إسرائيل تقصف محطة الكهرباء في صنعاء من جديد    البرلماني بشر: هل أصبح القضاء لعبة بيد الغوغاء لإصدار الأحكام كمساعدة؟!    البيضاء.. استشهاد فتاتين بانفجار لغم حوثي أثناء رعيهما الأغنام في مديرية نعمان    حين تصنع المعاناة الرجال    مأرب.. ضبط 23 مخبزاً مخالفاً لمعايير الوزن    الأستاذ علي مقبل غثيم المناضل الأنسان    محكمة بريطانية تسجن يمني عقب اختراق آلاف المواقع وسرقة بيانات المستخدمين    الكشف عن عصابة لخطف الأطفال في مدينة ذمار    الكشف عن عصابة لخطف الأطفال في مدينة ذمار    الصحة العالمية: اليمن يسجل عشرات الآلاف من الإصابات بالكوليرا وسط انهيار البنية الصحية    الخارجية تؤكد تضامن اليمن مع باكستان في ضحايا الفيضانات    رسميًا | SPORTBACK GROUP توقع مع نجم التلال عادل عباس    قطعت تذكرة النهائي.. «سلة أستراليا» تقسو على إيران    اكتشاف فيتامين يقلل خطر سكر الدم    السيول تقطع طريق حيوي في حضرموت    نسائية مديرية المفتاح بحجة تحتفي بذكرى المولد النبوي    بتوجيهات الرئيس الزُبيدي.. تخفيض أسعار أسطوانات الغاز المنزلي في الجنوب    اللواء الأول مشاة يختتم تدريبات بالذخيرة الحية    الداخلية: ضبط 3 اشخاص على خلفية مقطع فيديو مخل بالاداب    الرئيس الزُبيدي يهنئ رئيسة الهند بذكرى استقلال بلادها    تعز تدشن فعاليات المولد النبوي الشريف وتستكمل الترتيبات للإحتفال    إحباط ثلاث عمليات تهريب سجائر وشيش إلكترونية وأغذية علاجية بتعز    الرهوي : اليمن يفرض اليوم سيادته على البحر ومضيق باب المندب بقدراته الذاتية    بن حبتور والنعيمي يدشنان الاستراتيجية الثانية لجامعة الرازي 2025- 2030م    القيادة التنفيذية للانتقالي تبحث التحضيرات لعقد مؤتمرات اقتصادية وخدمية محلية ودولية    العميد جمال ديان آخر الرجال المهنيين والأوفياء    القنبلة التوراتية بدل القنبلة النووية    خوفا من العقوبات الدولية.. هائل سعيد يقدم تخفيضات جديدة (كشف)    شبوة: الأمن السياسي بمأرب يمنع طفلتان وجدهما من زيارة أبيهما المعتقل منذ 8 سنوات    أكاذيب المطوّع والقائد الثوري    من يومياتي في أمريكا .. أيام عشتها .. البحث عن مأوى    أفضل وأحسن ما في حلف حضرموت أن أنصاره اغبياء جدا(توثيق)    مصر تستعيد من هولندا آثارا مهربة    شركات هائل سعيد أنعم تعلن عن تخفيضات جديدة في أسعار الدقيق بدءًا من هذا اليوم السبت    جمعية حزم العدين التعاونية في إب... تجربة رائدة في التمكين الاقتصادي    المؤرخ العدني بلال غلام يكتب عن جولة أضواء المدينة "جولة الفل"    مسؤولة أممية: الأزمة الإنسانية تتفاقم في اليمن والبلاد تواجه شبح كارثة انسانية    ترامب: اللقاء مع بوتين كان ممتازا    تخفيض رسوم المدارس الأهلية في العاصمة عدن 30%    إدارة مكافحة المخدرات تضبط مروج للمخدرات وبحوزته 60 شريطا من حبوب البريجبالين    الرئيس الزُبيدي يعزي العميد عادل الحالمي في وفاة والدته    النصر السعودي يضم الفرنسي كومان رسميا من بايرن ميونخ    السيول تقطع حركة النقل بين ساحل ووادي حضرموت    أبو بارعة: مسؤولون في حجة يحوّلون الأجهزة الطبية إلى غنيمة    وقفة وإضراب جزئي لصيادلة تعز لمطالبة شركات الأدوية بخفض الأسعار    رايو فاليكانو يصدم جيرونا بثلاثية    توترات غير مسبوقة في حضرموت    أضرار في تعز وتحذيرات من السيول بالمرتفعات    وفاة 23 شخصا بتعاطي خمور مغشوشة في الكويت    الاشتراكي "ياسين سعيد نعمان" أكبر متزلج على دماء آلآف من شهداء الجنوب    فنانة خليجية شهيرة تدخل العناية المركزة بعد إصابتها بجلطة    "الريدز يتألق".. ليفربول يستهل حملة الدفاع عن لقبه بفوز مثير على بورنموث    ثمرة واحدة من الأفوكادو يوميا تغير حياتك.. وهذه النتيجة    العثور على جثمان لاعب شعب إب خالد الجبري قرب الحدود اليمنية–السعودية    مارسيليا يسقط بالوقت القاتل ضد رين    بمعنويات عالية شعب إب يستعد لمباراته أمام السهام الحالمي    بين القصيدة واللحن... صدفة بحجم العمر    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما هي خارطة اليمن الحالية.. وكيف تتوزع الجماعات المسلحة مناطق النفوذ؟
نشر في عدن الغد يوم 31 - 03 - 2021

قراءة في مقال بحثي يتنبأ بتشظي اليمن إلى دويلات بدلاً من دولة واحدة أو دولتين..
كيف جنت الجماعات المسلحة على تماسك البلاد وقوتها.. وما مخاطر هذا الانقسام؟
ما مصلحة أمراء وجماعات الحرب المسلحة من استمرار هذا الوضع؟
لماذا لن تعود اليمن إلى ما قبل 2015 أو حتى ما قبل 1990؟
ما مصلحة القوى الكبرى من غياب الدولة القوية في اليمن؟
اليمن الجديد.. مناطق نفوذ متصارعة
قراءة / بديع سلطان:
غيّرت الحرب التي دخلت عامها السابع في اليمن، الخارطة الجيوسياسية للبلاد، بعد أن أضحت أغلب مناطقها في جزر منفصلة عن نظيرتها.
فبمجرد إلقاء نظرة بسيطة على خارطة اليمن، يتضح حجم التشظي الذي وقعت فيه البلاد، بتوزيع محافظاتها ومدنها على مناطق نفوذ وسيطرة، شبيه بتقسيم أمراء الحرب في أفغانستان والصومال، أو ملوك الطوائف بالأندلس قديمًا!.
فالبلد الواحد الذي التأمت وحدته في 1990، بغض النظر عن الكيفية التي تمت بها هذه الوحدة أو مشروعيتها، لكن ما هو أكيد اليوم هو أن هذه الوحدة لم تعد موجودة اليوم، بشكلها الذي كان قبل ثلاثة عقود.
وهنا.. يكمن أخطر ما في القضية، إذ أن الواقع الحالي لليمن، لا يمكن أن يفضي إلى عودة الوضع إلى ما قبل مايو/أيار1990، فقط، بدولتين شمالية وجنوبية، قد تتعايشان مع بعضهما البعض وفق مبادئ القانون الدولي إذا تم الانفصال.
لكن هذا الواقع مرشح لسيناريو لا يبدو أنه جيد، إذ يمكن أن تتشظى البلاد وتعود إلى صورتها وسيرتها التي كانت عليها عشية إعلان الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1967.
فالجماعات المسلحة المدعومة من دول إقليمية، أو حتى قوى المنطقة ذاتها، تتخذ من مناطق اليمن، مناطق نفوذ منفصلة عن بعضها، بل ومتقاتلة ومناوئة لبعضها البعض، فيما بات أشبه ب"جزر منعزلة" عن بعضها البعض، في ظل غياب دولة مركزية، أو حتى اتحادية توحد تلك المناطق.
وهذا الوضع مرشح لأن يكون ديدن البلاد مستقبلاً، وأن يبقى على ما هو عليه على المدى المنظور، كأمر واقع لا مناص منه.
هذه التنبؤات ليست من وحي الخيال، أو تخرصات لا تمت للواقع بصلة، ولكنها توقعات وثيقة الارتباط بما آلت إليه الأوضاع عقب حرب 2015.
كما أنها ليست من بنات أفكار كاتب السطور، ولكنها نتاج مراكز أبحاث ومعاهد دراسات سياسية مرموقة، لكتاب وصحفيين عالميين، وخبراء في شئون اليمن والمنطقة العربية.
رؤية دي جونسين
ففي مقال للباحث في معهد السياسة الخارجية بمركز الشرق الادنى للسياسات، جريجون دي جونسين، يرى أن اليمن لن يعود إلى التقسيم بين الشمال والجنوب، كما كان حاله قبل 1990، ولكن قد يكون الأمر أسوأ من ذلك.
إذ يعتقد دي جونسين، في مقاله المنشور على موقع مركز معهد بروكينغر لأبحاث ودراسات السلام، أن اليمن لم يعد واحدًا، أو حتى دولتين اثنتين، فالآن هناك دويلات صغيرة ومناطق يسيطر عليها عدد متزايد من الجماعات المسلحة، وكل منها له أهداف ومسارات مختلفة.
ويعدد الباحث مناطق سيطرة كل واحدة من هذه الجماعات والقوى، حيث قال: "إن المرتفعات الشمالية من البلاد يسيطر عليها الحوثيون".
فيما طارق صالح ابن شقيق الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، يقود على طول ساحل البحر الأحمر، مقاتلين متمركزين على الخطوط الأمامية للحوثيين في الحديدة.
وبعيداً عن أطراف البلاد، في تعز، يسيطر الحوثيون على الجزء الشمالي من المحافظة، وتسيطر قوات حزب الإصلاح الموالي للحكومة الشرعية على مدينة تعز وجزء كبير من الريف جنوب المدينة.
كما يسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يطالب بالانفصال، على مدينة عدن الساحلية الجنوبية بعد طرد قوات الرئيس عبد ربه منصور هادي في أغسطس/آب 2019، بحسب الباحث.
وتنشط في شمال عدن، جماعة أخرى هي كتائب العمالقة التي يقودها السلفيون في لحج، ويفضل العديد من هؤلاء المقاتلين الانفصال أيضا عن الشمال، ولكنهم يرفضون قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، وفقًا لقول دي جونسين.
ويضيف أن في مأرب، موقع هجوم الحوثيين الحالي، يسيطر الإصلاح، الموالي للشرعية، أما حضرموت فهي مقسمة بين قوات النخبة الحضرمية والتي تسيطر على الساحل، والوحدات التابعة للإصلاح في الداخل.
وفي محافظة المهرة، على الحدود الشرقية لليمن، تسيطر جماعات شبه عسكرية، مدعومة من السعودية بحسب الكاتب.
وتمسك وحدات هادي "مثلث القوة" اليمني، حقول النفط والغاز في مأرب وشبوة، وشمال حضرموت.
بينما يسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي على جزيرة سقطرى.
هذا التوصيف للواقع المتشظي لليمن، بحسب رؤية الباحث دي جونسين، يؤكد أن البلاد غارقة في الانقسام، وهذا قد يقود لاحقاً إلى فرض أمر واقع، خاصةً مع إطالة أمد الحرب.
واقع مثير للقلق
لم يكتفِ الباحث جريجون دي جونسين بالإشارة إلى توزيع خارطة الانقسامات العسكرية على الأرض، ولكنه تعمّق بشكل كبير، واصفاً تبعات هذا الوضع الخطير على واقع البلاد ومستقبلها.
كما قدم علاقةً وثيقةً بين هذا الانقسام في مناطق النفوذ وبين الجانب الاقتصادي للبلاد، وتأثرها بمخاطر الإرهاب والاستقرار.
حيث تابع الباحث قوله في مقالته: "إن أياً من هذه الجماعات المسلحة المختلفة لا تتمتع بالقوة الكافية لفرض إرادتها على بقية البلاد".
ويضيف: "مع ذلك، تمتلك كل هذه المجموعات تقريباً ما يكفي من الرجال والذخيرة للعمل على إفساد أي اتفاق سلام وطني يشعرون أنه لا يعالج مصالحهم بشكل كاف".
ولعل دي جونسين يشير في مقاله، إلى ما يسميه اليمنيون اليوم "تجار وأمراء الحرب"، المستفيدون من استمراريتها وإطالة أمدها.
ويرى الكاتب أن الأمر الأكثر إثارة للقلق، هو حقيقة أنه كلما استمر القتال، زاد احتمال ظهور المزيد من الجماعات المسلحة.
وأشار إلى أن (أصحاب) جهود السلام المختلفة لا يبدو أنهم يدركون ذلك، كما أن القرار الذي اتخذه هادي بتقسيم البنك المركزي عام 2016، جعل لليمن اقتصادين منفصلين، إذ يتم تداول الريال بسعر في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، وسعر آخر في عدن.
ويختتم المقال بالتحذير من أن تفكك اليمن يضع عدداً من التحديات أمام الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي برمته.
إذ إن واشنطن لن تعترف بجميع أمراء الحرب والجماعات المسلحة المختلفةالتي تسيطر على الأرض في البلاد، ولكن- ولأسباب متنوعة- بدءاً بمكافحة "الإرهاب" والمخاوف الإنسانية، ومروراً بمخاوف اللاجئين، وليس انتهاءً بممرات الشحن في البحر الأحمر.. سيتعين على المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة أن تتعامل مع العديد من تلك الجماعات "وفق سياسات متناقضة أحياناً".
العودة إلى الوراء
القراءة المعمقة في مقال الباحث دي جونسين، تبوح بالكثير من الحقائق التاريخية التي يبدو أن الرجل ملمٌ بها ومطلع عليها بشكل دقيق.
فما قدمه في مقاله يذكر بالوضع الذي كانت عليه اليمن، قبيل خروج المحتل البريطاني من الجنوب، فاليمن الشمالي كان تحت رحمة الإمامة الكهنوتية، بثوبها الملكي الصريح.
بينما كان جنوب اليمن متشظياً في إمارات ومشيخات وسلطنات متفرقة، سعت لأن تكون دويلات، لكن دون جدوى.
ولعل هذا المشهد الذي كان قبل نحو أكثر من نصف قرن، يعود من جديد، عطفاً على ما نلمسه من سيطرة الإمامة الحوثية الكهنوتية، بثوبها الجمهوري العصري المسيطرة على شمال اليمن.
فيما يغرق الجنوب في الانقسام، بين قوات الانتقالي والشرعية والإصلاح، والقوات المدعومة من قوى إقليمية وحتى دولية.
وتبدو اليمن وهي تعود إلى الوراء نحو خمسة عقود، فريسة سهلة للفوضى التي تعيشها اليوم، على مختلف الصعد، الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وهو وضع تماهى معه المجتمع الإقليمي والدولي، ويجتهد لترسيخه؛ خدمةً لمصالحه.
فوجود دولة قوية في هذه المنطقة من العالم ليس في مصلحة القوى الكبرى النافذة والمتحكمة في ممرات الملاحة الدولية ذات الأهمية الاستراتيجية، بل أن مصلحتها في غياب الدولة، وسيطرة أمراء الحرب وكيانات سياسية ضعيفة يسهل توجيهها والتحكم بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.