أعلن الرئيس المصري حسني مبارك أنه سيكلف حكومة جديدة اليوم بمهمات واضحة ومحددة تراعي متطللبات الحد من البطالة والانفتاح وزيادة حريات الشعب، جاء ذلك في خطاب متلفز على الهواء مباشرة قال فيه إنه طلب من الحكومة المصرية الحالية التي يترأسها أحمد نظيف منذ 2004م الاستقالة. وتمسك الرئيس المصري (82 عاماً) والذي يحكم منذ 1981، بسلطته خلافاً لما روجت له وسائل إعلام عربية كبيرة، من أنه سيتقدم باستقالته ويتولى رئيس مجلس الشعب الرئاسة المؤقتة حسب الدستور. ولفت الرئيس المصري إلى أن التظاهر حق مشروع وقد تابع المظاهرات الشعبية من أولها لكن التخريب والتظاهر بعنف يوحي بمخططات تريد وضع مصر في مهب الريح، مضيفاً أن الاعتداء على الممتلكات العامة وإشعال الحرائق مظهر غير حضاري لن يحقق ديمقراطية ولا استقراراً. هذا وكانت قد اشتعلت موجة احتجاجات شعبية منذ أربع أيام وبلغت ذروتها يوم الجمعة أمس على نفس النمط الذي حصل في تونس قبل أقل من شهر، مطالبة في البداية بمزيد من الحرية والانفتاح السياسي والاقتصادي وإلغاء الطوارئ ، ورفعت سقف مطالبها يوم أمس الجمعة إلى رحيل الرئيس المصري وتجميد حزبه الحاكم "الحزب الوطني" والذي تم إحراق مقره بالعاصمة القاهرة. وقيل إن حظراً للتجوال ليلاً فرض في القاهرةوالاسكندرية ومدن أخرى، وقطع رئيس أركان الجيش المصري زيارته للولايات المتحدة عائداً إلى مصر بعد تكليف الجيش بالنزول للشارع وحماية المقرات الهامة، بعد قطع خدمة الاتصال الهاتف الجوال والانترنت عن تلك المدن. والشعب المصري من أكبر الشعوب العربية عدداً إذا يبلغ عدد السكان قرابة 80 مليون نسمة، وتعد الزراعة والسياحة أهم القطاعات الاقتصادية في مصر. وأجري وفد عسكري مصري رفيع المستوى أمس الجمعة في واشنطن محادثات عسكرية كانت مقررة مسبقاً، في الوقت الذي انتشر فيه الجيش في مصر لمواجهة الاحتجاجات التي تجتاح البلاد. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الكولونيل ديف لابان إن رئيس أركان حرب القوات المصرية الفريق سامي عنان يترأس الوفد المصري في المحادثات التي بدأت الأربعاء وتستمر أسبوعاً. وأضاف لابان أنه يتوقع أن تتواصل المحادثات كما هو مقرر لها على الرغم من الاضطرابات، وأنه لا يعتقد أن المحادثات قد تتأثر. وكانت مصادر إعلامية مقربة من دوائر الاستخبارات الإسرائيلية قد نقلت عن مصادر في واشنطن أن وزير الدفاع المصري محمد حسين طنطاوي وصل واشنطن ، طالباً الدعم الأميركي العاجل ضد حركة الاحتجاجات التي تشهدها البلاد بشكل متنام. وحذر طنطاوي المسؤولين الأميركيين من أن تأييدهم لاستخدام اليد الناعمة ضد المتظاهرين والاستجابة لمطالبهم، يضر أكثر مما ينفع، قائلاً إن النظام سينهار إذا لم يتم اتخاذ إجراءات صارمة بحق المتظاهرين. وقد انتشر الجيش في أكثر من مدينة مصرية بعد أن فرض الرئيس المصري حسني مبارك حظرا للتجول في مدن القاهرةوالإسكندرية والسويس. وكانت مصادمات حادة قد نشبت أمام مقر الحزب الوطني بوسط العاصمة بين المتظاهرين وقوات الأمن واتهم المتظاهرون القوات بتعمد إشعال حرائق في منشآت الحزب وحديقة ميدان عمر مكرم ليلصقوا التهمة بعد ذلك بالمتظاهرين. وقام متظاهرون في أحد الشوارع الجانبية المتفرعة من ميدان التحرير بتحطيم ناقلة جنود تابعة لوزارة الداخلية واستهدفوا عدداً كبيراً من المؤسسات العامة وبصفة خاصة تحطيم واضرام النيران في المقار الرئيسية للحزب الوطني الحاكم في القاهرة والاسماعيلية والمنصورة، كما أشعلوا النار في مبنى محافظة الإسكندرية الذي شهد أعمال نهب وسلب. وتحركت بعد ذلك مجموعة من المتظاهرين في اتجاه منطقة باب شرق المجاورة، حيث حاولت إشعال النيران في قسم الشرطة الواقع في شارع جمال عبدالناصر، وهو طريق محوري في الاسكندرية. كما أشعل محتجون النيران في مقر الحزب الوطني بمدينة كوم أمبو أقصى جنوب مصر وحطموا واجهة المجلس المحلي لمحافظة دمياط ومقر الحزب الحاكم في المحافظة واقتحموهما. وأكد شهود عيان أن المحتجين أحرقوا قسم شرطة عين شمس وهاجموا عربات الشرطة التي ردت بإطلاق أعيرة وقنابل الغاز. وقال في اتصال هاتفي إن المحتجين حطموا الواجهة الزجاجية لمقر الحزب قبل اقتحامه، كما حطموا الواجهة الزجاجية لمقر المجلس الشعبي المحلي القريب. وأضاف أن المحتجين اقتحموا قسماً للشرطة بالمدينة. وعلى صعيد متصل تحدث الدكتور/ عبدالله الأشعل خبير استراتيجي مصري مؤكداً أن الوضع في مصر يسير سياسياً بشكل تصعيدي إلى الأمام. وقال الأشعل وهو وكيل الخارجية المصرية الأسبق: إن في مصر طرفان من المعادلة النظام والشعب الذي يطالب مراراً بإصلاحات، إلا أن النظام لا يحترم الشعب لدرجة أن الرئيس المصري "مبارك" بعد تزوير انتخابات الشعب والشورى مدح جداً في الحزب الوطني واعتبر أنه حزب قريب من الشعب وله انجازات وأنه أخذ 95% من قلب الشعب المصري. وأضاف الأشعل في تصريح ل"أخبار اليوم" أن ثورة الشارع المصري جاءت لترد على الرئيس مبارك لتقول له: أنتم لا تملكون الحديث باسمنا. واعتبر العملية في مصر قد تجاوزت مراحل الإصلاح، فالناس خرجوا وضربوا وقتلوا وجرحوا بدون ذنب، مشيراً إلى أن الوضع وصل إلى المرحلة الأخيرة ، إما أن يرحل النظام أو يسقط سقوطا مروعاً. وحول استعانة النظام بالولاياتالمتحدة ، فقد أعلنت أميركا ليلة أمس أنها لا تغيث أحداً حد قوله ، مضيفاً أن ما يحدث من عملية سلب ونهب جاء محاولة من بعض العناصر المندسة في المظاهرات ، من أجل نهب المتحف المصري، وقال إنه يعتقد أن من قاموا بذلك هم من الحزب الحاكم، كون المتظاهرين محترمين حد وصفه، محملاً عناصر الحزب الحاكم كل ما يحدث من ضرر في مصر.. كون الداخلية المصرية لديها مجموعة بلطجية مهمتها أن تندس في هذه المناسبات. وأفاد أن عدد القتلى بالعشرات والمصابين بالمئات والمعتقلين من الآلاف ، لافتاً إلى أن النظام لم يعد يتخذ أي خطوات ويبدو عدم وجود أحد فيه، غير أنهم أتوا بجيش من الحرس الجمهوري كي يعطي فرصة للقيادة السياسية بالتفكير، مستبعداً أن تكون القيادة السياسية قد وصلت إلى قرار. وقال: إن على النظام إذا أراد أن يغير بنفسه أن يعلن الرئيس مبارك عدم ترشحه للرئاسة وأن نجله لن يترشح ويجمد الحزب الوطني ويحل محلة الشعب والشورى ويعين حكومة محترمة من خارج الحزب الوطني تقوم بالإشراف على الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمدنية. وأكد أن النظام المصري انهار تماماً ولم يستبعد الأنباء عن رحيل رجال أعمال وشخصيات نافذة من مصر على متن طائرة خاصة، مشيراً إلى أن الحزب الوطني يتهم الحكومة بأنها لم تخدم سياسات الحزب وأنها السبب فيما حدث وقيادات الحزب تتهم بعضها والبعض منهم يطالب الاستجابة لمطالب الناس، ما يؤكد أن هناك هزة في النظام، كونه قام على غير أساس مشروع. وأضاف أن الأنظمة التي تستبد وتفسد وتتمسك بالسلطة ولا تريد أن تفتح باباً شرعياً للتحول الديمقراطي هي تجبر الشعوب على الانتفاضة ضدها، منوهاً إلى أن الرهان كان على ضرورة الانتخابات في مصر ليحدث تزوير، فلم يكن أمام الشعب سوى الخروج إلى الشارع . ووجه الأشعل نصيحة للحكام العرب بأن يكونوا بعيدي النظر وأن يكونوا قريبين من نبض شعوبهم وأن يجروا التحويلات والتعديلات والتغييرات التي تضمن مشاركة الجميع في السلطة ووقف الفساد وإرضاء الشعوب وأن الشعب هو الحضن الحاضن للحاكم. وأكد وجود قراءة تشير إلى أن موقف الخارجية المصرية مؤيد للشارع العربي وقراءة أخرى تقول بأن ما حدث لا يمكن معالجته الآن كون الولاياتالمتحدة نصحته كثيراً بنفس مطالب الشعب المصري، لكن النظام أصم أذنيه. ولفت إلى أن الشارع المصري لا يحتاج إلى المواقف الخارجية بقدر ما يكون الشارع المصري هو المحرك لمواقف الخارج. ??