لرمضان في مدينة لحج نكهة وطبيعة وجمال، ولأهلها بسطاة، عشق للنغمة والكلمة، لا يضاهيهم في التذوق الموسيقي أحد، للعود في حياتهم ثقافته ومكانته، إن دخل مجلسهم تنقّل من حضنٍ إلى آخر، حتى لتشعر أنك الوحيد الذي لايجيد لغته، ولا يحسن التعامل مع أوتاره وسحره. من حسن الحظ أن قمت بتلبية دعوة الأخ عادل مبروك مدير عام إذاعة لحج لحضور أمسية رمضانية في منتدى مسعد الثقافي الاجتماعي وهو أحد منتديات لحج الخضيرة، يستوقفك الاهتمام الكبير من رئاسة المنتدى ورواده بالبعدين الثقافي والاجتماعي، وهذا يحسب له، كون منتدياتنا على كثرتها تُغلِّب طغيان البعد السياسي في مجمل اهتماماتها، واستفحاله إلى الحد الذي تناسينا معه الأمور الأخرى التي تفوقه أهمية وأثراً في وعي وحياة المجتمع. حين تجول بنظرك في وجوه السُمار، تشعر بأنهم يقهرون المعاناة، مبدعون لكن الحالة الاقتصادية والمعيشية أنهكت قواهم وأقعدت إبداعهم عن المنافسة وأداء الرسالة والظهور القوي والتجدد والتطور المنشود. غالبية فناني لحج الكبار انهكهم المرض وأتعبتهم الظروف الصعبة، فيصل علوي غادر مستشفى النقيب بعدن قبل يومين وعبدالكريم توفيق والفنان سعودي في صراع مع المرض والظروف المعيشية وأسماء كثيرة لا يتسع المجال لذكرها، هي دعوة تحملها صحيفة «الجمهورية» الغراء للمجتمع والدولة معاً ليقوم كل بدوره تجاه تلك القامات الفنية، علماً بأن في لحج أكبر وأقدم مدرسة فنية، لها جذورها وشيوخها، ولابد في المقابل من إيلاء رجال الفن فيها الرعاية والاهتمام الرسمي والشعبي، حتى لاتنقرض ويتبخر عشق اللحجيين للفن والعود والبيان، فيضيع جزء مهم من تاريخنا الاجتماعي. شعرت من خلال حديث السمار بأن الأستاذ محسن النقيب محافظ محافظة لحج، يضع ظروف ومعاناة فناني ومبدعي لحج ضمن اهتماماته ومشاريعه القادمة، لإيماننا جميعاً بعظمة رسالة الفن والكلمة المغناة واللحن الجميل، وأثره وقدرته في تنوير وتغيير المجتمعات، ورفع مستوى الوعي الاجتماعي اللازم للتنمية والتحرر والنهوض. إذاعة لحج هي الأخرى تستعيد عافيتها وتتطلع للتألق والمنافسة وهي مقبلة على عهد جديد ومرحلة من التطوير التقني والبشري والبرامج سيكون أثيرها صوت لحج، النغمة وسحر الكلمة، نبض الطبيعة وعنفوان الإبداع الذي لا تعيقه الظروف وتواضع الإمكانيات، طالما وجدت الإدارة الناجحة والنزيهة. ستبقى محافظة لحج العاصمة الفنية لليمن، نتمنى على الإخوة رئيس وأعضاء اللجنة العليا لتأسيس جامعة لحج، وقيادة المحافظة الأخذ بالحسبان البعد الفني والموسيقي للحج الأرض والإنسان، بحيث يتم إنشاء كلية خاصة بالفنون والموسيقى ضمن الكليات الأولى التي ستتكون منها جامعة لحج، تقديراً واحتراماً للتاريخ الفني العريق لهذه المدينة، وأن تسمى باسم فقيد الوطن الفنان والملحن والشاعر عبدالله هادي سبيت، اعترافاً بحقه ودوره ونضاله وإبداعه وتاريخه.