في الفترة من 5/4- 23/4/2013 كان المخلوع علي صالح في العاصمة السعودية الرياض وسبق ذلك وجود ما يشبه الإجماع على ضرورة مغادرته البلاد والكف عن ممارسة الإعاقة للعملية السياسية وسعي من قبل الرئيس هادي لإنهاء رئاسة صالح للمؤتمر الشعبي العام وتشديد من قبل رئيس الحكومة محمد سالم باسندوة على عدم القبول ببقاء المخلوع في البلاد. غادر المخلوع البلاد يومها بدعوى إجراء فحوصات وعمليات وقد توقفت صفحته التي دشنها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" من 5/4 وتوقف عن الإدلاء بأحاديث حتى صدور قرارات 10/4 التي قضت بتعيين قيادات المناطق العسكرية والإنهاء الفعلي لمسمى الفرقة الأولى والحرس الجمهوري وتعيين أحمد علي سفيرا في الإمارات. وقد نشرت وسائل الإعلام الخاصة به خبر إجراء خمس عمليات في يوم وخروجه في اليوم نفسه وذلك ما يعد تبريرا ملفقا ومكشوفا لسبب السفر إذ أن الأخبار المتواترة من الذين كانوا على إطلاع بإقامة المخلوع في الرياض يؤكدون أنه لم يجر أي عملية ولم يكن الغرض طبياً من الأساس بل كان لقاء جمع المخلوع بثلاثة من رموز الثورة المضادة في الوطن العربي برعاية سعودية إيرانية وإشراف أمريكي. التقى صالح بالمستشار القانوني الدولي والناشط الحقوقي العراقي عبدالحسين شعبان وهو من أنصار المالكي، وأستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة مدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية سعد الدين ابراهيم وهو أحد العاملين مع واشنطن في مصر، والناشط السياسي القومي مصطفى بكري وهو من أنصار مبارك وبشار الأسد. كما التقى بالشيخ خلدون عريمط، والشيخ خليل محي الدين الميس مفتي زحلة والبقاع من لبنان. وأضفت أنشطة صالح على الزيارة طابعا شبه رسمي، يتبين ذلك من خلال استقباله في مكتب نائب رئيس الحرس الوطني عبدالمحسن التويجري الذي رافقه في زيارة لمهرجان الجنادرية. وللمزيد من التمويه فقد سافر يحيى الراعي إلى الأردن قيل إن السفر لبحث لجوء المخلوع إليها وقيل إن صالح مرشح للوساطة بشأن سوريا لكنه عاد إلى البلاد وممارسة الإعاقة لعملية التسوية ولم يعد ذلك الإصرار على مغادرة البلاد ولا رئاسة المؤتمر موجوداً، فما الذي حدث؟ إن المعطيات السابقة تشير إلى وجود موقف مختلف من أطراف في الأسرة السعودية الحاكمة حيال الثورة اليمنية والعملية الانتقالية ومن الرئيس هادي وإعادة نسج علاقة بالمخلوع الذي هو أكثر استعدادا للتخريب من أي طرف. ويأتي تأجيل المملكة زيارة كانت مقررة للرئيس هادي مترجما لتعزيز هذا التحالف. إن سكوت جميع الأطراف التي كانت تطالب بخروج المخلوع وتراجع هادي عن الدفع بخلعه من رئاسة المؤتمر يفسر بأنه حرص على عدم إغضاب السعودية. وجود مساع من قبل المخلوع سعودية إيرانية على القبول بالحوثيين على الحدود لأنهم يجعلون الرأي العام في المملكة أقرب إلى أسرة آل سعود، أي فكرة العدو الذي يوحد المجتمع مع السلطة ويصرفه عن التفكير بالتغيير ومن ثم الوقاية من امتداد الربيع العربي. إن الحيلولة دون نجاح حزب الإصلاح هدف مشترك كون نجاحه مثيرا للقلق الإيراني السعودي الأمريكي والذي يجمع الأطراف الثلاثة -إضافة إلى الإمارات- مخاوف ومواقف مشتركة من صعود التيار الإسلامي والإخوان تحديدا سواء في مصر واليمن وتونس وليبيا، وهو ما يفسر الموقف المخزي من الثورة السورية المتحالف ضمنا والمنسجم مع الموقف الصهيوأمريكي المساند في المحصلة النهائية للموقف الإيراني الروسي. إن بقاء المخلوع وقيادته لثورة مضادة بالتحالف مع الحوثيين يشكل ورقة ضغط على السلطة في صنعاء ويجعلها تنصاع للضغوط السعودية. ولكن من يدير المملكة؟ أثبتت الأحداث أن من يدير المملكة وسياستها الإقليمية ليس الملك ولا ولي العهد، فالملك يصاب بأمراض تعطله، حدث مع فهد ويحدث مع عبدالله، والسياسة السعودية هي ذاتها المعادية لليمن المتحالفة مع القوى المخربة الداعمة للصهيونية. إن المدير الفعلي أمريكي مع خبرات صهيونية. وقد كشفت وثائق ويكليكس عن جانب من هذه الحقيقة على لسان الملك عبدالله مخاطبا الأمريكيين بالقول: "إنني على اطلاع بما تفعلون مع محمد بن نائف"، وهي إشارة إلى أنهم يلتقون الأمراء والوزراء دون علم الملك وأن وزير الداخلية وغيره ينفذون سياسة أمريكية مرسومة، وقد ظهرت جلية في مناسبات منها العدوان الصهيوني على غزة، فقد كانت كلمة الملك متعاطفة مع الفلسطينيين في حين كان حديث وزير خارجيته في المؤتمر الصحفي وفي صياغة البيان الختامي لقمة الكويت الاقتصادية متناقضة مع ذلك الخطاب للملك. وعلى الرغم من خبرة القوى الخارجية المعادية للثورة إلا أنها تدرك أن إرادة الشعب غلابة وأن المخلوع الذي عجز عن إيقاف عجلة التغيير مع إمساكه بعناصر القوة منفردا وحسبانه أن جميع خيوط اللعبة بيده لن ينجح في عمليات التخريب وقد تمزقت الخيوط وفقدت العناصر، لكن الإستراتيجية الصهيو أمريكية السعودية الإيرانية تقوم على أساس الحيلولة دون تقدم اليمن وازدهارها، وإفشال هذا الأمر يتطلب الشعور بالمسئولية من قبل السلطة والقوى الحية التي ينبغي أن تدرك أن عليها التعاون من أجل البلد وسلامتها والحيلولة دون تمكين القوى المعادية من تحقيق أهدافها الخطرة.