أثارت التغييرات المفاجئة، التي طرأت في اللحظات الأخيرة على جدول وترتيبات زيارة الرئيس عبدربه منصور هادي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، الكثير من علامات الاستفهام مع تحولها من زيارة دولة إلى توقف قصير في دبي ولقاء سريع مع نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ولم يحضره أي من أبناء الشيخ زايد وأشقاء رئيس الدولة. وكانت الإجراءات البروتوكولية المتبعة، كما كشف ل"المنتصف" مسئولون يمنيون، أعدت قبل أيام من موعد القمة العربية الترتيبات اللازمة لزيارة الرئيس إلى أبو ظبي قادماً من الكويت عقب انتهاء أعمال الدورة ال25 لقمة القادة العرب الاعتيادية. ونشرت وكالة "خبر" قبل توجه الرئيس هادي إلى الكويت عن زيارة يقوم بها إلى الإمارات العربية المتحدة بعد القمة العربية، وفقاً لما كشفته للوكالة مصادر يمنية مطلعة.
وقبلها كانت "المقدمة" أو الوفد المكلف بالترتيبات للزيارة الرئاسية قد وصل أبو ظبي قادماً من صنعاء لوضع اللمسات الأخيرة لجدول وأعمال ولقاءات الرئيس الزائر بحسب التقاليد والمراسيم المتعارفة. ووفقاً للمصادر والمعلومات نفسها كانت على رأس الجدول قمة ثنائية تجمع رئيسي الدولتين.
إلا أن كل هذا تغير في اللحظات الأخيرة، ولم تقدم المصادر الإعلامية والديبلوماسية الرسمية أي توضيحات معلنة أو منشورة. وتداولت أوساط يمنية وأخرى خليجية أسئلة متعلقة على مواقع التواصل في الساعات التي تلت الإعلان عن وصول الرئيس إلى دبي بدلاً من أبو ظبي، ولقائه بحاكمها نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في وقت متأخر من مساء الأربعاء قبل مغادرته بعد ساعتين إلى صنعاء التي وصلها حوالى الثالثة فجر الخميس.
المعلومات التي استقتها "المنتصف" من مصادر مطلعة قبيل سفر الرئيس إلى الكويت، ومثلها ترتيبات الجانب الإماراتي، كانت تتحدث عن زيارة دولة تستمر يومين وتتصدرها قمة يمنية إماراتية بين الرئيسين هادي وخليفة بن زايد. علاوة على فعاليات ولقاءات أخرى على جدول الزيارة.
وتفيد المعلومات التي جمعتها وكالة "خبر" للأنباء، أن تغييراً طرأ قبل وقت قصير مساء الأربعاء ليتم تحويل رحلة طائرة الرئيس من الكويت - أبو ظبي إلى الكويت – دبي، وهو ما حدث بينما اقتصرت اللقاءات التي حددت تبعاً للتغيير في الجدول على لقاء مع نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الذي استقبل الرئيس هادي في قصره بمنطقة زعبيل بدبي.
وتبادل الجانبان، كما ذكرت وكالة "وام"، الحديث حول مجريات الوضع العربي الراهن ونتائج القمة العربية التي اختتمت في دولة الكويت. واطلع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم من الرئيس عبدربه منصور هادي على جهود القيادة والحكومة اليمنية لتفعيل المصالحة الوطنية والجهود المبذولة من أجل تعزيز الاستقرار الداخلي والتوجه نحو التنمية الاقتصادية. و"تمنى صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي للشعب اليمني دوام التقدم والاستقرار الأمني والاجتماعي والاقتصادي"، كما ذكر الخبر الرسمي للوكالة الإماراتية الرسمية "وام".
وكانت زيارة الرئيس هادي المرتقبة هي الأولى إلى دولة الإمارات العربية المتحدة منذ توليه الحكم في فبراير 2012. وتجيء بعد تصاعد الخلافات الخليجية القطرية وسحب الرياضوأبوظبي والمنامة للسفراء من الدوحة وكذا حظر جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية والسجال الإعلامي والسياسي القطري الخليجي الذي أعقب ذلك.
وعلى هامش مشاركته في أعمال قمة الكويت العربية التقى الرئيس هادي بأمير قطر تميم بن حمد. ويعتقد مراقبون أن اللقاء بتميم ربما كان واحداً من أسباب وعوامل التغيير الذي فرضه الجانب الإماراتي في جدول زيارة الرئيس اليمني إن لم يكن أهمها لجهة "رسائل سلبية" تلقتها العواصم الخليجية في الجهة المقابلة وهو ما فسر أيضا لدى المراقبين وأوساط إعلامية انصراف رئيس الوفد السعودي من قمة وعاصمة الكويت عائداً إلى الرياض دون اللقاء بالرئيس هادي والذي كان موضوعاً على جدول المراسيم بطلب من الجانب اليمني.
وانتدب الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد ورئيس الوفد السعودي إلى القمة وزير الخارجية سعود الفيصل للقاء الرئيس هادي الذي اجتمع الأربعاء، مع الرئيس إسماعيل عمر جيلة رئيس جمهورية جيبوتي، والرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية كلا على حده. "وتم خلال الاجتماعين بحث العلاقات الثنائية بين المملكة والبلدين الشقيقين، بالإضافة إلى بحث سبل وتعزيز العمل العربي المشترك" كما ذكرت باقتضاب وكالة الأنباء السعودية "واس" دون مزيد من التفاصيل.
ويرى معلقون يمنيون وخليجيون بأن التعويل المتزايد الذي تبديه السلطات الرسمية والحكومية في العاصمة اليمنيةصنعاء على تفعيل محور الشراكة مع الدوحة والقيادة في قطر إضافة إلى الملف الشائك الخاص بالتمكين الذي تحصل عليه جماعة الإخوان في اليمن ومنحها مكاسب وامتيازات متزايدة في القطاعات الرسمية والحكومية والأهم من ذلك في المؤسسة العسكرية ومواقع قيادية عليا في ألوية ووحدات الجيش علاوة على النفوذ الذي حققته الجماعة داخل المؤسسة الأمنية، كل هذه تشكل عوامل ومسببات قلق ومبعث عدم ارتياح لدى الجيران الخليجيين الكبار الذين يخوضون مواجهة علنية مفتوحة وبدون خطوط حمراء مع محور وتحالف (الدوحة/ الإخوان).