قبل عدة سنوات فازت حماس بالانتخابات وكان من بين المراقبين عدد من الساسة الأمريكيين المشهورين وأكد الكل أن الانتخابات نزيهة وجرت على مستوى عال من الشفافية, وقامت الدنيا ولم تقعد في العواصم الغربية وفي واشنطن وغيرها من العواصم التابعة. ونشطت ماكينة الدعاية الغربية والأمريكية وفي ركبها أبواق العقل العربي المعطل, لتكوين الرأي العام ضد حماس, ووصفت الحركة بأبشع النعوت بما فيها التطرف والإرهاب واليمين المتشدد والعداء للسامية. ولم يفتأ الاعتدال العربي ودعاة حقوق الإنسان والمتشدقين بالحرية لكوكبنا وحتى تاريخه من العمل على مقاطعتها بأشكال علنية ومن تحت الطاولة, بحجة عداء حماس للسلام المزعوم وأثبتت التجربة بأن اللاهث وراء السلام بشروطه المطروحة كمن يركض وراء السراب في غياهب العهر السياسي الأمريكي والإسرائيلي. خلال الحرب على حماس تم تعميم الحرب على الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع, فالتجويع والحصار والحرمان والحواجز والحرب القذرة على غزة هي عناوين السنوات التي خلت, وساهم الجميع في إذكاء نار الفتنة والمقاطعة سواء كان يدري أم لا يدري بما فيهم الأشقاء وأهل البيت أنفسهم. وفي المقابل ومع الركض وراء السلام المزعوم لم تتوقف اسرائيل عن التوسع وبناء المستوطنات والعمل على تهويد القدس وهدم البيوت على مسمع العالم وتحت بصره. لم تطل المدة كثيراً فالمجتمع الإسرائيلي الذي يصفه الغرب بمجتمع السلام يوصل حكومة يمينية متطرفة تعرف بأشد الحكومات تطرفاً, والغرب يتحمل جزء من المسؤولية بسبب سياساته, هذه الحكومة وبعرف الجميع عرب وأعاجم غرب وشرق اعتدال وتشدد على حد سواء يقر بالطابع المتطرف لهذه الحكومة. والحكومة نفسها لا تخفي تطلعاتها عن أحد فهي ضد قيام الدولة الفلسطينية ولا عودة للاجئين والقدس عاصمة أبدية والمستوطنات تبنى على قدم وساق, وهنا نسأل؟ ماذا يريد دعاة السلام بعد أكثر من هذا ؟.لكي يقتنعوا بأن اليمين الإسرائيلي مرحب فيه في العواصم مع بعض الاستثناءات واليمين العربي المدافع عن الحقوق منبوذ مطارد مقاطع . الأكثر من هذا وذاك يطل علينا نتنياهو قائلاً: على العرب أن يعلموا أن اسرائيل حليف قوي ضد الخطر القادم الجديد من إيران وان وحدة وتحالف العرب مع اسرائيل سينجح في وقف زحف الخطر.لا شك كلنا لدينا ملاحظات على بعض السياسات الإيرانية والمواقف الاستفزازية التي تطلق بين فينة وأخرى وعلينا أن نعالج ذلك بحكمة وبالحوار وعبر مبدأ سواد المصالح الوطنية المتبادلة, وليس بإعادة تجربة مريرة أثناء التخطيط لذبح العراق وكانت مساهمات العرب أساسية. العالم وأمام وجود حكومة يمينية في اسرائيل يفتح ذراعيه لقادتها وبعض العواصم العربية تستقبلهم والقادة الأمريكيون يفتحون أبواب البيت الأبيض مرحبين ويظهرون ما لا يضمرون وتخلوا المباحثات من أي إشارة للحقوق وكأن المسألة مسألة قيام دولة من عدمها, علماً أن المسألة هي مسألة احتلال قبل كل شيء والحقوق التي ضاعت في كواليس العهر السياسي الأمريكي الإسرائيلي عليها أن تلق المصير نفسه عند العرب و الفزاعة الجديدة تجهز مفاصلها لدى نافخ كور الأزمات وحسن إدارتها العم سام.