عندما ننتقد بعض الممارسات الخاطئة في الشارع الجنوبي من باب الحرص والتنوير يأتي من يقول أن النقد يمس بمبدأ التصالح والتسامح الجنوبي أو أن من يقومون بنقد تلك الاخطأ يؤدون مهمة لأحد الأطراف في صنعاء وهذه بحد ذاتها تُهم تتنافى مع المبادئ الجنوبية التي يحدثوننا عنها ليلاً نهاراً وهم يجهلون ابجدياتها وادبياتها كون ادبيات الحراك الجنوبي تقوم على إرساء ثقافة التسامح والقبول بالآخر وعدم الإقصاء والتخوين وعدم السماح بانتاج الماضي المليئ بالعبث ضماناً لجنوب الغد الذي نُريد. أن العبث الذي يحصل اليوم في الشارع الجنوبي يُكرس لثقافات بائدة لطالما عانى منها شعبنا الجنوبي حتى انتهى به المطاف في باب اليمن وأن الاصرار على السير قدماً في ضل هذا العبث والانقسام والتخوين وازمة الوعي التي نمر بها لن تقودنا الى جنوب الغد الجميل الذي نتوق اليه كون كل المؤشرات تؤكد أن الماضي الشمولي البائد يلقي بضلاله على الجنوب اليوم مالم نعمل على التصحيح وزرع الوعي الذي من شانه أن يقودنا الى جنوب الغد المنشود وهو الجنوب الذي لن يكون الا بكل ابناءه. يجب أن يدرك كل حريص على قضية الجنوب وعلى خيار الاستقلال الذي يُعبر عنه شعبنا الجنوبي في مليونياته المتتالية أن الملاحم النضالية التي يسطرها ابناء الجنوب اليوم في سبيل نيل حريتهم واستقلالهم يجب أن تكون في نفس الوقت ملاحم نضالية تهدف الى إيجاد قيم ثورية حقيقية ومبادئ اخلاقية وانسانية سامية كون القيم والمبادئ التي تنتجها وتفرضها أي مرحلة نضالية ستكون هي الأسس والثوابت التي تقوم عليها مرحلة ما بعد الثورة بل ستكون هي الضامن الرئيسي للمستقبل المأمون الذي يتوق اليه الافراد والمجتمعات. ختاماً انني على ثقة أن الجنوب اليوم ليس بحاجة إلى المزيد من الهيئات والمكونات بقدر ما هو بحاجة إلى صوت جميل وواعي يلامس عمق المشكلة ويعمل على حلها وهذا الصوت سيجبر الجميع على الالتفاف حوله في الأخير لانه الصوت الوحيد القادر على تحقيق تطلعات الجنوبيين واقامة دولتهم المستقلة.