كلنا نعرف أن الكثير من الفلاسفة والعلماء لا يؤمنون بالله ، لكنهم أنتجوا معرفة وأفكاراً مازالت حية وتجعلهم حاضرين رغم غيابهم ، إلحادهم لم يمنعهم من أن يكونوا إنسانيين أو ينشغلوا بهمومها ، بحب كبير وصدق قل نظيره ، لكن ماذا أنتج لنا ملحد اليوم ، طبعا لم ينتج إلا ما أنتجه مسلموا اليوم ، الفوضى والتطرف. فكما يعتبر أغلب المتأسلمين الدين مجرد طقوس ، يغيب فيها الجانب الروحاني والإنساني ، فكما أصبح الدين ترفا أصبح الإلحاد كذلك ترفا ، أغلب الفوضوية اليوم يعلون صوت إلحادهم كمظهر من مظاهر تفردهم وقوتهم. ولا أعرف أي قوة يتبجح بها جراد نتن يختبىء في المراحيض ليأكل والناس صيام ، ويبرر هذا بأنه محروم من حريته في الأكل بسبب تطرف المسلمين ، والحقيقة هي أنه لا يجرأ على الأكل أمام أمه وأبيه وإخوته ...، إنه لا يستطيع ذلك لأنه في الحقيقة جبان وليس منسجما مع قناعاته ، يفترض أن يكون أقوى بما أنه لا يعترف بسلطة الله عليه ، ومن الغريب أنه يرفض سلطة الله ويقبل سلطة إنسان آخر مثله لن يسمنه أو يغنيه من جوع. إن ما أسعى لقوله هو أنه لا يهم أن تكون مسلما أو ملحدا ، لكن مهم جدا أن تكون منسجما مع قناعاتك ، أن تكون إنسانيا ، حاضرا من أجل الخير ، وأن تكون قويا بما فيه الكفاية لتتحمل مسؤولية اختياراتك في الحياة كيفما كانت. دعوني هنا أتحدث عن ما قامت به إلهام مانع في أحد مساجد سويسرا ، فهو عمل إستفزازي أكثر من العمل الذي قام به الرسام الدنماركي ، فالرسام الدنماركي عبر بالإساءة إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في مكان عام ، بينما إلهام مانع إستفزت الله وأهانت الصلاة وتم عزف الموسيقى بين الخطبتين في بيت الله ، وهذا لم يحصل في أي بلد إسلامي أو غير إسلامي منذ هبوط الإسلام إلى يومنا هذا. فمن يمارس هذه الإستفزازات هو من يجلب التطرف ، فالمتطرف والإرهابي ليس من يعتنق إسلاما متطرفا. التطرف والإرهاب متجذر في عقول وقلوب الكثير من الملحدين والعلمانيين والليبراليين ..، لأن هذه الاسماء التي اتخدوها لأنفسهم بعيدة كل البعد عن حقيقتهم ، فكل إنسان بعيد عن نفسه ، وليس منسجما معها هو مشروع إرهابي ، نعم إنه كذلك لأن التطرف يولد في الفجوة التي بينه وبين نفسه!!