هناك مثل معروف وشائع يقول بأن: الكلب الذي ينبح كثيراً لا يعض. والهنجمة شكل من أشكال التهديد والوعيد الذي دائماً ما يتراجع ويتلاشى ولا يتحقق منه شيئاً فهو وليد اللحظة لا غير. ولقد أثبتت كل التجارب التاريخية بأن المشاكل والصعوبات لا تحل بالهنجمة وإن إستعادة الحقوق المغتصبة من قبل الأعداء لا يمكن أن تتم من خلال لغة التهديد والوعيد العلني وإنما بالعمل الجاد و السرية خاصة إذا كانت القوة العسكرية هي من تقع عليها مهمة القيام بهذه الوظيفة. ومن بين تلك التجارب التاريخية لا نزال نتذكر كيف كان الإعلام المصري والصوت المجلجل للإعلامي الشهير أحمد سعيد وما خلفته نكسة حزيران 1967م من خسائر مادية وبشرية ومن احتلال للأراضي الشاسعة في كل من مصر والأردن وسوريا ولبنان وعلى وجه الخصوص في فلسطين (الضفة الغربية وغزة والأراضي المقدسة). وقد أعاد الجيش المصري الاعتبار لمصر وللجيش المصري في أكتوبر 1973م بعد أن تخلى الأعلام المصري عن خطاب ما قبل النكسة. كما أنه كان معروفاً لدى الجميع كيف دمر المفاعل النووي العراقي عام 1982م في الوقت الذي كان فيه العراق والجيش العراقي يخوض أشرس المعارك مع إيران, لم تعلن إسرائيل يوماً بأنها سوف تقوم بذلك العمل الإجرامي والفضل يعود إلى السرية لتحقيق الهدف. وفي اليمن ظل الأعلام الرسمي قبل رحيل رئيس النظام السابق يملأ الدنيا ضجيجاً ونهيقاً ونعيقاً في تهديد تنظيم القاعدة الوهمي من خلال القيام بالحملات العسكرية التي مثلت جميعها مسرحيات هزلية ملها الناس في الداخل والمتابعين للشؤون اليمنية في الخارج, فكانت النتيجة بعد اندلاع ثورة شباب التغيير السيطرة الكاملة على محافظة أبين وأجزاء من محافظة شبوة من قبل تنظيم القاعدة وما أطلق عليه أنصار الشريعة. ومنذ اليوم الأول لرحيل علي عبد الله صالح مع الأسف واصلت القيادة السياسة الجديدة وحكومة الوفاق الوطني السير على نفس النهج السياسي ونفس لغة التهديد والوعيد المعلن عبر مختلف وسائل الإعلام حتى فاجأهم تنظيم القاعدة وأنصاره بالمذبحة البشعة التي ارتكبها بحق منتسبي الألوية العسكرية المرابطة على أطراف مدينة زنجبار وتجاوز القتلى منهم أكثر من 200 وهو العدد المعلن أما الجرحى والأسرى فحدث ولا حرج. فهل تتعظ القيادات السياسية والعسكرية وتستفيد من كل الدروس والعبر وتعيد الاعتبار لليمنيين وللمؤسسات العسكرية والأمنية بعيداً عن التهريج الإعلامي الذي لا يجدي نفعاً وتضع حداً لفك القيود والأغلال عن كواهل أهالي زنجبار وجعار وعزان وكل المناطق التي يعيث فيها القتلة أعداء الإسلام والإنسانية فساداً وطغياناً, يقتلون النفس البشرية التي حرم الله قتلها بغير ذنب, ومن قتل مؤمناً فكأنما قتل الناس جميعاً. دأبت إسرائيل على القيام بعملياتها العسكرية في كل مكان بسرية تامة. وإذا كانت اليوم تهدد بضرب المفاعلات النووية الإيرانية على مدار الساعة فهذا يعني أنها لن تقدم على أي خطوة في هذا الاتجاه على الإطلاق وعلى هذا الأساس فقد أصبحت اللعبة والمسرحية الإيرانية – الصهيونية – الأمريكية مكشوفة.