لماذا تم اعتقال مانع سليمان في مطار عدن؟    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (9)    خواطر ومحطات حول الوحدة اليمنية (الحلقة رقم 51)    في حفل تخريج دفعة "مولد الهادي الأمين" الذي نظمته وزارة الداخلية..    من الوفاء أن نقول الحقيقة: الشيخ حمير الأحمر لم يُشترَ.. ولن نصمت    دمج الرشاقة والمرونة في التخطيط الاستراتيجي    دمج الرشاقة والمرونة في التخطيط الاستراتيجي    فيما تبنت الحكومة الخطة الأمريكية والإسرائيلية لنزع سلاح المقاومة.. لبنان على مفترق طرق    بعملية عسكرية نوعية.. القوات المسلحة تؤكد.. استهداف مطار »اللد« المحتل بصاروخ »فلسطين 2«    هطول أمطار ليلية على العاصمة صنعاء وتحذيرات من عبور السائلة وخبير طقس يتوقع توسع الأمطار    في الذكرى ال56 لإحراقه.. الصهيونية لازالت تدنس المسجد الأقصى المبارك    اغتيال كلية الشريعة والقانون    الالتزام بشروط تزيين السيارات بذكرى المولد النبوي    فيما العيدروس يطلّع على سير أداء عدد من اللجان الدائمة بالمجلس: رئاسة مجلس الشورى تناقش التحضيرات لفعالية المولد النبوي للعام 1447ه    شرطة تعز تعتقل مهمشاً بخرافة امتلاكه "زيران"    كمال الزهري .. عين الوطن    التشكيلية أمة الجليل الغرباني ل« 26 سبتمبر »: مزجت ألم اليمن وفلسطين في لوحاتي لتكون صوتاً للجميع    متى وأيّ راعية ستمطر…؟ ها هي الآن تمطر على صنعاء مطر والجبال تشربه..    نفحات روحانية بمناسبة المولد النبوي الشريف    اجتماع موسع لقيادة المنطقة العسكرية السادسة ومحافظي صعدة والجوف وعمران    دعا المواطنين للتعاون مع رجال الأمن في تنظيم الفعاليات وضبط حركة السير..    مرض الفشل الكلوي (17)    منتخب الشباب الوطني يتعادل مع فريق الأمانة استعدادا لكأس الخليج    مسام ينتزع قرابة 3 آلاف لغم حوثي خلال نصف شهر    القبض على شبكة تهريب مهاجرين افارقة في المهرة    وزير الثقافة يزور دار المخطوطات ومركز الحرف اليدوية بمدينة صنعاء    المؤتمر الشعبي العام.. كيان وطني لا يُختزل    خرافة "الجوال لا يجذب الصواعق؟ ..    إبراهيم حيدان يؤدي دور الزوج المخدوع.. وزير الداخلية الحقيقي "بن عبود الشريف"    ميسي يعود من الإصابة ويقود إنتر ميامي للفوز على غالاكسي وينفرد بصدارة الهدافين    غارات إسرائيلية تستهدف بنى تحتية للحوثيين في صنعاء    أمطار غزيرة وعواصف رعدية.. الأرصاد يرفع التنبيه إلى الإنذار ويتوقع توسع حالة عدم استقرار الاجواء    شباب المعافر يهزم الصحة ويقترب من التأهل إلى ربع نهائي بطولة بيسان    رئيس تنفيذية انتقالي شبوة يشارك في تدشين مشروع مياه باكبيرة في عتق    الهيئة العليا للأدوية تعلن صدور قائمة التسعيرة الجديدة للأدوية لعدد 3085 صنفا    النصر السعودي يضم الفرنسي كومان رسميا من بايرن ميونخ    حملة توعوية لانتقالي الضالع لنشر ثقافة الوسطية والاعتدال    الزراعة تعد استراتيجية وطنية لمواجهة تحديات الأمن الغذائي    حكومة التغيير والبناء تحقق إنجازات اقتصادية وتنموية في عامها الأول    ترسيخ الطبقية والتمييز الاجتماعي: السلطة تحتكم لجرحى القبيلة وتتجاهل شهيد الطبقة المستضعفة    بيان السفارة الأمريكية في اليمن: إصلاحات عاجلة خلال 90 يومًا    عشر سنوات من الغرام، واليوم فجأة.. ورقة طلاق!    الشركة اليمنية تصدر قائمة أسعار جديدة للغاز المنزلي    طريقة بسيطة للوقاية من أمراض القلب    قصف إسرائيلي يستهدف العاصمة صنعاء    بهدفي كين ودياز.. بايرن يتوّج بالسوبر ال 11    الضالع .. جريمة قتل مروعة على خلفية خلاف عائلي    الأهلي يُعلن جاهزية عاشور    بايرن ميونخ بطلًا للسوبر الألماني بثنائية في شتوتجارت    الأمن يضبط المتورطين في حادثة اختطاف طفلتين هزت ذمار    إسرائيل تقصف محطة الكهرباء في صنعاء من جديد    الصحة العالمية: اليمن يسجل عشرات الآلاف من الإصابات بالكوليرا وسط انهيار البنية الصحية    رسميًا | SPORTBACK GROUP توقع مع نجم التلال عادل عباس    أكاذيب المطوّع والقائد الثوري    أفضل وأحسن ما في حلف حضرموت أن أنصاره اغبياء جدا(توثيق)    من يومياتي في أمريكا .. أيام عشتها .. البحث عن مأوى    الاشتراكي "ياسين سعيد نعمان" أكبر متزلج على دماء آلآف من شهداء الجنوب    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزلية صراع الشمال والجنوب: فرضية تفسيرية
نشر في حياة عدن يوم 28 - 11 - 2009

span style=\"color: #ff0000\"حياة عدن/ إيلاف /حميد الهاشمي

لعل في كل بلد يوجد شكل أو أكثر من أشكال الصراع بين شماله وجنوبه، ومن أشكال الصراع هذه، العسكري والسياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي وغيرها. هذا إضافة إلى صراع (شمال- جنوب) على صعيد العالم (وإن اعتبره البعض وهميا) والذي يتجسد في وجود كتلتين على مستوى العالم تتنازع الدبلوماسية والسياسة والاقتصاد والمناصب في الهيئات والمنظمات الدولية.
الأمثلة كثيرة على صراعات الشمال والجنوب وليس بالضرورة أن يكون الشمال شمالا جغرافيا، والجنوب جنوبا جغرافيا مطلقا، فقد يكون مركزه الوسط مثلا، حيث تتبعه باقي الأقاليم أو يكتسب صفة التعميم كنتيجة مقارنته بنده أو غريمه.
ومن أمثلة صراعات الشمال والجنوب التي شهدها عالمنا العربي وتجسدت بصيغ عسكرية وسياسية هي تلك التي وجدت في البلدان التالية: اليمن والسودان ولبنان والعراق، ولعل المغرب يضاف إلى هذا النمط من الصراع إذا ما اعتبرنا الصحراء (مركزها مدينة العيون) التي تقاتل جبهة بوليساريو من أجل انفصالها. وعالميا لدينا أمثلة من الكوريتين والولايات المتحدة الأميركية وتركيا وايرلندا والفلبين وسريلانكا وايطاليا وفرنسا وغيرها.
أما أشكال الصراع الثقافية والاقتصادية بين شمال وجنوب كل بلدان العالم العربي والعالم تقريبا فهي موجودة. وعادة ما يكون الصراع بين شمال غني مترف وجنوب فقير. جنوب غني بثرواته وشمال مستغل لها. شمال متعلم أو أكثر تعليما وجنوب جاهل أو اقل تعليما. شمال عامر وجنوب خرب. شمال مهيمن حاكم وجنوب خاضع محكوم. تكاد تكون هذه القاعدة مع وجود بعض الاستثناءات. وهذا ما يفسر أسباب قيام الثورات الداخلية والصراعات العسكرية بين هذين الطرفين.
حتى في معظم البلدان الصناعية الكبرى، تجد شمالا صناعيا وجنوبا فلاحيا أو مزودا بالعمال. هكذا كان الحال مع بريطانيا كما صورته رواية الكاتبة اليزابيث غاسكال (1810-1865) مثلا والمعنونة (شمال- جنوب North and South)، ومع ايطاليا حيث كان يهدد وحدة البلاد كما ذكره الفيلسوف غرامشي (1891-1937).
إلى جانب هذا وذاك فهناك فوارق اثنية (عرقية) وتمايز ثقافي، أي خصوصية لكل (إقليم) وفقا لعناصر الثقافة من قبيل اللغات واللهجات والاديان والمذاهب والعادات والتقاليد والخصوصيات الثقافية الأخرى.
ما الذي يجعل هذا الصراع الأزلي وهذه الجدلية التي يكاد يكون تفسيرها غامضا؟؟؟
أي لماذا شمال- جنوب أكثر مما هو شرق- غرب، أو وسط وأطراف مثلا؟؟
لنمهد أولا لفكرة تفسير ذلك من خلال مقاربة مع ما طرحه إبن خلدون والذي سبق غيره في التفكير الاجتماعي حينما أشار إلى ما بات يصطلح عليه في علم الاجتماع ب(الحتمية الجغرافية geographical determinism)، حيث تطبع الجغرافيا خصائصا معينة وفقا للمناخ وطبيعة الأرض على سكانها، لهذا يخلق التمايز بين البشر. ومع عدم اتفاقنا التام على هذا التفسير الذي كان موجها بصفة خاصة لوصف سلوك الأجناس. ففي المقدمة الرابعة من (مقدمة ابن خلدون) في أثر الهواء في أخلاق البشر يقول ابن خلدون " و لما كان السودان (اصطلاح سابق يطلق على الأفارقة عامة) ساكنين في الإقليم الحار و استولى الحر على أمزجتهم وفي أصل تكوينهم، كان في أرواحهم من الحرارة على نسبة أبدانهم وإقليمهم فتكون أرواحهم بالقياس إلى أرواح أهل الإقليم الرابع أشد حراً فتكون أكثر تفشياً فتكون أسرع فرحاً و سروراً و أكثر انبساطاً و يجيء الطيش على أثر هذه وكذلك يلحق بهم قليلا أهل البلاد البحرية لما كان هواؤها متضاعف الحرارة بما ينعكس عليه من أضواء بسيط البحر و أشعته كانت حصتهم من توابع الحرارة في الفرح و الخفة موجودة أكثر من بلاد التلول و الجبال الباردة و قد نجد يسيراً من ذلك في أهل البلاد الجزيرية من الإقليم الثالث لتوفر الحرارة فيها وفي هوائها لأنها عريقة في الجنوب عن الأرياف والتلول واعتبر ذلك أيضاً بأهل مصر فإنها مثل عرض البلاد الجزيرية أو قريباً منها كيف غلب الفرح عليهم و الخفة و الغفلة عن العواقب حتى أنهم لا يدخرون أقوات سنتهم ولا شهرهم و امةً مأكلهم من أسواقهم. ولما كانت فاس من بلاد المغرب بالعكس منها في التوغل في التلول الباردة كيف ترى أهلها مطرقين إطراق الحزن و كيف أفرطوا في نظر العواقب حتى أن الرجل منهم ليدخر قوت سنتين من حبوب الحنطة ويباكر الأسواق لشراء قوته ليومه مخافة أن يرزأ شيئاً من مدخره وتتبع ذلك في الأقاليم والبلدان تجد في الأخلاق أثراً من كيفيات الهواء و الله الخلاق العليم".
من هنا ننطلق ولا نصف السلوك إنما نوَصٍف حالة الصراع وأسبابها. فالتفاوت الجغرافي سواء في طبيعة (طبوغرافية) الأرض أو المناخ ينعكس على الاستقرار والإبداع والانجاز وامتلاك عناصر القوة والنفوذ. وبما أن الاتجاه شمالا يعني اعتدال المناخ بالضرورة أو ميله للبرودة في نصف الكرة الشمالي، فهذا يعني أن الأقاليم الشمالية وإن كانت داخلية في كل بلد تمتاز بفرص العمل والإبداع والإنجاز، وتمنح فرصا للسيطرة والنفوذ. بل لعل أدوات القوة والسيطرة مثل رؤوس الأموال والكفاءات تتجه شمالا، ويتم استقطابها حيث اعتدال المناخ. وتبرز فرص أفضل في الشمال للأحوال الصحية والتعليم والعمل وبناء المركزية والنفوذ وسبل العيش الأفضل مقارنة بالجنوب المناظر. وإن تفاوت الثروات والفرص والظروف تلك، يجعل سببا للصراع. كما أن التفاوت الجغرافي يخلق الخصوصيات الثقافية التي اشرنا إليها سابقا.
والأصل يبقى هو النزوع إلى المناطق الأكثر برودة أو اعتدالا في المناخ، وهكذا نجد المعادلة مقلوبة في نصف الكرة الأرضية الجنوبي، حيث يكون الإتجاه جنوبا بحثا عن جو أكثر برودة واعتدالا. والأمثلة في جنوب إفريقيا حيث تكون المدن العامرة والمزدهرة مثل كيب تاون، وجوهانسبرغ وغيرها في أقصى الجنوب، وفي استراليا مدن سدني وكانبيرا واديلايد وبيرث وبريزبان وغيرها.
الخلاصة إذن هي في مسألة التفاوت المناخي الذي يخلق الخصوصيات الثقافية والاقتصادية والتي بدورها تؤدي إلى التفاوت في الإمكانات وما ينجم من أشكال الصراعات هذه، ولا ننكر وجود الاستثناءات، فلكل قاعدة استثناء.
--------------------
span style=\"color: #333399\" د. حميد الهاشمي، مختص بعلم الاجتماع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.