تربوا في مدرسة الإصلاح.. نهلوا من ينبوعها الصافي.. فارقوا الدنيا في زمن أحوج ما يكون فيه الوطن لعلمهم وقرآنهم.. أربعة فرسان أنجبتهم أرض العلم والخير حضرموت هم الشيخ عبدالرحمن عبد الله عوض بكير والحفظة لكتاب الله تعالى الشيخ أشرف عبد الكريم باحسين وإبراهيم علاو و عوض عبداللاه عبد هود رحمهم الله جميعاً.. فكأن هذا العام في مطلعه قد صار عامَ الحزن لنا جميعاً. انتظم عقد رحيلهم واحداً بعد الآخر.. حتى تفجّع إخوانهم بفراقهم الصعب.. وباتت محاريب المساجد من أشباحهم خاوية.. واكتست مسحة من الحزن جنبات حضرموت جراء رحيلهم.. أصبحنا نغبط لحوداً تشرفت باحتواء أجسادهم الطاهرة.. وأجسامهم المضيئة بنور العلم والطاعة.. وكم أيقنّا بعد رحيلهم أن العيش في هذه الدنيا صعب حينما يرحل الأحباب.
طالما عملوا وسعوا في طريق العلم والخير والعطاء.. وتنوعت تضحياتهم وخدماتهم الطيبة لتعبق بعد رحيلهم عطراً فاح شذاه بذكرهم الحسن ولسان صدق في العالمين.. حقاً لقد قُبضت أرواحهم لكنّ آثارهم لم تزل بين أظهرنا.. آثار من ورّث علماً ورتل آية ومدّ يداً بالخير والمعروف.. وهكذا يجب أن يشمر المشمرون ويعمل العاملون.. وصدق الشاعر حين قال: دقات قلب المرء قائلة له ** إن الحياة دقائقٌ وثوانِ / فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها ** فالذكر للإنسان عمر ثانِ..
وداعاً ما همت السماء بغيث مدرار.. وداعاً ما أمطركم الله بشآبيب رحمته وغزير مغفرته.. وداعاً ما بقي فينا روح تنبض بحبكم.. وقلوباً تخفق برجاء أن يجمعنا الله بكم يوم اللقاء.. فالمرء يُحشر مع من أحب وإنا لنحب الصالحين وإن لم نكن منهم.. إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا.. وإنا على فراقكم لمحزونون..