تزداد المحاولات التي تسعى للالتفاف على قانون العدالة الانتقالية ضراوة، وفي كل مرة، يتم انتاج عنوان جديد، والزج بجهات جديدة إلى الواجهة، لكي تتبنى وجهات نظر عامة لكن مقاصدها ما تلبث أن تتكشف، كما هو الحال مع لجنة (الوفاق الوطني) التي تم تشكيلها في البرلمان مؤخرا، التي تسعى إلى استبدال العدالة الانتقالية بالمصالحة الوطنية. وأكدت أحزاب اللقاء المشترك على أهمية وضرورة سرعة إصدار قانون العدالة الانتقالية، ودعت الحكومة إلى أن تضع القانون ضمن أولوياتها. واعتبر المجلس الأعلى للمشترك، في بلاغ صحفي، أصدره في ختام اجتماعه الثلاثاء ، أن التلكؤ والتأخير في اصدار قانون العدالة الانتقالية يعيق تطبيع الأوضاع السياسية ويمنع التقدم في تحقيق المصالحة. ودعا البلاغ الحكومة إلى تنفيذ ما تبقى من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومقررات مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة. وعبرت اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، في البيان الختامي لدورتها العاشرة، عن أسفها البالغ للممارسات التي وصفتها بغير المسؤولة لتقويض الإجماع الوطني على مخرجات فريق العدالة الانتقالية كإحدى أهم القضايا الحيوية في مخرجات الحوار الوطني في مسلسل بائس للالتفاف على مخرجات الحوار. وقال البيان أن أحدث حلقات هذا الالتفاف كان ما سمي ب (مؤتمر بروكسيل)، في اشارة للقاء الذي دعي اليه قبل أسابيع ممثلين عن الأحزاب والمكونات السياسية، بغرض مناقشة قانون العدالة الانتقالية، إلا أنه طرح بدلا عن ذلك موضوع العدالة التصالحية، ثم أصدر اعلان يتبنى المصالحة الوطنية، فانسحب ممثل الاشتراكي وأعلن المشترك رفضه لمخرجات ذلك اللقاء. وأكدت مركزية الاشتراكي، رفضها للمشروع الجديد، أو ما سمي بالمصالحة الوطنية الذي شكل له مجلس النواب رسميا لجنه برلمانية خاصة، سميت ب (لجنة الوفاق الوطني). ومطلع الاسبوع الجاري أعلن ممثل الحزب الاشتراكي في هذه اللجنة، الدكتور محمد صالح قباطي، نائب رئيس الكتلة البرلمانية، عن انسحابه من اللجنة البرلمانية الخاصة المشكلة من رؤساء الكتل البرلمانية والمسماة ب(لجنة الوفاق الوطني)، وذلك بسبب ما قال أنه "الإصرار غير المبرر على التوظيف السياسي لعمل هذه اللجنة، والغموض المتعمد لمهامها، وأهدافها الملتبسة, خارج إطار ما تم التوافق عليه في اجتماعاتها التمهيدية, علاوة على تجيير عمل اللجنة ، سياسيا وإعلاميا ، في خدمة مصالح سياسية فئوية ، تحت عناوين وطنية تستغل المجلس خارج نطاق اختصاصه، وتشويها لدوره الوطني المفترض". وأعتبر القباطي في رسالة الانسحاب الموجهة إلى رئيس اللجنة البرلمانية الخاصة (الوفاق الوطني)، على عبدربه القاضي، أن أعمال اللجنة تنطوي إلى محاولة بائسة، لتقويض الإجماع الوطني، والالتفاف على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في إحدى أهم قضاياه الحيوية (العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية), التي باتت محل إجماع وطني وإقليمي ودولي لا لبس فيه. وأكد قباطي في رسالته "على ضرورة التمسك بالدور الوطني للمجلس في دعم تنفيذ ما تبقى من اتفاق نقل السلطة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الوطنية, ونرفض أية مخرجات للجنة البرلمانية المذكورة أعلاه تتعارض معها, أو تتناقض مع مبدأ التوافق الوطني الحاكم لعمل مجلس النواب في الفترة التشريعية الراهنة". ففي الاسبوع الماضي نشرت وكالة الأنباء اليمنية سبأ خبرا عن اللجنة يزعم مناقشتها "إعداد رؤية شاملة للتسامح والمصالحة الوطنية تشمل كافة مكونات المجتمع اليمني لإنهاء حالة الاحتقان والصراع السياسي والتفرغ لتعزيز الوحدة الوطنية ومواصلة عملية البناء التنموي الشامل ليعم مختلف المحافظات ويزرع ثقافة الألفة والمحبة والإخاء والسلم الأهلي" . وتواصل لجنة الوفاق الوطني البرلمانية، لقاءاتها بممثلي الأحزاب والمكونات السياسية، حيث ألتقت بالرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي أبدى ارتياحا من عمل اللجنة، وقال أن الحلول لكل المشكلات اليمنية بيد اليمنيين وليس بيد مجلس الأمن، في اشارة إلى قرار العقوبات بحقه، كما ألتقت اللجنة بممثلي المكتب السياسي لأنصار الله برئاسة رئيس المجلس السياسي صالح الصماد. وتكثفت مؤخرا المساعي التي تريد فرض مصالحة وطنية بدلا عن قانون العدالة الانتقالية المنصوص عليه في المبادرة الخليجية إلى جانب قانون الحصانة، باعتبار ان العدالة الانتقالية، ستتكفل بكشف الحقائق، وجبر الضرر، واحياء الذاكرة الوطنية، وعدم الانتقاص من حقوق الضحايا.