ننسى حروفها باسرها .. ننسى دمعة طفل جنوبي سالت على خديه لفقد ابيه او امه او اخيه. ليتنا ننسى صرخة ام جنوبيه فقدت عزيزها وفلذة كبدها .. ننسى كل لحظة انفجار تمخض عنه تطاير اجساد متقطعة تنزف دما تساقطت على تراب بلادي الطاهرة .. ننسى كل لحظه تم فيها اغتيال اشرف واشجع وانبل رجال الجنوب ننسى الم طفل جنوبي اصابته رصاصة او شظية قذيفه اطلقتها مدفعية العدو وهو يصرخ وينادي (امي .. امي؟!) .. ننسى كل دمار حصل في شوارع ومدن الجنوب .. ننسى كل دمار اصاب اسواق ومتنزهات ومدارس ومشافي الجنوب.
ليتنا لم نجعل الالم يعشعش في صدورنا ويغرز في حنايانا انيابه الحادة .. ولم نحصن انفسنا عن ان تكون مترعا لهذا المتطفل البغيض.
ليتنا استنفذنا من روحنا مناعة تكون كالحصن المنيع لمواجهة الاعاصير الهائجة التي تلف بالجنوب .. نتمنى ان تختفي تلك الكلمة من قاموس حياتنا فلا نعود ونجد معناها الذي نرفضه قسرا على انفسنا.
ليتنا نغفو على حلم جميل فنصحو عازمين على تحقيقه .. جادين في المضي فيه راسمين البسمة الصادقة المنبثقة في الاعماق لا المرسومة كرها على الشفاه .. تكسر القيد وتمزق ظلال العذاب لكي ننطلق في حياتنا بلا قيد اسمه الالم ولا سراب يصوره الالم وبلا عذاب يرسمه الالم .. لنرسم طريقا ممهدا بالنور معبدا بالهدى .. ونفرش جوانبه زهورا من الامل يكاد عبقها ينفذ الى الاعماق فيمسح عن حياتنا كل ظل داكن ..
آه يا كلمة (الم) كم قسوت علينا فأخذت من انفسنا مأخذا كبيرا وجعلتينا مسجونين عندك مقيدين بأغلالك مكتفين بحبالك .. حتى ادركنا اننا نسينا معنى الحياة ومعنى الصداقة والمحبة والالفة .. فتولدت فينا العزلة والكأبة والتوتر النفسي.
كل كلمة من هذه الكلمات يرددها على الشفتين كل جنوبي بريء ليفر بها نحو بر الامان ليخرج من اسره ومن دوامة الالم الذي يتصارع معها للخروج بها الى صفاء النور وعذوبة السماء .