لو أن المئات من الطلبة من أبناء الجمهورية العربية اليمنية الذين درسوا في مدارس البدو الرّحل التي أنشأتها الدولة الجنوبية قبل الوحدة المشؤومة تبنوا ذات الموقف المنطقي والشجاع الذي تبناه د. علي الطارق... لو أن المئات من أبناء ج. ع. ي الذين تعلّموا في مدارس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ومعاهدها وكلياتها، بل والذين ابتعثوا للدراسة إلى الخارج على حسابها كانوا في مستوى أحلاق وقيم د. علي الطارق... لو أن الالاف من أبناء ج. ع. ي الذين عاشوا وتعلموا وعملوا في الجنوب وتمتعوا بذات الامتيازات التي يتمتع بها المواطن الجنوبي كانوا بوفاء وشموخ د. علي الطارق.. لو أن عشرات الألاف، بل مئات الالاف من أبناء ج. ع. ي الذين جاءوا إلى الجنوب بعد الوحدة المغدورة ليتكسبوا رزقهم في مختلف مناطق الجنوب تضامنوا وأعلنوا رفضهم للظلم الواقع على إخوانهم الجنوبيين، وساندوا مطلبهم في استعادة دولتهم المغتصبة من قبل نظام دولتهم في حرب صيف عام 94م الظالمة وذلك من خلال مسيرات ووقفات احتجاجية في المناطق الجنوبية التي يتواجدون فيها أو في المناطق التي جاءوا منها في ج. ع .ي.... لو أن هؤلاء واولئك فعلوا ذلك، لربما أحدث ذلك تغييراً في موقف الجنوبيين تجاه أبناء ج. ع. ي بشكل عام والوحدة على نحو خاص. إن هكذا موقف من قبلهم لربما جعل الجنوبيين يتناسون جراحهم وما لحق بهم من ظلم وقتل وتنكيل، بل ويتناسوا ما نال بلادهم وثرواتها من عبث ونهب وتدمير.. كل ذلك كان بالإمكان أن يتناساه الجنوبيون إكراماً لهم. لكن، وللأسف، لم يفعل ولن يفعل ذلك أحد منهم إلاّ من كانت لديه شجاعة وأخلاق ووفاء دعلي الطارق، وهم، للأسف أيضاً، قلة قليلة في مجتمعهم. قبل أن أقرأ مقال دعلي الطارق الموسوم "شيء من تاريخ الجنوب " لم أكن أعلم أنه كان أحد طلبة مدرسة النجمة الحمراء التي تخرجت منها أعداد كبيرة من أبناء المناطق الوسطى في ج. ع .ي. وصار منهم وكيل الوزارة والدكتور في الجامعة والطبيب والمهندس والقائد العسكري والصحافي. في سبعينات القرن الماضي كنت أحد المعلمين التربويين المنتدبين في تلك المدرسة، وكنت متواجداً فيها عندما زارها المناضل كمال جنبلاط برفقة القيادة السياسية لدولة الجنوب حينها. كانت الفقرة الرئيسية في برنامج الزيارة هي تنفيذ طلبة المدرسة من المرحلتين الابتدائية والاعدادية (لم تكن فيها مرحلة ثانوية آنذاك) مناورة عسكرية بالذخيرة الحية. أبدى الضيف الكبير شديد إعجابه بشجاعة طلاب المدرسة وقدراتهم القتالية. وفي كلمته التي ألقاها بمناسبة تلك الزيارة أتذكّر أنه قال كلاماً بهذا المعنى: لو كان هؤلاء الطلبة متواجدين على مقربة من الحدود الفلسطينية لتمكنّا من تحريرها بهم. وفي الختام.. شكراً د. علي الطارق على كل ما قلته وما فعلته خدمة لإخوانك الجنوبيين وقضيتهم العادلة والمنتصرة بإذن الله. لقد كنت من أهل الجود من أهل الوفاء وما سواكم في (الوفاء) همزة وفاء. مع الاعتذار للقمندان ومحبيه على استبدال كلمة الهوى بالوفاء.