تعيينات جديدة في الاعلام    الشركة اليمنية تصدر قائمة أسعار جديدة للغاز المنزلي    مجلة أمريكية: مجاعة من صنع الإنسان.. هكذا تُجوّع إسرائيل غزة    مع غزارة الأمطار..خارطة الطقس للأيام المقبلة    طريقة بسيطة للوقاية من أمراض القلب    بين أمل البسطاء ومؤامرات الكبار    تسليم الناشط "مانع سليمان" لأمن مأرب السياسي وصمة عار في جبين الانتقالي وسلطة عدن    استهجان شعبي لبيان أحزاب صنعاء في حضرموت التي تميز الحضارم بين قبيلي وضعيف(توثيق)    بهدفي كين ودياز.. بايرن يتوّج بالسوبر ال 11    الضالع .. جريمة قتل مروعة على خلفية خلاف عائلي    قصف إسرائيلي يستهدف العاصمة صنعاء    الأهلي يُعلن جاهزية عاشور    بايرن ميونخ بطلًا للسوبر الألماني بثنائية في شتوتجارت    العدو الصهيوني يكشف عن السلاح المستخدم في استهداف كهرباء حزيز    تقرير جديد يكشف عن هزيمة البحرية الأمريكية في البحر الأحمر    الأمن يضبط المتورطين في حادثة اختطاف طفلتين هزت ذمار    هيئة مكافحة الفساد تتسلم اقرار رئيس المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية    إسرائيل تقصف محطة الكهرباء في صنعاء من جديد    مأرب.. ضبط 23 مخبزاً مخالفاً لمعايير الوزن    الأستاذ علي مقبل غثيم المناضل الأنسان    البرلماني بشر: هل أصبح القضاء لعبة بيد الغوغاء لإصدار الأحكام كمساعدة؟!    البيضاء.. استشهاد فتاتين بانفجار لغم حوثي أثناء رعيهما الأغنام في مديرية نعمان    حين تصنع المعاناة الرجال    الكشف عن عصابة لخطف الأطفال في مدينة ذمار    محكمة بريطانية تسجن يمني عقب اختراق آلاف المواقع وسرقة بيانات المستخدمين    الصحة العالمية: اليمن يسجل عشرات الآلاف من الإصابات بالكوليرا وسط انهيار البنية الصحية    رسميًا | SPORTBACK GROUP توقع مع نجم التلال عادل عباس    نسائية مديرية المفتاح بحجة تحتفي بذكرى المولد النبوي    تعز تدشن فعاليات المولد النبوي الشريف وتستكمل الترتيبات للإحتفال    القيادة التنفيذية للانتقالي تبحث التحضيرات لعقد مؤتمرات اقتصادية وخدمية محلية ودولية    الرهوي : اليمن يفرض اليوم سيادته على البحر ومضيق باب المندب بقدراته الذاتية    من يومياتي في أمريكا .. أيام عشتها .. البحث عن مأوى    أفضل وأحسن ما في حلف حضرموت أن أنصاره اغبياء جدا(توثيق)    أكاذيب المطوّع والقائد الثوري    العميد جمال ديان آخر الرجال المهنيين والأوفياء    شبوة: الأمن السياسي بمأرب يمنع طفلتان وجدهما من زيارة أبيهما المعتقل منذ 8 سنوات    مصر تستعيد من هولندا آثارا مهربة    جمعية حزم العدين التعاونية في إب... تجربة رائدة في التمكين الاقتصادي    المؤرخ العدني بلال غلام يكتب عن جولة أضواء المدينة "جولة الفل"    مسؤولة أممية: الأزمة الإنسانية تتفاقم في اليمن والبلاد تواجه شبح كارثة انسانية    تخفيض رسوم المدارس الأهلية في العاصمة عدن 30%    الارصاد يتوقع امطار رعدية مصحوبة بحبات البرد على اجزاء من المحافظات الجبلية والساحلية    إدارة مكافحة المخدرات تضبط مروج للمخدرات وبحوزته 60 شريطا من حبوب البريجبالين    الرئيس الزُبيدي يعزي العميد عادل الحالمي في وفاة والدته    السيول تقطع حركة النقل بين ساحل ووادي حضرموت    أبو بارعة: مسؤولون في حجة يحوّلون الأجهزة الطبية إلى غنيمة    وقفة وإضراب جزئي لصيادلة تعز لمطالبة شركات الأدوية بخفض الأسعار    أضرار في تعز وتحذيرات من السيول بالمرتفعات    وفاة 23 شخصا بتعاطي خمور مغشوشة في الكويت    الاشتراكي "ياسين سعيد نعمان" أكبر متزلج على دماء آلآف من شهداء الجنوب    فنانة خليجية شهيرة تدخل العناية المركزة بعد إصابتها بجلطة    "الريدز يتألق".. ليفربول يستهل حملة الدفاع عن لقبه بفوز مثير على بورنموث    ثمرة واحدة من الأفوكادو يوميا تغير حياتك.. وهذه النتيجة    العثور على جثمان لاعب شعب إب خالد الجبري قرب الحدود اليمنية–السعودية    فياريال يفتتح الموسم بالفوز على ريال أوفييدو    بمعنويات عالية شعب إب يستعد لمباراته أمام السهام الحالمي    بين القصيدة واللحن... صدفة بحجم العمر    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى رحيله الثالثة.. محمود درويش أقوى من الغياب
نشر في أخبار اليوم يوم 09 - 08 - 2011

لم يكن رحيل الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش في التاسع من آب 2008 حدثاً عادياً فالرجل عنوان لحداثة شعرية انقطعت أخبارها في القصيدة العربية من العصر العباسي على يد المتنبي وأبي تمام وأبي فراس الحمداني اذ لم يكن ابن قرية البروة الواقعة في قضاء عكا الجليل طفلا استثنائيا من جهة حياة عاشها مع أسرته نازحا إلى لبنان بعيد الجرائم التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في أرض فلسطين عام 1947 ليعود الطفل مع أبويه بعيد هدنة 1949 إلى أرضه ليجدها وقد حولها الصهاينة إلى مستوطنة زراعية .
تعرض درويش أثناء حياته للاعتقال من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي مرارا بدءا من عام 1961 بتهم تتعلق بتصريحاته ونشاطه السياسي وفي عام 1972 توجه إلى الاتحاد السوفييتي للدراسة ليعود بعدها وفي العام نفسه سافر إلى القاهرة حيث التحق بمنظمة التحرير الفلسطينية ثم إلى لبنان حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة للمنظمة .
ولم يتخل الشاعر الذي كتب للأرض والإنسان عن مواقفه المبدئية إذ أنه استقال من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجاً على اتفاقية أوسلو ليؤسس من قبرص مجلة الكرمل الثقافية التي اعتبرت من أهم المجلات الأدبية العربية بعد مرحلة مجلة شعر البيروتية .
ويعتبر صاحب "لماذا تركت الحصان وحيدا" من أهم مجددي النسق الشعري العربي المعاصر بكتابته لقصيدة التفعيلة وفق إيقاعات غنائية طالعة من روح الأرض والإنسان الفلسطيني المبعد عن أرضه وجذوره وصنف من أهم الأصوات التي أوصلت الحق الفلسطيني وقضاياه العادلة إلى كل أرجاء العالم حتى بات اسم محمود درويش عنوانا لهذا الحق عبر ترجمة قصائده إلى معظم لغات الأرض الحية .
ويعد النقاد أشعار درويش من النصوص ذات الطاقة الزمنية المستمرة بما تحمله من دفقٍ وجداني عالي النبرة وقدرة استثنائية على صياغة حياة شعبٍ بأكمله عبر دمج الهم الفردي الذاتي بالموضوعي وقول القصيدة الرافضة من خلال الذاتية ذات اللهجة الجماعية المتمردة .
يقول درويش في قصيدة لبيروت أثناء الاجتياح الإسرائيلي عام 1982.... سقطت ذراعكَ فالتقطها واضرب عدوك لا مفر وسقطت قربك يا ابن أمي فالتقطني واضرب عدوك بي فأنت الآن حر وحر وحر.
ويتميز نص درويش الشعري منذ أول دواوينه عام 1960 المعنون ب "عصافير بلا أجنحة" بلغةٍ هادرة قريبة إلى صوت النضال الفلسطيني المسلح وصوت الانتفاضة الفلسطينية التي كان أبرز من عبر عنها منذ أشعاره الأولى كما في "أوراق الزيتون 1964" وديوانه "عاشق من فلسطين 1966 " حيث اندمج النص الشعري هنا بهتاف الثوار الفلسطينيين وعنادهم من أجل حق العودة .
يقول درويش.. ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا.. ونرقص بين شهيدين.. نرفع مأذنة للبنفسج بينهما أو نخيلا.. ونزرع حيث أقمنا نباتًا سريع النمو ونحصد حيث أقمنا قتيلا.. وننفخ في الناي لون البعيد البعيد.. ونرسم فوق تراب الممر صهيلا.. نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا.
ويعتبر صاحب "الجدارية" من الشعراء العرب القلائل الذين جمعوا في قصائده بين جمهورين للشعر على طرفي نقيض الأول جمهور النخبة المثقفة التي تلقت قصائده بكثير من الدهشة والاحترام وثانيهما جمهور الشارع الذي أطلق عليه شاعر القضية بلا منازع حيث كان الإعلان عن أمسية شعرية لدرويش في إحدى العواصم العربية حدثًا استثنائيا لكلا الجمهورين فلم يبتعد عبر نصوصه إلى تقعيرات اللغة وضبابيتها ولم يتنازل عن مستواه الفني الرفيع في ابتكار الدلالة وسوقها إلى مستقر النغمة الشعرية المتصاعدة وفق ايقاعات بيانية ومجازات لا نهائية في تصويرها للهموم الوطنية والقومية على حد سواء .
يقول درويش.. عندما يذهب الشهداء إلى النوم أصحو.. وأحرسهم من هواة الرثاء.. أقول لهم تصبحون على وطن من سحابٍ ومن شجن.. من سرابٍ وماء.. أهنئهم بالسلامة من حادث المستحيل .
ويعد الشاعر العربي الكبير من أوائل الشعراء الذين اشتغلوا على بنية القصيدة الجديدة من غير أي انقطاع مع تراث الأمة وتاريخها الشعري بل بالتركيز أكثر على أبعاد هذا التاريخ مستلهما منه ملاحم كاملة يبدو فيها النص أقرب إلى الغرافيك الزمني للنص الشعري كما في قصيدته الطويلة "رحلة المتنبي إلى مصر" التي يتمثل فيها شخصية المتنبي مخاطبا إياه عبر العصور.. للنيل عادات وإني راحل الآن أشهر كل أسئلتي.. واسأل كيف اسأل و الصراع هو الصراع و الروم ينتشرون حول الضاد.. لا سيف يطاردهم هناك ولا ذراع. كل الرماح تصيبني وتعيد اسمائي إليّ.. للنيل عادات وإني راحل .
ويميز تجربة صاحب "ورد أقل" قدرتها على تغيير مناخاتها الإبداعية من حيث الحفر في اللغة العربية والتعويل على فرادة الصورة المختبئة في تجاور المفردات التي اشتغل عليها الشاعر متكئاً على سليقة نوعية في استلهام النبرة المؤثرة ذات التخييل العالي في تكثيف اللحظة الشعرية .
يقول درويش مخاطبا قمر بعلبك.. قمر على بعلبك.. ياحلو من صبك. فرساً من الياقوت.. قل لي ومن كبك.. نهرين في تابوت... ياليت لي قلبك.. لأموت حين أموت .
وتعتبر موضوعة الموت من أكثر الموضوعات التي شغلت بال درويش في دواوينه الأخيرة ولاسيما حواره المطول معه في ملحمته الشعرية المعنونة ب "الجدارية" حيث يستحضر الشاعر هنا أبطال ملحمة جلجامش خاصةً في قوله..انكيدو هل تدري أنك ميت.. أو في قوله.. يا موت هزمتكَ الفنون جميعها أو في.. يا موت ربما أسرجت لي فرساً لتقتلني على فرسي .
وللحب حضور في قصائد الشاعر الراحل باستثنائية وجدانية عالية استطاع من خلالها أن يقدم نصوصاً في غاية الرقة لرفيق دربه الفنان مارسيل خليفة كما في قصيدة "شتاء ريتا الطويل" حيث شكلا درويش وخليفة عبر ما يقارب ثلاثين عاما من الغناء والقصيدة أنموذجا يصعب تكراره في نقل قصيدة الحداثة العربية إلى مزاج واسع من جمهور عربي عريض تكنى بهذه التجربة وحفظها عن ظهر قلب وهذا ما عبر عنه الفنان خليفة في حفلته صيف العام الماضي على مسرح قلعة دمشق عندما دعا جمهوره هناك لإحياء ذكرى محمود بأغنية كتبها الشاعر لأمه هي "تعاليم حورية" التي قدمها مارسيل تحية لرفيق أناشيده من دمشق في ذكرى غيابه .
–سانا-


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.