قرار عودة الجيش المصري الى الحكم خطأ ديمقراطي لا شك في ذلك ودونهُ خطأ وطني , لذا يمكن اعتباره من أخطاء الضَرر , كون فيه التهدئة لروع الشعب من ضياع الأرض والإنسان على يد الفرعون في الأولى والتفكك بيد الإخوان في الثانية. في الأولى كان الروع حرصاً على مكانة مصر من غيبوبة الحاكم , من شَرَهِ التاجر , من انتهازية السياسي ومن فساد السلطة. فكان الخروج بالملايين لإعادة الاعتبار لمصر , في لحظة شارفت فيها على الاختفاء من خريطة الفعلين الإقليمي والدولي. وللحول دون اختزال التاريخ والحضارة , لمجرد بند في وصية حاكم أرذله أداء أرذل العمر أما في الثانية فكان الروع رعباً على وجود مصر الجغرافيا. فكان الطوفان البشري بعشرات الملايين في طول البلاد وعرضها حفاظا على الحاضر الذي كاد يُخطف بالمُفَرَق الى هوة الماضي السحيق. وللحول دون الوقوع في تبعية (أم الدنيا) ل (قندهار) او ل (بيشاور). فكان الصوت هادراً برحيل مزدوج لفرعون إيديولوجيا الفرد ولفاشية الجماعة.
الفرد الجماعة الارض أضلاعٌ ثلاثة ارتكز عليها حكم تمكين الجماعة..الفرد عضو الجماعة البديل عن المواطن (اللهم أمتني على ملة الجماعة) القيادي البارز في الجماعة صبحي صالح بعد اعتداء تعرض له في الإسكندرية في نوفمبر الماضي على خلفية الإعلان ألدستوري وأما الجماعة فهي الأخوان البديل عن الجماعة ألوطنية طز في مصر.. وأبو مصر.. واللي في مصر" المرشد العام السابق محمد عاكف لجريدة روز اليوسف أبريل 2006 وأما الأرض فجزء من كل , (دولة الخلافة), وليس الوطن ذات الحدود الجغرافية والسيادة الوطنية "لا يهمني إن كان الحاكم مصري أو ماليزي عاكف لذات المصدر , أما المرشد الحالي محمد بديع فكان رايه "أنا أكبر من رئيس مصر".
من نافلة القول أن خطاب الجماعة خلال عام حكمهم كان تجريدياً ويقف في منزلة بين المغالطات والكذب رُغم كونها جماعة دعوية إلا أن بعضاً من صغورها في مكتب الإرشاد المعروفين ب(القطبيون), نسبةَ للمرشد العام الأسبق سيد قطب كانوا يرددون ما يقوله الجهلاء والمنجمون , كإدعاءٌ نسبه مفتي الجماعة محمد البر لحاخام يهودي قال فيه: "أن محرر بيت المقدس هو محمد الثالث" أي محمد مرسي, من جانبه أدعى خطيب الجماعة في مسجد رابعة العدوية "بؤرة التظاهر ألإخواني أدعى في خطبة الجمعة قبل الماضية بأن جبريل عليه السلام حضر الى رابعة العدوية للصلاة في مسجدها ولحث أنصار مرسي على الثبات والصمود. وفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان مثل : إرضاع الكبير ومضاجعة الوداع , وزواج المتعة , وحور العين , وما ملكت إيمانهم.
لم تدرك الجماعة إن الحصاد حُصرم لمثل هذا الخطاب التضليلي الذي يأتي في زمن الفرد ذاته أصبح مؤسسة إعلامية , كما وما لم تدركه الجماعة بعد : إن المثابرة داخل الوعاء الممتلئ بذاته والمنغلق بالمعاني الماضية على ذاته هو ما أوصل الجماعة الى حالة من الغرور والاعتقاد بتوحد إرادتها وإرادة المولى جلَ وعلَ مما جعلهم محل سخرية وتندر على مدار العام كما ولم تدرك الجماعة إن ألا إستراتيجية لا يمكن إن تكون إستراتيجية حكم لشعب عرف الحكم منذ 7000 عام, وإن من يحنث بالوعد كمن يحنث بالعهد.
تمادت الجماعة في وعودِ بسطتها في الشارع وأسالت بها لعاب القوى السياسية التقليدية على وجه التحديد وعود مستحيل تجسيدها في محسوسات ومن السذاجة السياسية الالتزام بها. لذا تبخروا بها مع أول دوران لعجلة الحكم. من قبيل وعود رئاسية للمائة يوم الأولى وانكشاف "مشروع ألنهضة الوهمي الى جانب غياب الرؤية الاقتصادية والركون الى الاقتراض او ما يمكن تسميته باقتصاد الصدقة. وأنصب أداء الجماعة على التفكير فيما تقوله في الصحف والفضائيات وليس فيما يجب أن تفعله من خلال المرافق لتوفير الخبز الحرية والعدالة التي نادوا بها سوية مع جموع الشعب في 25 يناير ليس ها وحسب بل وحرصوا أن يكون خطابهم مهرجاني مموه المعاني ومُسَوف المرامي لدرء المحاسبة.
لذا جاءت اللغة محنطة بمفردات أثرية من مرحلة التشظي لعصور انحطاط القرن السابع الهجري. مفردات من قبيل الأبلج اللجلج.. أنفروا خفافاً وثقالاً.. الملاحدة.. الرؤوس التي أينعت للقطاف سحرة فرعون ومغالبة الماء بالدم.. والترويج العلني لثقافة السمع والطاعة ولعادة تقبيل الأيادي وبدلاً من الانشغال بالإجابة على سؤال البطالة , انشغل رئيسهم في التفكير بعمل "القِرَدَاتي عندما يموت القِرد" ومن البحث عن مخارج لتدهور الاقتصاد كان البحث عن باب لل"الحارة المزنوقة" وعوضاً عن إصبع لهم في نهضة مصر كان البحث عن صُباع وصوابع وهمية لتحميلها مثالبهم أبدعوا في استخدام (مُشجب) الدولة العميقة لتبرير فشلهم. وبعنصرية مقيتة زعموا موتاهم في الجنة والبقة في النار ودخلوا في متاهة السؤال القديم : هل نهنئ النصارى في عيد الميلاد أم لا؟.
أوغلوا في توزيع تهم الكفر بحق منتقديهم ووصم كل من في ضفة الشارع السياسي المقابل بمعادات المشروع الإسلامي رُغم إن الصفوفتمتد في التحرير كما في رابعة لأداء الصلاة جماعةً في حينها. رفعوا شعارات التقسيم لأفراد المجتمع من قبيل "إسلامية رغم أنف ألعلمانية دون إن يكون لهم تعريف محدد لمفهوم العلمانية وغيره وغيره من دلائل النكوص الارتدادي لنهضتهم بما يؤكد أن الأزمة الحقيقة التي ألبت الشارع للانقلاب على الجماعة خلال فترة لم تتجاوز العام الواحد لا تكمن في الفكر وإنما في تشوش الرؤية عند حامليه..
أياً كان القول والقول ألمضاد فيقيني أن مصر ال 30 من يونيو 2013م قد أضافت صيغة "الانقلاب ألشعبي لمصفوفة الاصطلاحات السياسية , ووضعت حداً لمهنة التجارة الدينية , ليس في مصر وحسب وإنما في عموم العالم الإسلامي.