الكل يريد تعليماً جامعياً يواكب التقدم العلمي الذي يشهده العالم .. المسؤولون عن الجامعة والأساتذة مثلي يريدون جامعة تقود البحث العلمي في مختلف مجالاته نحو الأفضل. غير أن التعليم الحقيقي يبقى بعيد المنال، مشاكل التعليم الجامعي واضحة للعيان، فالتعليم الجامعي يأتي امتداداً للتعليم العام، فهو قائم على التلقين وعلى نظام الامتحانات، حيث يعيد الطالب لأستاذه ما أعطاه له هذا الأستاذ على مدى العام. التعليم الجامعي يغيب عنه البحث وتنمية القدرات النقدية والإبداعية. المكتبة ضخمة وكبيرة؛ لكنها ليست حديثة، كل الكتب قديمة، لكنها تفتقد إلى الدوريات الجديدة، وتفتقد كذلك إلى قاعدة بيانات تتيح لطلابها الاطلاع على كل ما هو جديد في مختلف التخصصات. الملاحظ أن هناك تدهوراً رهيباً، هذا التدهور له أسباب عديدة يكاد يكون الجميع مسئولين عنه. الجامعات اليمنية لم تواكب الانتقال الديمقراطي الذي تعيشه اليمن، لقد حدثت تحولات كبيرة، حيث شهدت اليمن انتخابات عديدة كان آخرها انتخاب المجالس المحلية، لكن الجامعة مازالت خارج العملية الديمقراطية. صحيح أن الجامعة في تطور مستمر، لكن هذا التطور يصب في الاتجاه السلبي، فالجامعة توسعت في كثير من المحافظات وبعض المراكز الإدارية، لكن هذا التوسع لم يخضع لدراسة الواقع، مما جعل هذه الفروع تنشأ دون تهيئة البنية التحتية، مما جعل هذه الفروع تعاني من ارتفاع عدد الطلاب وعدم وجود قاعات ولا مكتبات، وهذه الطريقة أفقدت الجامعة دورها الحقيقي، وبدلاً من أن تقوم بتغيير المجتمع عمل المجتمع على فرض عاداته وتقاليده وقيمه على الجامعة ففقدت دورها التنويري واستسلمت لمراكز القوى ولرغباتهم وأصبحت تمتثل لإرادتهم. والأخطر في العملية أن الجامعة لا توجد لديها استراتيجية لإعداد الكوادر اللازمة، ولإعادة النظر في قضايا الجامعة في ضوء مشكلاتها الجوهرية بعيداً عن سياسة استراتيجية الخدمة المدنية التي يراد تنفيذها في الجامعة. المشكلة كما قلت مرتبطة أولاً بالتعليم العام الذي يضخ طلاباً كل ما يميز بينهم هو المعدل وليست الأفضلية، فقوانين الجامعة تفسح الطريق أمام الطلاب الذين يحصلون على مجاميع عالية، هذا المجاميع ليست بالضرورة دليلاً على التفوق خاصة ونحن نعلم كيف تتم الامتحانات وما يغلفها من غش يقوم على المال تارة وعلى العنف تارة أخرى...ما أريد قوله هو انه لا يمكن إصلاح التعليم الجامعي بمعزل عن التعليم العام. إن فكرة المجموع فكرة مخيفة في بلد يأتي ترتيبه ضمن الدول العالمثالثية، والمكتبة لم تعد تلعب دوراً في زيادة المعرفة لدى الطلاب، فالطالب يعتمد خلال العام الدراسي على ملزمة يقوم بحفظها تم يتقيأها آخر العام على ورقة الإجابة!!. وأنا أضع هذه المشاكل أمام وزارة التعليم العالي، وهي تعلم أن الجامعات اليمنية لا تدخل ضمن التصنيف العالمي للجامعات، لذا هل يمكن أن تقوم الوزارة بوضع تصنيف داخلي لهذه الجامعات. وزارة التعليم العالي لديها استراتيجية، هذه الاستراتيجية شخصت المشاكل الجامعية المتمثلة باختنافات القبول ومستوى المخرجات ونوعية المنهج والأستاذ الجامعي والبحث العلمي، وغير ذلك من المشاكل، مروراً بقضايا حملة الدكتوراه الذين لم يعيّنوا في الجامعات في الوقت الذي نجد فيه الجامعات بحاجة إلى كل الكوادر؛ بعض هؤلاء الدكاترة شكّلوا جمعية الدكاترة غير العاملين أو العاطلين عن العمل!!. وقضايا التعيين في الجامعات مسألة شائكة، وعندما يتم التعامل مع الجامعة بهذا الشكل فعلى المستقبل السلام .