قالت منظمة العفو الدولية إن الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الأوروبية زودت حكومات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا القمعية بكميات كبيرة من الأسلحة قبل انتفاضات السنة الحالية، رغم توافر الأدلة على وجود مخاطر جوهرية بإمكان أن تستخدم في ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان موضحة ان من بين هذه الدول اليمن . واشارت المنظمة في تقرير اخير صادر عنها امس الخميس انه قدّم ما لا يقل عن 11 دولة مساعدات عسكرية، أو سمح بتصدير الأسلحة والذخائر وما يتصل بها من معدات، إلى اليمن، حيث لقي نحو 200 من المحتجين حتفهم في 2011. وتشمل هذه بلغاريا وجمهورية التشيك وألمانيا وإيطاليا وروسيا الاتحادية وتركيا وأوكرانيا والمملكة المتحدةوالولاياتالمتحدةالأمريكية.
وعلى الرغم من الحملة القمعية الوحشية المستمرة ضد المحتجين، ظل المجتمع الدولي يتقاعس عن اتخاذ إجراء قوي لوقف عمليات نقل الأسلحة إلى اليمن. ويتفحص تقرير منظمة العفو الدولية المعنون عمليات نقل الأسلحة إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: دروس لمعاهدة فعالة لتجارة الأسلحة واردات الأسلحة إلى كل من البحرين ومصر وليبيا وسورية واليمن منذ 2005.
وفي تعليق لها على التقرير، قالت هيلين هيوز، الباحثة الرئيسية لمنظمة العفو الدولية في مضمار تجارة الأسلحة، إن "معطيات التقرير تسلط الضوء على أوجه القصور الفاضحة في القيود المفروضة حالياً على الصادرات، بكل ما فيها من عيوب، ويؤكد الحاجة إلى معاهدة عالمية فعالة لتجارة الأسلحة تأخذ في الحسبان تماماً ضرورة احترام حقوق الإنسان. "والحكومات التي تقول اليوم إنها تتضامن مع الشعوب في طول إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وعرضه هي نفسها بالذات الحكومات التي دأبت حتى قبل فترة وجيزة على توريد الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية والشرطية التي استخدمت في قتل آلاف المحتجين السلميين وجرحهم واعتقالهم تعسفاً في دول مثل تونس ومصر، والتي ما برحت تستخدم حتى الآن في سورية واليمن."
من ناحية ثانية، يصعب الحصول على البيانات الإحصائية المتعلقة بسورية، نظراً لأن قلة من الحكومات تصدر تقارير رسمية بشأن تجارتها في الأسلحة مع الحكومة السورية. ولكن من المعروف أن روسيا الاتحادية هي أكبر المزودين لسورية بالسلاح، حيث يقال إن نحو 10 بالمائة من إجمالي صادرت الأسلحة الروسية يذهب إلى سورية. ولا تنشر روسيا تقارير سنوية بشأن صادراتها من السلاح، ما يعني عدم إمكان حصر عمليات نقلها للأسلحة إلى الإقليم وتوثيقها.
وقد منحت الهند تراخيص لتصدير عربات مصفحة إلى سورية، بينما باعتها فرنسا ذخائر ما بين 2005 و2009. وحدد تقرير منظمة العفو الدولية 10 دول أصدرت حكوماتها تراخيص لتوريد الأسلحة والذخائر وما يتصل بها من معدات إلى نظام العقيد القذافي في ليبيا منذ 2005، بما فيها بلجيكاوفرنسا وألمانيا وإيطاليا وأسبانيا والمملكة المتحدة. وقد ارتكبت قوات القذافي، إبان النزاع المسلح، جرائم حرب وانتهاكات يمكن أن ترقى إلى مرتبة جرائم ضد الإنسانية.
فعثرت منظمة العفو الدولية في مصراتة عندما جرى قصفها من جانب قوات القذافي في وقت سابق من السنة على ذخائر عنقودية ومقذوفات محمولة لمدافع هاون من طراز MAT-120 من صنع أسباني، مرخصة للبيع في 2007. وهذه المعدات محظورة حالياً بموجب "اتفاقية الذخائر العنقودية"، التي وقعت أسبانيا عليها بعد أقل من عام على تزويدها ليبيا بهذه الذخائر الفرعية.
ويبدو أن قسطا كبيراً من الأسلحة الثقيلة التي عثر عليها باحثو منظمة العفو الدولية في ليبيا مصنوعة في الحقبة السوفييتية في روسيا أو روسية الصنع، ولا سيما صواريخ "غراد"، العشوائية بطبيعتها، والتي استخدمت على نطاق واسع من جانب طرفي النزاع. كما عثر على بعض الذخائر المصنوعة في الصين وبلغاريا وإيطاليا، وبينها ألغام مضادة للدبابات من طراز 72، وصواعق للصواريخ، وذخائر مدفعية من عيار 155مم، على التوالي.
وقد باع ما لا يقل عن 20 دولة لمصر أسلحة صغيرة وذخائر وغازات مسيلة للدموع وعوامل للسيطرة على الشغب ومعدات أخرى. وكانت الولاياتالمتحدةالأمريكية أكبر الموردين لهذه الأسلحة – حيث قدّمت سنوياً ما قيمته 1.3 مليار دولار إلى الحكومة المصرية. وتشمل الدول الأخرى النمسا وبلجيكا وبلغاريا وإيطاليا وسويسرا. واستخدمت قوات الأمن في كل من مصر والبحرين بنادق الرش (الشوزن) على نطاق واسع، بما عناه ذلك من آثار مميتة ومدمرة.
واعترفت منظمة العفو الدولية في تقريرها بأن المجتمع الدولي قد اتخذ بعض الخطوات هذه السنة من أجل تقييد العمليات الدولية لنقل الأسلحة إلى البحرين ومصر وليبيا وسورية واليمن. ولكن المنظمة قالت إن القيود الحالية المفروضة على صادرات الأسلحة لم تمنع نقل الأسلحة في السنوات التي سبقت ذلك. وقالت هيلين هيوز: "إن قرارات حظر توريد الأسلحة في العادة "ضئيلة التأثير للغاية ومتأخرة أكثر مما يجب" عندما تندلع أزمات لحقوق الإنسان". "وما يحتاجه العالم هو تقييم صارم لكل حالة على حدة من حالات توريد السلاح المقترحة، بحيث يتوجب على الحكومة أن تشهر الضوء الأحمر عندما ترى أن ثمة مخاطرة جوهرية بأن تستخدم الأسلحة التي تشملها الصفقة في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، أو في تسهيل ذلك.