أحببت في طفولتي مرتان،وفي شبابي مرتان،وأخفقت في ثلاثا منها ، أحببت في السادسة من عمري جديا _صغير الماعز_وديعا بني اللون وتوسلت أمي حينها أن تمنحني إياه ووافقت على مضض منها وسمته بإسمي .. ولم يمضي أسبوع على الجدي حتى مات . مر عام على الأمر كادت أن تنسى أمي الموضوع ، وأغرمت بكتاكيت _صغار الدجاج_ملوني الريش ظريفي الشكل ، وقلت لأمي:اريد الدجاجة وأبنائها .. فكرت في الموضوع مليا ثم قالت:هم لك شريطة أن تحميهم من الصرورة _طائر جارح من آكلات اللحوم_ .. لم اكمل هز رأسي موافقا على شرطها حتى سقطت الصرورة بسرعة البرق وخطفت أحد الكتاكيت ! وبعد يومان اخذت أيضا واحدا آخر، وبعده واحدا ، حتى أنها قضت على الكتاكيت جميعهم في 4 ايام ، وجاء العزيق _الثعلب_عشية اليوم الخامس أخذ علينا الدجاجة الأم من الدوم _منزل الدجاج_ وألحقها بأبنائها ..! من بعد تلك اللحظة منعتني أمي من أن أحب شيئا في حياتي ، بل وأقسمت ألا تسمي بإسمي بعد ذلك اليوم أحدا من الدواب والطيور ابدا . غالبا ماكانت تقول لي "يا بني انت مدبر _سيئ الحظ_" كنت أحيانا اشتكي لجدتي مما تقوله لي أمي وعادة ما ترد جدتي باللهجة نفسها "ما عليك منها يا إبني ، انت فيك قرين من الله ، ماشصلحش لك حاجة ومابش بيدك شي، شخارجك ربي "!. حزنت جدا لحالتي،لكني إقتنعت بسوء الحظ الذي يرافقني،أيقنت أن لا مفر من الحظوظ اللعينة التي تلاحقني في كل شي أخوض فيه . كبرت شيئا فشيئا وأنا أجفف منابع العاطفة في قلبي ، أجتث الحب من الجذر وارميه بعيدا . عشت جفافا عاطفيا مفتعل ، كل غايتي الا ارمي أحدا بالحب فيموت ، وانا القروي حينها صاحب القلب الذي لو فكت عنه الاغلال لتعلق في كل شي يصادفه، ولأحب كل شي .. الأغنام والفراخ والارانب البرية وطيور القرية التي تستيقظ الشمس على أوتارها ، جبال القرية التي تنمو في الصيف حتى تلامس السماء وتموت في الشتاء،حراك القرويون الذي يخفت بعد صلاة العشاء،بكاء الاطفال منتصف الليل على أمهاتهم اللاتي يشبعن رغبة الآباء،الفتيات اللاتي لم ينضجن بعد عندما ينزعن ثيابهن ويرقصن عرايا في كل مرة تبكي فيه السماء تضامنا مع الارض التي تعاني الجفاف . كبرت .. تخرجت من المدرسة ، هاجرت نحو المدينة،تهت في العالم المتحضر كثيرا لدرجة اني نسيت تقاليد القرية،وأنني قرويا وسيئ الحظ أيضا . سجلت هناك دورات تعليمية ووقع نظري مع الايام على فتاتان جميلتان جدا ، متحضرات لحد الاسراف ، ظللت شهرا بأيامه ولياليه أخير نفسي في من تستحق الثقة منهن لأحبها دون الأخرى ؟ ومن فرط جمالهن ، لم أستطع الإنحياز لواحدة دون الأخرى .. ويوم قررت أن أحبهن الاثنتين ، أغار طيران التحالف على المكان الذي يقطن فيه مع عائلاتهم وقتلهن إلى جانب العشرات . "جريمة سكنية كهرباء المخاء ". تذكرت مجددا اني سيئ الحظ ، ولمت نفسي كثيرا وكأني جنيت عليهن فعلا ، وأقسمت الا أحب احد مجددا . ظللت عقيم الحب لسنوات ، حتى من كانت تنتظر مني البوح بميولي العاطفي نحوها ، لم أتجرا على الاعتراف لها بالحب الذي كان يغمرني تجاهها من رأسي حتى أخمص قدمي ،خوفا عليها من أن تموت ! حتى أني تزوجتها فجأة وقلت لها بإرتباك في أول ليلة ويدي على قلبي "أحبك" .. قلتها على سبيل المغامرة ، ولم انم طوال تلك الليلة ، ظللت عند رأسها اتفقد علاماتها الحيوية تارة أجس نبضات قلبها ،وتارة الحظ التنفس، وتارة اقيس لها ضغط الدم .. لم أصدق أن كلمتي لم تصيبها الا حين أنبلج النور ! وكانت هذه المحاولة الاولى والوحيدة التي نجحت فيها عاطفيا. الان .. لربما تعرفين السر الذي يجعلني اتهرب من البوح لك بكل هذا الحب الذي يكاد يخنقني ؟ احبك ولن اقول لك ذلك لكي لا تموتين . فهلا يرضيك هذا عني ؟!. |صخر_الشرعبي .