تفتقد الساحه اليمنيه خاصة والعربيه عامة - الا فيما ندر - الى الدور الاعلامي الحر الصادق , واصبح البث العربي المباشر الفضائي والخاص , تسيره اجنده خاصه قد تكون سياسية او رأسماليه او مجتمعية خاصه , تدير دفة الاعلام وتوجهه حسب الرغبات والاجنده الخاصه , بما يعود بالنفع الكبير على هذه الفضائيات في تجنيد العقول البشريه المتسمره خلف الشاشات الصغيره , وتستثمر العنصر البشري العام في خدمة توجهاتها وارائها بما يخدم المصلحه الخاصه قبل العامه لهذه الفئات والطبقات التي غالبا ما تكون راسماليه جمعت النفوذ السياسي والمالي والتجاري , وتبوأت مقام عال وخبرت فن الاستثمار التجاري والاقتصادي لتوظفه بشكل او بآخر في الاستثمار البشري , واستغلال النفوذ في تسيير محرك السياسه وبوصلتها المتارجحه بين الحقيقه واللاحقيقه في نشر الاخبار والتوعيه الاعلاميه , والسيطره على كافة التوجهات والاصعده الشبابيه والارادات الشعبيه والجماهيريه . فافتقدت بذلك مصداقيتها وثقة جمهورها بها , ليس اليمن فحسب من يعاني من هذه الظاهره الاعلاميه الوبائيه المتفشيه الطاغية , ولكن العالم العربي والغربي أجمع تتقاذفه مصالح الاقطاعات الاعلاميه , وتدير محركاته ووسائله اللوبيات المنظمه الراسماليه لخدمة مطامعها , وتلبيه لتوجهاتها السياسيه والفكريه والثقافيه , في صنع عالم خال من العقبات الرافضه للاحتكار المالي والبشري والسياسي المتفاقمه نتيجة الازمات العالميه المتكرره تباعا في عالم تسوده المصالح , وتحرك عجلته السياسات وتجند وسائل الاعلام المرئيه والمسموعه والمقرؤه لتذليل الصعاب وكبح جماح نهضة الامم وتحررها من الدكتاتوريه الاعلاميه .
قناة سهيل انتهجت هذا النهج المريض وناءت بنفسها عن المصداقيه والحيادية في نقل الخبر ورأي الشارع العام ونقل الصورة الحقيقية لما يجري في ارض الواقع , وترجمة ظروفه واحداثه الترجمه الصحيحه الواقعية , وخرجت بمفهومها الاعلامي الحر الناضج , لتصبح مثلها مثل غيرها من الفضائيات الدائره في فلك الفضاء مجرد وزوبعات اعلاميه عقيمه , تخدم توجهات سياسيه يسخرها اصحاب النفوذ والمال لخدمة اجندتهم الخاصه , كانت بدايات سهيل نجما يمنيا صاعدا في الفضاء اليمني الحر , وعلى خطى مسيرتها الاعلاميه وعمرها القصير نبغت في عالم الفضائيات كواحده من افضل القنوات مشاهدة ومتابعه , وزاد ذلك التألق الكبير والوهج الاعلامي منقطع النظير إبان الثورة الشبابيه السلميه في اليمن , فكانت نبض الشارع الحي , وعينه الصادقه التي تنقل الحقيقه بحذافيرها وتفاصيلها ورتوشها الضمنيه والخارجيه , فكانت بالنسبه للمواطن اليمني نقله نوعيه كبرى في عالم الرأي والرأي الاخر , والتعبير وترجمة معاناة الشعب اليمني , ونقل صوته للخارج في تحد مذهل وصادق للحرب الاعلامية الضروس , التي تشنها القنوات الرسميه ضدها , تلك القنوات التي فقدت دورها الاساسي والوطني , وصارت بوقا للاسره الحاكمه وللنظام البائد , ومحركا فعليا لاشعال الفتن وقلب الحقائق , وتسخير الامكانات المهوله في خدمة الزمرة الحاكمه متناسية انها صوت الشعب الاول وملكا للشعب .
كانت قناة سهيل وهذا حالها الصوت الشعبي والثوري الحر والمعارض , وبذا كانت رائده فعلا في عالم الفضائيات , ولكن لكل شئ اذا ماتم نقصان , حتى وقت ليس بالبعيد ومنذ توقيع المبادره الخليجيه وما شابها من تغيرات وتحولات جذرية سياسيه فرضت الامر الواقع على الشعب الثائر وواقع الوطن بكل تجاذباته واحداثه , بدأت سهيل تجر ذيولها للتغيير والتحول في اللهجة الاعلاميه مغازلة النظام السابق برموز فسادة وعتاولة إجرامة , ومحاربة للصوت الشبابي الحر , الذي كانت حتى الامس القريب تغرد به الاناشيد الثوريه والحماسيه , وتشحذ الهمم وتغذي الطاقات الشبابيه للاستمرار في المسيره التصحيحيه والتغييريه حتى تحقق ثورة الشباب كامل أهدافها , اصابها الركود وافل نجم سهيل قبل بزوغه , وثار الشارع على تغطياتها وموادها وبرامجها الشبه ميته نوعا ما , وخف وهجها الاعلامي نتيجه حتميه متلازمه للخروج عن مبادئ الشعب وخياراته العظمي وتطلعاته بأزالة الفساد , واجتثاث رموزه واقتلاع مكوناته , وفي خضم هذه التغيرات الحاصله لمسيرة القناه بما يخدم الحكومه التوافقيه للنظام المشترك , صارت لهجتها الاعلامية اشد خفة عما قبل , وطريقة طرحها للامور اصبح فيه الكثير من المحاباه والمجامله , والتلون الاخباري المقيت والتناغم الايقاعي مع الفضائيه اليمنيه , فصار دورهما الاجمالي مكملا لبعضه البعض , و كما كانت حكومة توافقيه في ظاهرها اصبحت الان شاشه توافقيه وخدميه اخباريه واحده ومنظومة متكامله , وصارت تغطياتهما وصوتهما واحد , حتى يتهيأ للمشاهد الكريم ان كل قناه هي الاخرى لولا الشعار الموسوم على جانب الشاشه لثبت العكس , وفي ظل التمادي الحاصل ذهبت قناة سهيل الى ماهو ابعد انها اليوم تحارب الثورة صراحة اكثر مما تخدمها , وتسعي بذلك لشق الصف الثوري وزخمة المتنامي , وبث روح الفرقه , وتأجيج الفتن بين مكونات الوطن الواحد , وتقف ضد الارادة الشبابيه الحره بمختلف وجهات نظرها الثوريه , وتتهم البعض بانهم مدعومين من دوله ما , ويخدمون توجهات لجهة ما , ومتهمة الشباب الثائر المستقل بالتخوين والعماله , والسعي لجر البلاد الى مربع العنف , وانهم ضد الانقاذ السلمي للبلاد في ظل راية المبادره الخليجيه .
هكذا في ليلة وضحاها اصبحت الشعارات الرنانه الثورية وشريط الاخبار العاجله على قناة سهيل مجرد مزايدات اعلاميه رخيصه لا اقل ولا اكثر , واصبح الشباب الثائر مجرد فقاعات ثوريه واهمة بالحريه وتحقيق الاهداف الثوريه وفي آخر الصفوف المتلاحمه , واصبح الصوت الوحدوي الحر مجرد صوت يدعو للفرقه والفتنه بين ابناء الوطن الواحد , انها السياسه الملعونه من تجعل الحرباء الاعلاميه تتلون الف لون ولون حسب المصالح والاهوآء و المقتضيات والغايات السياسيه المرجوه من تحقيقها , وسهيل تحذو حذو اكثر المواقع الالكترونيه والصحافه الاخباريه الحزبيه الغير مستقله , التي تحجم عن نشر صوت الشباب وترجمة تطلعاته وطموحه .
فالمواقف تبدلت والاحوال تغيرت , والربيع العربي ولى و اصبح شتآءا قارسا , والخريف المتساقط لرموز الفساد ومنظومته الاداريه يجب ايقافه - حسب رأي القناه - لان في ذلك مدعاه لافشال المبادره , ان المتنطعون خلف كواليس السياسه لا زالوا يحلمون بمواقع قرار جديده , ومناصب مرموقه ساميه , صاغتها لهم همم الشباب الثائر والثوره المباركه ,وتضحيات الشهدآء وانتفاضه الشعب اليمني من اقصاه الى اقصاه , , وتطلعاته للحريه والعداله والمواطنه المتساوية , وكانت اهم نتائج الثوره ميلاد هذه الحكومه التوافقية التي كافأت الشباب بنكران الجميل والعرفان , وانقلب السحر على الساحر , في اكبر صفقه تآمريه سياسيه يشهدها التاريخ اليمني المعاصر , تحالف مراكز قوى المعارضه والسلطه معا لضرب اعظم وانبل ثوره سلميه شبابيه يشهدها التاريخ المعاصر .
وهذا ما بدا جليا و واضحا إبان مسيرتي الحياه والكرامه حيث افتقدت قناة الثوره سهيل مصداقيتها واصبحت على المحك , وفي ظل الانتقاد المتفاقم للدور الاعلامي للقناه حينها , طالعتنا القناه باعتذار باهت لعدم التغطيه لعدم توفر الامكانيات ووسائل البث المباشر والمرافق للمسيره خلال تنقلاتها .
وهذا ما يجعلنا نتسائل بمرارة عن الدور الاعلامي الخفي الذي تلعبه وسائل الاعلام اليمنيه عامة والمحليه خاصه , ومدى تأثيرها على الشارع والوطن ككل , مما حذا بالكثيرين لتناقل الاخبار ومصادرها من مواقع مختلفه ومن قنوات خارجيه محايده , تنقل الاخبار بحياديه ودون تعصب ما , وبذا فقد المواطن اليمني ثقته في اعلامه المحلي , وصار دأب الشباب الثائر ان يكتسب الاخبار والتحليلات ويتناقلها من مواقع الشبكه العنكبوتيه , ومواقع اليوتيوب , وشكل الشباب في نشاطاتهم وهمتهم العاليه في تناقل الاخبار والتدوين والنشر منظومة اعلاميه بديله ومتكامله , تطرح الرؤى والتصورات , وتنشر المقالات والتحليلات والخطط الشبابيه , وتنظيمها التنظيم الدقيق بفعاليه عاليه , بعيدا عن تأثير الفضائيات , وتسلطها الاعلامي , وحكرها البرامجي والتوعوي , فكان الشباب ورغم امكانياته البسيطه والمتواضعه ينقل بالهاتف النقال الصوره من موقع الحدث , وينشر الخبر من موطنه الصحيح وفي فاصله زمنيه سريعه ومباشره , وقبل ان تطالعنا الفضائيات بخبرعاجل ملون حسب مزاجها السياسي والاخباري , كان الأغلب حينها قد تابع الخبر بحياديه مطلقه ومصداقيه عاليه ,, ربما لايسع الوقت هنا لسرد دورالشبكه العنكبوتيه وتأثيرها الاخباري والثوري الشبابي , ولكن لربما في مقال لاحق , ساستطرد فيه بصوره معمقه اكثر , عن الدور الثوري للشبكه العنكبوتيه ومواقع التواصل الاجتماعي , بعيدا عن هيمنة الفضائيات وفرض الأرآء والتسلط الاعلامي !!