منذ أن غاب دور المسجد في حياتنا الحاضرة غابت معه الأخلاق، والفضائل والمسلكية الإسلامية النموذجية، واتسعت الهوة بين الإسلام والمسلمين، وقويت مظاهر العبثية والسلبية عند شبابنا والذين هم أملنا عند الخطوب في كل يوم اسود، وعند المسئولين الذين هم أداتنا نحو التقدم والرقي، وفي أحسن الاحوال أصبح الإسلام عند بعضنا عبارة عن مجموعة من الآيات القرآنية الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة، يستظهرها أولادنا في المدارس، ونستخدمها في الأوقات المناسبة في الصحافة والإذاعة المسموعة والمرئية، ونرددها في المآتم وعلى أبواب المقابر وعندما اختفى دور المساجد وانحط مستوى الدعاة بلدت أحاسيسنا فانحرفنا وفسدت أعمالنا وأصبح الكثير منا يكذب ويخدع ويرتشي ولايرى إلا نفسه، وحتى أصبحنا أكبر دعاية ضد الإسلام، وصرنا عبئا عليه، وكل هذا يعود لغياب دور المساجد والمفهوم الشامل للتنشئة الإسلامية، وإن المسجد بوصفه مؤسسة تربوية يستطيع أن يعيد للمجتمع صفحته الناصعة ويكون بمثابة العلاج الوافي من كل أشكال الانحراف، والدليل واقع المسلمين في شهر رمضان تغلق أسواق الدعارة، يخشى الموظف من الله فلا يرتشي ولايسلب المال العام ولا يؤخر مصالح الناس، الجرائم تقل.. لأن في رمضان يتردد الناس على المساجد ويقرأون القرآن ويتفكرون في معانيه، ويستمعون إلى العظات الدينية، وفي مجالس القات يقرأون القرآن وتفسيره، والسيرة النبوية الشريفة، ويقرأون من رياض الصالحين أو من أي كتاب في تهذيب الأخلاق، ولأن الإسلام يملك الضوابط التي تخلق في الإنسان المسلم الحافز الأقوى من كل القوانين والأنظمة في نمو السلام والأمن والفضائل والقيم الاجتماعية الكريمة، ولأن الدين هو القوة الوحيدة التي يمكنها أن تعين الإنسان على حل تلك المشكلات الاخلاقية التي لامفر منها، التي لاتفتأ تقض مضاجع الآباء والأبناء والمجتمع كله وتتغير السلوكيات إلى الأفضل، وعندما نعزز اتجاهات الإيمان بالآخرة على حساب الدنيا بالعودة إلى الدين واتباع منهجه القويم في تربية الكبار والأطفال وتهذيب سلوكهم نكون قد خطونا الخطوة الصحيحة لاجتثاث الانحراف والفساد، فهناك فرق بين أن تقول أن بعض الأعمال خطأ والبعض الآخر صواب لأن الله سبحانه وتعالى قد بين ذلك في كتابه، وبين أن تقول هذا التصرف خطأ وأن ذلك صواب لأننا نرى ذلك، فالأولى تأثيرها أقوى من الثانية. يقول تعالى «يوم يتذكر الإنسان ماسعى، وبرزت الجحيم لمن يرى، فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى، وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى، فإن الجنة هي المأوى» ..... صدق الله العظيم