نشهد في كل من مجالات الحياة المعاصرة تحولات عاصفة في المفاهيم والظواهر والمنطلقات والمرجعيات، بل الزمن أيضاً، فالمحتوى الاساسي للتطور أصبح يتلخّص في العلاقة بالزمن والابداع المتغير، وتبعاً لذلك أصبحت التفاعلية الرقمية وسيلة حاسمة للتميز والنمو، ولهذا سنجد أن كوكبة من الشباب المغامر على الشبكة العنكبويتة تمكنوا من إنجاز بيئات معرفة انسانية شاملة كما هو الحال بالنسبة لمحركات البحث الأكثر شهرة وانتشاراً على شبكة الانترنت . لم تعد المسائل تُقاس بالوفرة المالية والعلمية المجردة، بل التعامل الحيوي مع الوقت والابداع، وبالقدرة على انجاز تحولات متتالية في النماذج والخدمات، وهو ما يمكن ان يتلخّص في شكل من أشكال التحولات الفنية الابداعية. تلك التحولات تضع سؤالاً جوهرياً في حياتنا المعاصرة، وهو سؤال يكتسي حساسية خاصة في التعبير الفني، ويستطرد على معطيات التراث والحداثة بوصفهما وجهين لعملة واحدة، ويسهم فيه المشهد التقني الرقمي ضمن آفاق تتسع للقضايا الجوهرية التي أفرزتها ثورة المعرفة والمعلوماتية والعولمة، وتنعكس برحابة على أوجه النشاط الاقتصادي والاجتماعي، وتنزاح بالخصوصية إلى عوالم معرفية وممارسية متنوعة . النظر إلى سؤال التحول يرتكزعلى الانتماء والاستقراء المُمْعن للتاريخ، ودونما مجافاة للعوامل الموضوعية التي تحيط بالبشرية وتتخطّفها إلى زمن إبداعي غاية في التسارع ، والشاهد أن العطاء التقني الفني بشقيه الممارسي والنظري لا فكاك له من هذه المؤثرات، لكن حضورنا المبدع في عالم المعالجات التقنية لا يكمن في مدى تأثرنا بالآخر الإنساني فقط، بل بقدرتنا على إضافة عناصر إبداعية لنهر الخبرة الإنسانية الكبير . هذا هو السؤال الذي يحدد جوهرية المُبادأة المعرفية الممارسية، وقدرتنا على المشاركة الفاعلة، واستجلائنا لخصوصيتنا بوصفها رافداً من روافد العطاء والفكر الإنسانيين، وبهذه الروحية نستطيع مُعانقة المستقبل، والتشارك مع العالم في صنع مجد العمل البنّاء.