كتب عبدالله ناصر الفوزان مقالاً بعنوان ( الانفصاليون خطر يهددنا ويهدد اليمن) نشرته صحيفة الرياض السعودية؛ هاجم فيه الشعب الجنوبي الذي قرر تحرير بلاده واستقلاله، فجانبه الصواب في مطلع المقال عندما قال (هم موجودون منذ بدأت عاصفة الحزم وأفعالهم وأقوالهم تكشف نواياهم..... إلى آخر الفقرة) فالصواب أنَّ الجنوبيين من عشر سنوات قبل عاصفة الحزم وهم يقولون -وعلى رؤوس الأشهاد- سوف نحرر وطننا من الزيدي ولو استمرت ثورتنا إلى يوم القيامة، قالوها بنصوص قطعية الدلالة غير قابلة للتأويل، وخطها شعراء بأحرفٍ من نورٍ ونار منذ 2007 ، قال أحدهم:- والله ورب العرش ما نخضع للطاغي الفاسد و أعوانه لو السماء من فوقنا تولع والكون يتزلزل ببركانه أو يهدمون البيت بالمدفع ولا حميد وأحمد يهجم و أركانه المؤمن الصنديد لا يركع إلَّا لرب الكون سبحانه والله بعد اليوم مانرجع لو يفتحوا مليون زنزانه ياما نصحنا إنسان ما يسمع كلما نصحناه زاد طغيانه ثورة قرعنا الطبل والمرفع والشعب يتقدم بفرسانه الشعب كله قال لك برع يا من فقد قدرة و ميزانه اليوم يا شعب الجنوب أنزع حقك وجهز للعمل زانة نعيد دولة والعلم يرفع من فوق صيره يوم إعلانه والظاهر أن الأستاذ الفوزان وأمثاله كثير لم يكونوا ينظرون جنوب جزيرة العرب، أشغلهم النظر إلى الشمال حتى حلَّت الكارثة في جنوب الجزيرة وشمالها، فتخلى عن العروبة أهل الشمال وتمسَّكوا بإيران فأهين العرب في العراق والشام، ونحن في الجنوب العربي تمسكنا بالعروبة ورفعنا قدرها، وقدمنا معركة الإرادة العربية بقيادة السعودية ضد الإرادة الفارسية على معركتنا القطرية "تحرير الجنوب"؛ فقاتلنا مع التحالف العربي وحققنا له نصره الوحيد في الصراع مع الفرس؛ فجازونا بتهكم معلن كما كتب عبدالله الفوزان وتآمر خفي لم تظهر قرونه بعد.
وقال الأستاذ الفوزان (الانفصاليون يريدون أن تعود دولة اليمنالجنوبية دولة قوية أمام دولة الشمال) فجانبه الصواب أيضا؛ لأننا ننظر للأخوة في الشمال أنهم إخوتنا، نحب لهم الخير كما نحب لأنفسنا، أردنا تحرير أنفسنا وتحريرهم من سلطة فاسدة ظالمة عميلة، فرفضوا وتمسكوا بها، وساروا خلفها في استعمارها واستبدادها وشاركوها نهب الجنوب.. وعندما قامت ثورة التغيير في 11 فبراير 2011 اسقطوا عفاش وتمسكوا بكل منظومة الظلم والاستعمار في السلطة "اللصوص والفاسدين والقتلة"..
وجاءت المبادرة الخليجية واستبشر الجنوبيون خيراً بها؛ لكن منظومة الظلم والاستعمار جرَّوا البلاد إلى الحرب والهلاك..!! فماذا نفعل للأخوة في الشمال إذا أرادوا الخنوع للظلم والاستبداد..؟ هل نفعل مثلهم ونصبح أدوات رخيصة بيد إيران..؟ لا والله ؛ فقاتلنا وذدنا عن بلادنا قبل عاصفة الحزم؛ عندما أقترب جيش الحوثي والمخلوع من حدود الجنوب في يافع كنا قد جهزنا خط دفاعي تمركز فيه 5000 مقاتل محترف، وضخ أبناء يافع ملايين الدولارات من كل أصقاع الأرض لشراء الزاد والزناد، فعاد العدو من حيث أتى.. وعندما أحتلوا عدن ولحج في فجر 25 مارس 2015 وتحولت السلطة بكل منتسبيها (جيش وأمن وموظفين) إلى الصف الإنقلابي أو هاربين في الخارج خرج شعبنا في صباح ذلك اليوم المجيد؛ تقدمتهم عدن وأهلها الشجعان؛ فكسرنا الرتل الأول للعدو والمكون من وحدات الأمن الخاصة وقضينا عليه بحدود الساعة 21 مساء ذلك اليوم، وأوقفنا لواء القوات الخاصة حرس جمهوري في مدخل عدن بين منطقتي اللحوم وجولة الكراع.. وعندما انطلقت عاصفة الحزم الساعة 2 فجر يوم 26 مارس 2015 كان الجنوبيون قد حكموا ساحة المعركة، وامتصوا الهجوم الأول للعدو، ويستعدون لمعركة تحرير طويلة، ولم يضعوا في حساباتهم تدخل عربي أو غيره.
أمَّا أننا نريد أن نعيد دولتنا الجنوبية قوية فنعم؛ ولكن ليس ضد أي دولة عربية أو إسلامية، بل نريدها قوية من أجل الإسلام والعروبة.. ليس أقوى من الشمال كما قال الأستاذ الفوزان؛ بل أقوى بكثير جداً، جداً جداً، أقوى من كوريا الجنوبية ومن ماليزيا ومن البرازيل ومن تركيا، هذا أملنا وطموحنا، وسوف نناضل لتعود عدن الميناء الأول في العالم كما كانت قبل 70 سنة، مركز التجارة العالمية، كانت أهم مصانع السفن عندما كانت كوريا الجنوبية لاتعرف السفن ونأمل أن نسبقها.. ونتطلع لتكون الجنوب دولة عربية قوية حرَّة في قرارها فتكون إضافة مؤثرة إيجاباً في قوة العرب كما كانت في الحرب العربية الإسرائيلية؛ عندما قرر جلالة المغفور له الشهيد الملك فيصل قطع البترول عن الدول الداعمة لإسرائيل بعد عدوان 1967 كانت البحرية الجنوبية قد أغلقت باب المندب وحولت البحر الأحمر إلى بحيرة للعرب وسملت المضيق للبحرية المصرية؛ فإذا كانت إسرائيل اعلنت حرب حزيران 1967 من أجل فتح مضيق تيران وخليج العقبة لكنَّها عجزت عن إعلان حرب لفتح مضيق باب المندب والبحر الأحمر، لماذا..؟ لأنها كانت تعلم أن هناك دولة عربية لديها اسطول بحري قوي سيكسر ظهرها إذا أنضم للبحرية المصرية.
وكرر الأستاذ الفوزان أن عودة دولة الجنوب خطر على المملكة والخليج فجانبه الصواب؛ وأقول بكل وضوح لو كان الجنوبيون خطر عليهم "كما يقول" ماكانوا قاتلوا إلى جانب التحالف، كانوا إمَّا وقفوا مع الطرف الإيراني أو التزموا الحياد حتى يهلك الطرفان وينقض الجنوبيون على البلاد ويعلنوا دولة الجنوب.. لقد انضم الجنوبيون للتحالف أخوةً وحباً للسعودية والخليج والعرب، حرصاً أن لايهزمهم اتباع إيران، أنضم الجنوبيون جميعهم حتى الذين كانت تدعمهم إيران منذ 2012 تخلوا عنها؛ والقادة والجنود الذين دربهم الإيرانيون وحزب الله وجماعة الحوثي تحولت بنادقهم إلى نحورهم، قالوا (حالفناكم ضد نظام صنعاء الاستعماري، أما السعودية فلا والله لن نكون إلَّا معها)
ختاماً أقول: اتمنى على صحيفة الرياض الإعتذار عن نشر ذلك التهكم والإزدراء، حتى لايفهمها الآخرون أنَّه "موقف رسمي سعودي" فيطلقون ألسنتهم وأقلامهم ضد الجنوب، فينسحب الجنوبيون من معركة تحرير الساحل الغربي والحديدة ومن معركة صعدة، فالشعب الجنوبي ليس ال"200" سياسي في السلطة الشرعية بل هو "10" عشرة مليون حر لن يقبلوا الهوان.. وهم أصحاب القرار في بقاء الوحدة أو إعلان دولتهم المستقلة، وهم الذين يحددون موعد إنفاذ قرارهم.. وكما قاتل أبناءهم بتضحية وشراسة في معركة الإرادة العربية سيقاتلون بأكثر شراسة وتضحية في معركتهم الوطنية، بل سيكونون أشد قسوة وضراوة.. وأي دولة تخطط لجعل الجنوب كرت تسوية مع أعدائها سوف تخسر، فالشعب الذي قاوم -بالسلمية والبندقية- سلطة صنعاء أكثر من 20 عاماً قادر على مقاومة غيرها عشرات السنين.