أبعد. * ولا بدَّ أن قضية صعدة ستتجاوز الشعار الذي انطلق في الجامع الكبير، وتتجاوز ملازم حسين بن بدر الدين الحوثي، إلى تداعيات خلاف علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان.. الأمر الذي يشجِّعني لأن أقفز على رؤى كل الأحزاب والمكوِّنات.. وأقول بأن قضية الجنوب وقضية صعدة وقضايا مأرب وحجة (ومن تعز إلى الحديدة الطريق مش بعيدة».. كلها تمتدّ إلى زمن نوح، عندما رفض ابنه العاقّ ركوب السفينة.. وما يزال أحفاده يرفضون الصعود كلَّما ردّ واقع الحال بأن لا عاصم من الماء.. وهنا يحين السؤال : أين أنت يا بن عمر؟ فلقد تكاثر في الرز البصل. * وأقف عند هذا القدر من الجدِّية المتفكِّهة والاستظراف الحزين لأقول: أيَّها المتحاورون في الفرق التسع وهيئة الرئاسة المتسلِّحة بالمطارق وألقاب القيادة التاريخية.. أنتم تعلمون جيِّداً أن ما تفعلونه محض شراء للوقت بدوافع ذاتية.. حيث كلٌّ يغنِّي على ليلاه.. فيما ليلى تعلن أنها في حالة ضيق وعدم إقرار بما يقوله المتكاذبون فيما الناس يعانون. * قضية صعدة تعالَج بإعادة ما دمَّرته الحروب الست.. وقضية الجنوب في معالجة أخطاء تمتدّ إلى سنين لا يستطيع حكَّام الأمس ومناضلو اليوم أن يقذفوا بها ثم ينسلُّون.. وقضايا كل المحافظات ليست إلاَّ قضايا اليمن.. وأساس حلّها اعتراف كل الأطراف بمسؤولياتها ومعالجة ما هو قائم وفقاً لأولويات تنصف الجنوب والشمال تحت رعاية ومظلَّة دستور نافذ يجمع بين إنصاف ضحايا الأمس وتحقيق تطلُّعات بؤساء اليوم، دونما تفريط بحصص الأجيال القادمة في اليمن ثروة وثورة.. وسلطة.. فهل من سبيل إلى الانشغال بدستور محترم يحقِّق العدالة للجميع؟ * من السهل أن تتوَّج المزايدة على القضية الجنوبية بألسنة الشماليين والجنوبيين بتجاذبات تبدو متعارضة أحياناً فيما يصدر من تصريحات تمتدّ من عدن إلى صنعاء إلى القاهرة إلى مسقط... إلخ.. لكن من الصعب أن يردِّد أيّ مناضل أو ثائر بأنه يريد نجاح الحوار أو البلاد.. فيما سقف تصريحاته العلنية لا يغادر عبارات «نعمل من أجل فكّ الارتباط واستعادة دولتنا».. واللَّه المستعان.