أحيي شعبنا اليمني العظيم في الذكرى الثلاثين لقيام الوحدة اليمنية في 22 من مايو 1990م، كمحصلة لنضالات طويلة خاضها أبناء شعبنا الواحد، وبعد حروب وسلسلة من المواجهات بين الشطرين وضحايا وتشريد ومعاناة طويلة . وللحق و الأمانة التاريخية كانت قيادات الشطر الجنوبي صادقة في رفع شعار الوحدة كأولوية حتمية لابد من تحقيقها ولو بعد حين . وكانت اتجاهات المؤسسة القبلية الحاكمة في الشمال بالتحالف مع مؤسسة الجيش والأمن تذهب إلى النظر للوحدة وكأنها عودة الفرع إلى الأصل والنظر بعين التعالي إلى الجنوب ما بعد الاستقلال الوطني في الثلاثين من نوفمبر 1967م، مما أدى إلى خوض حربين وانكسار وانهزام تلك النظرة الإقطاعية العشائرية على صخرة الدولة الفتية في الجنوب. ورغم ذلك، وعند كل حرب ومنعطف خطير يختار الشرفاء من الشطرين طريق الحوار للوصول إلى حلم الوحدة على أسس من الديمقراطية والمواطنة المتساوية والحريات بحيث تكون الوحدة وسيلة لإخراج شعبنا في الشطرين إلى دولة عصرية هي أفضل وأحسن من نظامي الحكم في الشطرين . ولا ينكر إلا جاحد ذلك الالتفاف الجماهيري غير المسبوق حول مشروع الوحدة الذي تحقق في مثل هذا اليوم قبل ثلاثين عاما مضت. ولكن هذا المشروع الوطني الكبير أصيب بمقتل بعد تحقيقه، فإذا كانت قيادة الجنوب صادقة في السير على خطى الوحدة وبناء دولة اليمن على أسس الديمقراطية المتوافق عليها، فإن تركيبة النظام في الشمال القبلية تحديدا ورفض الإخوان المسلمين لما تحقق ومعارضته منذ اليوم الأول عرض شريك الوحدة لتصفيات ومؤامرات كان خاتمتها الحرب العدوانية على الجنوب في صيف 1994م، وانتهت بموت الوحدة التوافقية والشراكة الحقيقية وألحقت بالوطن سلسلة من الأزمات والحروب والاقتتال الداخلي وسقوط صنعاء بيد الحوثيين والحرب العدوانية الثانية عام 2015م، وتدخل التحالف العربي وتحرير أجزاء من الوطن ونشوب المواجهات الداخلية بين الأطراف التي تمثل الشرعية والمجلس الانتقالي في المناطق المحررة وتداخلات وتدخلات إقليمية ودولية جعلت اليمن ممزقا أكثر من أي فترة سبقت، في ظل كوارث اجتماعية واقتصادية وصحية جعلت الإنسان اليمني في أسوأ حالاته، الفقر والتشرد والأوبئة والأمراض والمجاعة وسوء التغذية في ظل غياب الدولة وتسيد الفساد والمليشيات وانعدام الأمن . قد يقول قائل إن ذلك بسبب الوحدة، والحقيقة الناصعة أن الوحدة فكرة إنسانية وأخلاقية ودينية وقومية تحافظ على الإنسان وكرامته وتحافظ على كيان الأمة وحياضها السيادي بعيدا عن مخاطر التمزق والشتات والتشرذم . فلا يجب أن نحمل الوحدة ما قمنا بفعله بكلتا يدينا ودمرنا ما كان يجب أن نستثمره لبناء دولة عصرية تحفظ لأبنائنا حياة الحرية والتقدم . وما نشهده اليوم ما هو إلا انعكاس لحالة اللاوعي التي تدمر ولا تبني وتبدد و لا تشيد وتفرق ولا تجمع . وسوف ينصف التاريخ الوحدة اليمنية التي هي حاضن اجتماعي وسياسي وقانوني للشعب اليمني، بعيدا عن كل المؤامرات التي أفشلت مشروعها الديمقراطي، لأنها مسار تاريخي يجب أن يستمر وسوف يستمر بإرادة شعبنا وخياراته في وطن آمن قوي سيد على أرضه فاتحا ذراعيه وقلبه لكل أبنائه ولأشقائه أيضا على قواعد حسن الجوار والتعاون المشترك . تحية لشعبنا العظيم الصابر والصامد في عيده الوطني الثلاثين، عيد الوحدة اليمنية.. والخلود والرحمة لشهدائنا الأبرار .