صيد ثمين بقبضة القوات الأمنية في تعز.. وإفشال مخطط إيراني خطير    بريطانيا تخصص 139 مليون جنيه استرليني لتمويل المساعدات الإنسانية في اليمن مميز    الصين: بعد 76 عاما من النكبة لا يزال ظلم شعب فلسطين يتفاقم    استعدادا لمواجهة البحرين.. المنتخب الوطني الأول يبدأ معسكره الداخلي في سيئون    بائعات "اللحوح" والمخبوزات في الشارع.. كسرن نظرة العيب لمجابهة تداعيات الفقر والجوع مميز    وداعاً للروتين.. مرحباً بالراحة: بطاقة ذكية تُسهل معاملات موظفي وزارة العدل!    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    يوفنتوس مصمم على التعاقد مع ريكاردو كالافيوري    كلوب يسخر من واقعة المشادة مع صلاح    ريال مدريد يحتفل بلقب الدوري الإسباني بخماسية في مرمى ديبورتيفو ألافيس    وزارة الحج والعمرة السعودية توفر 15 دليلاً توعوياً ب 16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    العليمي يصل المنامة للمشاركة في القمة العربية    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    الاتحاد الأوربي يعلن تطور عسكري جديد في البحر الأحمر: العمليات تزداد قوة    بمشاركة أهلي صنعاء.. تحديد موعد بطولة الأندية الخليجية    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    وزيرا المياه والصحة يبحثان مع البنك الدولي تمويل إضافي ب50 مليون دولار لمشروع رأس المال البشري مميز    نص المعاهدة الدولية المقترحة لحظر الاستخدام السياسي للأديان مميز    نيمار يتصدر معدل صناعة الفرص في الدوري السعودي رغم غيابه! (فيديو)    الخطر الحقيقي على الجنوب وقضيته يكمن في معاشيق    ولي العهد السعودي يصدر أمرا بتعيين "الشيهانة بنت صالح العزاز" في هذا المنصب بعد إعفائها من أمانة مجلس الوزراء    هيو جيو كيم تتوج بلقب الفردي وكانغ تظفر بكأس الفرق في سلسلة فرق أرامكو للجولف    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    دعوة مهمة للشرعية ستغري ''رأس المال الوطني'' لمغادرة صنعاء إلى عدن وتقلب الطاولة على الحوثيين    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    «البلسم»تختتم حملتها الطبية في اليمن وتنجح في إجراء 251 عملية قلب مفتوح وقسطرة تداخلية للكبار والأطفال    وصول شحنة وقود لكهرباء عدن.. وتقليص ساعات الانطفاء    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    الرئيس الزُبيدي يقرر إعادة تشكيل تنفيذية انتقالي شبوة    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    عار على الجنوب وقيادته ما يمارسه الوغد رشاد كلفوت العليمي    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    "امتحانات تحت سيف الحرمان": أهالي المخا يطالبون بتوفير الكهرباء لطلابهم    عدن تنتفض ضد انقطاع الكهرباء... وموتى الحر يزدادون    صراع على الحياة: النائب احمد حاشد يواجه الحوثيين في معركة من أجل الحرية    شاهد:الحوثيون يرقصون على أنقاض دمت: جريمةٌ لا تُغتفر    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يعزي في وفاة الشخصية الوطنية والقيادية محسن هائل السلامي    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    إنجاز يمني تاريخي لطفلة يمنية    ما معنى الانفصال:    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطاعون ينهش عروسة البحر

إنه الطاعون ينهش في خاصرة عروسة البحر الأحمر, منذ أواخر شهر رمضان تنامى هذا الطاعون، وانفضت بكارة العروسة لتكشف عن حمل في أحشائها، لطخ وجه المدينة وسرق ابتهال الروح وعبق الفل، ولم يكتفِ بالوقوف على مداخل الأفئدة النازفة، بل استل حقده لينتهك قدسية الأموات..
الحديدة مدينة منكوبة.. هكذا صرخت قيادة المحافظة أواخر شهر رمضان بعد أن استحال التعتيم على كارثة طفح المجاري وقنوات الصرف الصحي، التي أغرقت الشوارع وتهدمت على إثرها منازل عدة عتيقة، وشُلت الحركة التجارية, وغدا المواطن مقيداً بخطر الأمراض والرائحة الكريهة.
وكمبرر أو لإخلاء المسؤولية، صعد أمين عام المجلس المحلي، ليصب جام سخطه على عُمال النظافة، مهدداً إياهم بالاستغناء عن خدماتهم والاستعانة بشركات نظافة خاصة تقدر المسؤولية، ولا تتهاون في عملها أو تعمد إلى الإضراب، كونها تأخذ مستحقاتها كاملة وفقاً لعقود مبرمة.
ظهور ذلك المسؤول ليعلن بأن تراكم القمامة وتطور الأمر إلى انسداد قنوات الصرف الصحي، وانفجارها لتغمر الشوارع والأحياء، يتحمل مسؤوليته الكاملة عُمال النظافة الذين رفضوا امتهان كرامتهم وتنصل الجهات المختصة في محافظة الحديدة عن وعودها بالتثبيت.
في قمة نشوة الظهور والحديث إلى جمع من الصحفيين، في قاعة مكيفة ومجهزة بأناقة، نسف أمين عام المجلس المحلي، كل الوعود التي قطعها مع قصر محافظته لهؤلاء الناس, عُمال النظافة بالتثبيت منذ فترة، كما نسف كل ما يجب أن يكون عليه كمسؤول يتحمل كامل النتائج والمسؤولية، وفق عُمال ومشرفي نظافة طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم.
رغم أنه مر ما يقارب الشهرين، على ذلك الاجتماع إلا أن الصدمة مازالت حاضرة في نفوس هؤلاء النفر.. يقول أحد المشرفين: والله لم نُصدق أن يتكلم مسؤول خاصة بحجم أمين عام مجلس محلي، بتلك اللهجة.. آخر قال: بالله عليكم وصل الأمر بهذا المسؤول حد التطاول والصراخ بعمال النظافة "طز فيكم.. وتحت جزمتي هذه.. سنجيب عُمال نظافة هنود يشتغلوا أربعة وعشرين ساعة، مش زي حقنا العمال".
وهكذا نفث ذلك المسؤول سخطه، على عمال النظافة الذين كشفوا عجز مجلسه ومحافظته الموقرة، عن الوفاء بوعودها، والقدرة على تحمل المسؤولية, لتتحول الحديدة من عروسة للبحر الأحمر، إلى بحيرة من المجاري وباعتراف وتأكيد وإعلان رسمي، ناهيك عن الطاعون الذي ينهش في خاصرة عروسة البحر، بدءاً من البر وانتهاءً بالبحر، في ظل تغاضي وأحياناً مساندة من جهات أمنية ومسؤولين كبار.
حالة مفزعة:
سائق الدراجة النارية/ محمد فتيني حين طلبت منه الذهاب بنا إلى جوار مستشفى العلفي ومقبرة الصديق ومدرسة الشهيد/محمد محمود الزبيري وجامع الكويت ومكتب الاتصالات وفرع سبأ للأنباء والقائمة تطول.. غرق فتيني في الضحك وتسأل: وش نستوي هناك، تشتي تروح نأخذ لك مرض.. أنت ناقص بلاء، المجاري إلى الآن.. وكان التاريخ حينها الثامن عشر من شهر الجاري سبتمبر2013م.
قلت له: لا عليك يا صديقي، أنت خذنا وما يهمك إلا أعطيك حق مشوارك كما تريد، ورد فتيني يا الله استر، وشغل دراجته وانطلق وكانت الحالة مفزعة ونحن نشاهد المجاري ما زالت آسنة أمام مدخل مستشفى العلفي، أحد أهم وأقدم مستشفيات الحديدة، وحالته الآن سيئة للغاية.
عدسة الكاميرا في غمرة تأففنا من رائحة المجاري والقمامة المتراكمة، كانت أكثر حرصاً في تدوين تفاصيل تسبب كبير يطال حتى المستشفيات، والتي تحاصرها المجاري وطفح الصرف الصحي، وأكبر نموذج لغياب دور الجهات المسؤولة في المحافظة، مستشفى العلفي الذي تحاصره المجاري من المدخل الرئيسي وأحد الجوانب ومن الخلف، حيث تقع مقبرة الإمام الصديق، والتي تحولت هي الأخرى إلى مستنقعات بفعل قنوات الصرف الصحي التي تمر عبرها، وتعرضت للتخريب وسد الفتحات، لتطفح المجاري تضاعف انتهاك حرمة الموتى، إضافة غلى الانتهاك الذي طالها بالردم والبناء عليها وجرف الأموات.
المجاري تحاصر الشهيد الزبيري:
الشهيد/ محمد محمود الزبيري، انتهى به المطاف ليتحول إلى مدرسة للبنات، تحاصرها المجاري وطفح الصرف الصحي، فما معنى أن تصمت قيادة محافظة الحديدة على نسف رمزية الثائر الشهيد الزبيري؟، وحد توصيف كثير من أولياء الأمور، هناك خطة تآمرية للقضاء على كل ما يرمز إلى الثورة أو يحمل دلالة حضارية.
طالبات في مدرسة الشهيد الزبيري اشترطن للتحدث عدم ذكر أسمائهن، منعاً لتعرضهن للمساءلة والمضايقة، وأكدن لهن الالتزام بذلك، قلن: لقد تعبنا ونحن نرفع خطابات للإدارة ووصل الأمر إلى الرفع إلى مكتب التربية والمحافظة، نطالب فيها إزالة المجاري من أمام بوابة المدرسة الرئيسية، وأن الرائحة تجعلنا غير قادرات على المتابعة والدراسة، وأن كثيراً من الطالبات أصبن بأمراض.
وتابعن الطالبات حديثهن مشيرات إلى أن أولياء الأمور الميسوري الحال والذين لهم ظهور أو معهم وساطة، قاموا بنقل بناتهم إلى مدارس أخرى أو أهلية خوفاً عليهن من الإصابة بالمرض وخاصة الملاريا، وحمى الضنك.. وأضفن أن رائحة المجاري تؤثر على تحصيلهن، كما أن الكثيرات منهن أصبحن يخجلن من الذهاب إلى مدرسة الشهيد الزبيري أو القول بأنهن يدرسن فيها.
وأكد أرباب أسر أن الظروف الصعبة أجبرتهم إما على المخاطرة بحيات بناتهم ومواصلة التعليم أو الجلوس في البيوت, لأنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف ومتابعة النقل, كما أن كثيراً من المدارس في المحافظة تحيط بها المجاري والحال هو نفس الحال، أما المدارس التي يدرس فيها أبناء المسؤولين والتجار، لا يوجد أمامها مجاري وممنوع دراسة أولاد الفقراء فيها، لأن المسؤولين والتجار يخافون عليهم.
أنا رب المحافظة وللمساجد رب يحميها:
في الجهة المقابلة لمدرسة الشهيد الزبيري، يقع جامع الكويت وتحيط به المجاري من ثلاث جهات وجدرانه التي يجري ترميمها تتآكل بفعل الملوحة.. يا الله كم الوضع مزري.. رائحة طفح الصرف الصحي والمجاري تملأ المكان، وتثير الفزع من الإصابة بمرض قاتل، والأشد بشاعة أن تتحول الأجواء الروحانية إلى فضاء مشبع برائحة المجاري وطفح الصرف الصحي.
لنتخيل كيف سيكون تعامل من يحضر للصلاة ويرغب في قراءة القرآن الكريم في هذا الفضاء النتن.. صدقوني قد يهون الأمر مع المكان الذي يُرجى منه الصحة أو التعليم، حين يطال طفح المجاري بيوت الله ومقابر الأموات، فأي جُرم أشد من التشبث بكرسي المسؤولية، وبيوت الله تحاصرها المجاري وتغرقها بالروائح النتنة وتمتد رطوبة المجاري إلى الجدران والأرضيات وتتراكم رطوبة وانبعاثات المجاري لتصل إلى أقدس كُتب الله القرآن الكريم.
الحرص على أن يكون مدخل مبنى المحافظة خالياً من المجاري وتتم معالجته بإزالة انسداد قنوات تدفق الصرف الصحي سريعاً، هل يعني أن هذا المبنى أهم من بيوت الله، أم أن الواقفين على رأس هرم قيادة المحافظة، لا يعنيهم بيوت الله، وأن ما يعنيهم هو أن يكون مدخل مبنى المحافظة وما حولها نظيفاً حتى لا تؤذي رائحة المجاري سعادة المحافظة ونائبه ووكلاءه، وكذلك أمام منازلهم والتي يشك من يشاهدها أنها ليست في إطار جغرافية الحديدة المنكوبة، أم وصل بهم الأمر إلى عمل وانتهاج ما مفاده "أنا رب المحافظة وفلتي والمساجد لها رب يحميها؟!".
انتهاك حُرمة الموتى:
مقبرة الصديق الإمام, تسمية الصديق جاءت لإزالة معالم الإمامية مع الحافظ والإبقاء على قدسية الموتى أياً كانوا، تقع في الجهة الخلفية لمستشفى العلفي، سورها يتآكل ومعرض للسقوط، بسبب الإهمال والرطوبة والملوحة التي ساعدت على إحداث فتحات في السور.
لم تكد تفرغ عدسة الكاميرا من تحسس مواضع نكبة المجاري، حتى لمحنا وهرع نحونا صارخاً تعال.. تعال.. أيش تصور، وظننته من المجندين لملاحقة الصحفيين ومنعهم من التصوير، وأغلقت الكاميرا استعداداً لطارئ، وسألته: ماذا تريد بلهجة غاضبة، وجاء رده "هذا الذي تصوره ولا شيء، تعال سأعلمك أين الكارثة.. مقبرة الإمام الصديق كلها بلاليع تفجرت".
عمره يقترب من الثمانين عاماً، أمسك بيدي وكانت يداه ترتعش وهو يردد: "يا رب ارحم عبادك الضعفاء، يا ابني خلاص المسؤولين عندنا ما يخافوا الله، ربنا سيخسف بنا.. مقبرة وفي البداية يبسط على جزء منها واحد لا يخاف الله، وقبلها كانت القلابات تأتي إليها وهي محملة مخلفات وتفرغها فيها، وشوف بعيونك أكوام المخلفات من أجل ما تقول أني أفتري على الناس، وبلغت مع أهالي من الحي عاد فيهم خير المحافظة والمجلس المحلي وما فعلوا حاجة".
طيب يا حاج وما هذا المستنقع؟.. يا ابني هذه بلوعة حق واحد، حفرها داخل المقبرة ووقفنا ضده وحاولنا منعه وبدون فائدة لأنه معه فلوس، وانفجرت عندما انسدت قنوات الصرف الصحي وأنا يا ابني شيبة فقير ما أقدر أوقف في وجه المتنفذين والذين معهم فلوس، يا ابني قد ضاربت لما تعبت، وما فيش حد سمعني، ويقولوا عليا مجنون.. أمانة عليك انشر الصورة بالإعلام، واكتب للرئيس هادي يلحق المقبرة قبل ما يخسف بنا الله، أما حقنا المسؤولين بالمحافظة، فالخبر عندهم من زمان وساكتين.
مستشفى العُلفي يستغيث:
مستشفى الشهيد العلفي كان صرحاً صحياً شامخاً يقصده كثير من سكان الحديدة ومن خارجها، وهو معلم لا يجهله أحد في العروسة المنكوبة، من الخارج تحاصره المجاري التي تفجرت بفعل انسداد قنوات التصريف ومن ثلاث جهات "الأمامية والخلفية ومن جهة اليمين باتجاه مدرسة الشهيد الزبيري" ويضيف تكدس القمامة مشهداً لا يصدق, هذا من الخارج، ناهيك عن بروز واضح في تآكل أجزاء من جدرانه الخارجية.
يذكر مواطنون أنه نزلت مناقصة ترميمه قبل سنوات بأكثر من مائة مليون، ولكن أحد المسؤولين بالمحافظة انفرد بالمناقصة وقام بشوية أعمال وطلاء وسلمه، ولم تمر إلا فترة قصيرة حتى بدأت العيوب تظهر، وجراء تضاعف حجم تآكل السطوح وعدم قدرتها على تحمل ضغط الحركة، تم توقيف العمل فيه بالأدوار العليا كافة وتحويله إلى سكن للدكاترة والممرضين، والدور الأول فيه كشافة وبعض أدوات ومخازن.
ويستغرب المواطنون تبرير الجهات المعنية، لإيقاف العمل في الأدوار العليا وتحويلها إلى سكن، بالقول: خوفاً على حياة المرضى، بسبب تآكل السطوح وزيادة الرطوبة والملوحة.. ويتساءل المواطنين: هل الدكاترة والممرضون وغيرهم من الساكنين في الأدوار العليا، محصنون من الخطر، أم هم لو سقطت السطوح عليهم عادي؟.
مستشفى العُلفي الذي شهد محاولة تخليص اليمن من حكم الإمامة بالتخطيط لقتل الإمام/ حميد الدين، وإطلاق الرصاص عليه وإصابته ليموت متأثراً بها، يُعاني من الإهمال.. وعدسة الكاميرا، لا تزيف الحقائق ونقلت تفاصيل الوضع من الخارج، فيما استحال من الداخل.. وهنا يبقى السؤال: ما الذي تبقى في هذه المحافظة بعد أن طال العبث والإهمال أهم مراكز وشريان الحياة؟.. وأي صحة تُرتجى من مثل هذه المستشفيات التي لم يشفع لها ما تقدمه من خدمة، أن تنال أولوية قصوى لإزالة طفح المجاري وإزالة القمامة المتراكمة؟.
امتداد:
أمام مكتب الاتصالات ما تزال مياه المجاري آسنة، رغم محاولة إزالتها حرصاً على عدم إثارة انزعاج مديره من الرائحة، لكن دون جدوى.. ويقع مكتب الاتصالات في إطار مجمع يحوي مستشفى العُلفي ومدرسة الشهيد الزبيري ومقبرة الصديق الإمام وجامع الكويت.
وتمتد آثار نكبة طفح المجاري، أينما يمم المرء خط سيره، ولكن يكون الحال مع مكتب وكالة سبأ للأنباء، أمر, مغاير فهذه الماكينة الخبرية التي لا تكف عن تفقيس أخبار نشاط المحافظ والمجلس المحلي، والعمل على النهوض بالحديدة، لم يشفع لها التفاني في خدمة وتنميق قيادة هرم المحافظة، فبقايا طفح المجاري مازالت موجودة وكذلك الروائح التي تغلف المكان.
أيضاً كثير من المكاتب والمؤسسات الحكومية في الحديدة حالها لا يختلف عن سابقاتها وإن تفاوت حجم كل منها، وكذلك الأحياء المتناثرة، ومن أبرزها حارة غُليل وحي صدام والسلخانة و.. إلخ، وشارع صنعاء وجمال ومداخل أسواق كثيرة، حتى إن كثيراً من المعارض والمحلات والأسواق التجارية، أرغمت على إغلاق أبوابها، بسبب ارتفاع المجاري المتدفقة، خاصة في الأسابيع الأولى من النكبة، ومازال بعضها مُغلقاً، مما تسبب في تدني الحركة التجارية وإغلاق كثير من المطاعم والبوفيات والمخابر ومحلات بيع الحلويات وغيرها، وما تبقى منها لم تغلق أبوابها لا يقصدها زبائن إلا القليل، ويشتكي أصحابها من تكبد خسائر كبيرة وتعاظمها، مبدين رغبتهم في ترك الحديدة والتحول نحو أي محافظة أخرى حفاظاً على ما تبقى لهم.
وجه آخر للنهب والفساد:
سائق الدراجة النارية أمجد الحسيني، حاصل على بكالوريوس علوم سياسية من جامعة عدن عام2008م 2009م لم يجد وظيفة حكومية فعاد إلى دراجته، يقول: لم نعد نعرف هل نلوم أنفسنا كمواطنين على صمتنا على الظلم الذي يُمارس ضدنا منذ أزمان, أم نلوم المسؤولين المتعاقبين على المحافظة, أم الحكومات المتوالية؟.. صحيح هناك ظلم في كل محافظة لكن في الحديدة يُعد الأكبر.
أما قضية طفح المجاري وإعلان الحديدة منكوبة، فهو ليس سوى قضية بفعل فاعل، وبخطة مدروسة ومدبرة من فاسدين كبار، وظفوا أيادٍ لهم للقيام بسد قنوات تصريف المجاري، حتى وصل الأمر إلى استخدام خرسانات صب لسد القنوات وعدم القدرة على إزالتها، وبالتالي القيام بشق قنوات التصريف، وإعلان موازنات إضافية ستذهب إلى جيوب أشخاص بحد ذاتهم يقفون وراء العملية.
يذكر أمجد أن أصابع المحافظة تشير إلى عُمال النظافة الذين لم يجرِ تثبيتهم، بحجة أنهم ينتقمون ويرغمون المحافظة على التثبيت، لكن هذه حجج واهية فعمال النظافة أكثر حرصاً على الحديدة من قيادتها، ولن يفعلوا ذلك مهما كلفهم تعنت قيادة المحافظة عدم تثبيتهم، وأمامهم سبل كثيرة للوصول إلى أخذ حقوقهم.
ويلفت أمجد النظر إلى مسألة هامة يوجزها في قوله: كان الهبارون ينهبون كما يحلو لهم ومع تناقص الموارد وانكشاف أفعالهم، ابتكروا وسيلة جديدة للنهب، وهي ضرورة سد قنوات تصريف المجاري، والتي ستجبر كل مواطن وتاجر ومستثمر للتضحية حتى بلقمة عيشه لحل مشكلة الطفح.. وهكذا وجد المفسدون نقطة الضعف وعبروا من خلالها لابتزاز المواطنين والتجار والمستثمر، عبر ما يسمى بالإسهام المجتمعي بواسطة عُقال الحارات وبدون وثائق رسمية لإخفاء الآثار ومن ثم التوجه نحو الحكومة والمانحين وغيرهم باسم معالجة آثار النكبة.
مسؤول الشفاطات:
يقول سائق دراجة نارية استحسن عدم ذكر اسمه لاعتبارات خاصة: أنا على صلة بتاجر أو بالأصح سمسار لمسؤول في المحافظة يسير له تجارته، قبل شهر رمضان استورد صفقة شفاطات لم يعد مسموح استخدامها في البلدان الأخرى، ولو فكرنا فعلياً، سنسأل أنفسنا لماذا استورد هذا الشخص تلك الكمية وهي غير مرغوبة لدى المزارعين؟..
ومع بدايات طفح المجاري أنزل عدداً منها إلى الشوارع، لشفط المجاري وكانت المحافظة تدفع له إيجاراً وعندما انفجرت قنوات التصريف أواخر رمضان في ذروة الحركة التجارية، اتجه التجار الكبار نحوه للشراء منه بأسعار خيالية وبدأ الإقبال عليها أكثر وأعدادها في الشوارع تزداد وتم بيع الصفقة كاملة وتحقيق أرباح طائلة.
يضيف: ومن خلال تتبعي لقيام عمال النظافة بفتح كثير من غرف تفتيش قنوات الصرف الصحي، كنت أتفاجأ بأشياء غريبة، فبعض الغرف تكون مسدودة بأكياس أسمنت متحجرة أو ببطانيات وطرابيل ملفوفة بحجارة أو طوب, وأخرى مسدودة بصبة خرسانة وغيرها بقطع معدنية أو بلاستيكية أو ألواح خشبية مع قطع موكيت أو إسفنج أو فيرجلاس لم يعد صالحاً للاستخدام، وكذلك أحجار كبيرة حتى إن عدة غرف نزل إليها عمال الصرف الصحي ولم يستطيعوا رفعها واكتفوا بإزاحتها عن الفتحات, هذا بالإضافة إلى الشوالات جواني" مملوءة بالنيس والكري والتراب, أو قطع تالفة لسيارات ومعدات أخرى وإطارات ملفوفة إما بموكيت أو بطانيات وغيرها أو موضوعة داخل أكياس بلاستيكية خاصة ببضائع مستوردة, وغير ذلك من المواد التي تعمل على سد الفتحات نهائياً، وتؤكد أن هذا العمل كان وفق تنسيق مسبق وخطة مدروسة.
لسنا جبناء لنفعل ذلك:
خالد عمر محمد سالم جمال عمروش سليمان عبدالله هايل عطية مهدي محمود أمجد سعيد حسين خروش فتيني غانم وغيرهم كثير عُمال نظافة مر عليهم في العمل بدون تثبيت سنوات متفاوتة, أعلاها عشر سنوات وأقلها ثلاث سنوات, أكدوا أنهم لا يمكن أبداً أن يفكروا بهذه الكيفية للتعبير عن اعتراضهم على مماطلة المحافظة والجهات المعنية لتثبيتهم.
وفي معرض ردهم على إيماءات بأنه قد يكون لهم يد في عملية سد قنوات الصرف الصحي, قالوا: لسنا جبناء ليصل بنا الأمر إلى هذا المستوى من الوضاعة, وكيف سنقوم بهذا ونحن وأسرنا وأبناؤنا أول من سيتضرر منها ويدفع الثمن, وبكل صراحة الذين يلمحون بأنه قد يكون لنا يد في ذلك, وليس من باب المناكفة بل حقيقة وستثبت فيها الأيام, هؤلاء هم الذين يقفون وراء هذه العملية.
ويضيفون: الكل يعرف عندما أضربنا عن العمل ورفع القمامة, ماذا حصل ولماذا زاد الصمت عن حده من قبل المسئولين, كيف قمنا بحجز سيارات نقل القمامة وكنا سنصعد أكثر, إذا لم تبادر المحافظة وتتعهد لنا بالتثبيت, وبعدين نحن لا يوجد معنا ما نخاف عليه, ولذلك لن نخاف من قمع الشرطة وإذا لزم الأمر والله سنوصل إلى المحافظة وإغلاقها وكذلك كافة المكاتب والمؤسسات الحكومية ولا يهمنا التضحية ولا الموت, لأننا لسنا عائشين, ولا فرق بين أن نبقى على هذا الحال ونحن ندافع عن حقوقنا أفضل بكثير من العيش تحت الذلة ورحمة من يأكل حقوقنا والموت في سبيل حقنا شهادة.
خدعة الاستعداد للعيد:
مواطنون كثر أكدوا أنهم خلال النصف الأول من شهر رمضان, وانشغال الناس بالتسوق للعيد والسمر والصلاة والعبادة, كانوا يصادفون أشخاصاً على سيارات أو دراجات نارية يقومون بفتح غرف تفتيش الصرف الصحي وفي أوقات تكون الشوارع و الأحياء والحارات خالية من الناس والحركة, ويقولون إنهم يتفقدون غرف التفتيش..
ولأنه لم يفكر أحد أن هناك من سيقوم بسد غرف التفتيش, كان الأمر عادياً ولا يثير المتابعة, وفي المقابل جرى القبض على عدد من الأشخاص أثناء قيامهم برمي قطع موكيت أو خردوات إلى عرف التفتيش وغير ذلك, وتم توصيل بعضهم إلى أقسام الشرطة, وبعضهم كان يتعذر بأنه يعتبر الأمر عادياً, ولا يقصد التسبب في مشكلة ويجري الإفراج عنهم.
وكان يزداد سماع أصوات الأغطية المعدنية عن غرف التفتيش, في أوقات السحور وأثناء صلاة الصبح وكذلك بعد العودة من الأسواق, وفي الأحياء والحارات أثناء خروج الأسر للتسوق, والأشخاص الذين تم القبض عليهم يكونون غير معروفين, أي من خارج المدينة من مناطق أخرى, وكان من أبرز الحجج التي يذكرونها أنم تم الاستعانة بهم لمعاينة وتفقد قنوات الصرف الصحي استعداداَ للعيد, حيث ستشهد المحافظة تدفق عشرات الآلاف من الزوار, وهذا سيشكل ضغط على قنوات الصرف الصحي, ولذا لا بد من الاستعداد مقدماً, حتى لا يحصل أي منغصات في العيد ويعيش الناس أجواءه وفرحته.. وبسبب التصديق لذلك تحول العيد في عروس البحر إلى عيد برائحة المجاري, بدلاً من العيد مع الفل والبخور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.