لقد فشلت ثورات الربيع العربي التي بدأت مع نهاية عام 2010 ,والتي حملت شعارات الحرية والعدالة الاجتماعية, وكذلك شعار الكرامة, فشلا ذريعا في تحقيق الأهداف الذي قامت من اجلها .حيث لم تستطيع دفع عجلة حركة التاريخ والتغيير إلى الامام. نتيجة التراكمات والصراعات والحروب التي مزقت النسيج الاجتماعي للمجتمعات العربية ,بسبب السياسات الأيديولوجية والفئوية للأنظمة الديكتاتورية المستبدة المهيمنة على شعوب هذه الأمة, الذي قهرت المجتمع, وأذلت الفرد, ونشرت ثقافة الخوف والاستلاب للخارج, وحولت المجتمع إلى قطيع منمط مستلب الإرادة. بالإضافة إلى ركوب الآلة الأيديولوجية والقائمين عليها موجة التغيير, بعد إن فقدوا مصالحهم لدى الحكام المستبدين ,حيث ظلت هذه الآلة الأيديولوجية والقائمين عليها تبرر الاستبداد والاستغلال الذي يمارسوه الحكام الطغاة, باستغفال واستحمار وتخدير الشعوب, وعند انطلاق ثورات الربيع العربي ركبوا موجة التغيير وقطفوا ثمارها, وجيروها لصالح مقاصدهم وأطماعهم في الوصول إلى السلطة.. لهذا كانت المعركة من أجل دفع حركة التاريخ والتغيير إلى الامام ذات صعيد أيديولوجي وثقافي وفكري, أدت إلى تغيير وانهيار البناء القديم ليحل محله البناء الجديد الذي كان جاهزا ايضا بواسطة هذا العمل الفكري العميق. كما اصطدمت إرادة التحرير عند الشعوب بمصالح قوى محلية وإقليمية ودولية عاتية : المصالح الدنيئة للنظم المافيوية الفاسدة التي حولت البلدان إلى مزارع وإمارات خاصة, والمصالح التوسعية للدول المأزومة الباحثة عن نفوذ خارجي, تقضي به على تناقضاتها الداخلية, وفي مقدمتها إيران والسعودية .واصطدمت اخيرا, بخواء وتخلي الاممالمتحدة والدول الكبرى عن مسؤولياتها, لغرض إنجاح مشروع الشرق الأوسط الجديد " التغيير من الداخل " الذي ترعاه امريكا بحجة الحرب على الإرهاب وتجفيف منابعه في الشرق الأوسط.. لهذا كله أدى فشل ثورات الربيع العربي إلى بروز الأصولية الإسلامية الجهادية من ناحية. وظهور الاستعمار الجديد الذي يضع الدول تحت الوصاية الدولية, كما هو الحال الآن في اليمن وسوريا ,بالإضافة إلى بروز الاختلافات المناطقية والسياسية والطائفية والاجتماعية في أسوأ صورها وأظهرتها على السطح كقضية حقيقية لمسها المواطن العربي والمجتمع الدولي, في حين أن القضية الحقيقية التي خرج الشعب العربي من أجلها كانت لا تتعدى محاربة الفساد وتحقيق المواطنة المتساوية وبناء دولة مدنية ديمقراطية تحقق المساوة والعدالة الاجتماعية.. وبسبب الغباء العربي والمخطط الغربي, أصبح التخلف العربي كاملا متكاملا, في الاقتصاد وفي السياسة وفي التعليم, وحتى في النزعة الوطنية والقومية. وانبعاث كبير للسلفية والأصولية والطائفية والمذهبية, وقد انتهت عدّة ثورات إلى حروب محلية وقد تصبح مستدامه, وهذا مما سيمكن الدول الإقليمية والدولية في التحكم بحياة الشعوب العربية, ولا سيما لبنانوالعراق وسوريا واليمن وليبيا. لهذا يتحمل الغرب وامريكا مسؤولية مباشرة تجاه ما يحصل للشعوب العربية من دمار وخراب, فقد عملت هذه الدول كل ما في وسعها لتجهيل هذه الشعوب واستغلالها من خلال دعم وحماية أنظمة فاسدة ومستبدة ترتبط بمصالحها مباشرة, وآخر هذه الجرائم هو تدمير دول العراق وسوريا وليبيا واليمن...