أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني في صنعاء وعدن    كارثة وشيكة في اليمن وحرمان الحكومة من نصف عائداتها.. صندوق النقد الدولي يدق ناقوس الخطر    ثعلب يمني ذكي خدع الإمام الشافعي وكبار العلماء بطريقة ماكرة    قطوف مدهشة من روائع البلاغة القرآنية وجمال اللغة العربية    وفاة أحد مشايخ قبيلة حاشد وثلاثة من رفاقه بحادث غامض بالحديدة (صور)    تفاصيل قرار الرئيس الزبيدي بالترقيات العسكرية    الحرب القادمة في اليمن: الصين ستدعم الحوثيين لإستنزاف واشنطن    الحوثي والحرب القادمة    بعد خطاب الرئيس الزبيدي: على قيادة الانتقالي الطلب من السعودية توضيح بنود الفصل السابع    الأكاديمي والسياسي "بن عيدان" يعزّي بوفاة الشيخ محسن بن فريد    بمنعهم طلاب الشريعة بجامعة صنعاء .. الحوثيون يتخذون خطوة تمهيدية لإستقبال طلاب الجامعات الأمريكية    كيف تفكر العقلية اليمنية التآمرية في عهد الأئمة والثوار الأدوات    المشرف العام خراز : النجاحات المتواصلة التي تتحقق ليست إلا ثمرة عطاء طبيعية لهذا الدعم والتوجيهات السديدة .    شيخ حوثي يعلنها صراحة: النهاية تقترب واحتقان شعبي واسع ضد الجماعة بمناطق سيطرتها    الحوثيون يزرعون الموت في مضيق باب المندب: قوارب صيد مفخخة تهدد الملاحة الدولية!    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    " محافظ شبوة السابق "بن عديو" يدقّ ناقوس الخطر: اليمن على شفير الهاوية "    رسالة حوثية نارية لدولة عربية: صاروخ حوثي يسقط في دولة عربية و يهدد بجر المنطقة إلى حرب جديدة    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    مأرب تغرق في الظلام ل 20 ساعة بسبب عطل فني في محطة مأرب الغازية    مقرب من الحوثيين : الأحداث في اليمن تمهيد لمواقف أكبر واكثر تأثيرا    ريال مدريد يسيطر على إسبانيا... وجيرونا يكتب ملحمة تاريخية تُطيح ببرشلونة وتُرسله إلى الدوري الأوروبي!    تكريم مشروع مسام في مقر الأمم المتحدة بجنيف    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الحوثيون يستعدون لحرب طويلة الأمد ببنية عسكرية تحت الأرض    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    #سقطرى ليست طبيعة خلابة وطيور نادرة.. بل 200 ألف كيلومتر حقول نفط    آرسنال يفوز على بورنموث.. ويتمسك بصدارة البريميرليج    مكتب الأوقاف بمأرب يكرم 51 حافظاً وحافظة للقران من المجازين بالسند    صندوق النقد الدولي يحذر من تفاقم الوضع الهش في اليمن بفعل التوترات الإقليمية مميز    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و654 منذ 7 أكتوبر    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تصدر بيانا مهما في اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    الرئيس الزُبيدي : نلتزم بالتفاوض لحل قضية الجنوب ولا نغفل خيارات أخرى    الرئيس العليمي يوجه بالتدخل العاجل للتخفيف من آثار المتغير المناخي في المهرة    بدء دورة للمدربين في لعبة كرة السلة بوادي وصحراء حضرموت    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    المخا الشرعية تُكرم عمّال النظافة بشرف و وإب الحوثية تُهينهم بفعل صادم!    اسقاط اسماء الطلاب الأوائل باختبار القبول في كلية الطب بجامعة صنعاء لصالح ابناء السلالة (أسماء)    تن هاغ يعترف بمحاولةا التعاقد مع هاري كاين    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اقتصادي عدني يقدم رؤية موسعة للنهوض بالاقتصاد اليمني عقب الحرب
نشر في عدن الغد يوم 08 - 04 - 2016

قدم الاقتصادي العدني خالد عبدالواحد نعمان رؤية موسعة لفرص النهوض بالاقتصاد اليمني عقب الحرب.
والرؤية هي ورقة عمل بشأن وضع الاقتصاد اليمني الراهن في ظل الحرب ، وإمكانية إعادة بنائه بعد الحرب على أساس تنمية أكثر عدالة وقدمها المهندس خالد عبد الواحد محمد نعمان لورشة العمل المقرر عقدها في لبنان في شهر أبريل 2016م

ولاهمية الرؤية تنشر "عدن الغد" نصها :

سأحاول في هذه الورقة المقتضبة التي أعددتها وفق الشروط المرجعية المقدمة من قبل منظمي الورشة ، والتي حدت من إمكانية التوسع والتحليل في مناقشة موضوع الورقة بشكل مستفيض يتناسب وأهمية موضوع الورقة ، وأكتفيت بتقديم عناوين لعناصر الأزمة الأقتصادية / المالية / الإجتماعية / الأنسانية / البيئية الراهنة والأوضاع التي تعيشها الجمهورية اليمنية ، وكيف تطورت هذه الأزمة منذ الوحدة في عام 1990م وكبف جرى معالجتها أو تعقيدها على مدى الفترة الزمنية من 1990م وحتى 2016م ، إلى أن وصلنا ، وفي ظل الحرب الطاحنة ، إلى وضع كارثي ، ينذر بإنهيار تام في كل الأوضاع أكانت الأنسانية ، أو الأقتصادية أو المالية ، أو البيئية ، الأمر الذي أستدعي ، تقدم الجهات الخارجية لمساعدتنا ، في محاولة للخروج من هذا الوضع الكارثي ، لأستعادة السيطرة على الأوضاع ، ولكن بأفق جديد . لذلك سأحاول في هذه الورقة أن أختمها بوضع خطوط عريضة لمايمكن عمله الآن ومابعد الحرب بما يتسق وأهداف هذه الورشة في تقديم رؤيا تنموية أكثر عدالة .

1 – مصدر الأزمة الإقتصادية في اليمن (1990م-1995م )

الأزمة الأقتصادية الراهنة في الجمهورية اليمنية ، ليست سوى إمتداد لتركة ثقيلة موروثة من النظامين الشطريين السابقين ، وهي نتاج لمجموعة مركبة من السياسات الخاطئة ( سياسيا وإقتصاديا وماليا وإجتماعيا وإداريا ) التي أتخذتها القيادات التي تعاقبت على حكم الشطرين ، في ظل حكمين شموليين شديدي السطوة على السلطة والثروة ، الذين وجدا حينها المناخ الدولي والإقليمي المناسب ليحميهما من السقوط والإنتكاس . وقد تمثلت تلك التركة في جملة من الأختلالات الهيكلية في إقتصاد الشطرين ، وإن تشابهت في السمات ، الآّ أنها تتفاوت في درجة حدتها ، و قد وجدت هذه الأختلالات تعبيرها في مجموعة من الفجوات لعل أهمها : -

1. الفجوة المعبرة عن إختلال علاقة العرض الكلي بالطلب الكلي ( إخنلال العلاقة بين الأنتاج والأستهلاك لصالح الأستهلاك )

2. فجوة الموارد والأستخدامات في الموازنة العامة للدولتين سابقا ( والنتيجة عجز متراكم يغطى بالإصدار النقدي غير المغطى وفي التوسع في الدين الداخلي )

3. فجوة الموارد والأستخدامات لميزان المدفوعات

4. الفجوة المعبره عن عدم إتساق العلاقة بين تطور الأجور وتطور الأنتاجية

5. الفجوة المعبرة عن الإختلال الناجم عن عدم التناسب بين التغيرات الحاصلة في الكتلة النقدية والناتج المحلي بالأسعار الجارية والثابته

6. الفجوة المعبرة عن إختلال العلاقة بين الأجور والأسعار

7. الفجوة المعبرة عن إختلال العلاقة بين حجم ومعدل التغير في إجمالي الإئتمان وحجم التغير في إجمالي الناتج المحلي الإجمالي " الحقيقي "



ناهيك عن ماأتخذ من ممارسات قسرية ، إضافة إلى التشوية الخطير لكل الأدوات ألإقتصادية ، وزيادة المديونية الخارجية ، وعدم القدرة على سداد أقساطها وخدماتها . يضاف إلى ذلك قرارات اللحظة الأخيرة في الشطر الجنوبي (سابقا ) ،في إضفاء الشرعية على نهب عقارات الملاك عبر قانون التمليك ، وتأجير بعض المؤسسات العامة الكبرى برخص التراب ، إلى جانب تركة التأميم والمصادرة وآثارهما الأقتصادية والأجتماعية الضارة .

وقد أضيف إلى هذه التركة المتراكمة من الإختلالاات الهيكلية التي ورثتها الجمهورية اليمنية من الشطرين ، تركة أخرى أفرزتها المرحلة ألأنتقالية في الثلاث السنوات الأولى من عمر الوحدة ، حيث أزدادت وتوسعت الفجوات وتعمقت الأختلالات الهيكلية ، ووصلت الأوضاع الإقتصادية إلى حد الأزمة الأقتصادية الشاملة ، والتي رافقها أزمات جديدة سياسية وفي البناء المؤسسي للدولة الموحدة ، و كانت كلها نتاجا طبيعيا للطريقة والأسلوب التي تمت بها الوحدة وماصاحبها وماتلاها من أسلوب التقاسم ، والمماحكات السياسية ، والسياسات التي أتبعت إقتصاديا وإداريا وماليا ، والموقف السياسي من أزمة وحرب الخليج وغيرهامن القرارات والإجراءات العشوائية المتخذه ، إضافة إلى التسيب ، الذي أفرز حالة من الفساد والإفساد على نظاق واسع لم تشهدة اليمن من قبل .

وللأمانة ، فقد حاولت الحكومة ، في بداية الوحدة ، أن تضع برنامجا إصلاحيا سمي ب " برنامج البناء الوطني والإصلاح السياسي والإقتصادي والمالي والأداري " والذي أقر من قبل مجلس الوزراء في 15 ديسمبر 1991م ، ولكن للأسف ، لم يجد هذا البرنامج طريقه للتنفيذ ، ولو لبند واحد فقط ، وذلك نتيجة للتجاذبات السياسية ، وعدم جود الإرادة والجدية في الأصلاح .

ثم أضيف إلى ماسبق ذكره ، تكاليف ونتائج حرب عام 1994م على الجنوب ، والتي أوصلت البلاد إلى حافة الهاوية وأضحت البلاد منذ ذلك الحين ، تعيش أزمة سياسية وإقتصادية وإجتماعية وأمنية وأدارية ومؤسسية بالغة الخطورة ، تجلت مظاهرها في كافة المجالات ، وسأستعرض أهم مظاهرها الإقتصادية فقط في الاتي:-

· عجز متراكم مهول في الموازنة العامة للدولة يغطى بالإصدار النقدي أو بأذون الخزانة مما يفاقم الدين الداخلي

· عجز مزمن في الميزان التجاري وفي ميزان المدفوعات

· معدل تضخم يتنامى بسرعة جنونية فقد وصل في عام 92م إلى 47 % وفي عام 93م إلى 50 % ، وقد فاق حاجز ال 85 % في عام 1994م

· نسبة عالية من البطالة ليس بين أوساط العمالة غير الماهرة فحسب ، بل بين أوساط المتعلمين من خريجي الجامعات والمدراس الثانوية والمعاهد التخصصية

· تدهور سعر العملة المحلية إلى أن وصل سعر التحويل 135 ريال للدولار في بداية عام 1995م

· إنخفاض حصة الإستثمار الحكومي إلى أدنى مستوياته، بل وإنعدامه في بعض القطاعات

· إرتفاع جنوني مهول في أسعار جميع السلع والخدمات ، وبالتالي تدني مستوى معيشة السكان وبالأخص ذوي الدخل المحدود

· تبديد الموارد من العملات الأجنبية في " دعم " لا يصل إلى مستحقيه حيث يذهب القسم الأعظم منه إلى جيوب خاصة

· تراجع متوسط دخل الفرد ، وزيادة نسبة الفقر بين السكان ، بل وزيادة حدته

· تدهور وضع جميع الخدمات من كهرباء ومياه وصرف صحي وتربية وصحة وغيرها

· تواصل حرمان المناطق النائية من أي خدمات تذكر

· نهب أصول ومؤسات أجهزة الدولة في المحافظات التي بليت بالحرب وتدمير مساكن المواطنين فيها دون أي تعويض يذكر

· تدهور الإدخار وضعف الإئتمان

· توسع نشاط التهريب على نظاق واسع لعدد كبير من السلع الكمالية والسيارات

· السطو والتعدي على أملاك الدولة والأوقاف على نطاق واسع

· عدم القدرة على سداد المديونيات الخارجية وتضاعف أعباء خدمة الدين العام وفقدان ثقة الجهات الممولة بالدولة

· ضعف القدرة على الإستفادة من المنح والهبات الخارجية أو سؤ إستخدامها

· بروز مناخ سيء للأستثمار وبالتالي فقدان الثقة بالأستثمار من لدن المستثمرين المحليين والأجانب .

· ركود إقتصادي شامل

2 –المرحلة الأولي من الإصلاحات الإقتصادية ( مرحلة التثيبت الإقتصادي ) بدءا من 1995م

وأزاء هذه الأوضاع ، تدخلت المنظمات وصناديق ومؤسسات التمويل الأقليمة والدولية والدول المانحة ، ومارست ضغوطا شديده على ، الدولة ، وأجبرت الحكومة ، على البدء في النصف الأول من عام 1995م في تنفيذ حزمة من الأصلاحات على مرحلتين ، الأولى مرحلة التثبيت الإقتصادي ، والتي أستهدفت السيطرة على ألأوضاع الإقتصادية والمالية العامة من خلال تحرير سعر الصرف ورفع القيود عن التجارة الخارجية ورفع الدعم عن عدد من السلع الغذائية ، ورفع سعر الصرف الجمركي مع تخفيض في حزم التعرفة الجمركية من 15 حزمة إلى 4 حزم وبمتوسط تعرفة قدرها 7 % عن ماكان قبل التحرير الذي وسل إلى متوسط 27 % ، وإجراءات اخرى ، وعلى أن تتبعها مرحلة ثانية بعد مرحلة التثبيت الأقتصادي ، وهي مرحلة الأصلاحات الهيكلية . ولكن للأسف وبنتيجة الوضع المؤسسي لمؤسسات الدولة وماينخرها من فساد ، ولغياب رؤية العدالة في هذه الإجراءات من حيث توزيع تأثيراتها على المجتمع بشكل عادل . فلم تأتي هذه الإصلاحات أكلها بإتجاه تحقيق إصلاحات أكثر عدالة ، فقد تحملت الطبقات الفقيرة العبىء الأكبر من تأثيرات تلك الأصلاحات ، الطبقات الفقيرة ، وأستطاعت الطبقات الغنية الإفلات من تأثيرات تلك الأصلاحات ، بل أستفادت منها بصور مباشرة وغير مباشرة . ومع ذلك فإن النتيجة الحسنة المباشرة لهذه الإصلاحات ، كانت التأثير الأيجابي على وضع المالية العامة ، حيث أنحفض العجز المالي للموازنة إلى نسبة معقولة من الناتج المحلي ، وخاصة بعد أن ألغى نادي باريس المديونيات السابقة على اليمن ، وأستقر سعر الصرف لفترة محدودة ، ولكن للأسف لم يتواصل تنفيذ هذاالبرنامج ، ولم يتم الإنتقال إلى المرحلة الثانية والتي كانت تهدف إلى إصلاحات هيكلية مبنية على ماتحقق في مرحلة التثيبت الأقتصادي ، وأهملت أو أعفلت هذه المرحلة تماما وحتى الآن .

وفي الحقيقة ، يكمن فشل الحكومة في تحقيق ومواصلة برامج الأصلاح الأقتصادي التي كانت معتمدة وبرعاية المنظمات الأقليمة والدولية والدول المانحة ، في نظام المالية العامة في اليمن الذي أثبت فشله الذريع ، في تأدية وظائفه الاقتصادية والاجتماعية لإعتماده في الأساس على مدى الخمسين عاما الماضية وماقبل ذلك على هجين من النظام التركي العثماني والنظام المصري للمالية العامه ، الذي ثبت عدم فعاليته في بلدي منبعهما ، وقد كانت هناك فرصة تأريخيه لتحديث هذا النظام بالأخذ بالأفضل عند قيام الوحدة ، والأخذ بما تبقى من النظام المالي الجنوبي الذي كان عبارة عن نظام موروث من النظام البريطاني ، وكان فعالا في إدارة المالية العامة وتحقيق وظيفتها الاقتصادية والاجتماعية ، عبر الموازنات العامة السنوية ، التي تعتبر أداة لإعادة توزيع الدخل والإنفاق على أساس عادل بين جميع فئات المجتمع ، وعلى مستوي جميع أنحاء دولة الوحدة ، ولكن للأسف ساد النظام المالي المتخلف للجمهورية العربية اليمنية الذي أدى بوصول المالية العامة إلى هذا الوضع المعقد حاليا .

لذلك، فإن المالية العامة في اليمن، قد أصابها العجز والوهن المزمن، وإصبحت غير قادرة على أداء أي من وظائفها الحقيقة في إعادة توزيع الدخل والإنفاق على نحو عادل، وذلك بسبب طبيعة النظام المالي المتخلف ذاته، ثم لتراكم نتائج كافة السياسات والقرارات والإجراءات الخاطئة التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة، على مدى عدة عقود إلى أن وصل الوضع الى هذه الحالة من السوء، بحيث أصبح يهدد الوضع الاقتصادي والنقدي بالانهيار الشامل.

3 – تدهور الوضع الإقتصادي مرة أخرى خلال الفترة من 2005 وحتى 2014م :

وبنتيجة التخلي عن مواصلة الإصلاحات الإقتصادية وإستمرار سياسات الدعم للمشتقات التفطية والكهرباء ، والإنفاق العبثي الذي استمر خلال فترة النصف الثاني من التسعينيات من القرن الماضي ، ألى نهاية العقد الأول من القرن الواحد والعشرين ، و تغول الفساد في مختلف حلقات وقطاعات إنتاج النفط والغاز ، مع إستمرار إنخفاض الكميات المنتجه وأرتفاع كلفة الإنتاج ، والتوترات السياسية ، فقد تدهورت مرة أخرى كافة المؤشرات الأقتصادية والإجتماعية وتدهورت مستويات كافة الخدمات من تربية وصحة ومياه وصرغ صحي وكهرباء ، وأرتفعت الأسعار وعاد معدل التضخم إلى مستوياته العليا ، وتدهور سعر الصرف إلى أن تجاوز حاجز ال 225 ريال للدولار في مطلع عام 2011م . وتكفي الإشارة إلى مؤشر واحد للأنفاق العبثي للمال العام ، وهو أن الدعم للمشتقات النفطية والكهرباء قد وصل إلى 3 مليارات دولار خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين .

ويجب الاعتراف بالحقيقة المرة ، وهي أن الصعوبات الراهنة ليست موروثة من سياسات النظام السابق فحسب ، ولكن خلال سنوات الثورة الشبابية منذ فبراير عام 2011م وحتى عام 2013م كانت هناك عمليات ممنهجة لتعقيد هذا الوضع المزري من خلال المسحوبات الضخمة من موارد الميزانية العامة التي تمت خلال عام 2011م ، وما أعقبها من سرقة ونهب معظم ممتلكات وأصول الدولة المدنية والعسكرية في كل المحافظات ، قبل عملية الانتقال السلمي للسلطة ، وماتلاها بعد عملية الانتقال السلمي للسلطة مباشرة ، والمنفذة للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ، وكذلك خلال المرحلة الأنتقالية ، من عمليات التقطعات لأنتاج النفط والغاز وخطوط الكهرباء وشبكات الاتصالات وناقلات المشتقات النفطية ، والقيام بأعمال أرهابية فظيعه ، وزيادة وتيرة التهريب وغيرها من الأعمال التخريبية الأخرى التي كانت كلها تصب في وتستهدف إحداث التأثير السلبي على موارد الدولة وماليتها العامة ، وإشاعة الخوف و خلق حالة من عدم السكينة والأستقرار . وتم التركيز خلال تلك الفترة على الجبهة الاقتصادية والمالية ، باعتبارها الجبهة الهشة التي يمكن الولوج إليها بسهولة بالاستناد إلى منظومة الفساد المتجذرة في كل مفاصل أجهزة الدولة المدنية والعسكرية ، بعد أن فشلت المحاولات في الجبهات الأخرى العسكرية والأمنية والسياسية . وكل ذلك بغرض عرقلة التسوية السياسية ومنع تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل.

وإزاء هذاالوضع الإقتصادي الخطير ، فقد بادرث ثلة من القطاع الخاص اليمني ممثلة بفريق الأصلاحات الإقتصاديه بتقديم مصفوفة كاملة لأجراء الأصلاحات الإقتصادية والمالية والمؤسسية والخدمية ، وقدمتها إلى الحكومة مقترحة عقد مائدة مستديرة تشارك فيها الحكومة والقطاع الخاص وقادة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني التي تعمل في المجال الإقتصادي ، وقد قدمت هذه المصفوفة ، محتوية أسس وإجراءات وبرامج ملموسة تتضمن الهدف من البرنامج ، وزمن الإقرار والتنفيذ ، وجهة التنفيذ ، وآليآت التنفيذ والرقابة والتقييم ، حيث ركزت على المحاور التالية :-

1. محور رفع الدعم وتنظيم نقل وتوزيع المشتقات النفطية

2. محور إصلاح جذري لقطاع الطاقة الكهربائية، يناء على رؤية استراتيجية متكاملة

3. محور تنفيذ المشروعات الكبرى للتشغيل والقضاء على جزء من البطالة بين الشباب

4. محور إصلاح المالية العامة وسد منافذ الفساد وتطبيق معايير الشفافية في المالية العامة

5. استكمال الإصلاحات الجذرية في الخدمة المدنية وإنشاء الهيئة المستقلة للخدمة المدنية وتحسين أوضاع الموظفين الحكوميين

6. محور الفصل بين نشاط البنك المركزي وأعمال الخزانة العامة للدولة وإنشاءها

ولكن للأسف لم تجد هذه المبادرة أي تجاوب إيجابي من قبل الجكومة آنذاك .

4 – مرحلة إختطاف الدولة ومؤسساتها ، والدخول في دوامة الحرب الداخلية وأثآرها على النشاط الإقتصادي :

وبعد نجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل ، والأنتهاء من صياغة مسودة الدستور ، فقد بداء مسلسل إسفاط مخرجات الحوار الوطني الشامل ، والإنقضاض عليها وعلى مشروع مسودة الدستور من خلال الأنقلاب على الشرعية ، وإختطاف الدولة ومؤسساتها ، وإحتلال العاصمة صنعاء بالقوة المسلحة ،ثم شن الحرب على بقية المحافظات الأمر الذي أدى إلى تدخل عربي من قوات التحالف ، وبدأت حرب داخلية طاحنة مازال أوارها مشتعلا حتى اليوم . وقد تسببت تلك الحرب في إنهيار تام لكل النشاط الإقتصادي والتجاري والخدمي والأستثماري ، ومخلفة الخراب والدمار في كل مناحي الحياة ، وفي تولد أزمة إنسانية حادة . حيث توقفت الحياة الطبيعية في كل أنحاء اليمن .

وللأسف ، ولغياب الدولة ومؤسساتها ، فإن المؤشرات الرقمية عن نتائج هذه الحرب على الصعيد الإقتصادي والأجتماعي والخدمي والمالي والنقدي ، عير متاحة ، حيث أن آخر نشرة صدرت عن البنك المركزي اليمني كانت في شهر مارس 2015م ، ولم تصدر بعدها أية نشرات رسمية ، كما أن وزراة المالية لم تصدر أية مؤشرات رقمية رسمية عن المالية العامة ، لاعن عام 2014م ولا عن عام 2015م . ولا يوجد لدينا أية معلومات ، الآماهو متوفر عبر نشرات المستجدات الإقتصادية الشهرية ل 13 عدد ، أخرها كانت نشرة أبريل 2016م ، وهي في محتواها عباره عن مؤشرات تقديرية أو فعلية أولية ، يمكن إعتبارها شبة رسمية ، أما المؤشرات التي تنشرها منظمات الأمم المتحدة ، فهي ليست دقيقة أو موثوقة ، وهي أيضا تقديرات تدبج في المكاتب في الخارج أو في صنعاء بعيدة عن معطيات الميدان في المحافظات .

ولكن ذلك لايمنع من إستعراض هذه المؤشرات المهمة ، وهي تحديدا : -

1. توقف إيرادات النفط والغاز تماما في عام 2015م ، ا وترتب عليه فقدان الدولة 4.8 مليار دولار من حصة الحكومة من إيرادات النفط والتي كانت تشكل 70 % من الأيرادات العامة للدولة و85 % من قيمة الصادرات و25 % من إجمالي الناتج المحلي الأجمالي

2. تعليق كل المانحين تمويل المشاريع التي كانت تحت التنفيذ أو التي كان سيشرع في تنفيذها وفقا لتعهدات المانحين كما ورد في تقرير الجهاز التنفيذي لأستيعاب المنح والمساعدات وقد خسرت الدولة حوالي 4.8 مليار دولار كان مقررا إستيعابها في عام 2015م

3. تقدر الفجوة التمويلية لعجز الموازنة العامة للدولة بحوالي 5.8 مليار دولار عام 2016م وهي تمثل حوالي أكثر من 25 % من إجمالي الناتج المحلي الأجمالي ، وهي طبعا لاتشمل إحنياجات ومتطلبات إعادة الأعمار

4. يقدر إنكماش الناتج المحلي بنسبة سالبة تقدر ب ( - 34.6 % ) في عام 2015م

5. وصل الإقتراض المباشر من البنك المركزي اليمني للدولة لتغطية نفقات عام 2015م إلى حوالي 84% من إجمالي عجز الموازنة العامة

6. إرتفاع رصيد الدين الداخلي من 14.8 مليار دولار عام 2014م إلى 19 مليار دولار وتفاقم عبىء الدين العام

7. بلغ معدل التضخم العام في عام 2015م على مستوى اليمن ، أكثر من 30 % أما في بعض المحافظات فقد تفاوت من محافظة إلى أخرى ، حيث وصل في تعز فقد إلى 100 %

8. تأكلت الإحتياطات النقدية من العملة الأجنبية لدى البنك المركزي اليمني من 4.66 مليار دولار في ديسمبر 2014م ، إلى أن وصلت إلى أقل من 2.1 مليار دولار منها 1 مليار دولار الوديعة السعودية ، وهي لن تفي بإحتياجات الواردات حتى لأقل من شهرين .

9. أرتفع سعر صرف الدولار مقابل الريال من 214.90 ريال في فبراير 2015م ألى 270 ريال ، ومازال مسلسل إنخفاض الدولار مستمرا بالرغم من ان البنك المركزي اليمني قد عدل سعره على 250 ريال في شهر مارس 2016م

10. يقدر حجم رؤس الأموال الوطنية إلتي هاجرت إلى الخارج بفعل الحرب حوالي 6 مليار دولار حتى نهاية 2015م ، وإغلاق حوالي 40 % من المنشآت التابعة للقطاع الخاص بعضها بسبب الدمار التي لحق بها أو لعدم توفر الأمن والأمان لضمان التشغيل ألآمن

11. غياب الكهرباء كليا عن العديد من المحافظات من الشكة العامة لمدة عام كامل ، ومايترتب على ذلك من كلف إضافية وأعباء على النشاط الإقتصادي وتأثيرات سلبية على حياة السكان

12. وجود 14.4 مليون شخص يواجهون إنعدام الأمن الغذائي و2 مليون طفل معرضون لسؤ التغذية

13. بلغ عدد السكان المحتاجين إلى مساعدات أنسانية حوالي 82 % من السكان بعدد إجمالي قدره 21.2 مليون نسمه منهم 9.9 مليون طفل و يلغ عدد السكان النازحين من مناطقهم حوالي 2.5 مليون نازح منهم 31 % أطفال .

وبالرغم من أن هذه المؤشرات خطيرة ، الأأنها لاتعطي الصورة الكاملة عن أثر الحرب على النشاط الإقتصادي والتجاري الخدمي ولا على إنعكاساتها على القطاع الخاص الذي يولد الجزء الأعظم من القيمة المضافة والتي تبلغ حوالي 60 % من الناتج المحلي الأجمالي السنوي . لذلك سأحاول أن نوجز التأثيرات لتكوين صورة إجمالية عن أثار الحرب على التشاط الإقتصادي والتجاري والخدمي وعلى السكان وذلك في الفقرات التالية :-

· أنهيار متسارع لقيمة العملة الوطنية ،مقابل العملات الاجنبية الأخرى ، وبالتالي التأثير على أسعار كل السلع المنتجة محليا والمستوردة ، وأيضا التأثير على فقدان قيمة رساميل القطاع الخاص وسيولتهم المحلية ومدخراتهم بالعملتين المحلية والأجنبية

· أرتفاع التضخم بمعدلات كبيرة ، حيث وصل إلى أعلى مستوياته منذ عشر سنوات ، مما زاد من حالة الفقر في البلد إلى أن وصل معدل السكان تحت مستوى خط الفقر إلى أكثر من 65 % من السكان ، والمتوالية مستمرة

· فقدان المالية العامة للدولة بصورة كاملة مواردها السيادية من صادراتها النفطية والغازية ، وتوقيف نفقات التشغيل والمخصصات الرأسمالية والأستثمارية لكل الوزارت والمصالح والمؤسسات العامة فيما عدى بند الرواتب وأعباء الدين الخارجي ، والتي تمول بطرق تضخمية ، الأمر الذي أدى إلى فقدان كتلة كبيرة من النفقات وعدم الدوران في النشاط الإقتصادي ، وتوقف الأستثمار بشكل كامل

· تدمرت البنية التحتية ، من منشآت مياه وصرف صحي وكهرباء وطرق وجسور وأنقطعت الخدمات المتولدة عنها لفترات طويلة ، ومازالت غير متاحة في المحافظات التي تشهد الحرب ،وبالتالي فإن تكلفة توفير البدائل لهذه الخدمات تشكل عبئا كبير على المستهلكين والمشغلين ، والمتمولين بصفة خاصة ،

· توقف نشاط المواني والمطارات ، ومازال بعضها مغلقا حتى الأن ، ونتج عن ذلك توقف أعمال ألأستيراد والتصدير ، والسفر من وإلى الخارج ، وبما يرتبط بتلك المنشآت من أنشطة خدمية مختلفة ، وأدى ذلك إلى فقدان كتلة كبيرة من السكان لأعمالها وإلى إغلاق كل الشركات العاملة في مجالات الخدمات المساندة لأعمال المواني والمطارات من شركات ملاحة ونقل وتخليص وسياحة ومكاتب سفر وخلافه

· توقف البنوك عن إستلام التحويلات الخارجية ، بعد أن علقت البنوك الخارجية التعامل مع البنوك اليمنية أكان في مجالات التحويلات أو فتح الإعتمادت من قبل البنوك اليمنية لصالح المصدرين ، وفشلت كل المؤسسات والشركات من تحويل الديون المستحقة عليها للشركات الأجنية في الخارج ، وكانت النتيجة كارثية على التجارة والأستيراد والتصدير ، حيث فقدت الشركات الأجنبية ثقتها بشركائها المحليين . وفقدت السوق الكثير من السلع ،وبالتالي شح العرض ، وأرتفعت الأسعار

· تعثرت كل البنوك المحلية ، من ترحيل سيولتها الأجنبية المكدسة لديها منذ بداية الحرب ، وحتى نهاية شهر فبراير 2016م إلى الخارج ، بغرض تعزيز أرصدتها البنكية في الخارج ، لتمكينها من تلبية إحتياجات الأستيراد ومتطلبات التحويلات الخارجية ، وأدى ذلك لعدم قدرة البنوك على إستيعاب أو قبول أي عملات أجنبية من الزبائن ، وبالتالي ظلت كتلة كبيرة من الأموال الأجنبية التي يرسلها المغتربون أو التي ضختها قوى التحالف كنفقات الجيش والمقاومة وإعادة الأعمار تدور خارج المنظومة البنكية والمصرفيه ، مما خلق مضاربات عليها اسهمت في عدم إستقرار سعر الصرف للعملة المحلية مقابل العملات الأجنبية ، أثر ذلك بالتالي على النشاط الإقتصادي والتجاري في كل حلقاته ومكوناته ، كم أن إستمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى إفلاس بعض البنوك ذات القاعدة التمويليلة الضعيفة نسبيا

· لقد تم إستنزاف الإحتياطي النقدي لدى البنك المركزي اليمني ، بشكل عشوائي ، وتحت القوة القهرية ، خلال فترة الحرب وماقبل الحرب منذ الإنقلاب على الشرعية ، إلى أن وصل إلى حد حرج جدا ، وبالتالي أفقد البنك إمكانية الإستمرار والقدرة على التحكم والحفاظ على سعر صرف العملة الأجنبية ، على الرغم من كل الجهود التي بذلها البنك للحفاظ على سعر الصرف الرسمي في مستواه قبل الحرب وقبل ذلك منذ عام 2011م . إلى جانب ماتم الأستيلاء عليها من السيولة المحلية والإحتياطيات النقدية من العملة الأجنبية - تحت القوة القهرية - تحت مبرر تسخيرها للمجهود الحربي ولتمويل صفقات شراء المشتقات النفطية المشبوهة والتي مول إستيرادها بالسعر الرسمي وبيعت بالسوق السوداء بأضعاف قيمة شرائها لصالح المتنفذين الجدد المسعرين للحرب

· شح أو إنعدام المشتقات النفطية لفترات طويلة ، ومازالت غير متوفرة في المحافظات التي تشهد الحرب. و أذا ما توفرت في السوق السوداء فانها قد بيعت بأسعار مضاعفة ، وقد أثر ذلك على التشغيل والكلفة لأي نشاط تجاري أو صناعي أو إستثماري

· لقد علقت كل المؤسسات التمويلية الإقليمية والدولية ، علمياتها التمويلية والتنموية في اليمن ، وبالتالي توقف تنفيذ كل المشاريع التي كانت تنفذ عبر التمويل من هذه المؤسسات بمافيها المشاريع الخاصة بالصندوق الإجتماعي والرعاية الإجتماعية وبالتالي فقد جزء كبير من قطاع المقاولات ، نشاطه وسرح عامليه ، وتوقفت أنشطة الصندوق الإجتماعي التنموية والإجتماعية والرعائية ، وإسهم هذا التوقيف ، في المزيد من الإعباء على القطاع الخاص ، وتثبيط دورة النشاط الإقتصادي والتجاري في البلد

· لقد أنسحبت فجأة بعد الحرب وقبيل الحرب العديد من الشركات الأجنبية والسفارات والقنصليات والممثليات الأجنبية في اليمن ، وكانت على هذه الجهات مديونيات وإلتزامات لشركات ومؤسسات القطاع الخاص وإلتزامات لعامليها ، وإلتزامات لمقدمي الخدمات إليها ، ولكنها خرجت دون تسديد تلك الإلتزامات ، وبالتالي تضرر القطاع الخاص من جراء عدم حصوله على مديونياته ، وأيضا تضرر قطاع كبير من العاملين الذين كانوا يقدموا خدمات مؤقتة لهذه المؤسسات والشركات الاجنبية ، وفقدوا أعمالهم ، وأصبحوا في قوا م المتعطلين أو البطالة

· تدمير العديد من المنشآت الصناعية والتجارية الخاصة ، وتعرض البعض منها للأضرار والنهب والسرقة خلال الحرب وبعد الحرب ، في المناطق التي تحررت ، وتعرضت المخزونات للضرر والفقدان بسبب تدمير المخازن أو السرقات أو النهب ، أو العوامل الأخرى البيئية والمناخيه أو أنتهاء الصلاحية ، ومازالت الأضرار بمختلف أشكالها مستمرة في المحافظات التي مازالت تشهد الحرب ، وهي كلفة إقتصادية كبيرة جدا قدرت بمليارات الدولارات . كل ذلك قد أثقل كاهل القطاع الخاص ، وأفقده جزء كبير من أصولة ، أن لم يكن كل الأصول بالنسبة للبعض منهم ، وأصبحوا على حافة الإفلاس التام

· أضطر الكثير من الشركات الصناعية والتجارية والخدمية نتيجة توقف أعمالها أو إنخفاض نشاطها إلى تسريح أعداد كبيرة من عمالها وموظفيها ، وبالتالي أرتفعت حصيلة البطالة إلى أعلى مستوياتها ، وقد وصل معدل البطالة إلى مستوى قياسي فاق ال50 % من القوى العاملة القادرة على العمل

· إرتفاع كلفة النقل الداخلي من المواني اليمنية إلى المحافظات وفي إطار المحافظات وبالذات من محافظة عدن ، حيث أعيد إحتكار النقل الثقيل الداخلي بعدن ، وأصبحت كلف النقل للبضائع عالية جدا ، وفي الأخير تحمل هذه التكاليف على أسعار السلع المنقولة ، وتضيف عبئا إضافيا على المستهلك

· إرتفاع أسعار كل السلع والخدمات نتيجة الإرتفاعات لأسعار كل المدخلات ( مشتقات ، كهرباء بديلة ، كلف نقل وخلافه ) ، وزبادة على ذلك ماأستحدث خلال الحرب وبعد الحرب ، من أتاوات وجبايات غير شرعية ، تحت يافطات الحراسات والحماية والمقاومة وغيرها من المسميات ، التي أثقلت كاهل الصناعيين والتجار والمستثمرين ومزودي الخدمات والمتمولين عموما ، وبالتالي في ظل حالة الفقر فإن الطلب قد أنخفض بشكل كبير على السلع المعمرة والمستوردة منها بالذات ، وأنخفض نشاط المنخرطين في تجارة هذه السلع إلى أدني مستوياته ، إن لم يكن قد أنعدم نهائيا

· الحجم الهائل من الحراك السكاني المتثمل بالنزوح المتواصل من المناطق الملتهبة بالحرب ، واللجؤ إلى مناطق أكثر أمنا ، وماتسبب ذلك من خسائر مادية وعينية في الممتلكات وألأرواح ، وإرتفاع كلف الحياة والمعيشة خارج نطاق السكن الطبيعي اكان بالنسبة للمنتسبين للقطاع الخاص من التمولين وأسرهم أو من الموظفين والعمال وأسرهم الذي يعملون لدى القطاع الخاص

· إضطرار الكثير من رجال المال وألأعمال للنزوح إلى الخارج ، هربا وكمدا مماآلت إليه أوضاع منشآتهم الصناعية والتجارية والخدمية وحتى بيوتهم الشخصية وهم يرونها أمام أعينهم تدمر وتخرب وتنهب وتسلب قبل الحرب و في ظل الحرب وهم لايستطيعون مقاومة ذلك ولايجدون أي حماية لممتلكاتهم ومنشأتهم ومساكنهم من أي جهة كانت . فآثروا على أنفسهم الخروج مع أسرهم لحماية أرواحهم وما تبقي لهم من سبل عيش كريم ، ومع ذلك فقد تكبدوا في الغربة مختلف صنوف المذلة والمهانه بسبب القيود التي فرضتها الدول ألأخرى على اليمنيين ، والكلفة العالية للأغتراب والنزوح . أما الذين كانوا في الخارج من رجال الأعمال والذي أقتضت ظروفهم العملية ، أن يكونوا في الخارج قبل نشوب الحرب ، فلم يتمكنوا من العودة بسبب ظروف الحرب وتوقف المطارات ، وبالتالي فمازالوا يعانون من مشاكل الإغتراب عن بلدهم والتكلفة العالية التي يدفعونها لقاء بقائهم في الخارج ، ويعيشون حالة قلق دائم على منشآتهم التي تعرضت للبسط والنهب والإستيلاء غير المشروع ،وبالذات في بعض المناطق المحررة تحت دعاوي باطلة أو مناطقية

· أما كبار رجال المال و الأعمال ، الذين تعود النظام السابق على إبتزازهم وحلبهم ، أو إجبارهم في المساهمة ، يصورة غير شرعية ، ولا أخلاقية في بعض الأحيان ، وفي كل الأحداث والمناسبات التي يتبناها النظام ، فقد فضلوا البقاء في الخارج هروبا من أي أبتزازات لاحقة تحت عناوين شتي لعل أهمها المساهمة في المجهود الحربي أو الإنتقام منهم بشتي الصور التي كانت مألوفة من قبل النظام السابق .



5 – المخارج والحلول لإستعادة النشاط الإقتصادي وتحييده بعيدا عن الصراعات السياسية والعسكرية:

وأمام هذا الوضع الكارثي ، ماهو الحل ؟ . لذلك في حدود رؤيتي لصيرورة الحرب ، فإني سأحاول أن أجتهد وأقترح بعض الحلول التي أراها ضرورية لمواجهة الأوضاع الإقتصادية الصعبة في اليمن ، ويمكنني تلخيص المقترخات بتلك الحلول وفقا للتسلسل التالي :-

أولا : الضغط علئ الشرعيه بكل مكوناتها الرئاسة والحكومة والمكونات السياسيه وعلئ الانقلابيين و قوى التحالف و الامم المتحده ، لوقف الحرب وتثبيت وقف اطلاق النار إبتداء من موعده المحدد في العاشر من ابريل2016م

ثانيا : المطالبة بتجنيب الاقتصاد الوطني عن الصراعات قدر الإمكان ، وتوفير كل متطلبات استعادة النشاط الاقتصادي بعيدا عن اية تاثيرات او تدخلات عسكريه أو سياسيه بمافي ذلك تحييد انشطة اابنك المركزي اليمني وكافة البنوك والمصارف المحلية وتيسيير كافة اجراءات الاستيراد والتصدير وأنشطة التجارة الخارجيه

ثالثا : ان يطلب من الامم المتحدة ودول التحالف ، ان يتم الترتيب لأجراء محادثات او مشاورات او فعاليات تحت أي مسميات أخرى بحيث تجري بشكل موازي للمشاورات السياسيه ، وبحيث تختص باستعادة النشاط الاقتصادي والتجاري والمصرفي بعيدا عن المضاربات السياسيه علئ اساس البند الثاني من تجنيب الاقتصاد وان تجري تلك المشاورات بمشاركة المختصين من رجال الدوله في طرف الشرعيه ( كوزراء التخطيط والماليه والصناعة وبعض وزراء البنية التحتيه) وممثلي دول التحالف المعنيين باعادة الاعمار وممثلي الجهات الدوليه رالاقليميه المانحه والقطاع الخاص. ويكون الهدف من هذه المحادثات اعداد خطة عاجلة وخارطة طريق تنفيذيه لاستعادة النشاط الاقتصادي وفي مقدمة ذلك اعادة اعمال المنشات المتضررة اكانت في قطاع البنيه التحتيه او في منشات القطاع الخاص لكي نستعيد الانناج والتصدير والسيطرة علئ الموارد وتوفير متطلبات التشغيل للاقتصاد من طاقه ومشتقات وضمان تشغيل وانعاش المؤسسات الوسيطة من مصارف وبنوك وخلافه

رابعا : الاتفاق في اطار المشاورات السياسيه او الاقتصادية المشار اليها في ثالثا علئ اليات وترتيبات موقته لتسيير النشاط الاقتصادي وتجنيبه قدر ألإمكان أية تاثيرات سياسيه أو عسكرية في حالة فشل الممشاورات الساسية ،

خامسا : السعي عبر الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الممولة ، إلى إقناع البنوك الخارجية لرفع الحظر عن الجمهورية اليمنية فيما يتعلق بالتعامل معها في مجال النشاط المصرفي وتسهيل عملية تحويل الأموال من والى اليمن لتمويل التجارة الخارجية وتحويلات المغتربين والتحويلات الحكومية المشروعه عبر البنك المركزي اليمني والبنوك المحلية

سادسا : السعي مع دول التحالف لإيداع ودائع مالية لدى البنك المركزي اليمني لآجال زمنية قصيرة أو متوسطة بشروط ميسرة لدعم العملة وذلك من كل من الكويت وقطر والإمارات ، وطلب زيادة الوديعة السعودية .

سابعا : سرعة التفاوض مع الشركات المشغلة لحقول إنتاج النفط والغاز ، ونقله وتصديرة ، أو شركات الخدمات اللوجستية ، بالعودة السريعة إلى عمليات الأنتاج والتصدير . وعلى الحكومة الشرعية وقوات التحالف تأمين الجانب الأمني لحماية الشركات وطواقمها

ثامنا : سرعة التفاوض مع الجهات الممولة الأقليمية والدولية كالبنك الدولي (مؤسسة التنمية الدولية ) وصندوقي النقد الدولي والعربي والصندوق العربي للتنمية الإقتصاية والأجتماعية والبنك الأسلامي وصندوق التنمية السعودي والصندوق الكويتي وصندوق أبوظبي ومنظمة الأوبك وغيرها من الممنظمات والدول المانحة ، لرفع الحظر عن تمويلاتها للمشاريع المفترض إقامتها وتنفيذها في المناطق المحررة أو المناطق التي لم تشهد الحرب ،وتأمين التمويل المباشر والسحب من القروض والمساعدات والمنح للمشاريع بإشراف مباشر من هذه المنظمات والدول وعبر إجراءات إستثنائية تحت إشراف الوزارات المعنية

تاسعا : رفع الحظر البحري والجوي عن كل المواني اليمنية والمطارات لتسهيل النشاط الأقتصادي والتجاري ، مع إستمرار الرقابة على توريدات السلاح إلى اليمن بموجب القرارات الدولية

عاشرا : سرعة إعداد الموازنات العامة للدولة على أسس جديدة تتناسب وظروف الحرب ومابعدها ، مع تحقيق الموازنة مابين متطلبات العدالة الإجتماعية والعدالة الجهوية في تحديد الموارد وتوزيع النفقات .

حادي عشر : الدعوة لجولة جديدة من إجتماعات المانحين يخصص لأعادة إعمار مادمرته الحرب في مجالات البنية التحتية ، وفي أقامة مشاريع تنموية كثيفة العمالة ، لتستوعب البطالة المتفاقمة في البلد

ثاني عشر : دعوة جميع الشركات الأجنبية والمحلية ورجال الأعمال والمغتربين ، وكل الذين غادروا اليمن قبل الحرب وخلال الحرب ، والمهاجرين من الخبراء ، العودة لليمن للمشاركة في إعادة أعمار اليمن في كل المجالات .

نأمل أن أكون قد وفقت في إستعراض الوضع الإقتصادي في اليمن على أساس إضاءات (Hints ) وليس تحليلا معمقا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.