الإنسان طبعه اجتماعي لا يستطيع العيش بمفرده لأنه كائن حي متحرك يؤثر ويتأثر بواقعه المحيط به، ويتفاعل مع الأفكار التي ترد إليه من خارج محيطه ويفندها ويحللها جيداً.. وبالتالي تصبح لديه القدرة على التعامل مع الواقع ومع الآخرين، وإن لم يكن بحسب مايرتضيه كون إرضاء الناس غاية لا تدرك، وتاريخ البشرية مليء بالأحداث التي توضح - بدون شك - أن الناس لم يحدث قط أن أجمعوا على شيء واحد أو كانوا على موقف واحد.. وإن استطاع أحد أن يأتي بشيء نافع رضا الناس جميعاً .. ولهذا السبب تجمع في قاموس حياتنا اليومية إلى مفردات الكلمات كاللين والمراوغة والمرونة والمجاملة وصيغ التعامل وعقد الأقوال والأفعال في المجتمع حتى يترك للأفكار والآراء التي يوافق عليها للدراسة والتعليل والتحليل ومرور حرية الكلمات المهذبة والصادقة وتحت مظلتها الدافئة التي تأتي بالسلامة. .فالإنسان يعيش تحت مظلة السلام ولا بد أن يتقبل بعض مايفرض عليه من مجتمعه من افكار قد لايرتضيها أو آراء قد لاتكون موافقة لآرائه.. فالعودة الى قبول رأي الآخرين والحوار هما الوسيلتان اللتان تحل بهما كل هموم المجتمع ومقتضياته، حيث والإنسان يعيش مع الآخرين بأخلاقه وسلوكه وتواضعه وليس بثروته وقوته وذكائه، وفي الوقت نفسه لابد أن يجامل من حوله إن كان ذلك في حدود المعقول وانسجاما مع الأعراف والعادات والتقاليد الجيدة، وبالفعل لاتكون قطيعة مع الآخرين، وهذا يحتاج الى التحلي بالأخلاق العالية والتسامح والمثل العليا والمرونة.. وهل كل ما يرونه ويمرون به في اي مجتمع صالح في حدود المجاملة؟ الجواب: لا بالتأكيد، فليس هنالك مجتمع يتسم كل أفراده بطيب السلوك والأخلاق.. ونحن نعرف أن لنا عادات وتقاليد قيمة لا يمكن إغفالها كالصدق والتعاون والصراحة والتصالح والتسامح وإعطاء كل شيء حقه من الأخلاق دون مغالاة أو ضبابية، ويجب الإعراض عن النرفزة والهستيريا والتعالي والغرور وضيق الصدر والديماغوجية وإخضاع كل شيء للمرونة والحوار وقبول رأي الآخرين واحترامها بدلاً من الابتعاد ولبس الأقنعة المزيفة المتعددة التي تظهر شيئا وتبطن شيئا آخر، والثناء والمدح والتزلف محل النقد البناء والهادف.. وجميعنا يناضل من أجل أن نبني ولا نهدم.. وانطلاقاً من قاعدة "سر مع التيار" فيما يخص الظاهر.. أما المبادئ فلتقف مكانها مثل الصخر، والإنسان يعزز ثقته بنفسه وهي الأساس في مصادر القوة وفي الحياة، وكفيلة بإزالة الحواجز والكراهية. نحن بأمس الحاجة إلى تضافر الجهود والتشمير عن السواعد ورص الصفوف لمواجهة تحديات الواقع والخروج من مطباته المعقدة، سعياً لانبلاج فجر وعصر جديد، أساسه المتين التسلح بالعلم والمعرفة الثقافية والتطور والنهوض والازدهار وإذكاء حياة الغد المنشود التي ترتضيها الجماهير وتتوافق مع مصالحها باعتبارها صاحبة التحولات الثورية والتغيرات والأساس القوي في البناء والتغيير في أي مجتمع كان.. ولنسير سويا للوصول إلى كل ما نصبو إليه من التحرر والتقدم والتطور والبناء والنماء على حد سواء.