ضربت أزمة مشتقات نفطية جديدة مدينة عدنوالمحافظات الجنوبية، متسببة بضرر بالغ أصاب قطاعات حيوية مرتبطة بشكل مباشر بحياة المواطنين، بينها قطاعات الصحة والكهرباء والمواصلات. وقال سكان في عدن، ل«العربي»، إن الكهرباء انقطعت عن أجزاء واسعة في المدينة الساحلية لمدة تجاوزت ال9 ساعات. وتأثر قطاع النقل والمواصلات باستفحال الأزمة، التي قال مسؤولون في شركة النفط في عدن، ل«العربي»، إنها «مفتعلة وهدفها خلط الأوراق وفرض إملاءات وشروط على الشركة تمارس من قبل شخصيات نافذة في حكومة هادي» دون أن يسموها. وأضافوا أن «الأزمة لن تُحلّ في القريب العاجل، والحلول المطروحة من قبل الحكومة آنية». وأكدوا أن «ملف توفير المشتقات النفطية في عدن تتحكم به شخصيات فاسدة، تربطها مصالح مالية بوزراء وتجار، ويُدار من قبل شبكة أشبه بالعصابة لا يهمها سوى مصالحها، وهي التي تقرر متى ولماذا تفتعل الأزمة». ولفت المسؤولون، الذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم، أن «توظيف ملف المشتقات النفطية لتحقيق مكاسب سياسية من قبل الحكومة ليس بجديد». وتتراص - منذ أمس الأول - مركبات وسيارات في طوابير طويلة أمام محطات تعبئة وقود مغلقة في عدن. ولم يحدد مسؤول رفيع في وزارة النفط - هاتَفه «العربي» - موعداً لحل الأزمة التي باتت تؤرق المواطنين، والمرضى منهم تحديداً. ويبدي أطباء في مستشفى الصداقة بعدن خشية كبيرة من استمرار الأزمة، التي قد يتسبب استمرارها بوفاة مرضى مصابين بالفشل الكلوي والقلب وأمراض أخرى مستعصية. نشوان داؤود، سائق باص أجرة، أبدى تبرمه الشديد من استمرار الأزمة، التي قال إنها تحمله فوق ما يطيق، مشيراً إلى أنه «قضى أكثر من 6 ساعات في طابور طويل، وعند وصوله إلى جهاز التعبئة نفد الوقود من المحطة». وتابع نشوان أن «غياب واختفاء المشتقات النفطية بات هماً عاماً لارتباطه المباشر بحياة الناس». في المقابل، أنعشت أزمة انعدام المشتقات النفطية الأسواق السوداء، وساهمت في انتشارها في مختلف المحافظات ومنها محافظة لحج التي تشهد طفرة غير مسبوقة في هذه الظاهرة. يقول سائقون إن «عدداً من أصحاب المحطات الخاصة، ما إن تناهت إلى أسماعهم بوادر أزمة المشتقات النفطية، حتى سارعوا إلى إغلاق محطاتهم وبيع مخزونها في السوق السوداء بأسعار مرتفعة، أو للمصانع والشركات التي تشتري حاجتها من الوقود بأسعار مضاعفة أحياناً، وهو الأمر الذي يشجع تجار السوق السوداء». شكاوى ومشاكل وشكا مزارعون في محافظة لحج أيضاً من أن أزمة المشتقات النفطية قد تلحق بمنتوجاتهم الزراعية ضرراً بالغاً، نظراً لحاجتهم إلى ري مزارعهم من الآبار، التي تعمل مضخاتها بالديزل. أزمة المشتقات النفطية تسببت أيضاً بارتفاع أسعار الأسماك المرتفع ثمنها أصلاً في أسواق عدنوالمحافظات المجاورة، حيث أن عدداً كبيراً من الصيادين لم يتمكنوا من دخول البحر بمراكبهم التي تعمل محركاتها بالبنزين، ما أدى إلى شح في الأسواق، وبالتالي ارتفاع أسعار الأسماك في السوق المحلية. وتسببت الأزمة، كذلك، بخسائر مالية كبيرة لبعض أصحاب المحلات والبقالات الصغيرة. "باعظيم" وهو مالك بقالة في المعلا، أشار إلى أن انطفاء الكهرباء لأكثر من 14 ساعة متواصلة عن المدينة أدى إلى تلف كميات كبيرة من الدجاج المجمد لديه، تصل قيمته إلى أكثر من مائتي ألف ريال. وتابع "باعظيم" حديثه بحسرة قائلاً: «كميات أخرى من السمك المجمد، ولحوم مستوردة، في طريقها إلى التلف. نقلتها صباح اليوم إلى دكان صديق مجاور تعمل ثلاجة التبريد فيه بمولد كهربائي، لكن السيء أن الوقود لدى صديقي على وشك النفاد». وتزامنت أزمة المشتقات النفطية ومغادرة رئيس الوزراء في حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، أحمد عبيد بن دغر، وبقية أعضاء الحكومة، قصر معاشيق في عدن، متوجهين إلى القاهرة ومنها إلى السعودية.