رغم تكرار مشاركاته في بطولات كأس العالم في العقدين الماضيين، ظل المنتخب الأمريكي لكرة القدم بعيدا عن تحقيق الحلم الذي راوده طويلا، لكن مشاركة الفريق المقبلة في بطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل قد تكون الطريق نحو تحقيق هذا الحلم تحت قيادة المدرب الألماني الشهير يورجن كلينسمان. ومنذ ظهور الأسطورتين البرازيلي بيليه والالماني فرانز بيكنباور في صفوف نيويورك كوزموس الأمريكي في السبعينيات من القرن الماضي ، انتظر العالم أن يأخذ المنتخب الأمريكي مكانا بين عمالقة اللعبة، واقترب الفريق بشكل ما من تحقيق هذا عندما استضافت بلاده بطولة كأس العالم عام 1994 ولكن قصة النجاح لم تكتمل. ويخوض المنتخب الأمريكي فعاليات المونديال البرازيلي وسط ظروف أفضل من مشاركاته السابقة حيث يحتل مركزا متقدما في التصنيف العالمي لمنتخبات اللعبة والصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) هو المركز الثالث عشر كما يقوده مدرب سبق له تحقيق نجاح ملحوظ في بطولة كأس العالم عندما فاز مع المنتخب الألماني بلقب كأس العالم 1990 بإيطاليا كلاعب وقاد المنتخب الألماني كمدير فني للفوز بالمركز الثالث في مونديال 2006 بألمانيا وتجددت ثقة المنتخب الأمريكي بنفسه في الآونة الأخيرة ويثق اللاعبون وجهازهم الفني في قدرتهم على ترك بصمة أفضل في المونديال من خلال نسخته المقبلة بالبرازيل مستفيدا من كون كرة القدم هي الأسرع تطورا ونموا من بين جميع الرياضات الكبيرة في الولاياتالمتحدة. وكان انتقال النجم الإنجليزي السابق ديفيد بيكهام عام 2007 للعب في صفوف لوس أنجليس جالاكسي الأمريكي دور كبير في الاهتمام الإعلامي والصحفي باللعبة في الولاياتالمتحدة، ونالت اللعبة ذات الشعبية الأكبر عالميا حظها من الاهتمام والتقدير في الولاياتالمتحدة في السنوات الأخيرة تزامنا مع المشاكل التي تواجه الرياضات الأكثر شعبية في الولاياتالمتحدة حيث تورط نجوم البسيبول في فضائح منشطات بينما تورط عدد من نجوم كرة السلة في جرائم مختلفة وفي نفس الوقت، كان عرض الولاياتالمتحدة مباريات لبطولات الدوري في أوروبا وأمريكا الجنوبية سببا في جذب جيل جديد من المشجعين كما ساهمت ألعاب الفيديو مثل "فيفا 13" في زيادة قاعدة مشجعي اللعبة بالولاياتالمتحدة. وأكدت دراسة أجرتها شبكة "إسبن" الإخبارية في سبتمبر أن كرة القدم أصبحت ثاني أكثر الرياضات شعبية بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم من 18 إلى 24 عاما ولا تتفوق عليها في الشعبية سوى كرة القدم الأمريكية، ويضمن هذا رقما قياسيا للمشاهدة التلفزيونية في مباراة المنتخب الأمريكي الأولى بالمونديال البرازيلي والتي يلتقي فيها نظيره الغاني بمدينة ناتال في 16 حزيران/يونيو المقبل كما ينتظر هذا أيضا في مباراتي الفريق التاليتين أمام منتخبي البرتغالوألمانيا في 22 و26 من الشهر نفسه على الترتيب. واعتمد المنتخب الأمريكي بشكل كبير في الماضي على نقاط قوته الأساسية من لياقة بدنية وأداء جماعي وعناد وتماسك في المباريات لتحقيق أفضل نتائج ممكنة أمام منتخبات أكثر منه خبرة باللعبة ولكن كلينسمان منح الفريق أسلوبا جديدا في التعامل مع المباريات من حيث بدء الهجمات من خط الدفاع وتناقل الكرة في وسط الملعب بشكل يسمح بفتح ثغرات أمام مهاجمي الفريق في دفاع الفرق المنافسة، وقال كلينسمان "هناك شيء يحدث في هذا البلد يتعلق باحترافية اللعبة وهو أننا نحاول الوصول للمستوى التالي.. ندفع بلاعبين أكثر شبابا إلى قائمة الفريق ونبقي على الباب مفتوحا أمام الجميع ونحاول تنمية أسلوب لعب نأمل في أن يزيد إثارة الناس وعشقهم للعبة أكثر وأكثر". وظهرت كل هذه العوامل في مباراة الفريق الودية التي فاز فيها 2/صفر على المنتخب الكوري الجنوبي الذي وصل المربع الذهبي لمونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان وأقيمت هذه المباراة في كارسون بولاية كاليفورنيا وأمام مدرجات ممتلئة تماما بالمشجعين واستحوذ المنتخب الأمريكي على الكرة تماما في هذه المباراة ليجبر المنتخب الكوري بهذا إلى الاعتماد على الهجمات المرتدة السريعة والتي أجهضها الدفاع الأمريكي سريعا. كما تمنح أجواء الثقة مزيدا من القوة للمنتخب الأمريكي في مواجهة منافسيه إضافة لأن الفريق سيخوض فعاليات المونديال في وسط الموسم الكروي حيث يمتد الدوري الأمريكي من آذار/مارس إلى كانون أول/ديسمبر مما يجعل لاعبي المنتخب الأمريكي من الناشطين في الدوري المحلي أكثر استعدادا من الناحية البدنية وأقل إنهاكا من لاعبي المنتخبات الأخرى التي تخوض فعاليات البطولة بعد انتهاء الموسم الكروي في بلدانها أو البلدان الأوروبية التي ينشط فيها لاعبو هذه المنتخبات كما سمح هذا لكلينسمان بأن يصطحب اللاعبين في معسكر تدريبي لمدة شهر وذلك خلال كانون ثان/يناير الماضي. وحرص كلينسمان على إقامة أسبوعين من هذا المعسكر في ساو باولو بالبرازيل ليتأقلم اللاعبون مع الأجواء والظروف والطقس في ساو باولو التي يقيم بها معسكره خلال المشاركة في المونديال. ورغم عدم وجود أي من اللاعبين أصحاب الطراز العالمي في صفوف المنتخب الأمريكي ، يوجد في الفريق العديد من العناصر القادرة على تقديم أعلى المستويات، ومع وجود بعض اللاعبين أصحاب الخبرة مثل المهاجمين لاندون دونوفان وكلينت ديمبسي وجوزي ألتيدور ولاعبي الوسط مايكل برادلي وجيرمين جونز وحارس المرمى تيم هاوارد ، يبدو الفريق قادرا على التأهل إلى الدور الثاني (دور الستة عشر) بالبطولة وإن كان بحاجة إلى كبوة من أحد المنتخبات المنافسة له بالمجموعة السابعة في الدور الأول للمونديال حيث يتنافس فيها مع منتخبات ألمانياوالبرتغال وغانا. وقال دونوفان ، متصدر قائمة هدافي المنتخب الأمريكي عبر التاريخ ، "يمكننا الذهاب إلى البرازيل وخوض المباريات الثلاث والدفاع على مدار التسعين دقيقة في كل مباراة وأن نصلي لتحقيق نتائج جيدة.. ولكن هذه ليست الوسيلة لنتطور. ولذلك ، سنخوض المونديال بثقة في تقديم عروض ونتائج جيدة".