نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    نهائي نارى: الترجي والأهلي يتعادلان سلباً في مباراة الذهاب - من سيُتوج بطلاً؟    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    تعيين شاب "يمني" قائدا للشرطة في مدينة أمريكية    الوية العمالقة توجه رسالة نارية لمقاتلي الحوثي    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة في حادث مروري بمحافظة عمران (صور)    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    القبائل تُرسل رسالة قوية للحوثيين: مقتل قيادي بارز في عملية نوعية بالجوف    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    التفاؤل رغم كآبة الواقع    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    انهيار وشيك للبنوك التجارية في صنعاء.. وخبير اقتصادي يحذر: هذا ما سيحدث خلال الأيام القادمة    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطة المرحلة الأنتقالية و مؤتمر الحوار .. تهيئة و تمهيد للحوار أم حل مسبق للقضية الجنوبية ؟
نشر في حياة عدن يوم 14 - 05 - 2012

عندما صدر القانون الرئاسي رقم ( 13 ) لعام 2012م. يوم 6 مايو الجاري بشأن تشكيل لجنة اتصال مكونة من ثمانية أعضاء مهمتها تشكيل لجنة تحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل في فترة أقصاها : 30 يونيو 2012م. كانت أولى التعليقات في "صنعاء " هي أن نصف عدد أعضاء اللجنة الثمانية "جنوبيين " . و هذه إضافة جديدة . ففي " صنعاء" صار أبناء المناطق الجنوبية يسمعون كثيرا من الأقوال : الرئيس منكم ، رئيس الوزراء منكم ، نصف وزراء الحكومة منكم ، و الآن نصف لجنة الأتصال منكم ، فماذا تريدون بعد ؟

إلى حد ما يبدو ترديد مثل هذه الأقوال دائما طيبا ، فالبعض يعتقد أن تلك الأقوال خطوات في طريق الأعتراف رسميا بالقضية الجنوبية ، و لكن مجريات الأمور و النشاطات السياسية مؤخرا تدل على العكس ، حيث بدأت محاولات جادة لتوجه جديد لحل القضية الجنوبية بدون الأعتراف بها . و ذلك بالتخطيط لأجراءات و معالجات جزئية عملية لترويض الحراك الجنوبي السلمي لقبول هذا التوجه و للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل ، و ربما باطنها التخلص من أرق القضية الجنوبية خلال ال 17 شهرا القادمة .

تجلى التوجه / الاتجاه للإجراءات و المعالجات الجزئية للقضية الجنوبية في الحوارات و النقاشات أثناء زيارة الأخ جمال بن عمر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الأخيرة لليمن التي امتدت من تاريخ : 19 / 4 / 2012م. إلى الخامس من مايو . فإلى جانب الوساطات و الأعمال الخيرة التي قام بها بين أطراف النظام الجديد القديم المتنازعة أحضر معه تصورا متكاملا عن التحضير لمؤتمر الحوار الوطني الشامل وانعقاده واستكمال المرحلة الأنتقالية في البلاد حتى فبراير 2014م. و لم ينشر التصور الواقع في عشر صفحات كاملا ، لكنه نوقش مع سفراء الدول العشر الراعية لتنفيذ المبادرة الخليجية و قيادة الدولة و الأحزاب الرئيسة في البلاد و منها الحزب الأشتراكي اليمني . و كذا حظيا الملتقيان الصغيران لأبناء الجنوب في صنعاء بلقاءين أيضا .

الجديد الأول : هو عدم ضرورة المطالبة بالأعتراف بالقضية الجنوبية . فقد جاء في بيان الملتقى الوطني لأبناء الجنوب في صنعاء المنشور بتاريخ : 23 إبريل 2012م. أن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة قال نصا : ( إن القضية الجنوبية أصبحت محل أعتراف من جميع الأطراف في الداخل و الخارج و لا حاجة للجنوبيين للمطالبة بالاعتراف بقضيتهم كونها صارت محل أعتراف الجميع . ) و هذه " الحاجة " ظلت مطلبا رئيسا لكل القوى السياسية الجنوبية و أبناء الجنوب منذ ما بعد القرارين 924 و 931 عام 1994م. و حتى الآن . فماذا أستجد حتى يتم التخلي عنها ؟ و ما الضمانات القانونية المحلية و الدولية البديلة للاعتراف ؟

إن الاعتراف بالقضية الجنوبية ظل و مازال مسألة أساسية و هو حجر الزاوية في انطلاق معالجتها ، و من الناحية القانونية فلم تذكر إلا مشروطة في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية التي وقعت في الرياض بتاريخ : 23 نوفمبر 2012م. و هي وثيقة ثانوية . و طوال 18 عاما كان النظام و الحزب الحاكم في صنعاء يرفضان رفضا قاطعا الأعتراف ب " القضية الجنوبية " ، و كان ذلك يعني تماما عدم الاستعداد لحلها . و لسنا – هنا – بصدد تناول الأعتراف المحلي و الأقليمي و الدولي ( رسميا و قانونيا ) بالقضية الجنوبية لأنه موضوع كبير . و إنما بصدد التطرق إلى الدعوة إلى عدم الضرورة بالمطالبة به الآن . فهذه الدعوة التي أطلقها الأخ جمال بن عمر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في زيارته الأخيرة بالتأكيد جاءت بناء على طلبات ملحة من النظام الجديد القديم و قواه السياسية و في إطار فرض رؤيته للتمهيد لمؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي سينعقد حسب الجدول السابق الذكر في : 15 أكتوبر 2013م. و تعتبر عمليات ترويض الحراك الجنوبي السلمي و القضية الجنوبية من أهم محتويات رؤية التمهيد والتهيئة للمؤتمر و المرحلة الانتقالية .

تشمل تهيئة الحراك السلمي الجنوبي و القضية الجنوبية و ترويضهما تمهيدا لمؤتمر الحوار الوطني الشامل بحسب مشروع الخطة المذكورة ، تقريبا ما يلي :

عدم ضرورة ألمطالبة بالاعتراف بالقضية الجنوبية لأن جميع الأطراف تعترف بها ضمنيا .
مشاركة الحراك السلمي الجنوبي في الأعمال التحضيرية للمؤتمر العملية ( هيئات العمل و أعمال التحضير ) و في النقاشات في الأطر السياسية و في القواعد و المحافظات و القطاعات الشعبية المختلفة ( أي أننا سنبدأ مناقشة القضية الجنوبية من جديد ) .
تمثيل الحراك السلمي الجنوبي ب 30 ممثلا في مؤتمر الحوار الوطني الشامل . كواحد من ثمان جهات / مجموعات ممثلة بالمؤتمر الذي سيكون قوامه : 240 عضوا . ( البقية : أحزاب التحالف الوطني – أحزاب اللقاء المشترك – أحزاب أخرى – حركات الشباب – الحوثيون – منظمات المجتمع المدني – مجموعات المرأة ) .
تحديد ما إذا كانت " القضية الجنوبية " ستناقش كقضية منفصلة في المؤتمر أو كقضية ضمن سياق أسس الدولة الجديدة ، و مؤسساتها ، و الدستور ، و السياسات المستقبلية ، و التي سيتم إقرارها . و هنا يوجد تضارب حول القضايا التي سيناقشها المؤتمر ، بعض الصحف ذكرت أن المشروع يقول أن المؤتمر سيناقش الأربع المسائل الواردة . و صحف أخرى نشرت أن جدول المؤتمر سيناقش ثمان مسائل من بينها القضية الجنوبية .
أتحاذ معالجات و إجراءات تصحيحية لجوانب و قضايا جنوبية متنوعة ( مطلبية و عمالية و حقوقية و سياسية و إصلاحية ) تعبر عن حسن نية السلطة و النظام تجاه أبناء الجنوب و قواه السياسية .
بالنسبة للاتجاهات الأربعة الأولى أعلاه فهي مرتبطة بتثبيت المشروع / الخطة لأنه الآن في طور المقترح و يحتمل أن تدخل عليه تعديلات أو إضافات من قبل الدول العشر الراعية لتنفيذ المبادرة الخليجية ، سلبا أو إيجابا . و فيما يخص النقطة الخامسة / العملية الخامسة ، و هي : اتخاذ معالجات و إجراءات تصحيحية لجوانب و قضايا جنوبية . فقد بدأت فعلا في الأسبوع الأخير من شهر إبريل الماضي بأن تكفل بالمطالبة بها كل من قيادة الحزب الاشتراكي اليمني و الملتقى الوطني لأبناء الجنوب في صنعاء.

بيان " الملتقى " بتاريخ : 25 أبريل الماضي طالب القيادة السياسية الجديدة و حكومة الوفاق الوطني بإظهار حسن النية و بناء الثقة مع الجنوبيين بعكس ما كانت عليه مع النظام البائد ، و حدد أربعة مطالب : إعادة المسرحين من القوات المسلحة عام 1994م. ضمن هيكلة القوات المسلحة و الأمن ، و توظيف جنوبيين في مراكز الشرطة في المحافظات الجنوبية ، تنفيذ توصيات لجنة باصره – هلال بخصوص الأراضي المنهوبة ، و إعادة المدنيين المسرحين و حل مشاكل عمال المصانع و المؤسسات المخصخصة و تشغيل تلك المصانع . . و لم يذكر البيان الأعتراف بالقضية الجنوبية لكنه أشار في مقدمته إلى : ( ضرورة حل القضية الجنوبية حلا عادلا و بما يرضي أبناء الجنوب ) .

يتسم اتجاه إظهار حسن النية و بناء الثقة مع الجنوبيين أعلاه بمطالب قليلة آنية مباشرة ممكنة التنفيذ تعتقد قيادة الملتقى أنها إذا تمت ستقلل من نزوع الشارع الجنوبي نحو " فك الارتباط " المتصاعد حاليا . و لكنها ليست حتى الحد الأدنى من المطالب المطلبية و إنما هي مجرد تحسين معيشي لقطاعات من أبناء الجنوب .

و لحق ذلك بتاريخ : 29 إبريل 2012م. بيان لقيادة الحزب الاشتراكي اليمني حيث دعت الأمانة العامة للحزب رئيس الجمهورية و حكومة الوفاق إلى أتخاذ جملة قرارات متصلة بالفضية الجنوبية سيكون من شأنها بناء الثقة و التمهيد لحوار وطني جاد حول حل القضية الجنوبية . و حدد البيان مضمون القرارات المطالب بها في : 12 بندا . ملخصها : إعادة العسكريين و المدنيين الجنوبيين إلى أعمالهم - تعويض رواتب المبعدين - تشكيل هيئة وطنية للمصالحة و الأنصاف للمتضررين الجنوبيين - إعادة الممتلكات و الأموال التي تم نهبها بعد عام 1994م. خاصة أو عامة - محاكمة الفاسدين المتورطين بنهب الأراضي و العقارات و الممتلكات العامة - إعادة أراضي الأنتفاع للفلاحين - معالجة ضحايا 1994م. كشهداء - دعوة المعارضة الجنوبية في الخارج للمشاركة في الحوار - إزالة المظاهر المختلفة لتمجيد حرب 1994م. - توجيه أعتذار رسمي لأبناء الجنوب - الإفراج عن جميع المعتقلين على ذمة الثورة و الحراك السلمي الجنوبي - السماح بإعادة صدور صحيفة "الأيام " و تعويضها .

و إتجاه اتخاذ عدد واسع من الإجراءات السياسية والإدارية المعبر عنه أعلاه والمحدد في البيان كتمهيد للحوار الجاد لمعالجة القضية الجنوبية تنشأ بخصوصه ( كمثل سابقة ) أسئلة وملاحظات و شكوك كثيرة حول طرق تنفيذها ، بل و حول إمكانية تنفيذها من عدمه . و هل هي كافية لتهيئة القوى السياسية الجنوبية و أبناء الجنوب للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل أم أنها ستفضي القضية الجنوبية من بعض مضامينها .

لقد ظلت ما يشبه كل الإجراءات و المطالب الآنفة الذكر مرفوضة من فبل النظام البائد خلال ال 18 عاما الماضية ، و تنفيذها ليس بيد رئيس الجمهورية و رئيس مجلس الوزراء ، لأن القوى القديمة موجودة بشكل : جديدة و قديمة . و نعتقد أن القوى السياسية الحاكمة الموقعة على المبادرة الخليجية بما فيها " اللقاء المشترك " الذي ينضوي الحزب الأشتراكي اليمني في إطاره لا تجمع على مطالب الحزب الاشتراكي . أضف إلى ذلك إن جميع الأحزاب الموقعة على المبادرة الخليجية شاركت في حرب صيف عام 1994م. أو أيدتها باستثناء الحزب الأشتراكي اليمني ( الضحية ) و حزب التجمع الوحدوي اليمني . و ليست المشكلة في أن تصحح القوى السياسية مواقفها نحو الأفضل ، و لكن المشكلة الكبرى في أن تتخلى عن المصالح الفعلية التي جنتها من جراء تلك حرب 1994م. و نتائجها و تبعاتها . و المشكلة الأكبر أن التكتلات في القوات المسلحة و الأمن و القوى المسلحة الحزبية و القبلية التي شاركت عسكريا و بقوة في حرب عام 1994م. ما زالت مهيمنة و هي أقوى القوى و الفئات المسلحة حتى الآن كما ظهر في أزمة عام : 2011م. إذ لم يخرج أحدها من الساحة العسكرية و الأمنية على الرغم من إنقساماتها العام الماضي . و ينطبق ذلك حتى على تنظيم " القاعدة " الذي شارك بأسم " المجاهدين " و " المجهادين الأجانب " في حرب عام 1994م. و تقوى هو أيضا و أصبح الآن يحتل نصف محافظة أبين و ربع محافظة شبوة و يهدد جميع المحافظات الجنوبية .

و نعني بما أوردناه آنفا أن الوضع الأمني و العسكري في المحافظات الجنوبية خطير جدا بحيث لا يساعد على بناء ثقة بين الدولة و المواطنين و لا يمكن من تهيئة و تمهيد جيدين و مناسبين للحوار المتكافئ البناء . كما أن هذا الوضع لا يساعد على تنفيذ الخطوات و الأجراءات المقترحة المتعلقة بالقضية الجنوبية . فقد دب الملل و خاب الرجاء و ضاع الأمل في القيام بأصلاحات بالتجزئة لقضايا و جوانب محددة للقضية الجنوبية ، و تقوى الإيمان و اليقين بأن القضية الجنوبية وحدة واحدة متكاملة ، و من هذا المنطلق يمكن القول أن الأعتراف بالقضية الجنوبية من قبل مجلس الأمن الدولي و الدول الراعية للمبادرة الخليجية و من القوى السياسية الحاكمة هو الأساس الصائب و الناجع لخلق الثقة و إعادة الأمل ، و تنفيذ المقترحات أيضا .

إذا تم تحقيق هذه الخطوة فإن وتيرة تنقيذ الأجراءات و الخطوات المقترحة ستكون فعلية و بسرعة و في وقت وجيز و بدون تلاعب و لف و دوران . أما في ظل عدم الأعتراف بالقضية الجنوبية فإن سلطة الدولة الحالية و القوى السياسية المتنفذة ستعيق تلك الأجراءات و الخطوات بشتى السبل لأنها أساسا لا تعترف بالقضية الجنوبية و ليست مقتنعة بها . و الأحتمال الثاني ، في حالة وجود ضغط دولي من أجل ذلك ، فأن السلطة و القوى المتنفذة ستنفذها بطريقة مشوهة و عشوائية مما يزيد من تعقيدات و مشاكل القضية الجنوبية مستقبلا و يفشل الحوار بشأن حلها . إذ لا بد أن تأتي هذه الأجراءات و الخطوات في إطار حل سياسي شامل للقضية الجنوبية و هو مطلب معظم القوى و التنظيمات السياسية في صنعاء تتهرب منه ، و حتى الحزب الاشتراكي اليمني نفسه صاحب المقترحات الأوسع وضع تلك المطالب بدون أن توجد لدى قياداته رؤية سياسية متكاملة و موحدة تجاه القضية الجنوبية .

لقد رحب الكثيرون بمطالب الحزب الأشتراكي اليمني الأخيرة بشأن القضية الجنوبية و لكن الحزب ما زال منقسما في رؤيته تجاه حل القضية الجنوبية . يوجد أتجاه في قيادة الحزب يرى أن الأجراءات المقترحة هي حل للقضية الجنوبية مرحليا . حيث يرى القيادي الاشتراكي البارز الأستاذ : محمد غالب أحمد أن رؤية الحزب في هذه المرحلة بناء دولة يمنية ضامنة للحقوق و الحريات و المواطنة المتساوية ، و ( بعد بناء هذه الدولة نترك الذي يطالب بالأنفصال أن يشكل حزبا و يدعو الناس لأنتخابه ، فلماذا نمنعه و نجعله شيئا محرما ) – مقابلة بقناة سهيل : 9 مايو – و الأتجاه الآخر يرى أن الحزب الاشتراكي هو الحامل للقضية الجنوبية و ليس الحراك السلمي الجنوبي . فقد كتب أحد قيادات الحزب التي تحظى بالتقدير و الأحترام ، الأخ محمد محمد المقالح ، بعد أسبوع من البيان ما يلي : ( لم تخلق القضية الجنوبية إلا بأخراج الحزب الاشتراكي اليمني كممثل لشراكة الجنوب اليمنية في السلطة الموحدة . و بدون مصالحة الحراك مع الحزب ، و بدون جعله رافعة القضية الجنوبية ، و أهم فصائل الحراك الجنوبي نفسه ، تكون بعض فصائل الحراك كمن يحرث في البحر و يهيء بزعيقه الفارغ الجنوب لقوى أخرى لأحتلاله من جديد ، بعد سقوط و إنقسام عام 1994م, و لعل القاعدة و الجماعات المسلحة و الموجودة على الأرض فعلا ، هي المهيأة للأحتلال الجديد و ليس حكم أي من فصائل الحراك الجنوبي ) – صحيفة الأولى – 3 مايو 2012م. أما الأتجاه الثالث فيمثله مجلس التنسيق بين منظمات الحزب الاشتراكي اليمني في المحافظات الجنوبية الذي أعلن الأسبوع الماضي وقوف منظمات الحزب في الجنوب الكامل إلى جانب الحراك السلمي الجنوبي كجزء لا يتجزء منه .

و عليه يثيرتنوع و أختلاف مواقف قيادات الحزب الاشتراكي من حل القضية الجنوبية تساؤلات عدة ، من أهمها : هل تعني تلك مطالب أن الهدف منها و من تحقيقها التصالح بين الحزب و الحراك السلمي الجنوبي ، أم أنها تمثل حلا نهائيا للقضية الجنوبية بدون الأعتراف بها ، و ذلك خلال الأشهر ال 17 القادمة حتى إنعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل إذا ما تمت و نفذت هذه الأجراءات و الخطوات فعلا .

الحقيقة أن الشكوك قوية بخصوص تنفيذها . خاصة و أنه توجد عشرات القرارات الجمهورية و مئات القرارات الوزارية و آلاف الأوامر الرئاسية و غيرها سابقا تتضمن نفس الأجراءات و الخطوات التي أقترحت حديثا و مجددا في 25 و 29 إبريل الماضي . تلك القرارات و الأوامر السايقة صدرت خلال العشرين السنة الماضية و لم ينفذ منها شيئا و ظلت مشاكل الجنوب و آلامه تزيد و تكثر عاما بعد عام . و إذا ما ظل الحال الآن على ما كان عليه في الماضي فإن القضية الجنوبية ستتفاقم و ستكبر إلى أقصى حد و حينها لن تحكم القاعدة و الجماعات المسلحة مناطق الجنوب ( كما قال الأستاذ المقالح ) بل سيحكمها الحراك السلمي الجنوبي و بمساعدة أقليمية و دولية .

و تواجه الأجراءات و الخطوات و القرارات الجزئية المقترحة بشأن القضية الجنوبية عدة مخاطر أكبرها خطر أجنحة و أطراف النظام الجديد القديم المتنفذة التي لم و لا تعترف بالقضية الجنوبية و لا تقر بها . . و تلك الأجنحة و الأطراف ستتعامل – دون شك – مع المقترحات الخاصة بمعالجة جوانب و مسائل متعلقة بالقضية الجنوبية بنفس المكر و الخداع السابقين سواء من خلال تشويه التنفيذ و تمييعه أو على طريقة : " كيف تحل القضية الجنوبية حلا نهائيا في 17 شهرا ؟". و ليس كخطوات للتهيئة للحوار و خلق الأجواء المناسبة له و لحل القضية الجنوبية حلا عادلا في إطار مؤتمر الحوار الوطني الشامل كما ينظر لها أصحاب النيات الطيبة و في مقدمتهم الأخ جمال بن عمر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة .

لذا سيظل السؤال قائما : هل الأجراءات و الخطوات و القرارات المقترحة تهيئة و تمهيد لمشاركة الحراك السلمي الجنوبي في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي سيخرج بحل للقضية الجنوبية ؟ أم أنها محاولة لحل مشوه للقضية الجنوبية أو وأدها مع حلول موعد المؤتمر في : 15 أكتوبر 2013م. ؟ إن الأجابة صعبة ، و لكي نقطع الشك باليقين فيجب أن تأتي هذه الخطوات و الأجراءات و القرارات في إطار تسوية سياسية شاملة للقضية الجنوبية أولى خطواتها الأعتراف بالقضية الجنوبية قانونيا و رسميا من قبل جميع الأطراف السياسية المعنية بمعالجة الأزمة اليمنية في الداخل و الخارج .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.