هموم كل عيد تحتر بها الصحف هذه الأيام ، ومثلما لاتكل أقلامنا من الخوض فيها، فإن الجهات المسؤولة والمعنية بالقضايا المثارة لاتكل من صم آذانها.. كما لو أننا نكتب لأنفسنا. وماهو غير طبيعي أيضاً أن يحدث كل ذلك أمام مرأى شرطة المرور دون أن يجرؤ أحد على التفوه ببنت كلمة.. لكن كل شيء فيه استثناء، فهذا النظام لاينطبق على الباصات والشاحنات، والسيارات من موديلات قديمة.. فهذه الفئات ستواجه أقصى العقوبات المرورية.. رغم أنني أنصح بأن يتعرض لمثل هذه المواقف بدفع نصف قيمة سند الغرامة كما تجرى العادة في العاصمة ويادار مادخلك شر. نصيحة ثانية لأصحاب الدخول الضعيفة «المحدودة» والمساكين والفقراء في شتى أنحاء الجمهورية بالقدوم إلى العاصمة صنعاء هذه الأيام لوجود بضائع من شتى الأصناف الغذائية وبأسعار التراب.. ولم يتبق رصيف أو شارع دون أن يغرق بالمواد الغذائية «المعلبة» والنظيفة، واللامعة، والزاهية بألوانها.. لكن لدي ملاحظة صغيرة أقولها للأمانة : إن جميع الأطباء والمختصون في الصحة ووزارة التجارة والصناعة وجمعية حماية المستهلك مجمعون على أن هذه السلع تسبب السرطان، والتهاب الكبد الفيروسي من الدرجة «أي» لكونها تفتقر لمواصفات الجودة والسلامة الصحية. وبما سيتساءل البعض كيف بقيت هذه السلع تغرق السوق في ظل الإجماع الرسمي والمدني على خطورتها القاتلة ؟! الأمر بسيط وبوسع المرء التجول في هذه الشوارع بين الساعة الحادية عشرة والثانية عشرة قبل الظهر ليرى فرق الرقابة والتفتيش التابعة لوزارة التجارة والصناعة وهي تمر على هذه الفرشيات أو البسطات لتجني منهم كلفة تراخيص بيع هذه السموم للمواطنين وبصورة يومية.. وتبدأ الجباية بحد أدنى مقداره «200» ريال لتصل إلى ألف ريال ..وإذا كان هناك ثمة مسؤول حكومي يشك بهذه الرواية فلينزل بنفسه إلى السوق ويسأل الطارف. ذلك صحيح أن للعيد طقوسه الخاصة في جميع بلاد المسلمين، ولكن من المستحيل أن يعني ذلك إشاعة الفوضى في الحياة اليومية.. فمازلنا في كل عيد لانجد رصيفاً نمشي عليه، فيما الباعة يفترشون الشوارع الإسفلتي ولايتركون منها سوى مجال مرور سيارة واحدة.. وإذا حدث قدر مروري فإن ذلك يعني ان نعوج بيوتنا ولانذهب أعمالنا لأن مئات السيارات تغلق الشوارع في دقائق. وإذا كنا نعلم بمخاطر السلع الغذائية المهربة فإن هناك ملايين المواطنين يجهلون الحقيقة، ويشترون تلك السلع وهم مطمئون لأنها تباع في وضح النهار وأمام أعين أجهزة الدولة، ومن غير المنطقي أن يصدقوا أن أجهزة الدولة غير مهتمة إطلاقاً.. وإنها لن تهتم بهذا الأمر إلا عندما تتحدث أمام شاشات التلفزيون. بقي هناك أمر آخر وهو أن أغلب الأسر اليمنية ستشتري أضاحي، فيا ترى هل فكرت وزارة الصحة أو الزراعة بإنزال فرق إلى أسواق بيع المواشي لتتأكد أن ما يباع خالٍ من الأمراض، وانه ليس هناك وباء أو مرض لاسمح الله أصاب مواشي هذا الموسم وقد تترتب عنه أخطار على أرواح الناس ؟! أشك في ذلك جداً لاأنا مازلنا بعيدن كل البعد عن ثقافة العمل المؤسسي، وعن أن تأخذنا الحمية على سلامة بعضنا البعض، وليس أول على ذلك من فرق التجارة والصناعة التي هي الوحيدة التي سيدخل جيوبها أموال بدون تعب.. فالعيد عيدها.