إلى قبل أيام فقط ، كُنت بمشادات مع زميل لي حول وزيرة الثقافة " أروى عبده عثمان " ، بسبب إنتقادهِ لرقصها في الشارع في إحتفال 26 سبتمبر ، كان إنتقادهِ حول حياتها الشخصية ، لذا كُنت من المدافعين عنها ، لأني على علم أن لا سلاح يُستخدم ضد المرأة اليمنية إلا " سلاح تشويه السمعة " ، كُنت أظن .. بأن هذا هو سبب العداء ، أو الكراهية ، إلى إنّ قرأت لها " منشور على موقع التواصل الإجتماعي " فيسبوك " ، عرفت بعدهُ مباشرةً أن الفكر العفن الّذي غسل عقول الشماليون لمدة طويلة ، ليس بالشرط أن يكون قادم تحت نقاب الإصلاحيات و دقون الإصلاحين ، ولا بالضرورة أن يسكن أدمغة الباعة " القرويون " فقط ،، لا بل هو فكر مُتأصل في العروق ، و من الثوابت الّتي لا يُمكن نزعها ، سواء من المتدين أو اللأديني ، من دعاة الحرية ، أو بمن يُحرموها ، لازالت هذهِ النزعة العدائية تسكنهم جميعًا رغمًا عنهم ، ولن يتخلصوا منها ولو إغتسلوا في بحار عدن مائة مرة ، وإحتضنتهم عدن مائة مرة ، سيظلون على ماهم عليه ، دعاة للتفرقة ، إنفصاليون بمعنى آخر لا ينتمي لعالم السياسة ، منفصلين عن ذواتهم ، فقد يتباكون اليوم علينا ، وغدًا منا لاغرابة !! وفقًا للمتغيرات من حولهم ، تتبدد مبادئهم ، فحينما يكونوا ضمن الحشود الثائرة حتمًا سيقولون عدن هي الأم ، والملاذ ، وحين يبدأ العد التنازلي للصعود إلى كرسي ما ، ستكون عدن هي الوجهة الّتي يأتي منها رياح التفرقة الكراهية ، هذهِ صفة وراثيه يصعب على البعض من الشماليون التجرد منها ، أو نفيها خارج ذواتهم ، متسترين برداء الحريات ، والوعي الثقافي !
الظلم الّذي يتحدث عليه الجنوبيون ، لم يفهم معناه الشماليون إلى الآن ، لازالت فكرتهم عن الظلم قاصرة ، فكلّما تحدثنا عن الجنوب ، تحمس مثقفيهم قائلين " نحنُ لم نبسط على أرض ، ولم ننهب ممتلكات " ، للأسف إعتلوا مراتب كثيرة ، وصعدوا على سلم الثقافة ، ولم يفهموا بعد أنممارستة الظلم قد تكون أسهل بكثير، وأن الظلم لا يقع فقط على عاتق المتنفذين الشماليون و قوى الفساد بعد عام 94 ، فالسخرية الّتي تتبعها المدام : أروى ، في شتم ثورة شعب بأكمله ،هو ظلم .. وإجحاد ،، تحت أي مبرر كان كلامها ، سواء الحرص .. أو الخوف على القضية الجنوبية ، و لكنهُ قُدم بطريقة تميل للسخرية الغير مقبولة ، والسخرية قد تكون مقبولة في حالات الإنتقاذ اللآذع ، ولكن كان ما كتبتهُ السيدة أروى خالي تمامًا من الإنتقاد البناء و المعقول و يميل إلى التجريح في ثورة هذا الشعب و في مقدساتهِ الدينيه ، فتحت أي مبرر نُبند كلامها !
وإن فتحنا باب الخيال و إعتقدنا أن طرح كهذا لم يكن إلا حرص و خوف على القضية الجنوبية ، من منعطف سيء قد مر بهِ الشمال قبلنا ، فالإنتقاد لهُ طرقهُ وأساليبه ، و لا يُشار إليه فقط للسخرية ، إنما لوضع الأسئلة و الحلول ، هذا إن كان المغزى بالأساس هو الخوف على المستقبل الّذي تأتي بهِ ساحات الإعتصام في عدن ، وليس مجرد " منشور على صفحة إجتماعية " قامت بهِ السيدة أروى في حالة فراغ !
أشارت السيدة إلى القبائل ، و العكسر ، ورجال الدين ، على أنهم القوى الثلاث الّتي ترتكز عليها الثورة ، و أن هذا التواجد على الساحة ماهو إلا إستنساخ للثورة الشمالية ، مُتناسية أن هذهِ الفئات تُمثل النسيج المجتمعي للجنوب ، وهي فئات لا يمكن فصلها عن الساحة السياسية لأنها من صميمهِ ، قد أتفهم كلام السيدة إن ركزت على التحذير من الذهاب إلى منعطف الفشل " بتسليم الثورة لأهل الدقون ، والسلاح ، وإقصاء الشباب ، كما حدث معهم !
قد أتفهم الإنتقاد ، ويأخذهُ شعب الجنوب بصدرٍ رحب ، إن كان مبني على أساس الوعي الكامل بما يدور في الساحة الجنوبية ، وإن كان نابع من قلم صادق ، يتحدث خوفًا عن المستقبل الجنوبي ، أما هذا الطرح فهو دونما شك " دون المستوى " ، أشبه بقطرة كرهٌ سقطت في وعاء ممتلئ بالضغائن ، ففاض الوعاء !
لذا عذراً الجنوب في غنى عن إرشاداتك الّتي تميل إلى " الرخص " أكثر من ميلها إلى " الكتابة " ، و تميل إلى المساس في رموز دينيه بتشبيه رخيص جدًا ، فأن يُقارن رمز ديني ك خالد بن الوليد _ وعمرو بن العاص " بفئة الطباخون في عدن " ، هذا بحد ذاتهِ لا يُبرر سيدة أروى ، فكلّ عدني / جنوبي ، يعلم أن هذهِ الفئة معروفة ،ولا أعتقد أن تشبيهك هذا جاء بمحض الصدفة ، أنا حقاً لا يُهمني ماذا تعني بالنسبة لكِ هذهِ الرموز الدينية ، ولكن يا وزيرتنا المُثقفة المساس بمعتقدات الغير " لا يعد ثقافة ألبته " !
للأسف ،كُنت أعتقد أن من يتغنى بالحياة ، و يؤمن بالرقص كسلاح ، والفن ، و الإبتهاج ، سيكون الأبعد تمامًا عن أسلوب السخرية المقيته ، والإنتقاد الفارغ من المضمون ، و سيُركز على الإنسان فقط ، دون أيّ إنتمائات سياسية ، أو مناطقية ، و سيصب تركيزه في إحياء الثقافة ، الّتي تتمثل أولاً في إحترام الشعوب ، وحرياتها ، و مقدساتها ..
فالثقافة سيدة أروى ليست رقصٌ وكفى ، الثقافة هي صدق الكلمة ، و الموقف ، و البعد كلّ البعد عن سبل الرخص الّتي إتبعتها أنتِ .. للأسف ، لم أكن أعرف عنك الكثير ، رغم أن زميلة شمالية تعمل كصحفية أخبرتني بأن لأروى عثمان لسان : " فظ " ، لم أخذ هذهِ الكلمة على محمل الجد حينها ، إلى أن أثبتي إلي شخصيًا بأن " لدى أروى عثمان لسان فظ ، وقلم فارغ " ، وبداءً من الآن أشفق على وزارة الثقافة أن يتولى أمرها من لا صلة بينهُ وبين إسمها وفحواها!