يجب ان اكون صادقا مع نفسي ومع الحقيقة عندما اتحدث واروي عن البطولات، فهناك من يقول شباب عدن شجعان ورجال فهذا صحيح من خلال ما شهدناه من صور بطولية صاغها أبناء عدن في تصديهم ودفاعهم عن مدينتهم وخاصة ان الكثير منهم لم يسبق له ان استخدم السلاح او تدرب على المهارات القتالية. عند تشخيصنا لحال شباب عدن الذين هبوا للدفاع عن مدينتهم رغم ان الكثير منهم ليس لديه مصلحة في الدفاع عن شرعية الرئيس هادي وشعورهم بالتهميش من قبل السلطة لكون اغلبهم عاطلين عن العمل ومنهم من تقدم للالتحاق بالسلك العسكري ولم يقبل ، ومنهم من هو طالب وينظر بان مستقبله سيكون في الشارع اي بدون عمل اسوة بسابقيه، ومع كل هذا نجد انفسنا نتساءل ما الدافع الذي هب من اجله هولاء الشباب لصد احتلال الحوثيين لمدينتهم؟
في اعتقادي ان البعض منهم كان بدافع ذات طابع مذهبي حيث يعتبر مقاومته هو ذود عن الدين والعقيدة، والبعض الآخر لاعتقاده بان دفاعه عن مدينته. يمثل تحرر من سلطة الشمال وعودة الهوية الجنوبية لعدن لكون يحمل احساس بطمس هويته وقدعانا من التمييز الذي حظى به ابناءa الشمال منذ ان قام الجنوب بتقديم ارضه للشمال من اجل الشراكة والارتباط بمشروع هدفه وطني محض، وليس من اجل ان يستحوذ الشمال على خيرات الجنوب، دون ان يرعاهم، فالشجرة اذا اردت قطف ثمارها فيجب ان ترعاها والجنوب ليس بشجرة فهو انسان ومن حقه الاستفادة من موارده وخيرات ارضه لشعبه الجنوبي طالما ان الوحدة لم تحقق ابسط امنياته بالعيش الكريم، وكان ولازال اعتقادهم ان النصر في هذه الحرب يعني الانفصال والتحرر من التسلط الشمالي فهبوا للدفاع عن مدينتهم عدن الجميلة التي يعشقونها ويتقاسمون على رمال شواطئها الناعمة احلام مستقلبهم المختفية معالمه والفاقد زهاءه والامل يحذوا بهم نحو الحرية وان يكون صوتهم عالي يصل جميع ارجاء جنوبهم المستقل. في المقابل نجد ان الطرف المعتدي تنبع قوته من كون الكثير من افراده عسكر و مدربون على السلاح ولديهم الخبرة القتالية واقولها للحقيقة كما اشرت سابقا يدهشني ثباتهم رغم تقطع اوصال ارتالهم العسكرية وانقطاع سبل امدادات التموين عنهم من جراء القصف الجوي لقوات التحالف والقوات البحرية التي شاركت في قصف القوافل العسكرية القادمة والمحملة بالعتاد والمقاتلين الى عدن لتعزيز سيطرتهم عليها وكذلك قصف مواقع تواجدهم في مطار عدن ومعسكر الصولبان بخور مكسر، ومع كل هذا نجد اصرارهم في الصمود وعدم يأسهم واستسلامهم بل استمرارهم في خوض المعارك محاولين اسقاط مدينة عدن الباسلة. السؤال الهام الذي يدور في ذهني منذ فترة- وبالذات منذ ان قام الحوثيين بطرد ابناء دماج من ارضهم وبموافقة السلطة حيث اعتبرت هذه نقطة البداية الذي شجعتهم للتمدد والتوسع واوصلتهم الى عدن- هو لماذا تطرح السلطة خيار الحرب لحل مشاكلها؟ فالحرب عادة لاتكون خيار مطروح لحل المشاكل الداخلية الا في اليمن وبالذات عند وجود خيارات اخرى ممكن ان تنفذ منها لحل الخطوب والمحن المحيقة بالبلاد. فالحرب تحمل الكثير من الآلام والجروح فهناك ارواح تزهق وجراح وآلام طويلة لا تبرأ وهناك اسر تشرد ولاتجد ماوى آمن وهناك دمار وتخريب اقتصاد وإثارة رعب واقلاق سكينة، وتترك الحرب آثار سلبية في المجتمع تستمر حتى بعد انتهاءها فالجروح لا تندمل سريعا والنفوس لا تهدأ سريعا، فهناك اسر فقدت راعيها او حلمها وفلذة كبدها الذي لا يعوض ويعني ذلك لها فقدان للأمان والطمأنينة والرعاية والامل. والعجيب ان كل هذه المهاوي رغم فداحتها لا تهم اذا كان الثمن هو ليس الا سد فجوات لدى السلطة!