عصابة حوثية تعتدي على مواطن في إب بوحشية مفرطة    الارياني: الأسلحة الإيرانية المُهربة للحوثيين تهدد الأمن والسلم الدوليين ومصالح العالم    ما هو شرط زيدان لتدريب فريق بايرن ميونيخ؟    ثمن باخرة نفط من شبوة كفيلة بانشاء محطة كهربا استراتيجية    الكشف عن تصعيد وشيك للحوثيين سيتسبب في مضاعفة معاناة السكان في مناطق سيطرة الميلشيا    إيران وإسرائيل.. نهاية لمرحلة الردع أم دورة جديدة من التصعيد؟    صمت "الرئاسي" و"الحكومة" يفاقم أزمة الكهرباء في عدن    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    غارات عنيفة على مناطق قطاع غزة والاحتلال أكبر مصنع للأدوية    السيول الغزيرة تقطع الخط الدولي وتجرف سيارة في حضرموت    مصرع وإصابة عدد من عناصر المليشيات الحوثية الإرهابية غربي تعز    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    شاب يقتل شقيقه جنوبي اليمن ووالده يتنازل عن دمه فورًا    الحوثيون يغلقون مسجد في عمران بعد إتهام خطيب المسجد بالترضي على الصحابة    صاعقة رعدية تنهي حياة شاب يمني    محمد المساح..وداعا يا صاحبنا الجميل!    صورة ..الحوثيون يهدّون الناشط السعودي حصان الرئيس الراحل "صالح" في الحديدة    آية في القرآن تجلب الرزق وفضل سورة فيه تبعد الفقر    على الجنوب طرق كل أبواب التعاون بما فيها روسيا وايران    العليمي يتحدث صادقآ عن آلآف المشاريع في المناطق المحررة    ما هي قصة شحنة الأدوية التي أحدثت ضجةً في ميناء عدن؟(وثيقة)    مقتل مغترب يمني من تعز طعناً على أيدي رفاقه في السكن    انهيار منزل بمدينة شبام التأريخية بوادي حضرموت    نصيب تهامة من المناصب العليا للشرعية مستشار لا يستشار    العليمي يكرّر كذبات سيّده عفاش بالحديث عن مشاريع غير موجودة على الأرض    وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح عن عمر ناهز 75 عامًا    رفع جاهزية اللواء الخامس دفاع شبوة لإغاثة المواطنين من السيول    عاجل: انفجارات عنيفة تهز مدينة عربية وحرائق كبيرة تتصاعد من قاعدة عسكرية قصفتها اسرائيل "فيديو"    صورة تُثير الجدل: هل ترك اللواء هيثم قاسم طاهر العسكرية واتجه للزراعة؟...اليك الحقيقة(صورة)    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    وزير سابق يكشف عن الشخص الذي يمتلك رؤية متكاملة لحل مشاكل اليمن...من هو؟    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الابعاد الاستراتيجية لاتفاق السلام بين الامارات واسرائيل
نشر في عدن الغد يوم 18 - 08 - 2020

شكّل الإعلان عن الاتفاق الإماراتي-الإسرائيلي في 13 أغسطس 2020م لحظةَ تاريخية غير مسبوقة منذ خمسة وعشرين عاماً، بحسب ما قاله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أشرفت إدارته على الوصول إلى ذلك الاعلان، الذي بات يعرف بالبيان الثلاثي المشترك الصادر عن تفاهمات عبر الهاتف بين الرئيس الامريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي عهد أبو ظبي ونائب القائد الأعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد ال نهيان، الذي غرد عبر حسابه في تويتر قائلا "في اتصالي الهاتفي اليوم مع الرئيس الأمريكي ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، تم الاتفاق على إيقاف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية. كما اتفقت الإمارات وإسرائيل على وضع خارطة طريق نحو تدشين التعاون المشترك وصولا الى علاقات ثنائية".
هذه المقالة الاكاديمية تبحث في الابعاد الاستراتيجية لاتفاق السلام التاريخي بين اسرائيل ودولة الامارات العربية المتحدة على مختلف الاصعدة الوطنية والاقليمية والدولية في الجوانب السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والدينية والعقائدية والصحية والسياحية والاستثمار والتجارة والتعاون المشترك وتبادل الخبرات العلمية بين البلدين والعمل على تعزيز الامن والاستقرار في المنطقة والتعاون من اجل مواجهة التنظيمات الارهابية، التي تهدد امن واستقرار منطقة الخليج والشرق والاوسط. لقد اصبح البيان الثلاثي المشترك يتصدر المرتبة الاولى في التغطيات الاخبارية للصحف والقنوات التلفزيونية العالمية والعربية، نظرا لما شكله البيان من اختراقة نوعية في الجمود الذي اصاب عملية السلام منذ اعلان خطة ترامب. ولذا فان الاتفاق سيقود الى تغييرات استراتيجية على صعيد المنطقة، حيث سيشجع العديد من الدول العربية والاسلامية على اقامة علاقات دبلوماسية مع اسرائيل.
تركز هذه الورقة البحثية على دراسة الانجاز الابرز في الاتفاق الذي يعد خطوة مهمة ومتقدمة لتعزيز فرص السلام في منطقة الشرق الاوسط، فضلا عن نجاح الدبلوماسية الامارتية في وقف مخطط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لضمّ 30 في المئة من أراضي الضفة الغربية وغور الأردن، وهي الخطوة التي إن حدثت ستُقوِّض حل الدولتين تماماً وتعيق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. وعلاوة على ذلك فان المقالة تربط بين اتفاق السلام وصعود الامارات العربية المتحدة كقوة اقليمية جديدة على مسرح السياسة الدولية، حيث اثنبتت انها قوة خير عالمية تحارب الارهاب وتصنع السلام والتنمية.
قرأة في البيان المشترك لامريكا واسرائيل والامارات
بناء على المحادثة الهاتفية المطولة التي جرت بين القادة الثلاثة الشجعان الرئيس دونالد ترامب والشيخ محمد بن زايد ال نهيان والسيد بنيامين نتنياهو تم الاتفاق على التطبيع الكامل للعلاقات بين اسرائيل والامارات العربية المتحدة. ان هذا الانجاز الدبلوماسي التاريخي سيؤدي الى تعزيز السلام في منطقة الشرق الاوسط انطلاقا من الدبلوماسية الجريئة وحكمة القادة الثلاثة وشجاعة الامارات العربية المتحدة واسرائيل، التي تهدف الى رسم مسار جديد يطلق الطاقات العظيمة في المنطقة.
يوفر الانجاز التاريخي ارضية صلبة لمواجهة التحديات المشتركة التي تهدد البلدان الثلاثة، فضلا عن الفوائد الجمة التي ستعود بالخير على الامارات واسرائيل في مجالات الاستثمار، والسياحة، والرحلات الجوية المباشرة، والأمن، والاتصالات، والتكنولوجيا، والطاقة، والرعاية الصحية، والثقافة، والبيئة ، وإنشاء سفارات متبادلة، ومجالات أخرى ذات المنفعة المتبادلة. ان هذا الانجاز الدبلوماسي التاريخي سيؤدي الى فتح العلاقات المباشرة بين اثنين من أكثر المجتمعات ديناميكية في الشرق الأوسط والاقتصادات المتقدمة إلى إحداث تحول ايجابي كبير في المنطقة من خلال تحفيز النمو الاقتصادي ، وتعزيز الابتكار التكنولوجي ، وإقامة علاقات أوثق بين الناس.
بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة ، ستعلق إسرائيل إعلان السيادة على المناطق المحددة في رؤية الرئيس ترامب للسلام وستركز جهودها الآن على توسيع العلاقات مع الدول الأخرى في العالم العربي والإسلامي. وبموجب الاتفاق ستعمل البلدان الثلاثة على تحقيق انجازات دبلوماسية اضافية مع الدول الأخرى، وستعمل معًا لتحقيق هذا الهدف. وعلاوة على ذلك تقوم دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل على الفور بتوسيع وتسريع التعاون فيما يتعلق بعلاج وتطوير لقاح لفيروس كورونا، من اجل المساعدة في انقاذ حياة المسلمين واليهود والمسيحيين في انحاء المنطقة على قدم المساواة.
ان تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين الامارات العربية المتحدة واسرائيل سيجمعان اثنين من أكثر الشركاء الإقليميين موثوقية وقدرة، حيث ستنظم الولايات المتحدة الامريكية لإطلاق أجندة استراتيجية للشرق الأوسط لتوسيع التعاون الدبلوماسي والتجاري والأمني. وستشترك الدول الثلاث في رؤية مماثلة فيما يتعلق بالتهديدات والفرص في المنطقة، فضلاً عن الالتزام المشترك بتعزيز الاستقرار من خلال المشاركة الدبلوماسية وزيادة التكامل الاقتصادي وتنسيق أمني أوثق، بما يضمن حياة أفضل لشعوب الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل والمنطقة. وعلاوة على ذلك تعرب الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل عن التزامهما بمواصلة الجهود للتوصل الى حل عادل وشامل ودائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. واخيرا يؤكدالبيان المشترك انه يمكن لجميع المسلمين الذين يأتون بسلام زيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه، ويجب أن تظل الأماكن المقدسة الأخرى في القدس مفتوحة للمصلين المسالمين من جميع الأديان.
الظروف السياسية الإقليمية المحيطة بالاتفاق
تتعرض المنطقة العربية الى زلازل وبراكين هائجة وتدخلات اقليمية ودولية غير مسبوقة متمثلة بالأطماع الإيرانية التي شهدت تغلغلا وتوسعاً كبيراً في المنطقة العربية في كلٍّ من سوريا والعراق ولبنان واليمن، حيث شكلت إيران إما مباشرةً أو عبر وكلائها في هذه الدول تهديداً استراتيجياً حقيقياً للمنطقة العربية وللمصالح الدولية بشكل عام، ومنطقة الخليج بصفة خاصة، وبدت طهران في السنوات الاخيرة أكثر تصميماً على زعزعة الأمن الإقليمي بعد انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل المشتركة (الاتفاق النووي مع إيران) لعام 2015، وفرضها عقوبات شديدة على طهران، كما شكَّل التهديد الإيراني خطراً استراتيجياً على أمن التجارة العالمية وتجارة النفط من خلال تهديدها حرية الملاحة في الخليج العربي وبحر العرب والبحر الاحمر. بالاضافة الى ذلك شكلت ايران تهديدا مباشرا للمنشئات النفطية السعودية والموانئ الحيوية في الخليج العربي.
في الاونة الاخيرة كشفت تركيا عن اطماعها في المنطقة العربية بطريقة لا تقل خطورة عن التهديدات الايرانية، لا سيما وان اردوغان يحاول عبثا استعادة امجاد الامبراطورية العثمانية، من خلال العزف على اوتار الحركات الاسلامية السياسية ودعم الجماعات المتطرفة وتحريك الاوراق الطائفية بطريقة تحاكي السياسة الايرانية التي تستخدم الورقة الطائفية الشيعية، فتركيا لا تتورع عن استخدام الاخوان المسلمين كاداة للتدخل في شؤون الدول العربية كما هو حاصل اليوم في سوريا والعراق وليبيا. يبدو ان تركيا اليوم تعبر عن اطماعها في الاستيلاء على غاز شرق المتوسط مما يشكل تهديداً للأمن الحيوي لدول عربية رئيسة، مثل مصر. وعلاوة على ذلك تسعى تركيا الى عرقلة الحلول السلمية في كل من سوريا وليبيا والعراق عبر التدخل العسكري المباشر، الذي يشكل تهديدا حقيقيا لامن واستقرار المنطقة.
وفي الوقت الذي تُلقي فيه جائحة كورونا بظلالها الثقيلة على اقتصادات الدول العربية، يشهد كُلٌّ من العراق ولبنان أزمات سياسية عميقة تهدد بنية الدولة في كلٍّ منهما، بينما تستمر الأزمة السورية والصراع في اليمن، نتيجة تدخل إيران في تلك الساحات العربية وسعيها إلى تحطيم أسس الدولة الوطنية عن طريق دعم الميليشيات المسلحة وقوى وجماعات ما دون الدولة. وبينما لا تزال الساحة الفلسطينية تشهد انقساماً عميقاً بين السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وحكومة حماس في غزة، فقد وصلت المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية إلى طريق مسدود، وخاصة حين أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو قراره بضم أراض في الضفة الغربية وغور الأردن إلى إسرائيل، وهو الأمر الذي دفع السلطة الفلسطينية إلى التهديد بإلغاء كافة اتفاقيات السلام المبرمة مع اسرائيل. ويأتي الاتفاق في ظل تبايُن كبير في سياسات دول الاتحاد الأوروبي تجاه المنطقة، وتزايد الطموحات الروسية والصينية للعب دورٍ أكبر على حساب الدور الأمريكي فيها.
المكاسب الاستراتيجية لاتفاق السلام
من الواضح ان الاتفاق ينم عن صعود قوة إقليمية على المسرح العالمي، فهوى يرسخ العلاقة الجديدة بين قوتين إقليميتين، فالامارات باتت تلعب دورا رياديا على المستوى الاقليمي والدولي من خلال المساهمة في محاربة الارهاب والتطرف في كل من افغانستان واليمن والصومال وسوريا وليبيا، وبغض النظر عن تكهنات اليائسين، فإن علينا أن نكون موقنين أن الإمارات قد أقلعت نحو المستقبل، والتاريخ يقول إن نشوء قوة إقليمية وصعودها يكون في الأغلب أحد العوامل الرئيسة لنهوض الدائرة الجغرافية المحيطة بها، وتسارع النهوض؛ حيث تأخذ الكيانات بأعناق بعضها وتتنافس، إذا تشابهت الظروف والموارد، فكل من اسرائيل والامارات دولتان صغيرتان لكنمها قويتان جدا وتوظفان العديد من المواهب والخبرات وتعتمدان على اسس اقتصادية متينة.
يأتي الاتفاق في سياق التحولات الرئيسية في الشرق الأوسط، حيث اليونان ومصر وفرنسا وقبرص والإمارات العربية المتحدة تقف بالضد من تركيا بسبب موقفها العدواني المتزايد في البحر الابيض المتوسط. هذه الخطوة هي تتويج للاصطفاف الجيوسياسي الذي أعاد رسم خريطة تحالفات الشرق الأوسط سرًا ولكن بثبات. من الخليج إلى شرق البحر الأبيض المتوسط ، وجدت إسرائيل والإمارات نفسيهما في نفس الجانب حيث تعملان على احتواء النفوذ المتزايد لإيران وتركيا. ان الاتفاق الذي بدأته إسرائيل والإمارات العربية المتحدة سوف يكمل كل منهما بفعالية نقاط القوة. يتمتع البلدان بأعلى معدل نصيب للفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الشرق الأوسط. تعتبر إسرائيل رائدة في مجال تكنولوجيا الدفاع، مثل نظام الدفاع الجوي القبة الحديدية، والإمارات العربية المتحدة، هي مركز التجارة العالمية، مع وجود علاقات أكثر انفتاحًا، يمكن أن يصبح هذان الاقتصادان الديناميكيان قوة إقليمية. الاتفاق هو مجرد بداية لتعميق العلاقة والتوافق الاستراتيجي الجديد في المنطقة، لكنه جاء في ظل التهديدات التي شكلتها انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الايراني، ولذا فان الاتفاق قد يواجه المزيد من التوترات مع ايران وتركيا والجماعات الارهابية مثل حماس وحزب الله والحوثيين. يتطلع الاتفاق الى تسريع اتجاه الدفء وانهاء عقود من الجمود والقطيعة في العلاقات بين اسرائيل والدول العربية ويشير الى بناء علاقة استراتيجية جديدة بين تلابيب والعواصم العربية .
ان الامل المنشود هو أن يؤدي هذا الاتفاق إلى اتفاقيات أخرى بين إسرائيل وجيرانها الإقليميين، فقد تكون سلطنة عمان هي البلد الثاني اذا ما اخذنا في الاعتبار زيارة نتنياهو الى مسقط ولقائه بالسلطان قابوس، وقد تكون البحرين هي الدولة الخليجية التالية لانها كانت تاريخيا اكثر تنعوعا وانفتاحا والاقل اندفاعا بالعوامل الايديولوجية. ان هذه الاتفاقية منطقية للغاية من الناحية الاقتصادية، فاسرائيل بلد مستهلك للنفط وهو يعتمد على النفط الكردي الذي يمر عبر تركيا، لكن من غير المرجح ان يستمر التدفق بسبب مواقف اردوغان المعادية لاسرائيل وبسبب تأثر العراق بسياسة النظام الايراني، ولذا فان الاتفاق سيمنح اسرائيل والامارات فرصا تجارية متبادلة، حيث يمكن لاسرائيل شراء النفط الاماراتي ويمكن لابو ظبي الحصول على عميل جديد.
السياحة الاسرائيلية مكسب اخر من مكاسب الاتفاق حيث يمكن لشركة الطيران الاماراتية تسيير رحلات مباشرة الى تلابيب وغيرها من المدن الرئيسية الاسرائيلية، فالشعب الاسرائيلي محب للسفر، ففي عام 2017م سافر نصف الاسرائيليين الى الخارج لقضاء العطلة، وهذا يعني ان الامارات قد تكون وجهة ضخمة للسياح الاسرائيليين وقد تصبح شركة طيران الامارات هي الناقل الاول لما تتمتع به من موثوقية واسعار تنافسية. الاتفاق يفتح سوقا جديدا لبيع المواهب الإسرائيلية - إسرائيل دولة صغيرة بها العديد من المهنيين المتعلمين. كانت الإمارات العربية المتحدة وجهة للمواهب الأجنبية على مدى العقدين الماضيين. تمتلك إسرائيل أكبر اقتصاد غير نفطي في الشرق الأوسط. إنها فرصة رائعة لدولة الإمارات العربية المتحدة لتكون أول دولة خليجية تستفيد من هذا الاقتصاد والسوق والخبرة التي تقدمها اسرائيل.
على الرغم من بعض المخاطر، فإن الاتفاق يجلب أيضًا مكاسب سياسية أولية لحاكم الإمارات الفعلي الشيخ محمد بن زايد. تضيف هذه الصفقة إلى المقدار الهائل من رأس المال السياسي الذي يتمتع به الزعيم الإماراتي بالفعل في واشنطن. سيكون قادرًا على جني هذه النوايا الحسنة بغض النظر عمن سيفوز برئاسة الولايات المتحدة. لطالما حاول الإماراتيون وضع بلدهم كقائد إقليمي ونموذج. وكجزء من هذه الجهود ، تبنوا خطاب التسامح الديني في مواجهة ما يعتبرونه تطرفًا للإسلام السياسي الذي تروج له إيران وتركيا - الخصمان الإقليميان الرئيسيان. من وجهة نظر أبو ظبي ، قد توسع الصفقة رسمياً التحالف الدبلوماسي والعسكري لدولة الإمارات العربية المتحدة ضد هذه الدول. بالإضافة إلى ذلك ، قد تكون قادرة على شراء أسلحة أمريكية أكثر تقدمًا كانت محظورة في السابق عليها، بما في ذلك الطائرات بدون طيار. أخيرًا ، سيوفر التطبيع الرسمي مع إسرائيل دفعة مهمة لدولة الإمارات العربية المتحدة في مناخ عالمي صعب ، مما يخلق المزيد من الفرص للتنويع الاقتصادي والتعاون في البحث العلمي.
تعليق قرار ضم اراضي الضفة الغربية واحد من مكاسب الاتفاق الاستراتيجية، التي ستحيي مسار التفاوض بين الاسرائيليين والفلسطينيين كون قرار ضم 30 في المئة من الاراضي الفلسطينية سيشكل صدمة كبيرة لعملية السلام بين الجانبين. ان انقاذ 30 في المئة من الاراضي واكثر من 100 الف فلسطيني كانوا معرضين للطرد وانهاء 6 سنوات من الجمود يمثل انجازا دبلوماسيا تاريخيا دافعا باتجاه تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. بالاضافة الى ذلك حقق الاتفاق مكسبا استثنائيا لم يكن في الحسبان وهو السماح للمسلمين من كافة البلدان بزيارة المسجد الاقصى والصلاة فيه بشكل امن ومسالم وان تبقى المدينة المقدسة مفتوحة للمصلين والزائرين من المسلمين والمسيحيين واليهود.
التوصيات
لقد مثل اتفاق السلام الاماراتي الاسرائيلي انجازا دبلوماسيا تاريخيا غير مسبوق حيث نقل العلاقات الاسرائيلية العربية من مرحلة الكتمان والسرية الى مرحلة الوضوح والعلنية، انها خطوة جريئة تعزز السلام والامن والاستقرار في المنطقة وتشجع بلدان العالم العربي والاسلامي على اتخاذ خطوات مماثلة في القريب العاجل. ان الاتفاق سيشكل منعطفا تاريخيا حاسما في مجال العلاقات الدولية، حيث ستنتهي مرحلة من الصراع وتبدأ مرحلة من التعاون والتحالف العربي الاسرائيلي ضد القوى الاقليمية المعادية للمنطقة مثل ايران وتركيا اللتان تدعمان الجماعات الاسلامية المتطرفة. ومن اجل ضمان نجاح الاتفاق توصي المقالة باتخاذ التدابير التالية
الاسراع في تنفيذ مضمون الاتفاق دون ابطاء او عرقلة لكي يلمس الشعب الاسرائيلي وشعب الامارات ثمار السلام في اسرع وقت ممكن.
تشجيع الدول العربية والاسلامية وخاصة الدول الخليجية للاسراع في اقتفاء اثر الامارات العربية المتحدة وابرام صفقات مماثلة مع اسرائيل.
الترويج للاتفاف عبر وسائل الاعلام المختلفة من اجل ايصال رسالة المحبة والسلام الى الجمهور العربي والاسلامي وخاصة في الخليج ومنطقة الشرق الاوسط.
الاستعداد لمواجهة القوى الاقليمية المعادية للسلام مثل ايران وتركيا ومراقبة تحركاتهما وتحركات ادواتهما الارهابية في المنطقة لتفادي تنفيذ اي عمل ارهابي ضد الامارات واسرائيل.
تشجيع الاسرائيليين والفلسطينيين على الاسراع في استئناف مفاوضات السلام والوصول الى حل عادل وشامل يضمن قيام دولتين مستقلتين
العمل على ترجمة الاتفاق فيما يخص زيارة المسلمين المسالمين للمسجد الاقصى والصلاة فيه في اقرب مدة ممكنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.