قال الزعيم جمال عبدالناصر (قصص كفاح الشعوب ليس فيها فجوات يملؤها الهباء، أو كذلك ليس فيها مفاجآت تقفز إلى الوجود دون مقدمات.. إن كفاح أي شعب جيلاً بعد جيل، بناء يرتفع حجراً فوق حجر) .. وتشكيل المجلس السياسي الجنوبي لم يسقط من السماء "كما يصوره البعض" بل كان نقلة مفصلية في مسيرة الثورة الجنوبية، نختلف في بعض تفاصيلها، لكننا نتفق على مضمونها، ونصطف جميعاً لمساندتها.. ويمكن اعتبار "إعلان المجلس" اختبار جنوبي لقوة ثورتهم، وتنظيمها، ومدى قبول بعضهم ببعض.. أو رسالة استعراض قوة أمام التحالف كي يعرف أنَّ الجنوب ليس فرع من الشرعية بل هو الأصل، وعلى التحالف العربي إعادة رسم خريطة التحالفات، وإعلان المجلس عضو في التحالف نيابة عن الشعب الحنوبي.. لكن المؤسف أن الموقف الضبابي للتحالف من المجلس أنسحب على القضية الجنوبية؛ فتطاول عليها سفهاء السلطة الشرعية، فوسموا خيار الشعب بالتحرير والاستقلال بأنَّه (انقلاب كالانقلاب الحوثي العفاشي) ، مستقوين على الجنوب بالتحالف.. وهنا لم تعد القضية قضية "المجلس السياسي" بل قضية وطن، والشعب الجنوبي ملزم بالخروج بكل فئاته.. وحتى لولم يتغير موقف التحالف فهذا لايهم بقدر أهمية تعزيز لحمة الصف الجنوبي، وكما قال باني الصين الحديث رئيس الوزراء شوان لاي [لايهم أن ينكر الآخرون وجودنا، لأن التجربة سوف تعلمهم، سوف يأتي يوم -مهما طال الوقت- يجيئون فيه إلينا معترفين بوجودنا. مع العلم بأن وجود أي قوة لايتوقف على اعتراف الاخرين بها ، وإنما يتوقف على اليقين الذي تجده داخل نفسها] فعززوا اليقين بوجودكم وقوتكم واصطفافكم. والحشد الجماهيري في 21 مايو 2017 نقلة مفصلية في تاريخ الثورة الجنوبية، لايقل أهمية عن إعلان المجلس السياسي.. فإذا كانت مظاهرة مليونية حقيقية فهي نقلة ثورية إلى الأمام والنجاح، وإذا كانت حشد عادي فسوف يترتب عليها مواقف دولية سلبية من القضية الجنوبية.. إن مظاهرة 21 مايو 2017 ليست كمليونيات 21 مايو خلال السنوات الماضية.. فهو يوم مفصلي في تاريخ الثورة الجنوبية، يأتي في مرحلة يخوض الجنوب معركة سياسية عظيمة، لانتزاع اعتراف التحالف والعالم بممثل للقضية الجنوبية، فإذا لم يعترفوا بممثل، سيعترفون بقوة الشعب الجنوبي، وفي كلا الحالتين يحقق نصر ومكسب مهم في مسيرة الثورة الجنوبية.
وهناك هدف آخر لايقل أهمية عن الاعتراف بالممثل السياسي، وهو توجيه "ضربة كف" للسلطة الشرعية التي لم تتوقف عن التآمر على كل ماهو جنوبي، واستأثرت بالسلطة لنفسها، واستأسدت على الجنوبيين الذين حققوا النصر الذي أعادها من العدم، بينما هي في الحقيقة قصر من الخشب نخر عظمها ولحمها سوس الفساد، وأمام أي عاصفة ينهار وتذروه الرياح، سلطة عاجزة في جبهات القتال أمام العدو الحقيقي.. و"الكف" رسالة للشرعية (هل تفيق وتعطي الجنوبيين "من ذات نفسها" حقهم بنصف السلطة المركزية أم ينتزعوها..؟) لاتهم الإجابة؛ فالواقع يقول أن الجنوبيين يستطيعون توجيه رصاصة الرحمة لها متى شاءوا، وتنتهي.
ختاماً أقول؛ 21 مايو 2017 هي إعلان اصطفاف شعب في مواجهة تآمر رهيب عليه وعلى وطنه. ولابدّ أن يكون الحشد الجماهيري أعظم من كل المليونيات التي حشدها شعبنا خلال السنوات الماضية.. حشد شعبي ليس لأنصار المجلس الانتقالي، بل للشعب الجنوبي قاطبة من حوف إلى باب المندب..