لا جدال أن ما من فترة زمنية إلا وهي ليست أفضل من سابقاتها، وأقول هذا الكلام لأن القيم والأعراف العامة قد انحدرت انحدارا مريعا إلا عند القلة أو الصفوة المباركة، ولذلك إن سألت السلطان صالح بن حسين العوذلي رحمه الله: هل تذكر يا سلطان الأستاذ عبده فارع نعمان؟ لأجابني على الفور: نعم، عمل أستاذا في لودر عام 1963م إلا أنه دخل في أمور السياسة أو قل دخل في ما لا يعنيه فأبعدناه إلى الصعيد. ولو سالت الشيخ فريد العولقي السؤال نفسه أو وجهت السؤال نفسه إلى نجله الشيخ محمد بن فريد العولقي أطال الله عمره ومتعه بالصحة لأجابني على الفور: نعم، كان مربيا فاضلا، لكنه أدخل نفسه في السياسة التي تحولت في ما بعد إلى نار أكلت الأخضر واليابس، ولعلك سمعت يا أستاذنا بمقولة القطة التي أكلت أولادها، ونسأل الله السلامة. الأخ العزيز والزميل الفاضل عبده فارع نعمان أحمد من مواليد فبراير1939م ومتوفى في 25 سبتمبر 2012م عن عمر ناهز ال73 عاما، عاشها في الكفاح والعصامية، فقد تلقى كل مراحل تعليمه في عدن بما فيها التعليم الجامعي بالانتساب، ودشن مرحلة عطائه التربوي والوطني مدرسا في لودر عام 1963م، وأبعد عنها نتيجة نشاطه السياسي في صفوف حركة القوميين العرب، وعمل بعدها في الصعيد التابعة لمشيخة العوالق العليا، وعمل في البداية كمدرس في المدرسة الابتدائية الحكومية وأصبح بعد ذلك مديرا للمدرسة. عمل بعد ذلك مدرسا في المدرسة المتوسطة الحكومية بعدن في عام 1968م ونشط في صفوف نقابة المهن التعليمية وانتخب بعد ذلك أمينا عاما مساعدا للنقابة إلى جانب عضويته في المجلس المركزي للاتحاد العام لنقابات عمال الجمهورية، وأذكر من زملائه أحمد عبدالقادر غيس ومحمد صداعي علي وعقيل محمد عبدالله وغيرهم كما انتخب سكرتيرا للمجلس المركزي للشئون الثقافية ورئيسا لتحرير صحيفة (صوت العمال) عام 1986م. وبسبب كتاباته الناقدة تم نفيه إلى براغ عاصمة تشيكوسلوفاكيا للعمل ممثلا لليمن الديمقراطي في الاتحاد العالمي للنقابات بدرجة سفير عام 1992م. وعلى الصعيد التربوي والتعليمي شغل الأستاذ عبده فارع نعمان مدير مدرسة مارس الثانوية بالمعلا ثم بعدها عين عميدا للمعهد التقني الصناعي الفني حتى إحالته للتقاعد عام 2000م واستفيد من قدراته الإعلامية الصحفية عندما عينته المنطقة الحرة مسؤولا إعلاميا ونشط في إخراج نشرتها بانتظام باللغتين العربية والإنجليزية. كانت وفاته في صنعاء أثناء تلقيه العلاج من مرض عضال ألم به في السنوات الأخيرة من حياته، يرحمه الله، وكانت فترة معاناة لم يبخل أثناءها بمساهمته ككاتب من صناع الرأي حينما كتب في معظم الصحف المحلية. رحل عنا عبده فارع نعمان بصمت، وما أصعب الرحيل عندما يجف الحبر في الأقلام وتتصحر الثقافة وتندر القيم، وهنا نشهد بأن الرجل أعطى كثيرا وأخذ قليلا، ومات وقد خلف وراءه سجلات من العطاء والشرف، كما خلف 9 أبناء، وكانت زوجته قد رحلت قبله يرحمها الله. رحم الله زميلي وصديقي الأستاذ عبده فارع نعمان وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون!.