عشرات المنشورات ؛ نشرتها في صفحتي في الفيسبوك وفي عدة مواقع صحفية محلية عن معاناة الجرحى ، واضطررتُ لنشر حلقات عن معاناة بعض الجرحى القليلون ممن عرفتهم وعرفتُ معاناتهم ، فكان البعض بدلاً من أن يبحث عن كيفية المساعدة على إنهاء معاناة هؤلاء الأبطال ؛ تراه يبحث عن أفضع مفردات الوقاحة ليرميني أو يرمي غيري ممن تحدثوا عن الموضوع نفسه بها إما معلقاً وإما برسالةٍ مقززة ... تحدثنا وتحدث معنا الكثيرون مرات ومرات ، لكن لا حياة لمن تنادي ، طرقنا الأبواب كلها فانسدت أمامنا كل الأبواب ، ناشدنا الجميع لكن دون جدوى ، أوصلنا رسائل للمعنيين لكن شيءاً لم يحدث لإنها هذه المعاناة !! تواصلنا مع ناشطين وشخصيات ذَا ثقل للقيام بجهد " خيري " ذَا طابع إنساني " سلمي " موحَّد لإيصال معاناة الجرحى الى من يهمه الأمر ، لكن لسبب أو لآخر فشلنا في إيجاد اصطفاف انساني حقيقي للمساعدة على التقليل من معاناة الجرحى بعيداً عن أية حسابات أخرى . يا كم قلناها مرات ومرات : أن ملف الجرحى نارٌ تحت الرماد ستشتعل في وجه الجميع إن استمر هذا الإهمال اللامبرر ؟! وبسذاجة مفرطة يرد البعض "" مُش وقته "" !! لا بل وبوقاحة غريبة يرد البعض عليك أنك شخصٌ مشبوه إن أنت تجرأتَ للحديث عن ملف الجرحى !! وأنك تستهدف النيل من مكانة هذا أو تسعى للتحريض ضد ذاك !! فجأةٌ تحوَّل الحديث عن معاناة هؤلاء الأبطال من واجب وطني وإنساني ، الى جريمة نكراء وعمل " تطاولي " !! بينما يرى البعض أن الصمت عن معاناتهم بطولة !! . ما أغرب المشهد الذي نعيشه في جنوبنا الحبيب !! لم نعد ندري ما الذي يدور ! ولماذا يدور ! ولماذا بهذه الطريقة ! . حكومةً الشرعية ودول التحالف تدفع مئات الآلاف من الريالات السعودية كمرتبات للمقاومة الفرضة وجيش التبة، ولعل البعض سمع عن أن هذا الجيش والمقاومة سيستلم خلال الأيام القادمة مرتبات ستة أشهر ، في حين أن المقاومة الجنوبية صانعة النصر الحقيقي ليست في الحسبان وذنبها أنها لم تتمترس في الفرضة والتبة تستنزف التحالف أكثر من عدوها . لا بل الغريب أيضاً ان تعجز هذه الحكومة وورائها دول التحالف عن علاج عشرات الجرحى مرت على معاناتهم ما يزيد عن عشرة أشهر !!. نعم : مر ما يزيد عن عشرة أشهر على معاناة الكثير من الجرحى دون أن يلتفت لمعاناتهم أحد ، في مشهد غريب ولا يخلو من القبح . تُرى كم من الجرحى يجب أن يموتوا نتيجة الإهمال حتى تتبادر حكومة الشرعية " الموقرة " الفارقة بالفساد بالعمل على وقف معاناتهم ؟! لا بل كم من الجرحى يجب أن يحرقوا أجسادهم حتى تتحرك ضمائر من يهمهم الأمر ؟
بالأمس القريب هدد أحد الجرحى بإحراق نفسه أمام السفارة اليمنية في السودان ، وأعطى مهلة أيام محددة للسفارة بالالتفات لمعاناتهم مالم فإنه سيقدم على إحراق نفسه أمام السفارة . ولأنه لا صوت يُسمع للجرحى في وطننا الحبيب فقد مرت المهلة وأقدم الجريح على فعلته التي تعبر عن مدى السخط الذي يعيشه وأحرق بنفسه ولولا وجود زملائه الذين قاموا بإطفائه وإثنائه عن أمره لكان قد فارق الحياة ربما ولتشعبت بعدها عشرات القصص من هذه القصة . وقبل هذه الحادثة توفي جريحين في الأردن بعد معاناة مع الإهمال تفوق معاناة بعضهم من الجرح ، ثم تم طرد بعض الجرحى خارج المستشفيات في الأردن والسودان لتخلي الحكومة اليمنية عنهم ، وعدم دفعها تكاليف المعالجة وتبعاتها ، اليوم توفي الجريح البطل أيمن إقبال متأثراً بجروحه التي أصيب بها قبل شهر بعد تماطل الجهات المعنية من إسعافه الى الخارج . والجريح الشهيد بإذن الله أيمن إقبال هو أول من اقتحم أسوار معاشيق لتحريرها بشهادة مرافقيه ، والأهم من ذلك هو أنه جُرح وهو يدافع عن قصر معاشيق حيث تقيم الحكومة التي أهملته وتناست أنه أصيب وهو يحميها من أي اعتداء . ومع كل حادثة معاناة وإهمال تنتهي بكارثة لأحد الجرحى ؛ تتولد هناك عقيدةً جديدة ووعي مجتمعي لرفاقهم قد لا يكون بالضرورة إيجابي ، بل وعي يترسَّخ شيئاً فشيئاً أن لا شيء اسمه صمت عن المعاناة وأن الحكومة الشرعية كما تسمي نفسها وتناست أن هؤلاء هم من جعلوها تتحدث عن الشرعية ؛ لا تسمع الا صوت القوي ، ولا مكانة في أبجديتها لمن يصمت ، وهو ما يعني أن الأيام القادمة ستشهد تصعيداً لن يتوقف عند حدٍ من الحدود ، وعندها على من يهمهم الأمر أن يصمتوا وألا يقولون أن هناك من يستغل معاناتهم لغرض إحداث البلبلة أو ما شابه ، فحينها تكون الأحداث قد تجاوزت هذه المصطلحات ويكون حينها قد وقع الفأس في الرأس . :: مناشدة :: أدعو الجميع الى تنظيم وقفات احتجاجية تضامناً مع الجرحى وأناشد الجرحى وذويهم وأصدقائهم ألا ينجروا إلى أية ممارساتٍ تسيء الى عدالة قضيتهم والى عدم استخدام أي وسائل للعنف للغرض نفسه ، لقضيتكم قضيتنا جميعاً ولن يخذلكم شعبٌ قدمتم أغلى ما تملكون لأجل حريته .