تنتشر وباستمرار اخبار ومعلومات عن وجود فساد واختلالات في ملف المساعدات والاغاثة الانسانية . ويرجع المتابعين اسباب ذلك الى غياب الشفافية و الرقابة والمحاسبة في هذا الملف الحساس والهام والذي يعتبر من ضمن اسباب تدهور الوضع الانساني . وبالرغم من انتشار تلك الاخبار والمعلومات وخطورتها في انخفاض حجم المبالغ المقدمة من الجهات المانحة والمخصصة للإغاثة والمساعدات الانسانية بمبرر عدم الشفافية وشبهات وقوعها في مستنقع الفساد لكن ؟ للاسف الشديد ان الجميع يتنصل عن مسؤوليته واختصاصه . حيث لم نجد اي تصريحات توضح تلك المعلومات او تشير الى قيام الجهات المختصة بالتحقيق والتحقق من ذلك واتخاذ إجراءات الرقابة والمحاسبة بتعزيز الشفافية الشاملة واتخاذ إجراءات وقائية لمنع تكرار الفساد في ملف المساعدات الانسانية والاغاثة والذي يؤثر سلبأ على جهود الاغاثة والمساعدة ويؤدي الى احجام المانحين عن الاستمرار في تقديم المعونات وتوقف الاخرين من المشاركة في تقديم العون والمساعدة وفقدان الثقة بين اطراف المساعدة الانسانية والاغاثة من مانحين واجهزة رسمية ومنظمات مجتمع مدني وفئات مستهدفة من العون والمساعدة والذي سيكون فقدان الثقة كابح ومعيق للجهود الانسانية . وبمراجعة المنظومة القانونية الوطنية تبين لنا ان الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة يختص بالرقابة والمحاسبة على المساعدات والاغاثة الانسانية حيث نصت المادة (7) من قانون الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الفقرتين ( ط , ي ) على : ( يمارس الجهاز في مجال الرقابة المالية على الجهات المنصوص عليها في المادة (6) من هذا القانون الاختصاصات العامة التالية : - ط . مراجعة القروض والسلف والمساعدات والتسهيلات الائتمانية التي عقدتها الدولة او احد الجهات الخاضعة لرقابة الجهاز وفحص الوثائق والمستندات والعقود والاتفاقيات المتعلقة بها والتأكد من قيدها في الدفاتر والسجلات سواء في حالة الاقتراض او حالة الاقراض وعلى الجهاز التثبت في الحالة الاولى من توريدها للخزائن العامة او مخازنها والتحقق من فعالية استخدامها في المجالات المحددة لها والتثبت في الحالة الثانية من تحصيل وتوريد اصل القرض وفوائده الى الخزائن العامة في المواعيد وبالشروط المحددة في العقود والاتفاقيات الخاصة بها . ي . مراجعة المنح والهبات والتبرعات المقدمة من او الى جهات محلية او خارجية للتأكد من اتفاقها مع القوانين واللوائح والقرارات النافذة ومراعاتها للقواعد المعمول بها والشروط الواردة في العقود والاتفاقية المتعلقة بها .) بالرغم من النص الواضح على اختصاص ومسؤلية الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة على الرقابة والمحاسبة على جميع برامج ومشاريع المساعدات الانسانية والاغاثة الا ان الواقع مازال ضبابي ولانعرف هل الجهاز يقوم بدوره القانوني في هذا الموضوع ام لا ؟؟ ان كان يقوم بدوره فما الذي عمل ؟؟ واذا لم يقوم بدوره فلماذا وماهي الاسباب ؟ الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة يعتبر ارفع الاجهزة الرقابية ويمتلك كوادر وصلاحيات قانونية واسعة وفروع في جميع المحافظات لو تم تفعيلها لتجاوز الوطن الكثير من المعيقات . في احدى النقاشات الجانبية مع احد الاصدقاء المهتمين بموضوع المساعدات والاغاثة الانسانية والبرامج والمشاريع الممولة من منظمات وجهات مانحه دولية وجهت له سؤال ؟؟ هل هذه الجهات المانحة والمنظمات الدولية لديها إدارات واجهزة رقابة ومراجعة ؟؟ اجاب وأوضح بان لديها إدارات رقابة ومراجعة داخلية عملاقة وقوية ولا يكتفى فقط بالرقابة والمراجعة الداخلية بل ايضاً تم التعاقد مع شركات عالمية لتقوم بالرقابة ومراجعة جميع اجراءاتها ويتم رفع تقارير تفصيلية بجميع التجاوزات والاختلالات والفساد الى ادارة المنظمة او الجهة المانحة والمفترض ان يتم إحالة الى وقائع اختلالات او فساد الى المحاسبة والمسائلة ولكن ؟ يفيد صديقي بان جميع التقارير عن اختلالات المساعدات الانسانية والاغاثة تتوقف وتتجمد في الإدراج وتتكرر باستمرار بمبررات متعددة اهمها عدم وجود شركاء اخرين وعدم ووجود اليات وبدائل وأردف قائلاً مازحاً مثلها مثل تقارير الاجهزة الرقابية الرسمية . انا تساءلت لماذا لم يقوم الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بدوره القانوني في الرقابة والمحاسبة في هذا الموضوع ؟ او على الاقل المطالبة بنسخة من هذه التقارير واتخاذ الإجراءات القانونية بصددها بلا تمييز ولا استثناء وبسرعة وفعالية . لو تحقق ذلك وقام الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بدوره القانوني على جميع عمليات المساعدات والاغاثة الانسانية لتعالجت كثير من الاختلالات وتوقف الفساد الذي ينخر ملف المساعدات الانسانية والاغاثة باستمرار . واجب الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة لا يتوقف فقط عند الرقابة والمحاسبة اللاحقة بل ايضاً له صلاحيات الرقابة المصاحبة خلال فترة تنفيذ المشاريع ويمتد اختصاصه الى ماقبل تنفيذها بفحص العقود والمشاريع قبل تنفيذها واتخاذ إجراءات رقابية وقائية توقف أي خلل قبل حصوله وتخنق أي فساد قبل حدوثه . ولا ينحصر دوره في الرقابة والمحاسبة على الاختلالات المالية المحاسبية والادارية الفنية بل ايضاً يمتد للرقابة والمحاسبة على الكفاءة والفاعلية والجودة . لو تحقق ذلك وقام الجهاز بدوره وواجبه القانوني في ملف المساعدات والاغاثة الانسانية ليتحقق من اجمالي المبالغ المالية المخصصة للمساعدة والاغاثة ومجالاتها واولويات المشاريع والبرامج وفقاً لاولويات الاحتياج الوطنية ؟ وهل تم صرفها فعلاً لما خصص لها ؟؟ ام انحرفت الى مصارف اخرى!! وكم هي المبالغ الاجمالية وتقسيمها وكم نسبة نفقات التشغيل منها ومصاريف ونثريات ؟؟ وهل هي في حدود المعقول ام هناك تجاوزات فيها ؟؟ وفي الأخير : نؤكد على اهمية قيام الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بدوره القانوني في جميع فروعه للرقابة والمحاسبة السابقة والمصاحبة واللاحقة على جميع الانشطة وبرامج ومشاريع المساعدات والاغاثة الانسانية لمعالجة أي خلل وتصحيح أي انحراف لاهمية وخطورة هذا الملف وبما يؤدي الى تحفيز الجهات المانحة لرفع مدفوعاتها المالية لاطمئنانها بانها بين ايدي أمينة كما سيكون لهذا الدور الهام اثار ايجابية لتحسين الوضع الانساني بتفعيل المساعدات والاغاثة الانسانية وايصالها الى مستحقيها وتحقيق اهدافها الذي يعتبر الخلل والفساد اهم معيقات وصول الاغاثة والمساعدة لمستحقيها وجرفها الى مسارات اخرى بعيده عن مستحقيها واهدافها واي عملية رقابة وتصحيح لها اثار ايجابية ويقع اهم تلك الاختصاصات الرقابية والمسؤليات على عاتق الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة .