الذي يبحث عن أمن وأمان ورخاء ودولة مدنية حديثة في ظل الاحتلال سيبقى حاله مثل الذي يبحث عن دبُّوس سقط في أحراش كثيفة .. فعلى الواهمين أن يستيئسوا من (الفرج) الذي تروج له ماكنة إعلام الاحتلال وبعض بلداء الجنوب من السياسيين والكتبة والذين نراهم هذه الأيام غارقين كثيراً في التفلسف والتنظير لصالح الفدرلة والأقلمة وكأننا في نظرهم نجهل نواياهم المتوافقة تماماً مع رغبة المحتل بل ربما تساورهم الظنون أن هذا الظرف العصيب الذي يواجه الجنوبيين لبلوغ مرادهم في تحقيق استقلال وطنهم هو الأنسب لفرض الإملاءات والضغوطات ليتراجع ثوار الجنوب عن أهدافهم التي ضحوا من أجلها بالأف من الشهداء والجرحى . يا عجب كيف لهؤلاء البلهاء أن يستنقصون عقولنا إلى هذا المستوى من اللا إدراك بحقائق الواقع وتحولاته الثورية المبنية على أثر المعاناة الأليمة التي كابدها الشعب الجنوبي على ما يربو عن العشرين العام ولم يزل يتجرعها بالمزيد من الإيلام والقهر والقتل والتنكيل .. فهل يا ترى هؤلاء الشقاة الرّخاص يظنون أن هذا الشعب بلا ذاكرة أو أن ذاكرته ضعيفة يسهل معها تمرير مثل هذه التسريبات السخيفة للالتفاف على الثورة الجنوبية وإيقاعها في مصيدة الفدرالية أو الكنفدرالية أو الأقلمة لينتهي أمر الثورة الجنوبية كلياً وتنمحي أسماء شهدائنا وجرحانا والمعتقلين ومقاومة مدننا وقرانا من ذاكرة التاريخ ! . لا لا أيها الأوباش المندغمة مصالحكم بمصالح المحتل لن يكون الأمر كما تتصوروا حتى وإن داعبتكم أحلام اليقظة لأن الشعوب الثائرة ضد المغتصين لأوطانها والسفاحين لدماء أبنائها لا يمكن أن تتراجع إلى الخلف ودأبها دائما السير إلى الأمام مهما كانت جسامة التضحيات .. ونقول نعم الثورات قد تنكسر في ظل عدم توازن القوَّة ولكنها لا تقبل بالهزيمة فديدنها التصبًّر والتدبًّر حتى تبلغ غايتها المنشودة ولو بعد حين فالمهم والأهم إن العزيمة لا تلين ، ولعلكم قد خبرتم هذا الشعب ما يكفي خلال السنوات التي انصرمت لتكونوا عقلاء أو متوازنين عقلياً حتى لا تجدفوا في الاتجاه الغلط وتتحولوا بعد ذا إلى أصفار من الشمال . ومهم القول لكم إنه إذا ما خيّل لكم إنكم ناصحين فإننا لا نراكم إلا منبطحين تحت سنابك المحتل تؤدون دوراً مفضوحا مهينا لذا تكم لأن الشعب الجنوبي لا يمكن أن يفرِّط بقضيته التي قدَّم من أجلها المهج والأرواح .. لكم ما تشاؤوا في البحث عن الدبوس المفقود، ولكن نحيطكم علماً بأنكم لن تجدوه فهل فهمتم .. ليتكم تفهموا .