صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و654 منذ 7 أكتوبر    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تصدر بيانا مهما في اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو)    العاصمة عدن تشهد فعالية الذكرى ال7 لاعلان مايو التاريخي    الحرب القادمة في اليمن    نص كلمة الرئيس الزُبيدي في ذكرى إعلان عدن التاريخي    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    أول مسؤول جنوبي يضحي بمنصبه مقابل مصلحة مواطنيه    من هي المصرية "نعمت شفيق" التي أشعلت انتفاضة الغضب في 67 بجامعة أمريكية؟    الرئيس العليمي يوجه بالتدخل العاجل للتخفيف من آثار المتغير المناخي في المهرة    بدء دورة للمدربين في لعبة كرة السلة بوادي وصحراء حضرموت    أبطال المغرب يعلنون التحدي: ألقاب بطولة المقاتلين المحترفين لنا    تحديث جديد لأسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    خبير اقتصادي بارز يطالب الحكومة الشرعية " بإعادة النظر في هذا القرار !    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    منظمة: الصحافة باليمن تمر بمرحلة حرجة والصحفيون يعملون في ظروف بالغة الخطورة    وفاة فتاة وأمها وإصابة فتيات أخرى في حادث مروري بشع في صنعاء    مارب تغرق في ظلام دامس.. ومصدر يكشف السبب    المخا الشرعية تُكرم عمّال النظافة بشرف و وإب الحوثية تُهينهم بفعل صادم!    اسقاط اسماء الطلاب الأوائل باختبار القبول في كلية الطب بجامعة صنعاء لصالح ابناء السلالة (أسماء)    الحوثيون يعتقلون فنان شعبي وأعضاء فرقته في عمران بتهمة تجريم الغناء    ماذا يجرى داخل المراكز الصيفية الحوثية الطائفية - المغلقة ؟ الممولة بالمليارات (الحلقة الأولى)    ترتيبات الداخل وإشارات الخارج ترعب الحوثي.. حرب أم تكهنات؟    مأرب قلب الشرعية النابض    تن هاغ يعترف بمحاولةا التعاقد مع هاري كاين    الكشف بالصور عن تحركات عسكرية خطيرة للحوثيين على الحدود مع السعودية    الهلال السعودي يهزم التعاون ويقترب من ملامسة لقب الدوري    معركة مع النيران: إخماد حريق ضخم في قاعة افراح بمدينة عدن    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    اخر تطورات الانقلاب المزعوم الذي كاد يحدث في صنعاء (صدمة)    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    وكلاء وزارة الشؤون الاجتماعية "أبوسهيل والصماتي" يشاركان في انعقاد منتدى التتسيق لشركاء العمل الإنساني    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    فالكاو يقترب من مزاملة ميسي في إنتر ميامي    أمين عام الإصلاح يعزي في وفاة أمين مكتب الحزب بوادي حضرموت «باشغيوان»    الوزير البكري يعزي الاعلامي الكبير رائد عابد في وفاة والده    بعد منع الامارات استخدام أراضيها: الولايات المتحدة تنقل أصولها الجوية إلى قطر وجيبوتي    مارب.. وقفة تضامنية مع سكان غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة من قبل الاحتلال الصهيوني    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    الخميني والتصوف    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيهما ينكشف.. صالح في مواجهة المجتمع الدولي
نشر في يمن فويس يوم 04 - 10 - 2011


– رشيد الشويع*
في ذات الوقت الذي كانت فيه أسبانيا تُغلق كبرى حلبات صراع الثيران بضغط من أنصار حقوق الحيوان للحد من إزهاق حياة الثيران التي توحي ببطولة من يُصارعها ويصرعها، وتركيا تزوِّد جثث مواطنيها في المشارح والقبور بشريحة إلكترونية تُساعد على إنقاذ من دبت إليهم الحياة من جديد، كان نظام صالح المتمترس بالمشروعية الشعبية يُزهق أرواح مواطنيه في صنعاء ويُحيل جثثهم إلى لحوم مفرومة وهو يصوب قذائف ال(آ ربي جي) إلى أجساد نحيلة قررت ايقافه عن عبث بليد طال حياتها فوق ما يربوا على ثلاثة عقود من الزمن.
يومها كان صالح يلتحف عبارات ثناء من خادم الحرمين داخل قصر أميري باذخ تُردد جدرانه أصداء عبارات الملك التي تُعد برتوكولا طبيعيا للقاءات الرسمية، غير أن صالح عمل من خلال إعلامه الرسمي على تصويرها كإشادة بأخلاق ديكتاتور صنعاء القاتل الذي تجاوز أذاه الوطن مصيباً الشقيق والصديق، أراد صالح أن يقول لنا أن الأمر لا يهم الأشقاء لأنهم ليسوا في قائمة الضحايا ولن يلجوها.
لا ندري إن كان الديكتاتور لا يزال يومها يتكئ على ما سماه جنرالات حكمه قبيل محرقة تعز ب(ضوء أخضر) إقليمي ودولي يمنحه فرصة الحكم على أشلاء اليمنيين لو استطاع؟
إفقاد اليمنيين الثقة في المجتمع الدولي
يوم الرابع والعشرين من مارس وأثناء اللقاء الذي حضره فايرستاين في منزل هادي كان صالح يبحث فقط عن ضمانات لما اقترفت يمينه وفق خارطة خروج ناولها فايرستاين.
كتب الزميل عبد العزيز المجيدي عن لقاء صالح بسفراء الخليج وفق مصدر رفيع كيف كان الرئيس صالح وجلا، ومكفهر الوجه وفي حالة نفسية يرثى لها، فبعد محاولات عديدة لجمع السفراء في لقاء مع الرئيس، أصغى الجميع إلى ما يشبه المناشدة من صالح وطالب دولهم بضرورة التدخل، مبديا استعداده للتنحي عن الحكم مقابل ضمانات له ولأسرته بعدم محاكمتهم.
الثالث من أبريل أنجبت خارطة التنحي ولقاءات صالح مبادرة خليجية أراد صالح من خلال تعامله معها أن يقول لنا أنها اتسمت بكرم العرب والعجم وخلت من نخوتهم وإنسانيتهم تجاه قتل العُزّل، وأنه سيرينا من خلال مسلسله القادم استماتة المجتمع الدولي الى جانب قتله ايانا.
أظهر سلوك صالح مبادرة الخليج أشبه بمطب محكم لقطار الثورة وربما يكون سببا لتفكك عرباته.. تبدوا فكرة مغرية!
شلال الدماء لم يجف ومنح القاتل طوق نجاة ربما يلف الحبل حول عنق الثورة التي يرفض أبنائها الأمر مهما كان الثمن الذي لا يدركون حجمه، سيما والمفارقات تملأ المشهد.
بدأ التعاطي مع المبادرة وبدأ مسلسل التهكم منها يتطور لدى صالح وكل يوم يخطبها بالشكل الذي يحلوا له فتأتيه كما أراد ويكون الرفض تلو الأخر ولو في وجه إجماع دولي عليها… كيف يُسمح لديكتاتور اليمن أن يصور المجتمع الدولي كشريك في قتل اليمنيين، وهم يفيقون على استعادة صالح أنفاسه بعد أن قدمت يمينه خارطة للتنحي وألا تُسأل عما اقترفت.. لم تكن العودة طبيعية لقد مارس عقبها هواياته الجنونية التي نسي أن تأريخها انتهى بصحوة العرب المتأخرة..
يصنع صالح مجزرة يوم الديمقراطية عقب قبول المعارضة مبادرة الخليج فينصحنا يومها فايرستاين سفير واشنطن في صنعاء والشاهد على المبادرة بالتوقف عن الخطب والمسيرات الاستفزازية، ليضع النقاط على الحروف – بقصد أو بدون قصد – في مخطط صالح لإفقاد اليمنيين ثقتهم بالمجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة.. غير أن اليمنيين الذين قرروا أن يُدرك العالم حقيقتهم بلا واسطة تجاوزوا زلة سفير واشنطن كما تصريحاته قبيل منتصف مارس القاضية بان اسقاط نظام صالح لا يمثل حلاً لليمن.
يتقمص صالح شخصية نازية وهو يوجه بإضرام النار في أجساد مواطنيه ويصنع محرقته المشئومة في تعز حيث اليمنيون يضيئون عتمتهم بأنفسه ويكافحون لسد حاجتهم من مياه حرموا مشاريعها كمعظم مدن اليمن..
كان صالح يومها يقول بالفعل "الحاكم هنا يُنجز الموت ليس إلا، بينما العالم يُنجز الإدانات ويحيي في اليمنيين قدرتهم على تقبل الموت بشكل مدني.. وسذاجتهم أيضاً"، محاولاً جرّ اليمنيين إلى مربع العنف الذي يُتقنه قبل أن تتبدى للعالم صورتهم الناصعة التي ستحل مكان رسمه القاتم لهم في ذهنية الغرب.
وفي الوقت ذاته كنّا كشباب متحمس ننجر وراء مأجوري النظام نكيل الشتائم لقيادات قوى الثورة لأنهم لم يُقرروا لبس لامات الحرب والذهاب بشعب مسلح في اتجاه الخلاص من ديكتاتور هش.. لم نكن نُدرك فداحة ما يجري، كما لم يكن بمقدور أفذاذ اليمن ورجالها العظماء في قيادة الثورة وأنصارها كبح جماح القبائل المسلحة وعناصر الجيش التي استفزتها جرائم صالح لتقرر حماية السلوك السلمي للثورة اليمنية بقوة السلاح، ومع ذلك سيطرت قيادة قوى الثورة وأنصارها على الوضع ولم تسمح بانفجاره على نطاق واسع.
الأبناء في مهمة الأب
منذ مغادرة صالح صنعاء في حادث غامض بقصره الذي لا سبيل لليمنيين متاح اليه، تواصلت في حق شعب اليمن الذي يتقن جيداً وضع سبابته على الزناد موجة من العنف الرسمي واجهها بمزيد من الإصرار على سلمية ثورته، مستدعياً خلق الصبر الذي جعله يتعايش عقوداً مع حاكم الثعابين، الذي عمل مؤخرا على افشال جهود تنفيذ المبادرة الخليجية من قبل النائب موحياً للجماهير الثائرة أن تشعب الاحتجاجات الدولية بين المطالبة بوقف العنف أو توقيع المبادرة أو سلوك الحوار ليست سوى مسكنات وفرصاً جديدة لقاتل عاد يبحث عن فتاوى تبيح له جريمة قطف الرؤوس التي هي في الأصل جزءاً من جيناته المتكشفة في سلوك أبناء يحترفون القتل والخوف معاً.
يقول صالح لليمنيين بلسان الحال أنه لن يغادرهم إلى المريخ أصلاً لو كان ثمة موقف دولي جاد من بقائه في السلطة ليكون من الرعونة بحيث لا يلوي رأسه إليها، محاولاً من خلال هذا السلوك افقاد اليمنيين ثقتهم في المجتمع الدولي وبالتالي الانجرار باتجاه العنف.
بانتظار ثمار الصبر
وفي الوقت الذي يُقدِّر فيه اليمنيون المواقف الصريحة للمجتمع الدولي، فإنهم في أمس الحاجة لتوضيح صورة ما يجري، من خلال قرارات جادة في مجلس الأمن، تُلزم صالح وفق البند السابع بنقل السلطة وتحرمه في ذات الوقت من أي ضمانات للتنصل من جرائمه ضد الانسانية وتعمل على تجميد ثروات اليمنيين التي آلت لعائلة صالح ومساعديه، خصوصاً أن سلوك صالح الديماغوغي منذ بداية الثورة استهدف بدرجة أساسية إشعار اليمنيين أن المجتمع الدولي بأشخاصه الاعتبارية الممثلة في الأمم المتحدة ترزح تحت سطوة عصابات لا سلطة لأنظمتها الظاهرة عليها، بل عمل الرجل على تعزيز هذا الأمر في أذهان اليمنيين وهم يلمحون اصرار صالح وأبنائه الذين يمثلون اليوم عصابة إرهابية في اليمن على التمسك بسلطة مغتصبة بل ويمارسون ذات الأفعال التي تمارسها عصابات يتحرك العالم في مواجهتها حين يكون الفاعل غير هؤلاء القتلة والضحايا ليسوا مدنيين في اليمن.
استغلال الفرص
أمر آخر يستهدف ثقة اليمنيين في المجتمع الدولي وفق تصرفات صالح الناجمة عن استشارة مراكز دراسات متخصصة للعمل وفق المخطط المرسوم لصالح نظام الأسرة، وهو تصرف النظام الأسري كما لو أن العالم سيتعاطى معه كنظام حكم لو تمكن من قتل نصف الشعب اليمني ليحكم بلدهم، ويكون الأمر مستهجناً بشكل أكبر وقادرا على تحقيق أهدافه القذرة حين يكون هذا السلوك إنفاذا لحكم الله في مواجهة خوارج مرقوا عن الدين حسب تعبير رجل دين! سعودي لجرحى يمنيين في إحدى مستشفيات المملكة التي تركتهم تحت وطأة جراح أصابتهم بفعل عصابة تتلقى أرقى رعاية طبية في ذات البلد، يوم كان الضحايا عرضة لتهكم جار يجرح مشاعرهم كل يوم ويترك أجسادهم لوطأة جراح أخرى صارعتها بضعاً وثلاثين يوماً ليفارق بعضهم الحياة.
يجب أن نسمي الأمور بمسمياتها، فمع أننا نجزم بالخطأ الفادح من قبل الأشقاء تجاه توسل جرحي اليمن الذين أصابتهم عصابات صالح جارهم الشقيق إعادتهم مثخني الجراح إلى وطنهم الأم، غير أنه قتلهم بالإهمال وداوي جراح قاتلهم بالفعل، غير أننا لا نغمض أعيننا عن الرعاية التي تلقاها آخرين، الأمر الذي يستبعد فرضية أن يكون السلوك الذي تعرض له بعض إخواننا قرارا رسمياً، إنما خطأ شخصي نجزم بأن قيادة المملكة ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة في حق مرتكبيه لو توبع الأمر، وتم إطلاع السلطات الرسمية في المملكة عليه… هذا ما نعتقده في مواجهة مخطط صالح القاضي بإفشال ثقتنا في الأشقاء والأصدقاء.
لقد عمل نظام الأسرة على ضخ المزيد من الشكوك ولربما الحقائق – من وجهة نظر البعض – في أذهان اليمنيين ليذهب بهم في اتجاه الشعور بمجتمع دولي يرزح تحت وطأة عصابة تدوس إرث الإنسانية القيمي والإنساني في سبيل الحفاظ على ديكتاتور أقلق الوطن وما ورائه، لقد وجدوا أنفسهم في الرابع والعشرين من سبتمبر أمام مشهد جديد في المسلسل (صالح في صنعاء ويُقال أنه خدع المملكة وفرّ منها) وهو ما أشعر اليمنيين أن دمائهم تراق في حضرة عالم قاس منح القاتل بسخاء فرص العبث بحياتهم وأنهم حين يتحسسون مايجري إنما يكونون في عهدة وكالات أنباء يتملكها إمبراطوريات المال في الغرب تصنع الأخبار وفق مصدر فضّل عدم الكشف عن هويته!.. كم هي شديدة وطأة الأمر عليكم أيها اليمنيون.. خلال قرابة العام تواجهون نظام أسرة قدمتكم للعالم وفق ما يحلوا لها وأرادت اليوم تقديم العالم لكم وفق ما يعزز فرصها في اراقة دمائكم، غير أنكم صبرتم وصابرتم ورابطتم حتى أسفر الأمر، عن معطيات لا تترك أمام العالم سوى الانتصار لكم.
صالح في مستنقع الإرهاب
قضى يمنيون أُصلاء حياتهم في عزّ الشباب وهم يتعقبون فلول القاعدة جوار أهم الممرات البحرية العالمية، يوم سلّم نظام صالح مدينة أبين اليمنية لحلفائه المتطرفين مثيراَ مخاوف اليمن وأشقائه وأصدقائه، عقب فشله الذريع والمتكرر في جرِّ جماهير الثورة باتجاه العنف.
لم يكتف الرجل السبعيني الذي قضى قرابة نصف عمره في مصادرة حق اليمنيين في حياة كريمة بذلك إنما أجادت طائراته صيد القبائل والجيش المطارد لفلول قاعدته لتودي بحياة أكثر من خمسين منهم عن طريق الخطأ الذي يترك نكايته هنا دون أن نرى أثرا لصواب غاراته في صفوف القاعدة المفترضة، فوق هذا تعرّض أبناء القبائل المساندة للجيش في تعقب القاعدة بأبين للاغتيال في صنعاء بينما تعرضت قيادات الجيش التي أدارت المعارك لموجة من محاولات الاغتيال المتسارعة والفاشلة، ومع كل ذلك حاول صالح سرقة النصر على مخططاته الكارثية. ليُدرج الأمر في خانة انجازاته الموهومة التي أدركها المجتمع الدولي الذي أصبح يرى اليمنيين بلا واسطة تشوههم وهو يرفض الربط بين قتل العولقي ورحيل نظام صالح الذي وجه رأس هرمه وفساده وإرهابه تساؤله للشعب الأمريكي إن كانت إدارتهم لا زالت على خطى مكافحة الإرهاب أم لا وهي التي تطالبه بالتنحي لصاح حلفاء القاعدة.
يلج صالح اليوم مربع اللاحياء علناً وهو يوجّه مثل هذا التساؤل للشعب الأمريكي، بينما هو في صنعاء باحثاً عن فتوى لنظامه الارهابي تُبيح قتل شعبه وفضائياته تعرضها بأسماء وهمية لعلماء تقول أنهم من المملكة العربية السعودية، وكأنما يود القاتل الحريص على رفع صورة الأمير عبد الله إلى جانبه القول أن الأمر يجري بإذن خطي مسبق يتيح حقوق النشر والتحدث باسم الألسن المملوكة!
مع كل ما سبق يتواصل نضال اليمنيين وصبرهم بذات الوتيرة التي يُحاول صالح من خلالها تعرية المجتمع الدولي وافقاد اليمنيين ثقتهم فيه.
من حدود تل أبيب إلى حدود الرياض:
عودة صالح غير الطبيعية عن طريق خداع المملكة والهرب منها وفقاً للمصدر المسئول الذي فضل عدم الكشف عن إسمه! تحمل علامات استفهام كبيرة فالرجل تحدث عن العودة لاستكمال العلاج وبالتأكيد لن يناله شيء من قسوة أولي القربا، صالح يقول لنا في هذا السياق أنه لم يحاول فقط أن يُعري المجتمع الدولي في ذهنية اليمنيين، بل يطلب من بعض أشخاصه كشف سوءاتهم لصالح بقائه الغير ممكن أصلاً في الحكم، والأمر الذي ينعكس هنا على المملكة ينعكس ذاته على واشنطن التي ورطها صالح في استخدامه لقوات مكافحة الإرهاب بالمشاركة في قمع ثورة الشعب اليمني.. وأنصارها..
لا بأس ربما يخفف صالح من وطأة ذلك على الإدارة الأمريكية أمام الكونجرس لو نوقشت سياستها في اليمن مجدداً بحيث يمنحها نسخة من فتوى علمائه تستأنس بها لو سئلت عن سماحها لقوى مكافحة الإرهاب بالمشاركة في ازهاق حياة اليمنيين وهي التي لا تعرف أبين الإرهاب قدر معرفتها لأزقة الحصبة وجبال أرحب حيث يقضي ثوار اليمن المدنيين وأنصارهم بطائرات الديكتاتور وآلات قمعه المختلفة.
فزع الإسرائيليون كثيراً أثناء اندلاع الثورة المصرية خوفاً على سقوط نظام مبارك، ومع أنهم كانوا يجمعون على أن الرجل الذي – لم يشاهده مسئول التشريفات الرئاسية في بلده يصلي يوماً أو يتألم لكارثة ألمت بالعالم – يمثل بالنسبة لهم هبة الله للشعب اليهودي، إلا أن حكومتهم المنحدرة من عصابات المافيا لم تسمح هي ولا حلفاؤها الغربيين باندلاع العنف على حدودها خوفا من تداعيات ذلك على أمنها القومي..
في الحالة اليمنية يُحاول صالح بكل قوة أن يبدوا الأمر على العكس من ذلك، بحيث يتصور اليمنيين والعالم أن ملوك المملكة غير مكترثين مطلقاً لتداعيات اندلاع العنف على حدودها في اليمن والأثر السيكولوجي الذي سيتبلور لدى مواطني اليمن في الداخل والخارج في حال انتصار ثورتهم بقوة السلاح على نظام صالح الذي يقتلهم ويُصِّم آذانهم بالتطبيل لملوك الجارة الشقيقة.
يبدوا أن صالح لم يكن ينوي توزيع جريمته على جيران اليمن فحسب وهو يُحيل بلدهم إلى مسرح لبروفات مسرحياته السياسية عندما ظهر مكبل الأطراف حيناً وسليماً حيناً آخر ومتوعداً حيناً وواعظاً حيناً آخر، بل عمد الرجل إلى كشف سوأتهم بطرقة مهينة تُظهر ملوك آل سعود كمجموعة مرتزقة لا يأبهون بأمن بلدهم القومي في سبيل الحفاظ على سلطة ديكتاتور ألحق الأذى بدولتهم حين تغاضى عن تحويل بلده إلى ممر ترانزيت لإغراق شبابهم بالمخدرات، بل ورَّطها في دخول حرب مع الحوثيين مثيرا مخاوفها لاستجلاب أجور حروبه العبثية.. انها صورة سيئة يرسمها صالح لملوك المملكة في الحفاظ على سلطة ديكتاتور لم يمثّل مطلقاً هبة الله لشعبهم إنما نقمة الله عليهم.. صورة تجسد انعدام المسئولية عن استقرار وأمن المملكة ومواطنيها، وتؤجج بشكل كبير شعور اليمنيين بالتآمر على نضالهم في سبيل بناء دولة تكفل حياتهم الكريمة.
حتى اللحظة لا تزال قوى الثورة اليمنية العاقلة جداً تدين محاولات تشويه الأشقاء في المملكة من قبل إعلام صالح بإظهارهم كمساندين لقمعه الهمجي إدراكاً منها لمآلات الأمر وتداعياته.
يتطلع اليمنييون اليوم لانتصار المجتمع الدولي لذاته أولا برسم صورة مغايرة لما حاول صالح رسمه عنهم في ذهنية اليمنيين، ومن ثم لثورتهم السلمية في مواجهة ديكتاتور أقلق الجميع.
يُدرك العقلاء في الدول الشقيقة والصديقة أن قوى الثورة اليمنية تتحرك وفق رؤية عاقلة تقضي بأن المسئولية رديفة القدرة تنموان باضطراد ومن يتصور الأمر غير ذلك فستنبيه الأيام بفرط غبائه.
* رئيس تحرير شبكة أناضول يمن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.