اليوم.. تتأكد الديمقراطية كرغبة وإرادة شعب.. فحين اختار الرئيس «صالح» النهج الديمقراطي أسلوباً للحكم إنما اختار رغبة الأمة، وإرادة الشعب الذي كان يتطلع إلى إنجاز المجتمع الديمقراطي التعاوني العادل كهدف من أهداف الثورة اليمنية الخالدة. ونلاحظ هنا دقة صياغة هدف الثورة «إنشاء مجتمع ديمقراطي...» وليس «إنشاء سلطة ديمقراطية».. وإمعان النظر في قراءة صياغة الهدف يظهر الفرق الكبير بين إنشاء سلطة ديمقراطية، وإنشاء مجتمع ديمقراطي، لأن الأصل أن المجتمع الديمقراطي هو الذي يقيم السلطة الديمقراطية وليس العكس.. والفرق هنا كبير جداً، فالمجتمع الديمقراطي يعني جمهرة الديمقراطية التي تقوم عليها دولة الجماهير، بينما السلطة الديمقراطية تحصر الدولة والسلطة في النخب التي تستحوذ على مقدرات الشعوب، وتمتص دماء المواطنين وعرقهم.. كما هو الحال في الديمقراطية الغربية المحصورة على القوى الرأسمالية الاستغلالية الاحتكارية التي تحتكر الأحزاب السياسية واقتصاديات أوطانها، وتترك للشعوب البطالة والفقر والجوع والعناء والشقاء. هذه هي الديمقراطية التي أراد الغرب أن يسوّقها في بلاد العالم وبلاد المسلمين والعرب جزء منها.. إن الديمقراطية الغربية التي يريد النظام العالمي أن يفرضها في بلاد المسلمين والعرب والعالم الثالث هي ديمقراطية الاستغلال والاحتكار، والاحتلال، والقتل والفقر، والجوع والنهب والسلب والفتن. لهذا كانت اليمن تسير في سباق مع العولمة بقيادة الرئيس «صالح» الذي استوعب النظام الديمقراطي وفهمه أنه امتلاك الجماهير للسلطة، والمشاركة المباشرة وغير المباشرة للشعب في إدارة شئونه، وصياغة القرار السياسي، والهيمنة على كل ثرواته وموارده وتصريفها في بناء مجتمع الرفاهية والرخاء والأمن المعيشي والصحي والتعليمي للشعب كل الشعب دون تمييز أو تفريق، ودون استغلال فئة أو جماعة أو حزب أو مذهب أو أسرة للشعب، والاستبداد به. لهذا تسارعت التطورات والتحولات الديمقراطية نظرياً ودستورياً وممارسة، لتبدأ بأول انتخابات نيابية تنافسية تعددية في ال 27 من إبريل 1993م ليولد أول برلمان يمني، بموجبه صارت السلطة شراكة بين ثلاث أحزاب، وتستمر التحولات بالتعديلات الدستورية في عام 1994م التي أقرت تحديد الفترات الرئاسية، والتحول بالانتخابات الرئاسية من انتخابات نخبوية «نيابية» إلى انتخابات تنافسية شعبية، وكانت أول انتخابات لرئىس الجمهورية في شهر سبتمبر 1999م، ثم صدر قانون السلطة المحلية لتتبعه انتخابات السلطة المحلية، ليصبح الشعب بذلك شريكاً مباشراً في الحكم، والتخطيط والتنمية والتنفيذ للتنمية المحلية، ورقيباً ومحاسباً وحقه في حجب الثقة عن المسئولين التنفيذيين حسب القانون. لقد سبقنا بديمقراطيتنا وتحولاتنا الديمقراطية ديمقراطية الغرب، وبديمقراطيتنا الجماهيرية سبقنا ديمقراطية الغرب النخبوية في ضمان الحريات الإنسانية، وتطبيق حقوق الإنسان.. فأقفلت الأبواب أمام ديمقراطية الشر العالمي، وننجو منها ومن شرها.