عاجل: مصرع القيادي الإرهابي رويس الرويمي وخمسة من عناصر القاعدة في عملية أمنية بحضرموت    الشرعية حين تتحول من مبدأ قانوني إلى أداة تعطيل    لسنا بنادق للإيجار.. كاتب جنوبي يؤكد الشراكة مع التحالف ويحذر من استهداف قضية الجنوب    أكد موقف اليمن الثابت مع الصومال ضد العدو الاسرائيلي .. قائد الثورة: أي تواجد إسرائيلي في إقليم أرض الصومال سيكون هدفاً عسكرياً لقواتنا المسلحة    نائب وزير العدل يتفقد تجهيز مقرات المحاكم الابتدائية المنشأة حديثًا بأمانة العاصمة    وزارة الصحة: العدوان استهدف 542 منشأة صحية وحرم 20 مليون يمني من الرعاية الطبية    حمداً لله على السلامة    الإفراج عن 108 سجناء من الحديدة بمناسبة جمعة رجب    صحيفة بريطانية: توترات حضرموت تنذر بانفجار صراع جديد يهدد مسار التهدئة في اليمن    خلال تدشينه مشروع التحول الإلكتروني لصندوق التقاعد الأمني .. اللواء المرتضى: المتقاعدون يستحقون الاهتمام فقد أفنوا سنوات طويلة في خدمة الوطن    المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام ينفذ عمليات واسعة لإتلاف مخلفات العدوان بمحافظة الجوف    قوات دولية في غزة لماذا.. وهل ستستمد شرعيتها من مجلس الأمن ؟!    هل يهزم ابن زايد بن سلمان ويتسبب بقسمة تركة الرجل المريض؟    إيمان الهوية وهوية الإيمان    تكريم البروفيسور محمد الشرجبي في ختام المؤتمر العالمي الرابع عشر لجراحة التجميل بموسكو    مرض الفشل الكلوي (34)    حين يكون الإيمان هوية يكون اليمن نموذجا    الهوية والوعي في مواجهة الاستكبار    الطبيب الخزان يشكو ما تعرض له في مبنى قضائي بصنعاء للنائب العام    الدكتور هادي دلول أستاذ العلاقات الدولية والمستشار في الفيزياء النووية في طهران:نبارك اتفاق إطلاق الأسرى في اليمن وتنفيذه متوقف على مصداقية الطرف الآخر والتزامه    فلسطين الوطن البشارة    المكلا حضرموت ينفرد بصدارة المجموعة الثالثة بدوري الدرجة الثانية لكرة القدم    العليمي يشن الحروب على الجنوب لحماية سرقاته لنفط شبوة وحضرموت    العرادة يدشن حزمة مشاريع خدمية وتنموية لتعزيز البنية التحتية في مأرب    الشؤون الخارجية بالانتقالي تبحث التعاون مع المفوضية السامية وتؤكد احترام المجلس لحقوق الإنسان    جوائز غلوب سوكر: باريس والبرتغال ويامال الأفضل    الأرصاد: سحب منخفضة كثيفة على سقطرى والسواحل والمرتفعات المحاذية    منذ أكثر من شهر.. مليشيا الحوثي تمنع دخول عشرات الشاحنات المحملة بمادة الأخشاب    ميلان يقسو على فيرونا بثلاثية ويعتلي صدارة "الكالتشيو" مؤقتاً    مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة طارئة غدا لبحث الاعتراف الإسرائيلي ب"أرض الصومال"    ورشة حول الصحة والسلامة المهنية بصنعاء    بيان مليونية سيئون يجدد التفويض للرئيس الزُبيدي لإعلان دولة الجنوب العربي    أمين العاصمة يتفقد أعمال صيانة شارع سبأ بمشاركة مجتمعية    خفر السواحل تحذر من السباحة قبالة سواحل عدن وأبين وشبوة    المحرّمي يطّلع على سير العمل في المؤسسة العامة للاتصالات وخططها المستقبلية    هل بات قادة اوروبا يخشون "سلام ترامب" في أوكرانيا؟!    نيجيريا تسقط تونس في مباراة مثيرة وتبلغ ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا    هروب    الاعتراف الإسرائيلي بالصومال خطر يهدد الجنوب العربي وخليج عدن    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    رشاد العليمي يسهل لنجله عبدالحافظ سرقة نفط حضرموت    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية في «كأس أمم إفريقيا»    الصحفي المهتم بقضايا الناس وانشطة الصحافة الثقافية عبدالعزيز الويز    قراءة تحليلية لنص «صدمة استقبلتها بقهقهة» ل"أحمد سيف حاشد"    دوري روشن السعودي: اتحاد جدة يهزم الشباب بثنائية نظيفة    اكتشاف آثار حضارة متطورة في باكستان    ضربة بداية منافسات بطولة كأس العالم للشطرنج السريع والخاطف قطر 2025    اتحاد حضرموت بحافظ على صدارة المجموعة الثانية بدوري الدرجة الثانية    مأرب تحتفي بتخريج 1301 حافظًا وحافظة في مهرجان العطاء القرآني    القيادة التنفيذية العُليا تناقش الجهود المبذولة لتأمين الخدمات للمواطنين ومراقبة أسعار الصرف    ما علاقة ضوء الشمس بداء السكري.. نصيحة للمصابين    العطاس: نخب اليمن واللطميات المبالغ فيها بشأن حضرموت"    الكشف عن عدد باصات النساء في صنعاء    الكتابُ.. ذلكَ المجهول    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطة المرحلة الأنتقالية و مؤتمر الحوار .. تهيئة و تمهيد للحوار أم حل مسبق للقضية الجنوبية ؟
نشر في حياة عدن يوم 14 - 05 - 2012

عندما صدر القانون الرئاسي رقم ( 13 ) لعام 2012م. يوم 6 مايو الجاري بشأن تشكيل لجنة اتصال مكونة من ثمانية أعضاء مهمتها تشكيل لجنة تحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل في فترة أقصاها : 30 يونيو 2012م. كانت أولى التعليقات في "صنعاء " هي أن نصف عدد أعضاء اللجنة الثمانية "جنوبيين " . و هذه إضافة جديدة . ففي " صنعاء" صار أبناء المناطق الجنوبية يسمعون كثيرا من الأقوال : الرئيس منكم ، رئيس الوزراء منكم ، نصف وزراء الحكومة منكم ، و الآن نصف لجنة الأتصال منكم ، فماذا تريدون بعد ؟

إلى حد ما يبدو ترديد مثل هذه الأقوال دائما طيبا ، فالبعض يعتقد أن تلك الأقوال خطوات في طريق الأعتراف رسميا بالقضية الجنوبية ، و لكن مجريات الأمور و النشاطات السياسية مؤخرا تدل على العكس ، حيث بدأت محاولات جادة لتوجه جديد لحل القضية الجنوبية بدون الأعتراف بها . و ذلك بالتخطيط لأجراءات و معالجات جزئية عملية لترويض الحراك الجنوبي السلمي لقبول هذا التوجه و للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل ، و ربما باطنها التخلص من أرق القضية الجنوبية خلال ال 17 شهرا القادمة .

تجلى التوجه / الاتجاه للإجراءات و المعالجات الجزئية للقضية الجنوبية في الحوارات و النقاشات أثناء زيارة الأخ جمال بن عمر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الأخيرة لليمن التي امتدت من تاريخ : 19 / 4 / 2012م. إلى الخامس من مايو . فإلى جانب الوساطات و الأعمال الخيرة التي قام بها بين أطراف النظام الجديد القديم المتنازعة أحضر معه تصورا متكاملا عن التحضير لمؤتمر الحوار الوطني الشامل وانعقاده واستكمال المرحلة الأنتقالية في البلاد حتى فبراير 2014م. و لم ينشر التصور الواقع في عشر صفحات كاملا ، لكنه نوقش مع سفراء الدول العشر الراعية لتنفيذ المبادرة الخليجية و قيادة الدولة و الأحزاب الرئيسة في البلاد و منها الحزب الأشتراكي اليمني . و كذا حظيا الملتقيان الصغيران لأبناء الجنوب في صنعاء بلقاءين أيضا .

الجديد الأول : هو عدم ضرورة المطالبة بالأعتراف بالقضية الجنوبية . فقد جاء في بيان الملتقى الوطني لأبناء الجنوب في صنعاء المنشور بتاريخ : 23 إبريل 2012م. أن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة قال نصا : ( إن القضية الجنوبية أصبحت محل أعتراف من جميع الأطراف في الداخل و الخارج و لا حاجة للجنوبيين للمطالبة بالاعتراف بقضيتهم كونها صارت محل أعتراف الجميع . ) و هذه " الحاجة " ظلت مطلبا رئيسا لكل القوى السياسية الجنوبية و أبناء الجنوب منذ ما بعد القرارين 924 و 931 عام 1994م. و حتى الآن . فماذا أستجد حتى يتم التخلي عنها ؟ و ما الضمانات القانونية المحلية و الدولية البديلة للاعتراف ؟

إن الاعتراف بالقضية الجنوبية ظل و مازال مسألة أساسية و هو حجر الزاوية في انطلاق معالجتها ، و من الناحية القانونية فلم تذكر إلا مشروطة في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية التي وقعت في الرياض بتاريخ : 23 نوفمبر 2012م. و هي وثيقة ثانوية . و طوال 18 عاما كان النظام و الحزب الحاكم في صنعاء يرفضان رفضا قاطعا الأعتراف ب " القضية الجنوبية " ، و كان ذلك يعني تماما عدم الاستعداد لحلها . و لسنا – هنا – بصدد تناول الأعتراف المحلي و الأقليمي و الدولي ( رسميا و قانونيا ) بالقضية الجنوبية لأنه موضوع كبير . و إنما بصدد التطرق إلى الدعوة إلى عدم الضرورة بالمطالبة به الآن . فهذه الدعوة التي أطلقها الأخ جمال بن عمر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في زيارته الأخيرة بالتأكيد جاءت بناء على طلبات ملحة من النظام الجديد القديم و قواه السياسية و في إطار فرض رؤيته للتمهيد لمؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي سينعقد حسب الجدول السابق الذكر في : 15 أكتوبر 2013م. و تعتبر عمليات ترويض الحراك الجنوبي السلمي و القضية الجنوبية من أهم محتويات رؤية التمهيد والتهيئة للمؤتمر و المرحلة الانتقالية .

تشمل تهيئة الحراك السلمي الجنوبي و القضية الجنوبية و ترويضهما تمهيدا لمؤتمر الحوار الوطني الشامل بحسب مشروع الخطة المذكورة ، تقريبا ما يلي :

عدم ضرورة ألمطالبة بالاعتراف بالقضية الجنوبية لأن جميع الأطراف تعترف بها ضمنيا .
مشاركة الحراك السلمي الجنوبي في الأعمال التحضيرية للمؤتمر العملية ( هيئات العمل و أعمال التحضير ) و في النقاشات في الأطر السياسية و في القواعد و المحافظات و القطاعات الشعبية المختلفة ( أي أننا سنبدأ مناقشة القضية الجنوبية من جديد ) .
تمثيل الحراك السلمي الجنوبي ب 30 ممثلا في مؤتمر الحوار الوطني الشامل . كواحد من ثمان جهات / مجموعات ممثلة بالمؤتمر الذي سيكون قوامه : 240 عضوا . ( البقية : أحزاب التحالف الوطني – أحزاب اللقاء المشترك – أحزاب أخرى – حركات الشباب – الحوثيون – منظمات المجتمع المدني – مجموعات المرأة ) .
تحديد ما إذا كانت " القضية الجنوبية " ستناقش كقضية منفصلة في المؤتمر أو كقضية ضمن سياق أسس الدولة الجديدة ، و مؤسساتها ، و الدستور ، و السياسات المستقبلية ، و التي سيتم إقرارها . و هنا يوجد تضارب حول القضايا التي سيناقشها المؤتمر ، بعض الصحف ذكرت أن المشروع يقول أن المؤتمر سيناقش الأربع المسائل الواردة . و صحف أخرى نشرت أن جدول المؤتمر سيناقش ثمان مسائل من بينها القضية الجنوبية .
أتحاذ معالجات و إجراءات تصحيحية لجوانب و قضايا جنوبية متنوعة ( مطلبية و عمالية و حقوقية و سياسية و إصلاحية ) تعبر عن حسن نية السلطة و النظام تجاه أبناء الجنوب و قواه السياسية .
بالنسبة للاتجاهات الأربعة الأولى أعلاه فهي مرتبطة بتثبيت المشروع / الخطة لأنه الآن في طور المقترح و يحتمل أن تدخل عليه تعديلات أو إضافات من قبل الدول العشر الراعية لتنفيذ المبادرة الخليجية ، سلبا أو إيجابا . و فيما يخص النقطة الخامسة / العملية الخامسة ، و هي : اتخاذ معالجات و إجراءات تصحيحية لجوانب و قضايا جنوبية . فقد بدأت فعلا في الأسبوع الأخير من شهر إبريل الماضي بأن تكفل بالمطالبة بها كل من قيادة الحزب الاشتراكي اليمني و الملتقى الوطني لأبناء الجنوب في صنعاء.

بيان " الملتقى " بتاريخ : 25 أبريل الماضي طالب القيادة السياسية الجديدة و حكومة الوفاق الوطني بإظهار حسن النية و بناء الثقة مع الجنوبيين بعكس ما كانت عليه مع النظام البائد ، و حدد أربعة مطالب : إعادة المسرحين من القوات المسلحة عام 1994م. ضمن هيكلة القوات المسلحة و الأمن ، و توظيف جنوبيين في مراكز الشرطة في المحافظات الجنوبية ، تنفيذ توصيات لجنة باصره – هلال بخصوص الأراضي المنهوبة ، و إعادة المدنيين المسرحين و حل مشاكل عمال المصانع و المؤسسات المخصخصة و تشغيل تلك المصانع . . و لم يذكر البيان الأعتراف بالقضية الجنوبية لكنه أشار في مقدمته إلى : ( ضرورة حل القضية الجنوبية حلا عادلا و بما يرضي أبناء الجنوب ) .

يتسم اتجاه إظهار حسن النية و بناء الثقة مع الجنوبيين أعلاه بمطالب قليلة آنية مباشرة ممكنة التنفيذ تعتقد قيادة الملتقى أنها إذا تمت ستقلل من نزوع الشارع الجنوبي نحو " فك الارتباط " المتصاعد حاليا . و لكنها ليست حتى الحد الأدنى من المطالب المطلبية و إنما هي مجرد تحسين معيشي لقطاعات من أبناء الجنوب .

و لحق ذلك بتاريخ : 29 إبريل 2012م. بيان لقيادة الحزب الاشتراكي اليمني حيث دعت الأمانة العامة للحزب رئيس الجمهورية و حكومة الوفاق إلى أتخاذ جملة قرارات متصلة بالفضية الجنوبية سيكون من شأنها بناء الثقة و التمهيد لحوار وطني جاد حول حل القضية الجنوبية . و حدد البيان مضمون القرارات المطالب بها في : 12 بندا . ملخصها : إعادة العسكريين و المدنيين الجنوبيين إلى أعمالهم - تعويض رواتب المبعدين - تشكيل هيئة وطنية للمصالحة و الأنصاف للمتضررين الجنوبيين - إعادة الممتلكات و الأموال التي تم نهبها بعد عام 1994م. خاصة أو عامة - محاكمة الفاسدين المتورطين بنهب الأراضي و العقارات و الممتلكات العامة - إعادة أراضي الأنتفاع للفلاحين - معالجة ضحايا 1994م. كشهداء - دعوة المعارضة الجنوبية في الخارج للمشاركة في الحوار - إزالة المظاهر المختلفة لتمجيد حرب 1994م. - توجيه أعتذار رسمي لأبناء الجنوب - الإفراج عن جميع المعتقلين على ذمة الثورة و الحراك السلمي الجنوبي - السماح بإعادة صدور صحيفة "الأيام " و تعويضها .

و إتجاه اتخاذ عدد واسع من الإجراءات السياسية والإدارية المعبر عنه أعلاه والمحدد في البيان كتمهيد للحوار الجاد لمعالجة القضية الجنوبية تنشأ بخصوصه ( كمثل سابقة ) أسئلة وملاحظات و شكوك كثيرة حول طرق تنفيذها ، بل و حول إمكانية تنفيذها من عدمه . و هل هي كافية لتهيئة القوى السياسية الجنوبية و أبناء الجنوب للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل أم أنها ستفضي القضية الجنوبية من بعض مضامينها .

لقد ظلت ما يشبه كل الإجراءات و المطالب الآنفة الذكر مرفوضة من فبل النظام البائد خلال ال 18 عاما الماضية ، و تنفيذها ليس بيد رئيس الجمهورية و رئيس مجلس الوزراء ، لأن القوى القديمة موجودة بشكل : جديدة و قديمة . و نعتقد أن القوى السياسية الحاكمة الموقعة على المبادرة الخليجية بما فيها " اللقاء المشترك " الذي ينضوي الحزب الأشتراكي اليمني في إطاره لا تجمع على مطالب الحزب الاشتراكي . أضف إلى ذلك إن جميع الأحزاب الموقعة على المبادرة الخليجية شاركت في حرب صيف عام 1994م. أو أيدتها باستثناء الحزب الأشتراكي اليمني ( الضحية ) و حزب التجمع الوحدوي اليمني . و ليست المشكلة في أن تصحح القوى السياسية مواقفها نحو الأفضل ، و لكن المشكلة الكبرى في أن تتخلى عن المصالح الفعلية التي جنتها من جراء تلك حرب 1994م. و نتائجها و تبعاتها . و المشكلة الأكبر أن التكتلات في القوات المسلحة و الأمن و القوى المسلحة الحزبية و القبلية التي شاركت عسكريا و بقوة في حرب عام 1994م. ما زالت مهيمنة و هي أقوى القوى و الفئات المسلحة حتى الآن كما ظهر في أزمة عام : 2011م. إذ لم يخرج أحدها من الساحة العسكرية و الأمنية على الرغم من إنقساماتها العام الماضي . و ينطبق ذلك حتى على تنظيم " القاعدة " الذي شارك بأسم " المجاهدين " و " المجهادين الأجانب " في حرب عام 1994م. و تقوى هو أيضا و أصبح الآن يحتل نصف محافظة أبين و ربع محافظة شبوة و يهدد جميع المحافظات الجنوبية .

و نعني بما أوردناه آنفا أن الوضع الأمني و العسكري في المحافظات الجنوبية خطير جدا بحيث لا يساعد على بناء ثقة بين الدولة و المواطنين و لا يمكن من تهيئة و تمهيد جيدين و مناسبين للحوار المتكافئ البناء . كما أن هذا الوضع لا يساعد على تنفيذ الخطوات و الأجراءات المقترحة المتعلقة بالقضية الجنوبية . فقد دب الملل و خاب الرجاء و ضاع الأمل في القيام بأصلاحات بالتجزئة لقضايا و جوانب محددة للقضية الجنوبية ، و تقوى الإيمان و اليقين بأن القضية الجنوبية وحدة واحدة متكاملة ، و من هذا المنطلق يمكن القول أن الأعتراف بالقضية الجنوبية من قبل مجلس الأمن الدولي و الدول الراعية للمبادرة الخليجية و من القوى السياسية الحاكمة هو الأساس الصائب و الناجع لخلق الثقة و إعادة الأمل ، و تنفيذ المقترحات أيضا .

إذا تم تحقيق هذه الخطوة فإن وتيرة تنقيذ الأجراءات و الخطوات المقترحة ستكون فعلية و بسرعة و في وقت وجيز و بدون تلاعب و لف و دوران . أما في ظل عدم الأعتراف بالقضية الجنوبية فإن سلطة الدولة الحالية و القوى السياسية المتنفذة ستعيق تلك الأجراءات و الخطوات بشتى السبل لأنها أساسا لا تعترف بالقضية الجنوبية و ليست مقتنعة بها . و الأحتمال الثاني ، في حالة وجود ضغط دولي من أجل ذلك ، فأن السلطة و القوى المتنفذة ستنفذها بطريقة مشوهة و عشوائية مما يزيد من تعقيدات و مشاكل القضية الجنوبية مستقبلا و يفشل الحوار بشأن حلها . إذ لا بد أن تأتي هذه الأجراءات و الخطوات في إطار حل سياسي شامل للقضية الجنوبية و هو مطلب معظم القوى و التنظيمات السياسية في صنعاء تتهرب منه ، و حتى الحزب الاشتراكي اليمني نفسه صاحب المقترحات الأوسع وضع تلك المطالب بدون أن توجد لدى قياداته رؤية سياسية متكاملة و موحدة تجاه القضية الجنوبية .

لقد رحب الكثيرون بمطالب الحزب الأشتراكي اليمني الأخيرة بشأن القضية الجنوبية و لكن الحزب ما زال منقسما في رؤيته تجاه حل القضية الجنوبية . يوجد أتجاه في قيادة الحزب يرى أن الأجراءات المقترحة هي حل للقضية الجنوبية مرحليا . حيث يرى القيادي الاشتراكي البارز الأستاذ : محمد غالب أحمد أن رؤية الحزب في هذه المرحلة بناء دولة يمنية ضامنة للحقوق و الحريات و المواطنة المتساوية ، و ( بعد بناء هذه الدولة نترك الذي يطالب بالأنفصال أن يشكل حزبا و يدعو الناس لأنتخابه ، فلماذا نمنعه و نجعله شيئا محرما ) – مقابلة بقناة سهيل : 9 مايو – و الأتجاه الآخر يرى أن الحزب الاشتراكي هو الحامل للقضية الجنوبية و ليس الحراك السلمي الجنوبي . فقد كتب أحد قيادات الحزب التي تحظى بالتقدير و الأحترام ، الأخ محمد محمد المقالح ، بعد أسبوع من البيان ما يلي : ( لم تخلق القضية الجنوبية إلا بأخراج الحزب الاشتراكي اليمني كممثل لشراكة الجنوب اليمنية في السلطة الموحدة . و بدون مصالحة الحراك مع الحزب ، و بدون جعله رافعة القضية الجنوبية ، و أهم فصائل الحراك الجنوبي نفسه ، تكون بعض فصائل الحراك كمن يحرث في البحر و يهيء بزعيقه الفارغ الجنوب لقوى أخرى لأحتلاله من جديد ، بعد سقوط و إنقسام عام 1994م, و لعل القاعدة و الجماعات المسلحة و الموجودة على الأرض فعلا ، هي المهيأة للأحتلال الجديد و ليس حكم أي من فصائل الحراك الجنوبي ) – صحيفة الأولى – 3 مايو 2012م. أما الأتجاه الثالث فيمثله مجلس التنسيق بين منظمات الحزب الاشتراكي اليمني في المحافظات الجنوبية الذي أعلن الأسبوع الماضي وقوف منظمات الحزب في الجنوب الكامل إلى جانب الحراك السلمي الجنوبي كجزء لا يتجزء منه .

و عليه يثيرتنوع و أختلاف مواقف قيادات الحزب الاشتراكي من حل القضية الجنوبية تساؤلات عدة ، من أهمها : هل تعني تلك مطالب أن الهدف منها و من تحقيقها التصالح بين الحزب و الحراك السلمي الجنوبي ، أم أنها تمثل حلا نهائيا للقضية الجنوبية بدون الأعتراف بها ، و ذلك خلال الأشهر ال 17 القادمة حتى إنعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل إذا ما تمت و نفذت هذه الأجراءات و الخطوات فعلا .

الحقيقة أن الشكوك قوية بخصوص تنفيذها . خاصة و أنه توجد عشرات القرارات الجمهورية و مئات القرارات الوزارية و آلاف الأوامر الرئاسية و غيرها سابقا تتضمن نفس الأجراءات و الخطوات التي أقترحت حديثا و مجددا في 25 و 29 إبريل الماضي . تلك القرارات و الأوامر السايقة صدرت خلال العشرين السنة الماضية و لم ينفذ منها شيئا و ظلت مشاكل الجنوب و آلامه تزيد و تكثر عاما بعد عام . و إذا ما ظل الحال الآن على ما كان عليه في الماضي فإن القضية الجنوبية ستتفاقم و ستكبر إلى أقصى حد و حينها لن تحكم القاعدة و الجماعات المسلحة مناطق الجنوب ( كما قال الأستاذ المقالح ) بل سيحكمها الحراك السلمي الجنوبي و بمساعدة أقليمية و دولية .

و تواجه الأجراءات و الخطوات و القرارات الجزئية المقترحة بشأن القضية الجنوبية عدة مخاطر أكبرها خطر أجنحة و أطراف النظام الجديد القديم المتنفذة التي لم و لا تعترف بالقضية الجنوبية و لا تقر بها . . و تلك الأجنحة و الأطراف ستتعامل – دون شك – مع المقترحات الخاصة بمعالجة جوانب و مسائل متعلقة بالقضية الجنوبية بنفس المكر و الخداع السابقين سواء من خلال تشويه التنفيذ و تمييعه أو على طريقة : " كيف تحل القضية الجنوبية حلا نهائيا في 17 شهرا ؟". و ليس كخطوات للتهيئة للحوار و خلق الأجواء المناسبة له و لحل القضية الجنوبية حلا عادلا في إطار مؤتمر الحوار الوطني الشامل كما ينظر لها أصحاب النيات الطيبة و في مقدمتهم الأخ جمال بن عمر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة .

لذا سيظل السؤال قائما : هل الأجراءات و الخطوات و القرارات المقترحة تهيئة و تمهيد لمشاركة الحراك السلمي الجنوبي في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي سيخرج بحل للقضية الجنوبية ؟ أم أنها محاولة لحل مشوه للقضية الجنوبية أو وأدها مع حلول موعد المؤتمر في : 15 أكتوبر 2013م. ؟ إن الأجابة صعبة ، و لكي نقطع الشك باليقين فيجب أن تأتي هذه الخطوات و الأجراءات و القرارات في إطار تسوية سياسية شاملة للقضية الجنوبية أولى خطواتها الأعتراف بالقضية الجنوبية قانونيا و رسميا من قبل جميع الأطراف السياسية المعنية بمعالجة الأزمة اليمنية في الداخل و الخارج .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.